تُوصَف فطريات اللسان، أو القلاع الفموي، أو سُلاق الفم (Oral Thrush)، على أنّها من أنواع العدوى الشائعة بين الأطفال، وبالأخص لدى الرُّضَّعِ، إذ إنّ أجهزتهم المناعية قيد التطوُّر ولم تكتمل بعد، وعلى الرغم من كونها لا تُمثّل حالة مرَضية خطيرة، إلا أنّها قد تتسبّب لهم بالانزعاج، وتؤثر سلبًا في رغبتهم بتناول الطعام، ما قد يُعَرّضهم للجفاف.[1]
ما هي فطريات اللسان عند الأطفال؟
يُصَاب الأطفال بالقلاع الفموي بفعل نوعٍ من الفطريات يُعرف بِالمُبيّضات (Candida Fungus)، وبالأخص المُبيضات البيضاء (Candida Albicans)، إذ يتواجد عددٌ ضئيل من فطريات المُبيضات طبيعيًا في الفم، ويتحكَّم في نموها وانتشارها الجهاز المناعي وبعض أنواع البكتيريا النافعة، لِذا فإنّ ضعف الجهاز المناعي أو تراجع تِعدد البكتيريا النافعة لدى الطفل قد يُحفّز الفطريات المُبيضة لِأن تنتهز الفرصة وتتكاثر مُتجاوزةً الحد الطبيعي لتواجدها، لتتسبَّب بظهور بُقَعٍ بيضاء مؤلمة داخل فم الطفل.[2][3]
أسباب فطريات اللسان عند الأطفال
لم تُؤكّد الدراسات إلى الآن الأسباب وراء فطريات اللسان لدى الأطفال، خاصّة لدى الرُّضَّع في الأسابيع أو الأشهر الأُولى من ولادتهم، لكن يمكن إرجاعها إلى أنّ الجهاز المناعي للأطفال في هذه المرحلة العمرية يكون قيد التطوُّر والنمو، وغير قادر على مواجهة الفطريات المُسبّبة للقلاع الفموي،[2] كما أنّ انخفاض وزن الطفل عند ولادته قد يزيد من احتمالية إصابته بفطريات اللسان،[4] فضلًا عن عدّة أسباب أُخرى:
- تناول الأُم المضادات الحيوية، التي تتسبب في تراجع أعداد البكتيريا النافعة لديها، ممَّا يُتيح الفرصة لنمو أنواعٍ مختلفة من الفطريات المُسبّبة للعدوى، إذ قد تصيب حلمتي الثَّدي لدى الأُم ما يُسهّل انتقالها للطفل أثناء الرضاعة الطبيعية، ولعلّ أبرز أعراض إصابة حلمة الثدي بعدوى المُبيضات، هو تغيُّر لون حلمتي الثدي ليصبح داكنًا أكثر، إضافة إلى تشقق وتقشّر الجلد المحيط بهما (الهالة)، مصحوبًا بألم حاد خاصةً عند الرضاعة، كما قد يُصَاب الطفل بفطريات اللسان عقب تلقّيه للمضادات الحيوية.[1][2]
- استخدام الكورتيكوستيرويدات الاستنشاقية (Inhaled corticosteroids) للتحكّم في أزمات الربو لدى الأطفال.[4]
- كثرة استخدام الطفل للهايّة (أداة لإسكات الطفل).[4]
- إصابة الأُم بالعدوى الفطرية المهبلية وانتقالها للمولود أثناء خروجه من القناة المهبلية عند الولادة الطبيعية، إلّا أنّها من الأسباب النادرة لإصابة الطفل بفطريات اللسان.[1]
أعراض فطريات اللسان عند الأطفال
قد تختلف الأعراض المُصاحبة لفطريات اللسان من طفلٍ لآخر، لكنها عادةً ما تتسبّب في ظهور بقعٍ بيضاء مؤلمة مخملية الملمس على اللسان، وسقف الفم وعلى الوجنتين من الداخل، يمكن أن يظهر لسان الطفل أبيضًا من أثر الحليب الذي يتناوله، لِذا يمكن تمييز البقع المُصاحبة لفطريات اللسان بأنها لا تُزال إذا حاولت الأُم مسحها، بل إنها قد تنزف لدى محاولة ذلك، كما أنّها تنتشر في عدّة مواقع داخل الفم، وليس اللسان فقط،[1][3] تترافق فطريات اللسان لدى الأطفال مع مجموعة من الأعراض:[1][3]
- احمرار الفم وحول البقع.
