فوائد الزعتر، وما القيمة الغذائية التي يتمتّع بها الزعتر وزيته؟

برائحته المميزة ومذاقه اللاذع وخواصه العلاجية، يُعدّ الزعتر إحدى أشهر النباتات البرية التي تنتشر في العديد من مناطق العالم، لذا عمد الباحثون إلى اكتشاف مكوناته الأساسية فهو غني بعدد من الفيتامينات والمعادن التي تُكسبه خواص وقائية ضد بعض الأمراض.

يُعد الزعتر إحدى أشهر النباتات المنتشرة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، إذ يحتوي على حفنة من المركبات الكيميائية التي تمنحه خواصًا طبية فريدة،[1] أمّا عن مدى انتشاره فقد أظهرت بعض الدراسات أنّ شرب مَغلي الزعتر يُعد الأكثر تداولًا في بعض المناطق التركية.[2]

الزعتر

يُمثل الزعتر الأخضر (Thymus vulgaris) مجموعة من النباتات المُزهرة التي تنتمي إلى العائلة النعناعية (Lamiacea)، والتي تعود أصولها إلى مناطق جنوب أوروبا امتدادًا من غرب حوض البحر الأبيض المتوسط وحتى جنوب إيطاليا.[1]

تمتاز منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط بانتشارٍ كثيفٍ للنباتات البرية القابلة للأكل والتي تُعرّفها منظمة الغذاء والزراعة (Food and agriculture organisation (FAO)) على أنّها نباتات تنمو تلقائيًا ضمن أنظمة بيئية طبيعية أو شبه طبيعية، وتوجد في الطبيعة بمعزلٍ عن التدخل المباشر للإنسان، وتُقدّر أعداد النباتات البرية في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط بِــ 25000-30000 نوع، ويُعزى هذا التنوع الهائل في النباتات البرية إلى تمتُع المنطقة ببعض الظروف البيئية المواتية، كالمناخ المناسب ونوعية التربة الجيدة، ويُعدّ الزعتر إحدى أهم تلك النباتات البرية،[2] إذ يتمتّع بمذاقٍ أكثر حدّة من الأوريجانو، وأكثر حلاوةً من الميرمية، ويُعد الزعتر الأخضر المصدر الأساسي للزعتر المُستخدَم في الطهي.[1]

إضافةً لذلك، يمكن استخدام الزعتر لأغراضٍ طبية وتجميلية،[3] وهناك عدة أنواع من الزعتر الأخضر، كالزعتر الفضي (Argenteus (silver thyme)) والملكة الفضية (Silver queen)، ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّ أنواع الزعتر المختلفة كالفرنسية، والألمانية، والإنجليزية تتباين في شكل أوراقها، وألوانها، ومحتواها من الزيوت الأساسية،[1] أمّا كلمة زعتر (Thyme) فهي مُشتقة من الكلمة اليونانية (Thymos) والتي تعني القوة أو الشجاعة، وفي القرن الأول الميلادي استخدمت بعض الشعوب الزعتر كعشبة طبية، بينما تداولته شعوب منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط كأحد أنواع التوابل، ومن ثم انتشر إلى بقية أنحاء العالم.[2]

زراعة الزعتر

تِبعًا للباحثين جلاس (Jalas) ومورالز (Morales) فإنّ منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط تحتوي على 214 نوعًا من الزعتر يندرج ضمنها 36 نوعًا فرعيًا، ويمكن تقسيم تلك الأنواع الفرعية إلى 8 أصنافٍ رئيسية، وعشبة الزعتر من النباتات المُعمرة دائمة الخضرة، وهي ذات ساق خشبية منتصبة.[2]

ينمو الزعتر لأطوالٍ قد تصل حتى 15-30 سم ولعرض يصل إلى 40 سم، وتتسم أوراق الزعتر بحجمها الصغير ولونها الرمادي المُخضّر، وهي ذات رائحة عطرية نفاثة، أما أزهار الزعتر فذات لونٍ بنفسجي أو وردي وتبدأ بالظهور مع بداية فصل الصيف.[1]

