يندرج العدس (Lens culinaris) ضمن مجموعة الحبوب القابلة للأكل، ويُعد من أهم مصادر البروتينات الغذائية في الدول النامية، ويحتل العدس المرتبة الخامسة بالنسبة لإنتاج الحبوب في العالم، إذ تتراوح كمية محصول العدس بين 850 – 1100 كغ/هكتار، وقد كان العدس من أهم الأغذية التي عَمِد الباحثون إلى استكشاف فوائده وخواصه التصنيعية.[1]
العدس
سبق أن قُدّر معدل الإنتاج العالمي السنوي للعدس بما يقارب 4.457 مليون طن متري في الفترة الواقعة بين 2009-2013،[1] والعدس من النباتات السنوية التي تعود أصولها إلى مناطق غرب آسيا ومناطق أمريكا الشمالية، وينتشر في الوقت الحالي في عدة مناطق من العالم كأثيوبيا، وأفغانستان، ودول حوض البحر الأبيض المتوسط.[2]
ينتمي العدس إلى العائلة البقولية (Leguminoseae family)، والتي تمتاز بذورها بوفرة محتواها من المركبات الفينولية (Phenolic compounds)، ومن ضمنها مركبات التانين ذات الكثافة العالية (Condensed tannins) والتي يُعتقد بأنّ لها خواصًا مضادة للأكسدة، وقد وجدت إحدى الدراسات أن العدس كان له النصيب الأكبر من الخواص المضادة للأكسدة، وذلك لدى مقارنته ببعض البقوليات الأُخرى كالبازيلاء الصفراء والخضراء، والحمص، وحاليًا يُشكّل العدس أحد مكونات الطب التقليدي لدى العديد من الثقافات التي عكفت على استخدامه لعلاج بعض الأمراض كالسكري، كما استخدمت بعض الشعوب معجون العدس مع الماء لعلاج الالتهابات الجلدية والحروق، وذلك بتحميص العدس، وطحنه، ومن ثم وضعه مباشرة على المنطقة المصابة،[3] وعلى الرغم من أنّ العدس كان من أهم الأطباق الغذائية التي عُرفت منذ القدم، إلا أن بعض الدول المتقدمة قلّصت من استخدام العدس لتسببه بالنفاخ، واحتوائه على بعض العناصر المضادة للتغذية.[2]
شكل العدس
تعود زراعة العدس واستهلاكه إلى 9500-13000 سنة إلى الوراء، ويتراوح طول نبتة العدس بين 20-45 سم، إذ تنتج النبتة بضعة قرون لها شكل يشبه المحفظة، ويحتوي كل قرن من تلك القرون على بذرة أو بذرتين،[1] وتمتاز بذور العدس بأن لها شكلًا شبيهًا بالعدسة، وتبعًا لنوعية العدس، وتركيب كل من غلافه وفلقتيه، يتخذ العدس ألوانًا عدة كالأصفر، والأخضر، والبني، ويُعد لون فلقة العدس العامل الذي يحكم لون بذور العدس المقشورة، بينما يتحكم لون الغلاف بلون البذور الكاملة منه،[2] وتشمل الأجزاء الرئيسية لبذرة العدس؛ غلاف البذرة، الذي يُشكّل ما نسبته 8% من وزن البذرة الجاف، والفلقتين اللتان تشكلان ما نسبته 90% من وزن البذرة الجاف، والجنين الذي يُشكّل ما نسبته 2% من وزن البذرة الجاف، وتتألف الفلقتان من خلايا متنية (Parenchymatous cells) تحتوي على حبيبات من النشأ الموزعة بين أجسامٍ بروتينية.[1]
فوائد العدس
زاد الاهتمام في الآونة الأخيرة بالعدس باعتباره أحد الأغذية الوظيفية ذات القيمة الغذائية العاليةالتي تحتوي على عددٍ من المركبات الفعالة، ومضادات الأكسدة، وبعض المركبات الكيميائية النباتية التي تمنح العدس خواصًا صحية،[4] وللعدس فوائد كشفت عنها بعض الأبحاث:
- فوائد العدس الأحمر (يمكن تسميته بالعدس البرتقالي)، ضمن البحث عن فوائد العدس للدماغ؛ نُشرت دراسة في مجلة (Journal of Clinical and Diagnostic Research) سنة 2016، أجريت على عددٍ من جرذان التجارب الذكور الذين حُفّزت إصابتهم بجمود في الحركة (Catatonia) -وهو أحد الأعراض التي ترافق مرض الشلل الرعاش الانتكاسي العصبي- في هذه الدراسة لوحظ بأن للمستخلص المائي الكحولي للعدس الأحمر دورٌ في وقاية الفئران من الإصابة بأعراض الجمود، مما يشير إلى إمكانية الاستفادة منه في علاج الجمود الذي يصيب مرضى الشلل الرعاش.[3]
- فوائد العدس للرجال؛ في تجربة أُجريت على عدد من جرذان التجارب من الذكور، ونُشرت نتائجها في مجلة (International Journal of Molecular Sciences) سنة 2017، لوحظ أنّ مركبات الفلافونويد (Flavonoids) التي يحتوي عليها العدس كان لها تأثيرًا مُخفضًا لمستويات الدهون في الجسم.[5]
- فوائد العدس للنساء؛ في تجربة أُجريت على عددٍ من جرذان التجارب من الإناث، ونُشرت نتائجها في مجلة (International Journal of Molecular Sciences) سنة 2017، لوحظ أنّ مركبات الفلافونويد التي يحتوي عليها العدس كان لها تأثيرا مخفضًا لمستويات الدهون في الجسم.[5]