- فقدان القدرة على التذوقِ.
- جفاف الفم وتشقُّقِ جوانبه.
- البكاء والاهتياج ورفض الطفل لتناول الطعام أو لاستخدام اللهّاية.
- الشعور بألم خاصةً عند ابتلاع الطعام.
يُنصَح باستشارة طبيب الأطفال لتلقِّي التشخيص الدقيق، بالأخص لدى ملاحظة أعراض معيّنة:[1][5]
- شعور الطفل بالألم شديد ورفضه للطعام أو الشراب.
- انخفاض عدد الحفاضات التي يحتاجها الطفل يوميًّا عن العدد المُعتاد، نتيجة قلة كميات الطعام المُتناولَة.
- ظهور أعراض فطريات اللسان لدى الأطفال دون 4 أشهر من أعمارهم.
- عدم تحسُّن البقع البيضاء من تلقاء نفسها.
- عدم الاستجابة للدواء المَوصوف (جِل الفم تحديدًا) من الطبيب بعد أسبوع من استخدامه.
كما يجب تلقّي الرعاية الطبية الفورية في حال ارتفاع درجة حرارة الجسم عن 100.4°فهرنهايت (38 درجة مئوية)، أو أكثر لدى الرُضَّع الذين لم تتجاوز أعمارهم ثلاثة أشهر.[4]
وتجدر الإشارة إلى احتمالية انتقال الفطريات من الفم إلى الجهاز الهضمي لدى الطفل، لتخرج مع البراز، مُسبّبةً إصابة منطقة الحفاض أيضًا بالعدوى، كما قد يصيب مرض القلاع أجزاءً أُخرى من الجسم، مثل أظافر اليدين، والعين، وثنايا الجلد في رقبة الطفل أو تحت إبطه.[1]
تشخيص فطريات اللسان عند الأطفال
يتحقّق تشخيص فطريات اللسان باستعلام طبيب الأطفال عن التاريخ المرضي للطفل، وما يعانيه من أعراض، وعمّا إذ كان يعاني من ظهور بقع بيضاء بتكرارٍ ملحوظ، ثم يُجري الطبيب فحصًا جسديًا يشمل النظر داخل فم الطفل، بحثًا عن البقع البيضاء، إذ إنّها إحدى العلامات المميزة لفطريات اللسان، وأحيانًا قد يُوصي الطبيب بأخد عينة من البقع البيضاء في الفم لفحصها مخبريًا.[1][4]
علاج فطريات اللسان عند الأطفال
تختلف طرق العلاج المُتّبعة لعلاج فطريات اللسان لدى الأطفال تبعًا لعمر الطفل، وحالته الصحية بالإضافة إلى مدى شدّة الأعراض لديه، إذ لا يحتاج الطفل لاستخدام أيّ علاج في حال كان يتمتَّع بصحّة جيدة، ويعاني من أعراضٍ طفيفة للعدوى الفطرية، فغالبًا ما تُشفى فطريات اللسان لدى الأطفال من تلقاء نفسها خلال أسبوعين من الإصابة بها،[3][4] وقد يُوصِي الطبيب باستخدام إحدى المواد المضادة للفطريات مثل مادة نيستاتين (Nystatin)، المتوافرة في الصيدليات كسائل أو جِل موضعي، ليُدهَن به اللسان والفم من الداخل عدّة مرات في اليوم، ولمدة 10 أيام.[6]
في حالات الرُضَّع الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعيّة، عندئذٍ قد يصف الطبيب للأُم المُرضعة العلاجات الموضعية المضادة للفطريات، بغرض استخدامها على الحلمتين للحماية من خطر انتقال العدوى مرةً أُخرى من الأُم إلى الطفل، لكن يجب تنظيف الحلمتين من أيّ أثرٍ للعلاجات المُستَخدمَة قبل إرضاع الطفل.[7]
العلاجات المنزلية لفطريات اللسان عند الأطفال
قد يُوصي طبيب الأطفال -تبعًا لعمر لطفل- بتناول البكتيريا النافعة أو البروبيوتك (Probiotic)، كتلك المتواجدة في لبن الزبادي أو بعض أنواع المكمّلات الغذائيّة، أيضًا يمكن أن تُفيد بعض العلاجات المنزلية في علاج فطريات اللسان، أبرزها:[3][6]
- زيت جوز الهند البكر.
