زراعة القلب: متى يلجأ لها الأطبّاء؟ ما المخاطر التي قد تصاحبها؟ وكم تستغرق فترة التعافي بعدها؟

تُعد عملية زراعة القلب الحل المناسب للمرضى الذين يُعانون من الإصابة بفشل القلب في مراحله الأخيرة، وتوجد العديد من الأسباب التي تدفع المرضى للخضوع لهذه العملية، يخضعون قبلها للعديد من الفحوصات للتحقق من إمكانيّة إجراء العملية، كما أنهم يتعرّضون للكثير من المخاطر والمضاعفات بعد العملية، لكن يُذكَر بأنّ نسبة نجاح عالية باتت تصل إلى 90%.

أُجريت أول عملية زراعة قلب في التاريخ بواسطة الطبيب كريستيان برنارد (Christian Barnard) من شمال أفريقيا في عام 1967 ميلادي،[1] وبعد مرور 6 أشهر أجرى الطبيب يوريكليديس زيربيني (Euryclides Zerbini) أول عملية زراعة قلب في البرازيل، لكن النتائج كانت غير مُرضية،[2] ولم تُصبح عملية زراعة القلب العلاج المناسب للذين يعانون من فشل القلب في مراحله الأخيرة إلا مع استخدام دواء السيكلوسبورين (Cyclosporine) في ثمانينات القرن الماضي، إذ ارتفعت بشدة نسب النجاة بعد إجراء العملية.[3]

ما هي عملية زراعة القلب؟

عملية زراعة القلب هي عملية جراحية تستهدف استبدال قلب تالف لا يستطيع أداء وظيفته على الرغم من علاجه بواسطة الأدوية وأنواعٍ أُخرى من الجراحات، بقلب سليم من شخصٍ مُتوفّى حديثًا.[4][5]

ما دواعي إجراء عملية زراعة القلب؟

الدواعي العامة لإجراء عملية زراعة القلب هي تدهور وظيفة القلب، مع إمكانية بقاء المريض على قيد الحياة لمدة أقل من سنة،[6] لكن توجد حالاتٍ معينة لإجراء عملية زراعة القلب:[6][7]

  • فشل القلب المزمن

تُوصَف إصابة المريض بالفشل القلبي المزمن على أنّها أحد دواعي إجراء عملية زراعة القلب، لكنّها تتضمن بعض الشروط والمعايير لدى إقرار حاجة المريض لعملية زراعة القلب:[6][7]

  • المرضى الذين يعانون من أعراض فشل القلب عند ممارسة أي مجهود، وذلك على الرغم من تناولهم للأدوية المناسبة.
  • المرضى الذين يعانون من تكرار الإصابة بمضاعفات قصور القلب على الرغم من التزامهم بتناول الأدوية المناسبة.
  • تدهور وظيفة بطين القلب الأيمن تدريجيًا، أو ارتفاع ضغط دم الشريان الرئوي بسبب فشل القلب الأيسر.
  • الإصابة المتكررة بعدم انتظام كهربية بطين القلب على الرغم من تناول الأدوية.
  • بعض الأعراض الأُخرى مثل فقر الدم، أو فقدان الوزن، أو نقص مستوى صوديوم الدم، أو تدهور وظيفة الكبد بسبب قصور وظيفة القلب.

  • فشل القلب الحاد

يمكن أن يحتاج مريض فشل القلب الحاد للخضوع لعملية زراعة القلب في عدّة حالات:[6][7]

  • الإصابة بالصدمة القلبية التي لا تستجيب حتى لأعلى جرعة ممكنة من الأدوية التي تؤثر في عضلة القلب (Inotropic drugs).
  • الإصابة بصدمة قلبية لا تستجيب لدعم الدورة الدموية الديناميكية عن طريق الجلد.
  • الإصابة بوذمة رئوية لا تستجيب لمُدرات البول، ويحتاج المريض معها إلى التنفس الاصطناعي.
  • الإصابة بعدم انتظام كهربية القلب البطيني الذي لا يستجيب للعلاج الدوائي أو الكهربي.