- فوائد العدس البني؛ في تجربة نُشرت في مجلة (Journal of Home Economics) سنة 2023، وأُجريت على عدد من جرذان التجارب المصابة بمرض السكري، لوحظ أنّ تناول هذه الجرذان للعدس البني، أو العدس الأخضر، أو مزيج من كليهما أسهم بوضوح في تحسين مستويات السكر (الجلوكوز) في الدم، كما حسّن من مستويات البروتينات الدهنية عالية الكثافة (HDL-c).[2]
- فوائد العدس في التخلص من السُمنة؛ أشارت العديد من الدراسات إلى وجود علاقة عكسية بين تناول العدس وخطر الإصابة بالسُمنة، ويُعزى ذلك الأثر إلى أنّ مركبات الفلافونويد التي يحتوي عليها العدس تثبّط من عمل الإنزيمين؛ ألفا جلوكوسايديز (Alpha glucosidase) واللايبيز (Lipase)، مما يعني أنّ استهلاك العدس من شأنه أن يضبط مستويات سكر الجلوكوز في الدم بعد تناول الطعام، وما يترتب على ذلك من ضبط للوزن.[5]
- فوائد العدس في الوقاية من السرطان؛ يحتوي العدس على مركبات الليكتين (Lectins) التي -وتبعًا للعديد من الأبحاث السريرية والمخبرية- تمتلك خواصًا مضادة للسرطان، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أنّ استهلاك العدس يقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي، والبروستات، والكبد.[5]
القيمة الغذائية للعدس
عَمِد العديد من الباحثين إلى دراسة القيمة الغذائية للعدس لدورها في منحه فوائده الصحية،[4] وتبعًا لهم فإن العدس يحتوي على مجموعة من المُغذيات:[4][5]
- الكربوهيدرات: يمثل إجمالي الكربوهيدرات المكون الرئيسي لبذور العدس، وللنشأ النصيب الأكبر من كتلة الكربوهيدرات في العدس، إذ احتل نتاج النشأ من العدس المرتبة الثانية من بين 23 صنفًا من البقوليات وبنسبة بلغت 47.1%
- البروتينات: يُعد العدس من المصادر الوفيرة بالبروتينات، وهو يوفر للجسم الأحماض الأمينية الأساسية وغير الأساسية، ويمثل بروتين الجلوبيولين (Globulin) الصنف الأبرز في العدس، إذ يُشكّل ما نسبته 47% من إجمالي البروتينات الموجودة في بذور العدس، كما يحتوي العدس على كمياتٍ لا بأس بها من الألبومين (Albumin).
- الدهون: يتميز العدس بأنه ذو محتوى متدنٍ نسبيًا من الدهون، وتبعًا لإحدى الدراسات تُقدر الكمية الإجمالية من الدهون في العدس بما يُقارب 1.4 غرام/100 غرام، وتتوزع بنسبٍ غير منتظمة بين الأحماض الدهنية المشبعة، والأحماض الدهنية أحادية اللاتشبع، والأحماض الدهنية عديدة اللاتشبع.
- المعادن: يحتوي العدس على عددٍ من المعادن الضرورية، فهو من أبرز المصادر النباتية للحديد، وقد أشارت الدراسات إلى أنّ تناول العدس المطبوخ يقلل من خطر الإصابة بفقر الدم الناتج عن نقص الحديد، إضافةً لذلك يحتوي العدس على الزنك، والنحاس، والمنغنيز، وغيرها.
- الفيتامينات: يتمتع العدس بمحتوى وفير من مجموعة من الفيتامينات، وأبرزها الفوليت (Folate)، والثيامين (Thiamine)، كما يتميز العدس بمحتواه المتدني من فيتامين K، مما يجعله خيارًا غذائيًا مناسبًا للمرضى الذين يتناولون الأدوية المضادة للتخثر.
المركبات الفعالة في العدس
دفعت الاستخدامات المتعددة للعدس الباحثين إلى تقصّي المركبات الفعالة التي يحتوي عليها،[4] إذ صنفوها إلى عدّة مجموعات:[4][5]
- الستيرولات النباتية (Phytosterols): هي مركبات غير غذائية موجودة في النباتات، وتُماثل في وظيفتها الكوليسترول في الحيوانات، إذ إنها تنظم ميوعة أغشية الخلايا النباتية، ويُمثّل مركب بيتا سايتوستيرول (Beta-sitosterol) أبرز المركبات الستيرولية النباتية الموجودة في العدس.
- المركبات عديدة الفينولات (Polyphenols): احتل العدس المرتبة الأولى بمحتواه الفينولي لدى مقارنته ببعض البقوليات الأُخرى، كالفول السوداني، والحمص، والبازيلاء الخضراء، ويمكن تقسيم المركبات عديدة الفينولات في العدس إلى مجموعتين رئيسيتين؛ مجموعة الفلافونويد (Flavonoids) ومجموعة المركبات غير الفلافونويدية (Non-flavonoid).
- حمض الفايتيك (Phytic acid): هو من أبرز المكونات التي تُشكل ما نسبته 1-5% من وزن معظم الحبوب والبقوليات.
- الألياف الغذائية: يُصنّف العدس على أنه من المصادر الثرية بالألياف الغذائية، ومعظم هذه الألياف الموجودة في العدس هي من النوع غير الذائب.