- زيت شجرة الشاي: تُضَاف قطرة إلى قطرتين من الزيت إلى نصف كوب من الماء، الذي سبق غليه وتبريده، ثم يُدهَن داخل فم الطفل باستخدام مسحة قطنية نظيفة.
- صودا الخبز (بيكربونات الصوديوم): تُضَاف نصف ملعقة شاي من بيكربونات الصوديوم إلى كوب من ماءٍ سبق غليه وتبريده، ثم يُدهن داخل الفم باستخدام مسحة قطنية نظيفة.
- بنفسجية الجنطيان (Gentian Violet).
يجب استشارة الطبيب قبل البدء باستخدام أَيّ من العلاجات المنزلية للطفل، فعلى الرغم من كونها مواد طبيعية، إلا أنّها قد تحتوي على بعض المواد الكيميائية التي قد تُشكّل خطرًا على الطفل.[3]
نصائح للحماية من إصابة الأطفال بفطريات اللسان
يجب التأكُّد من شفاء الطفل والأُم تمامًا من الفطريات المُبيّضة، حتى لا تنتقل العدوى مرةً أُخرى من الأُم -بالرضاعة- إلى الطفل، أو العكس،[6] كما أنّ هناك عدة ممارسات يُنصح بها لِتجنب إصابة الأطفال بفطريات اللسان:
- المضمضة بالماء عقب استخدام الطفل لبخاخات الكورتيكوستيرويدات، كما يعد استخدام الأدوات المُباعِدَة (Spacers) خيارًا فعالًا للحماية من فطريات اللسان الناجمة عن استخدام البخاخات الاستنشاقية.[4]
- تعقيم الأشياء التي قد تصِل مباشرة لفم الطفل، كالدُمى وأكواب الشرب، علاوة على تنظيف حلمة قنينة الإِرضاع واللهايات، خاصةً تلك المصنوعة من مادة اللاتكس (Latex)، إذ يمكن تعقيمها بالماء المغلي لمدة 5 إلى 10 دقائق بعد كل استخدام.[3][4]
- تنظيف الأغراض الشخصية للأُم، مثل المناشف والملابس وحمَّالات الصدر بالماء الساخن، لتأكيد قتل الفطريات التي قد تُلامسها.[6]
- غسل اليدين بالماء الدافئ والصابون قبل وبعد العناية المباشرة بالطفل، فضلًا عن الحرص على غسل يديّ الطفل باستمرار.[4]
- الحرص على تعقيم أجزاء مضخة الثدي (شفاط الحليب)، ووضع الحليب في البرّاد مباشرةً عقب ضخه من الثدي حتى يحين وقت الرضاعة، للوقاية من نمو الفطريات فيه.[6]
- الحرص على تجفيف الثدي عقب الانتهاء من الرضاعة، وتغيير ضمادات الرضاعة باستمرار، كما يُنصَح بتجنب استخدام ضمادات الرضاعة المُدعَّمة بجزءٍ بلاستيكي.[6]
- إخبار الطبيب في حال الإصابة بالالتهابات التي تُسبّبها الفطريات المهبلية أثناء فترة الحمل، فقد تنتقل العدوى للطفل أثناء الولادة، كما يجب استشارة الطبيب المختص في حال لاحظت الأُم خروج إفرازات من الحلمة أو الشعور بألم أثناء الرضاعة، للتحقق من عدم وجود أي عدوى فطرية قد تنتقل منها للرضيع.[3]