  • تمدد عضلة القلب.
  • اعتلال عضلة القلب الإقفاري.
  • أمراض القلب التكوينية التي لا يوجد لها علاج، أو فشل طرق العلاج الأُخرى في علاجه.
  • تدهور كفاءة القلب بانخفاض الكسر القذفي (Ejection fraction) إلى أقل من 20%.
  • الإصابة بالذبحة الصدرية التي لا تستجيب للعلاج.
  • انخفاض مقاومة أوعية الدم الرئوية إلى أقل من 2 وحدة.

ما الفحوصات والتحضيرات قبل عملية زراعة القلب؟

قبل إجراء عملية زراعة القلب يخضع المريض لعدة فحوصات طبية للتأكد من إمكانية خضوعه للعملية:[5][6]

  • تحاليل الدم والجلد للتأكد من عدم الإصابة بالعدوى.
  • تحاليل وظائف الكبد والكلى.
  • اختبارات فحص القلب، مثل تخطيط كهربية القلب، وتخطيط صدى القلب، وقسطرة القلب.
  • فحوصات الكشف عن السرطان.
  • فحص فصيلة الدم والأنسجة.
  • تصوير الرقبة والساقين بواسطة الموجات فوق الصوتية.
  • فحوصات فيروسات التهاب الكبد الوبائي، وفيروس نقص المناعة البشري (HIV)، وغيرها من الفيروسات.
  • تحاليل سيولة الدم.
  • فحص مستوى الأجسام المضادة.

كيفية إجراء عملية زراعة القلب

يجب استئصال قلب المريض المُتلقي قبل استئصال قلب المتبرع، وذلك لتقليل وقت نقص التروية عن القلب الجديد، وبعد شق صدر المتلقي يُجهّز الجراح القلب والأوعية الدموية والأنسجة المُحطية به استعدادًا لتوصيله بآلة مجازة القلب الرئوية (Cardiopulmonary bypass)،[7] ثم تُجرى الجراحة عن باتباع عدّة خطوات:[5]

  1. تشغيل آلة مجازة القلب الرئوية التي تضخ الدم إلى جميع أجزاء الجسم أثناء العملية.
  2. استئصال قلب المتلقي.
  3. وضع قلب المتبرع مكان قلب المتلقي.
  4. إزالة آلة مجازة القلب الرئوية لكي يتولى القلب الجديد مهمة تزويد الجسم بالدم والأوكسجين.
  5. يستخدم الطبيب بعض الأنابيب للتخلص من أي غازات، أو سوائل، أو دماء تتجمع مكان العملية، وذلك لمساعدة الرئة على استعادة حجمها بالكامل.

كما تجدر الإشارة إلى أنّ العملية تُجرى بالكامل تحت تأثير التخدير الكلي، وباستخدام آلة مجازة القلب الرئوية، ومخطط صدى القلب عبر المريء (Transesophageal echocardiography).[7]

ما هي مخاطر ومضاعفات عملية زراعة القلب؟

كأي عملية جراحية، تترافق عملية زراعة القلب مع بعض المخاطر والمضاعفات:[6][7]

  • فشل القلب المزروع خلال أول 24 ساعة بعد عملية زراعة القلب.
  • رفض الجسم للقلب المزروع.
  • الإصابة بالعدوى والالتهاب.
  • اعتلال الأوعية الدموية القلبية.
  • زيادة احتماليّة الإصابة بالسرطان.
  • النزيف.
  • الاندحاس القلبي (Cardiac tamponade).

بالإضافة إلى المضاعفات الناجمة عن الأدوية التي تُستخدم لتقليل رفض الجسم للقلب المزروع،[5] والتي تشمل:[5]

  • تلف الكبد والكلى.
  • الإصابة بارتفاع مستوى الكوليسترول، وترقق العظام، ومرض السكري.
  • زيادة خطر الإصابة بالعدوى.

