تمثل نوبات الهلع Panic attacks - تُعرف أيضًا بنوبات القلق - مرحلة من القلق الشديد التي غالبًا ما تحدث فجأة وتتراوح مدتها بين بضع دقائق حتى نصف ساعة، مُسببة شعورًا بالخوف وتسارع ضربات القلب وضيق التنفس والدوار والارتجاف وتشنج العضلات، قد تستمر الآثار النفسية والجسدية الناجمة لساعاتٍ بعد انتهاء النوبة، ما يؤدي إلى تعطل الشخص عن ممارسة حياته الطبيعية نتيجة لإهمال العلاج، كأن يتجنب الخروج من المنزل أو يتجنب البقاء منفردًا خوفًا من التعرض لنوبات الهلع.[1]
الفرق بين نوبات الهلع واضطراب الهلع
يتمثل الفرق بين نوبات الهلع واضطراب الهلع في معدل تعرّض الشخص للنوبات، إذ تحدث نوبات الهلع نادرًا وبالأخص في الفترات التي يمر فيها الشخص بضغطٍ عصبي أو بمرضٍ ما، على عكس اضطراب القلق الذي يعاني فيه المريض من نوبات الهلع المتكررة وغير المتوقعة مع الخوف المستمر من تكرار هذه النوبات، ويُصنّف اضطراب الهلع على أنه أحد أنواع اضطرابات القلق[1] (وتُعرّف اضطرابات القلق على أنّها مجموعة من الاضطرابات النفسية التي يعاني فيها المريض من القلق المفرط غير المنطقي مثل الرُهاب الاجتماعي ورهاب الأماكن المغلقة وغيرهما[2]).
كيفية تشخيص اضطراب الهلع
يعد معدل تعرض المريض لنوبات الهلع الأساس في تشخيص الطبيب النفسي للمريض وتوكيد إصابته باضطراب الهلع من عدمها، إذ يتّسم اضطراب الهلع بالإصابة المفاجئة والمتكررة بنوبات الهلع، وتُتبَع النوبة بشهرٍ أو أكثر لا يستطيع فيه المريض ممارسة حياته الطبيعية نتيجة لخوفه المفرط من تعرضه لمزيدٍ من النوبات، ويُشخَص المريض بعد أن تُستبعَد أيّ أسباب أخرى وراء الإصابة بنوبات الهلع، مثل استخدام المريض لعقارٍ معين أو الإصابة بأيّ أمراض نفسية أو جسدية،[3] يمكن أن تكون أعراض الهلع ناجمة عن أمراضٍ جسدية أُخرى، منها:[1]
- مرض السكري.
- مرض الربو.
- مشاكل الأذن الداخلية.
- أمراض القلب.
- فرط نشاط الغدة الدرقية أو ذلك المصاحب لما بعد الولادة.
أعراض نوبات الهلع
تحدث نوبات الهلع فجأة ودون تحذير، ولا يمكن تجنبها بمجرد أن تبدأ هجمتها، وتشمل أعراض نوبات الهلع:[4][5]
- آلام الصدر.
- الارتجاف.
- الشعور بالاختناق.
- صعوبة التنفس.
- الخوف من فقدان القدرة على السيطرة.
- الشعور بالرعب الشديد.
- شعور المريض بأن موته أصبح وشيكًا.
- الغثيان.
- التعرُّق.
- تسارع دقات القلب.
- الشعور بالوخز أو الخدَر في أصابع القدمين أو اليدين.
- ألم في البطن.
- شعور المريض بالانفصال عن الذات وكأنه أصبح غير حقيقي.
- الهبات الساخنة ( التعرُّق واحمرار الجلد، إضافة إلى ارتفاع درجة حرارة الجزء العلوي من الجسم فجأة خاصةً الوجه والرقبة والصدر، والتي قد يعقبها فقدان قدرٍ كبير من حرارة الجسم مُسببًا الارتجاف،[6].
