يمثل الشمندر (.Beta vulgaris L) أحد أنواع النباتات التي يمكن أكلها، وهو ينتمي إلى عائلة (Amaranthaceae)، وهناك عدة أنواع من الشمندر، كالشمندر الحلو، وشمندر الحديقة، والسلق، وقد زرع البشر الشمندر منذ مئات السنين في معظم المناطق ذات المناخ المعتدل، ويعكف العلماء حاليًا على دراسة مكوناته الفعالة وخواصها الطبية المذهلة.[1]
الشمندر: بيئة زراعته وبعض مميزاته
الشمندر من النباتات التي تكتمل دورة حياتها إمّا سنويًا أو كل سنتين، وتعود نشأته إلى منطقة الشرق الأوسط، إذ انتشر منها إلى بلاد العالم الأُخرى امتدادًا من أمريكا إلى أوروبا وآسيا، وبفعل قيمته الغذائية المرتفعة يتمتع الشمندر بثلة من الخصائص التي يُعتقد بأنها تفيد الصحة؛ كخصائصه المضادة للأكسدة والالتهاب، وخصائصه المضادة للسرطان، والسكري، بالإضافة إلى خواصه في حماية الكبد، وتخفيض ضغط الدم، والتئام الجروح.[2]
استخدم اليونانيون والرومان قديمًا الأجزاء الخضراء من نبات الشمندر في صناعة طبق نبات السلق (Chard)، وقد ذاعت شهرته بدرجة كبيرة دفعت تلك الشعوب إلى ابتكار طرق تُمكّن من زراعة الشمندر حتى في فصل الصيف، والجدير بالذكر أن تلك السلالة القديمة من الشمندر كان لها جذور رفيعة وليفية، وهي تختلف كثيرًا عن سلالة الشمندر المعروفة اليوم، إذ إنها كانت شديدة الشبه بالجزر الأبيض، أما الشمندر المتداول حاليًا فيعود تاريخ زراعته إلى القرن السادس عشر، ويُعتقد أنّ أصله يعود إلى أحد أنواع الخضراوات الجذرية الموجودة في شمال أفريقيا.[1]
فوائد الشمندر
حصد الشمندر شهرةً واسعةً في الآونة الأخيرة، وقد عدّهُ البعض من الأطعمة التي تزود الجسم بالعديد من الفوائد،[3] لعلّ أبرز فوائد الشمندر:
- فوائد الشمندر للدم:
يحتوي عصير الشمندر على تراكيز عالية من عنصر النيتريت (Nitrate) الذي يتحول بعدها في الجسم إلى مركب أوكسيد النيتريك ((NO) Nitric oxide)، ولهذا المركب العديد من الوظائف في الجسم، من ضمنها أنه يُسهم في توسيع الأوعية الدموية مؤديًا إلى تخفيض ضغط الدم وزيادة فعالية نقل الأوكسجين والمواد الغذائية إلى أعضاء الجسم المختلفة.[4]
- فوائد الشمندر للحامل:
قد تقل كفاءة عمل بطانة الأوعية الدموية الكبيرة (Macrovascular endothelial function) لدى الحامل، وقد ينتج عن ذلك إصابة الحامل بأعراض تشبه أعراض ارتفاع ضغط الدم، كما قد تؤدي الاعتلالات التي تصيب الأوعية الدموية الصغيرة في الرحم المشيمي (Uteroplacental vascular function) إلى التقليل من كفاءة نقل الغذاء والأوكسجين للجنين، وقد أشارت دراسة سريرية نُشرت في مجلة (British journal of nutrition) سنة 2018 ميلادي إلى أن تناول الحامل لجرعة واحدة بحجم 140 مل من عصير الشمندر يرفع من كفاءة عمل بطانة الأوعية الدموية الكبيرة لديها.[5]
- فوائد الشمندر للبشرة والوقاية من سرطان الجلد، وفوائد الشمندر للشعر:
بدأ الباحثون في سنة 1996 ميلادي بإجراء دراسات على فئران التجارب لدراسة خواص مستخلص الشمندر في حماية الجسم من بعض المركبات الكيمائية الخطرة، وقد أثبتت إحدى تلك الدراسات أن تناول مستخلص الشمندر يقلل من عدد الأورام الحليمية (Papilloma) المنتشرة على الجلد،[1] إضافةً لذلك يُعتقد بأنّ الشمندر يساعد على نمو الشعر بطريقة صحية.[3]
القيمة الغذائية للشمندر
يتمتع الشمندر بقيمة غذائية عالية تُعزى إلى احتوائه على كميات وفيرة من العناصر الغذائية المختلفة مثل الكربوهيدرات، والألياف، وعدد من الفيتامينات والمعادن، وفي ذات الوقت يخلو الشمندر من الدهون، وهو ذو محتوى متدنٍ من السعرات الحرارية، كما أنه زهيد الثمن نسبيًا ويتوفر في معظم أوقات السنة،[3] ومن المركبات التي يحتوي عليها الشمندر:[1][2]
- مركبات البيتالين (Betalains): وهي مركبات ذات فعالية حيوية، وتُعد من النواتج الأيضية الثانوية القابلة للذوبان في الماء ويُعتقد أن لها خواصًا مضادة للأكسدة، والالتهاب، والسرطان.