ما بعد إجراء عملية زراعة القلب؟

يبقى المريض بعد عملية زراعة القلب في المستشفى لمدة 7-21 يومًا، ويبقى في وحدة العناية المركزة لأول يوم أو يومين بعد العملية، ثم يُنقل إلى غرفة عادية في المستشفى، وطوال إقامته في المستشفى يبقى المريض تحت مراقبة الأطباء، للتأكد من عدم إصابته بالعدوى وأن القلب المزروع يعمل بكفاءة.[5]

أما الأدوية المُثبطة للمناعة، فإن المريض يتبع نظامًا يتكون من ثلاثة أدوية، وهم الستيرويدات القشرية (Corticosteroids)، ومُثبطات الكالسينورين (Calcineurin inhibitor)، مثل السيكلوسبورين (Cyclosporine) أو تاكروليموس (Tacrolimus)، ومثبطات استقلاب البيورين (Purine metabolism inhibitor)، مثل أزاثيوبرين (Azathioprine) أو ميكوفينولات (Mycophenolate).[2][6]

إضافةً إلى ذلك، فإن المريض يستمر في تناول أدوية القلب، مثل دوبامين (Dopamine)، ودوبياتمين (Dobutamine)، والأدرينالين (Adrenaline)، والنورأدرينالين (Norepinephrine) حتى يستعيد القلب الجديد كفاءته بالكامل.[6]

فترة التعافي من عملية زراعة القلب

تستغرق فترة التعافي بعد عملية زراعة القلب 3 أشهر غالبًا، وخلال هذه المدة ينصح الأطباء المريض بالانتظام في المتابعة الدورية مع الطبيب، وإجراء الفحوصات والتحاليل للاطمئنان على صحة المريض والقلب المزروع، بالإضافة إلى إجراء فحوصات الأشعة اللازمة.[5]

لكن يمكن التحكم في التغيرات الأيضية التي قد يُصاب بها الشخص بعد العملية عن طريق اتباع نظام غذائي مناسب، وتناول بعض الأدوية التي قد تقلل من ضعف بطانة الأوعية الدموية، وتبطىء من تطور الإصابة بتصلب الشرايين، وتزيد من فرصة نجاة المريض والقلب المزروع، وتقلل من خطر الإصابة بالأزمات القلبية، وقد وُجد بأن الالتزام بالنظام الغذائي بعد العملية مُرتبط بانخفاض مستوى الكوليسترول، والدهون الثلاثية، والجلوكوز في الدم، مما يؤدي إلى فقدان الوزن.[8]

نسبة نجاح عملية زراعة القلب

زادت معدلات نسبة نجاح عملية زراعة القلب على مر السنين، إذ وصلت نسبة النجاة لمدة عام بعد العملية في السنين من 1967ميلادي إلى 1973ميلادي إلى 30%، ثم ارتفعت النسبة لتصل إلى 60% في السنين من 1974ميلادي إلى 1980ميلادي.[3]

أمّا حاليًا، فتصل نسبة النجاة لمدة عام بعد عملية زراعة القلب إلى 85-90%، مع مُعدل وفيات سنوي يصل إلى 4%، والسبب الرئيسي للوفاة في السنة الأولى بعد العملية هو رفض الجسم الحاد للقلب المزروع أو الإصابة بالعدوى، والسبب الرئيسي للوفاة بعد سنة من إجراء العملية هو الإصابة باعتلال الأوعية الدموية القلبية، أو اضطراب التكاثر الليمفاوي (Lymphoproliferative disorder).[9]

كتابة: دكتور محمد نصار - الأحد ، 03 آذار 2024
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan

المراجع

1.
Kim, I.-C., Youn, J.-C., & Kobashigawa, J. A. (2018). The Past, Present and Future of Heart Transplantation. Korean Circulation Journal, 48(7), 565. Retrieved from https://doi.org/10.4070/kcj.2018.0189
2.
Mangini, S., Alves, B. R., Silvestre, O. M., Pires, P. V., Pires, L. J. T., Curiati, M. N. C., & Bacal, F. (2015). Heart transplantation: review. Einstein (Sao Paulo, Brazil), 13(2), 310–318. Retrieved from https://doi.org/10.1590/S1679-45082015RW3154
3.
Tonsho M, Michel S, Ahmed Z, Alessandrini A, Madsen JC. (2014). Heart transplantation: challenges facing the field. Cold Spring Harb Perspect Med. 2014 May 1;4(5):a015636. Retrieved from https://doi.org/10.1101%2Fcshperspect.a015636

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري جراحة القلب أونلاين عبر طبكان
احجز