قد تتشابه أعراض نوبات الهلع مع غيرها من الاضطرابات النفسية، لذا يجب استشارة الاختصاصي النفسي لإجراء التشخيص.[5]
أسباب نوبات الهلع
يرجع حدوث نوبات الهلع إلى إفراز الجسم لهرمون الأدرينالين وغيره من المواد المسببة لأعراض مثل زيادة معدلات خفقان القلب وتسارع التنفس وإمداد عضلات الجسم بالدم تجهيزًا للهروب من الخطر أو للرد الجسدي بالضرب أو المواجهة، يلجأ الجسم بطبيعته إلى هذه الإستجابة عند مواجهة خطر أو تهديد فيما يُعرف باستجابة الكر أو الفر Flight or fight response، ولكن في نوبات الهلع تُنَشّط استجابة الكر والفر دون وجود أي خطر أو سببٍ منطقيٍ لها، فنتيجة لنوبات الهلع يتعرض المريض لأعراض ارتفاع هرمون الأدرينالين في مواقف لا تستدعي الهلع مثل أوقات نومه أو مشاهدته التلفاز.[1]
وهناك عدة مُحفّزات قد تُهيىء الجسم للتعرض لنوبات الهلع نتيجة تحفيز استجابة الكر والفر:[1]
- التوتر المزمن الذي يحفز الجسم لإفراز كمياتٍ أعلى من هرمون الأدرينالين.
- الصدمات أو الأحداث الطارئة المرهقة نفسيًا، والتي تتسبب في إفراز الجسم فجأة لكميات عالية من الهرمونات المُسببة للتوتر .
- فرط التنفس المتكرر Habitual hyperventilation الذي يسبب عدم التوازن بين الغازات في الدم، نتيجةً لنقص غاز ثاني أكسيد الكربون في الدم.
- النشاط البدني العنيف.
- الإفراط في شرب السوائل التي تحتوي على الكافيين، مثل الشاي والقهوة.
- الإصابة باضطراب جسدي أو مرضٍ ما.
- التغيرات المفاجئة في البيئة المحيطة، مثل الازدحام أو ارتفاع درجة حرارة الجو.
- بعض العقاقير مثل المهدئات التي قد تتسبب بمعايشة أعراض شبيهة لتلك المصاحبة لنوبات الهلع.
عوامل الخطر للتعرض لنوبات الهلع
هناك عدة عوامل قد تسهم في زيادة احتمالية التعرض لنوبات الهلع وتطورها إلى اضطراب الهلع، علمًا بأن هذه العوامل لا تمثل الأسباب وراء نوبات الهلع، ولكن ثبُتَ الترابط بين هذه العوامل والتعرض لنوبات الهلع،[7] وتشمل عوامل الخطر:[7]
- العمر: على الرغم من احتمالية المرور بنوبات الهلع في أي مرحلة عمرية، إلا أنها أكثر انتشارًا في الفئة العمرية بين 18 إلى 35 عامًا.
- الجنس: تعد النساء أكثر عرضة للتعرض لاضطراب الهلع.
- سمات الشخصية: إذ أثبتت الأبحاث أن الأطفال ذوي الطباع العصبية والقلِقة أكثر عُرضة للتعرض لنوبات الهلع مستقبلًا.
- المحيط العائلي: إذ وُجد أن الآباء الذين يتّسمون بالقلق والحرص المُفرط على المثالية والكمال قد يتسببون في تنشئة أطفال أكثر عُرضة للإصابة باضطرابات الهلع لاحقًا في حياتهم.
- التاريخ العائلي للإصابة بنوبات الهلع.
- الضغوط الحياتية، مثل الطلاق أو وفاة شخص مُقرّب أو فقدان الوظيفة.
- المراحل الانتقالية التي قد يمر بها الأشخاص خلال حياتهم، مثل الزواج أو الولادة أو التقاعد.
- التعرض لأحداث مأساوية أو صادمة، مثل الاعتداء الجسدي أو الجنسي.
- بعض الأمراض النفسية: فقد يعاني المريض من أمراضٍ نفسية أُخرى بالتزامن مع نوبات الهلع التي يتعرض لها، مثل الاكتئاب واضطراب القلق العام واضطراب الوسواس القهري واضطراب ما بعد الصدمة وبعض أنواع الرُهاب، مثل الرُهاب الاجتماعي.