تتوزع أوراق الزعتر ذات التركيب البسيط بصورة لولبية حول الساق وتمتاز بشكلها البيضاوي وملمسها الناعم، وهي تمثل الجزء الذي يمكن للإنسان تناوله، ويستغرق الزعتر فترة زمنية تتراوح بين سنتين إلى خمس سنوات حتى يبلغ أقصى طولٍ له، ولنبات الزعتر القدرة على تحمُّل بعض الظروف البيئية القاسية مثل الصقيع، والجفاف، والبيئات المالحة والفقيرة، كما أنّه بمقدوره النمو في كل من التربة الطفالية، والرملية، وفي الأتربة ذات نسبة الحموضة المتعادلة أو في التربة القلوية، وفي بعض البلدان، كلبنان، ينمو الزعتر في مجموعات على الصخور الكلسية، وهو لا يحتاج إلى الكثير من الماء، إلا أنه يحتاج التعرض إلى أشعة الشمس، وهو يعيش لفتراتٍ قد تمتد حتى 25 سنة، ومن الجدير بالذكر إمكانية زراعة الزعتر بالبذور، أو بالأشتال، أو بالعُقل.[2]

فوائد الزعتر

استفادت الشعوب من خواص الزعتر الطبية منذ آلاف السنين، واستخدمته كذلك في مجالاتٍ عديدة تتخطى استخدامه في الطهي فقط،[3] ومن الفوائد الصحيّة المُقترحة للزعتر:

  • تأثيره كمضاد للجراثيم (الكائنات الحية الدقيقة): أظهرت العديد من الدراسات المخبرية أن الزعتر يتمتع بخواص مضادة لعددٍ من أنواع البكتيريا، مثل السالمونيلا المعوية (Salmonella typhimurium)، والمكورات العنقودية الذهبية (Staphylococcus aureus)، والبكتيريا الملوية البوابية (Helicobacter pylori).[3]
  • تأثيره في تقليل مستويات السكر في الدم: أظهرت بعض الدراسات المخبرية التي أُجريت على مجموعة من أرانب التجارب المُصابة بارتفاع مستوى سكر الدم جرّاء استخدام مادة ألوكسان (Alloxan)، أنّ للمُستخلص المائي للزعتر القدرة على تخفيض مستويات السكر في الدم دون التأثير في الوزن.[4]
  • تأثيره في مستويات الدهون: يحتوي الزعتر على عددٍ من العوامل النشطة حيويًا والتي يُعتقد بأنها تُسهم في خفض مستوى الكوليسترول في الدم.([4]
  • تأثيره في الحمية الغذائية: إجابة على التساؤل، "هل يزيد الزعتر الوزن؟" أُجريت دراسة مخبرية على مجموعة من الدواجن تتراوح أعمارهم بين يوم إلى 42 يومًا، و لُوحظ عدم ظهور زيادة واضحة في أوزانهم بعد إضافة مُستخلص الزعتر لحمياتهم الغذائية.[5]
  • فوائد الزعتر البري في مكافحة بعض أنواع العفن: تُنتج الفطريات المعروفة بالفطريات الرشاشية (Aspergillus) بعض المركبات الفطرية السامّة، كما أنها تُسبّب فساد الأطعمة، وقد أشارت دراسة نُشرت سنة 2013 ميلادي في مجلة (Archives of Industrial Hygiene and Toxicology)، إلى أن محتوى الزعتر البري من المركبات الفينولية والزيوت الأساسية يساعد في القضاء على تلك الفطريات التي تنمو على الأغذية المُخزّنة، مما قد يُسوّغ استخدامه بدلًا من مبيدات الفطريات الكيميائية.[6]

القيمة الغذائية للزعتر

يُعد الزعتر من المصادر الوفيرة بكل من العناصر الغذائية النباتية (Phytonutrients)، والمعادن، والفيتامينات الضرورية للحفاظ على صحة الجسم ووقايته من الإصابة بالأمراض، ويتميز الزعتر بأنه مصدرٌ ثري بفيتامين أ، وهو من الفيتامينات التي تتمتع بخواص مضادة للأكسدة ويلعب دورًا هامًا في الحفاظ على سلامة الأغشية المخاطية في الجسم، وكذلك في الإبصار، كما أنّ الزعتر غنيٌ بفيتامين C الذي يساعد في وقاية الجسم من الإصابة بالأمراض المُعدية وفي حمايته من الجذور الحرة.[2]