- مركبات الفلافونويد (Flavonoids): تُعزى بعض خصائص الشمندر المضادة للأكسدة إلى احتوائه على مركبات الفلافونويد، وتُقدر نسبة مركبات الفلافونويد الموجودة في عصائر الشمندر العضوية وغير العضوية بما يُقارب 2.02-2.36 ملغ/ 100 غرام، وقد لاحظ أحد الباحثين تعرُّض مركبات الفلافونويد لبعض التغيرات عند خضوعها للعمليات التصنيعية.
- المعادن: يُعد الشمندر مصدرًا للعديد من المعادن كالبوتاسيوم، والصوديوم، والفوسفور، والكالسيوم، والمغنيسيوم، والنحاس، والحديد، والزنك، والمنغنيز، والسيلينيوم، إذ يحتاج الجسم لتلك المعادن لضمان أداء وظائفه الحيوية، فمثلًا يرتبط نقص السيلينيوم بالإصابة بأمراض القلب والسرطان.
- الفيتامينات: يُعد الشمندر من المصادر الثرية بعدد من الفيتامينات، مثل فيتامين C، ومجموعة فيتامينات ب (B-group vitamins)، فمثلًا يحتوي كل 100 غرام من الشمندر الطازج على ما يُقدر بــ 4.9 ملغ من فيتامين C وعلى 0.334 مغ من النياسين (Niacin).
استخدامات الشمندر
يُعدّ الشمندر من المحاصيل الزراعية التي تنمو في المناخ البارد، ولا بُدّ من أن تتراوح درجة حرارة التربة بين 4.5-30 مئوية حتى تبدأ بذرة الشمندر بالإنبات، إذ يُحصد الشمندر بعد حوالي 60- 90 يومًا من البذر، وتُستبعد جذور الشمندر التالفة، بينما تُغسل الجذور السليمة وتُعبّأ في عبوات مناسبة وتُحفظ في ظروف جافة وباردة نسبيًا، ليُصار بعد ذلك إلى استخدامها،[6] ومن الاستخدامات المُقترحة للشمندر:[3][6]
- صناعة الجبن: في سنة 2011 ميلادي استخدم الباحث جانكيورا كونكالفز (Junqueira Goncalves) مستخلص الشمندر المُعامل بأشعة جاما كمُلون لأحد أنواع الأجبان الطرية التي طوّرها.
- صناعة مشروبات الطاقة من مشتقات الألبان: في سنة 2012 ميلادي حضرت الباحثة جايالاليثا (Jayalalitha) مشروب طاقة مُصنّع من منتجات الألبان بالإضافة إلى كل من عصير الشمندر، والجزر، ومستخلص التمر، وقد تميز بمحتواه المرتفع من كل من فيتامين أ والحديد.
- صناعة أصناف مشروبات مفيدة؛ في سنة 2005 ميلادي أنتج الباحث يون (Yoon) عصير شمندر غني ببعض أنواع البكتيريا النافعة (Probiotic beet juice) مستعينًا بالبكتيريا العصية الحمضية الملبّنة (L.acidophilus) وغيرها من أنواع البكتيريا النافعة الأخرى المنتجة لحمض اللاكتيك.
- يمكن الاستفادة من الأصباغ التي يحتوي عليها الشمندر، مثل البيتالين (Betalains) كمُلون طعام طبيعي في بعض الأطعمة كالبوظة، واللبن، وبعض الحلويات الأُخرى.
- يمكن استخدام مركبات البيتالين كمبلمرات طبيعية في مواد تغليف الأطعمة.
- تُستخدم مركبات البيتالين في تصنيع مساحيق العصائر، والمخبوزات، والحلوى الهلامية.
أضرار الشمندر
على الرغم من الفوائد العديدة التي يمنحها الشمندر للجسم، إلا أنّ له بعض الأضرار التي يُعزى معظمها إلى بعض المركبات الفعالة التي يحتوي عليها الشمندر،[2] فمثلًا يحتوي الشمندر على كمية وفيرة من النيتريت، ومن المعلوم أن تناول كمياتٍ كبيرة من هذا المركب قد يحفز الجسم على إنتاج بعض مركبات النيتروزو ((NOC) N-nitroso compounds)، مثل مركبات النايتروزاميد (Nitrosamides) ومركبات النايتروزامين (Nitrosamine) التي قد تكون مسرطنة، وعلى الرغم من عدم وجود وفرة من الدراسات التي تطرقت إلى أثر تناول كميات كبيرة من النيتريت من خلال شرب عصير الشمندر على وجه الخصوص، إلا أنّ العديد منها أشار إلى أنّ تناول النيتريت يرفع عمومًا من خطر الإصابة ببعض السرطانات، كسرطان المعدة والمريء.[4]
كما قد يُسبّب تناول الشمندر تغيرًا غير ضار في لون البول إلى اللون الأحمر أو الوردي في حالة تُعرف ببول الشمندر (Beeturia)؛ تَنتج عن وجود أصباغ البيتالين في البول الذي لم يتعرض للأيض، يُضاف إلى ذلك أن عصير الشمندر بمحتواه الغني بمركب (NO3-) قد يتفاعل مع بعض الأدوية، مثل مثبطات الإنزيم الفوسفوديستيراز 5 (Phosphodiesterase 5 inhibitor)، مما قد يؤدي إلى هبوطٍ حاد في ضغط الدم، وعمومًا هناك حاجة لمزيد من البحث لتقييم مدى سلامة وفعالية استخدام الشمندر والتمتع بفوائده على المدى الطويل.[2]