مضاعفات اضطراب الهلع
يتسبب إهمال علاج نوبات القلق واضطراب الهلع بمضاعفاتٍ عدة قد تشكل عائقًا أمام أداء النشاطات اليومية المختلفة،[8] وتشمل المضاعفات:[8]
- الإصابة بأنواعٍ معينة من الرهاب، مثل الخوف من القيادة أو الخوف من مغادرة المنزل.
- الخضوع للرعاية الطبية باستمرار؛ خوفًا من الإصابة بأيّ أمراض أخرى.
- تجنُب المناسبات الاجتماعية.
- مواجهة المشاكل في العمل وأثناء الدراسة.
- التعرض لأنواعٍ أُخرى من الاضطرابات النفسية، مثل الاكتئاب واضطرابات القلق ورُهاب الميادين Agoraphobia (نوع من الرهاب يتضمن خشية المريض من الذهاب للأماكن التي قد يصعب الهروب منها أو تلقيِ المساعدة عند الحاجة إليها، مثل الخوف من استخدام المواصلات العامة أو زيارة مراكز التسوق[9])
- الأفكار الانتحارية.
- إدمان الكحول أو المخدرات.
- الأزمات المالية.
علاج نوبات الهلع
يتمثل علاج نوبات الهلع الناتجة عن القلق في عدة خيارات:[1][5]
- العلاج الدوائي، مثل مضادات القلق ومضادات الاكتئاب.
- العلاج السلوكي المعرفي.
- العلاج بالارتجاع البيولوجي Biofeedback therapy (إحدى طرق العلاج التي لا تعتمد على استخدام العقاقير الطبية، بل تعتمد على تعليم المرضى طرق التحكم في أنشطة الجسم اللا إرادية، مثل التشنج العضلي وضغط الدم ومعدل نبضات القلب [10]).
- تعلُّم أساليب السيطرة على الضغط النفسي.
- تعلُّم طرق التنفس الأنسب.
- تعلُّم تقنيات الاسترخاء.
- تعلم مهارات حل المشكلات.
- إعادة ضبط بعض العادات غير الصحية، مثل الالتزام بحمية غذائية سليمة وممارسة الرياضة والنوم الكافي.
نصائح لمواجهة نوبات الهلع
هناك عدة ممارسات يُنصح بها للتعامل مع نوبات الهلع،[1] وتشمل بعض هذه الممارسات:[1]
- تجنب الحديث الداخلي الذي يُعايشه المريض أثناء نوبة الهلع، فيُنصَح مثلًا بألّا يحدّث نفسه بعباراتٍ تركّز اهتمامه على الأعراض التي يشعر بها.
- طمأنة المريض لنفسه بأنّ نوبات الهلع غير مُميتة وأنه قد سبق وأن مرّ بها ولم تُسبب له الأذى.
- يُوصَى بأن يُشتت المريض انتباهه بأمورٍ بعيدة عن الأعراض المرافقة لنوبة القلق، مثل التركيز على الأصوات والمناظر حوله، أو أن يشغل نفسه بتمارين ذهنية كالعد التنازلي العكسي بنمط ثلاثي مثل ٩٤،٩٧،١٠٠.
- لا يُنصح بمحاولة الهروب من الموقف، إذ يرسخ ذلك في العقل الباطن بأن الجسم عاجز عن تحمل الأعراض، لذا يُوصى بالجلوس وإعطاء الفرصة لتخطّي الأعراض ومواجهتها حتى يكتسب المريض الثقة في قدرته على مواجهة نوبات الهلع.
الوقاية من نوبات الهلع
يجب استشارة اختصاصي الطب النفسي لاتباع طرق العلاج، إضافة إلى تحديد مسببات نوبات الهلع ومن ثم تجنبها،[4] وهناك عدة نصائح للوقاية من نوبات الهلع مثل:[4]
- الحد من تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين.
- ممارسة الرياضة بانتظام واتباع حمية غذائية صحية.
- التحكم في التوتر.
- استشارة الطبيب قبل استخدام أيًا من المكملات العشبية أو الأدوية المتاحة بدون وصفة طبية، فقد تحتوي هذه العقاقير على مواد ترفع مستويات القلق.