يحتوي الزعتر كذلك على عددٍ من المركبات الفينولية، أبرزها مركب الكارفاكول (Carvacrol (5-isopropyl-2-methyl phenol)) ومركب الثايمول، إذ يُشكلان نسبة تتراوح بين 20-55% من مُستخلص زيت الزعتر،[4] إضافةً لذلك، يحتوي الزعتر على عددٍ من المعادن الضرورية للجسم، مثل البوتاسيوم الذي يُسهم في ضبط نبض القلب وضغط الدم، والحديد الذي يحتاجه الجسم كعنصرٍ أساسي في إنتاج خلايا الدم الحمراء.[2]

زيت الزعتر

تتباين كمية الزيوت المتطايرة الموجودة في الأصناف المختلفة للزعتر، فمثلًا يحتوي الزعتر العادي على كمية من الزيوت المتطايرة تتراوح بين 0.4% - 3.4% وهي تفوق الكمية التي يحتوي عليها الزعتر الإسباني والتي تُقدر ب0.7-1.38 %،[3] وقد استخدم البشر المُستخلصات النباتية كبعض أنواع الزيوت الأساسية لأغراض حفظ الطعام، ومكافحة نمو الكائنات الحية الدقيقة، بالإضافة إلى تحسين خواصه المذاقية، ويُعدّ مركب الثايمول (Thymol) الزيت الأساسي الرئيسي في الزعتر، ويتسم بخواصه المضادة للالتهاب وتلك المضادة للكائنات الحية الدقيقة، إلا أنّ استخدامه في الصناعات الغذائية ينحصر تقريبًا في صناعات اللحوم وكنوعٍ من أنواع التوابل، وقد أظهرت بعض البحوث فعالية الثايمول في الحدّ من تفاعلات فوق أكسدة الليبيدات (Lipid peroxidation) في الأسماك.[2]

إضافةً إلى ذلك فقد أشارت عدّة دراسات إلى أنّ لبعض المنتجات التي تحتوي على الثايمول خواصًا مُضادة للبكتيريا عندما تُستخدم كغسول للفم، كما نصح بعض الخبراء باستخدامه في علاج بعض الأمراض، مثل داء الشعيات (Actinomycosis)، وداء سقوط الأظافر (Onycholysis)، والتهاب الأنسجة المحيطة بأظافر اليدين أو القدمين (Paronychia)، وذلك بفعل خواص الثايمول المضادة للفطريات، وعلى الرغم من وجود العديد من التقارير التي توثق فعاليته في علاج تلك الأمراض، إلا أن هناك حاجة إلى إجراء دراساتٍ سريرية للبحث في الاستخدامات العلاجية للثايمول لدى البشر.[3]

أمّا عن مدى سلامة استخدام الثايمول، فيُعتقد بأن الثايمول على الأرجح غير آمن فمويًا أو في حال استخدامه موضعيًا دون تخفيف، أما عن سلامة استعمال الزعتر للحامل فقد أُدرج الزعتر في السابق ضمن الأغذية التي لا يُنصح بأن تتناولها الحامل لعدم وجود دراساتٍ كافية حول مدى أمان استهلاكه، كما صنّفت دراسة لاحقة الزعتر على أنه من العوامل التي تحفز الطمث وتُسبّب الإجهاض.[3]

كتابة: اختصاصية التغذية وعلوم الغذاء أروى الخطيب - الأربعاء ، 29 تشرين الثاني 2023
تدقيق طبي: الصيدلانية أسيل الخطيب
آخر تعديل - الأربعاء ، 29 تشرين الثاني 2023

المراجع

1.
Miraj, S. & Kiani, S.. (2016). Study of pharmacological effect of Thymus vulgaris: A review. 8. 315-320. Retrieved from https://core.ac.uk/download/pdf/143840656.pdf
2.
Hammoudi Halat D, Krayem M, Khaled S, Younes S. (2022. A Focused Insight into Thyme: Biological, Chemical, and Therapeutic Properties of an Indigenous Mediterranean Herb. Nutrients. 2022 May 18;14(10):2104. Retrieved from https://doi.org/10.3390%2Fnu14102104
3.
Basch, Ethan & Ulbricht, Catherine & Hammerness, Paul & Bevins, Anja & Sollars, David. (2004). Thyme ( Thymus vulgaris L.), Thymol. Journal of herbal pharmacotherapy. 4. 49-67. Retrieved from https://www.researchgate.net/publication/8436790_Thyme_Thymus_vulgaris_L_Thymol

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري تغذية وحمية أونلاين عبر طبكان
احجز