تُعد آسيا الموطن الأصلي للثوم (Allium sativum L)، ولكن يُزرع أيضًا في مصر، والمكسيك، والصين، وأوروبا، كما يُستخدَم هذا النبات في إيران، إذ تُستخدم أوراق الثوم، وأزهاره، وفصوصه لتحضير الخلطات والمشروبات (المغلية) منها لعلاج الأمراض المختلفة، وقد وُثقت فوائد الثوم الطبية في النصوص السنسكريتية التي يعود تاريخها إلى حوالي 5000 عامًا، كما ظهرت لأول مرة في الطب الصيني التقليدي قبل 3000 عام.[1]
قد تؤثر بعض العوامل الزراعية في جودة الثوم، خصوصًا العوامل البيئية كالظروف المناخية، والفترة التي يتعرّض فيها للضوء نهارًا، وجودة التربة، ويزدهر الثوم في أنواع التربة ذات الحمضية المعتدلة، جيدة التصريف، والغنية بالمواد العضوية والمُغذيات، كما يتأثر نمو وجودة الثوم بأنماط درجة الحرارة وهطول الأمطار، إذ يُعد الثوم نباتًا ضوئيًا، مما يعني أن نموه يتأثر بفترة تعرضه لضوء النهار، يتوافر أكثر من 300 نوعًا من الثوم،[2] والتي صُنفت إلى نوعين رئيسيين: ثوم ذو عنق رفيع (Allium sativum sub var. sativum) والثوم ذو العنق الصلب (Allium sativum sub var. ophioscorodon)، يتميز الثوم ذو العنق الرفيع بحجم الفصوص الصغيرة، والعدد الكبير من القشور الواقية، ورائحته النفّاذة، أمّا الثوم ذو العنق الصلب فله ساق خضراء وفصوص أكبر حجمًا في فصل الربيع ويفضله المُستهلكين بسبب سهولة تقشيره.[3]
مكونات الثوم ومحتواه
يُستخدم الثوم كتوابل للأطعمة، إذ يضيف مذاقاً مميزًا للأطعمة كما يساعد في جعلها أسهل للهضم، ويُعد الثوم ذو قيمة غذائية عالية إذ يشتمل على البروتينات، والدهون، والمعادن، والفيتامينات بنسب متفاوتة، بالإضافة للعديد من المواد الأُخرى المفيدة لتعزيز صحة الإنسان،[4] أهمها:
الأليسين (Allicin)
يُعرف الأليسن بخصائصه المضادة للجراثيم، والمضادة للالتهابات، والمضادة للأكسدة، وهو المركب المسؤول عن الرائحة المميزة للثوم، إذ يتشكل إنزيميًا بسبب التفاعل بين الأليين (Alliin) وإنزيم الأليناز (Alliinase) الذي يحدث لدى تقطيع الثوم أو طحنه، ويُعرف بأنه المركب الحيوي الذي اجتذب اهتمامًا علميًا بسبب خواصه القوية.[2]
مركبات الكبريت العضوية (Organosulfur compounds)
يحتوي الثوم على مركبات الكبريت العضوي، بما في ذلك مركب الأليلسيستين (S-allylcysteine) والأجوين (Ajoene)، إذ إنّ لمركب الأليلسيستين فوائد صحية عديدة، ونظرًا لقابليته للذوبان في الماء، يُمتص بسهولة من الأمعاء بعد تناوله ثم ينتشر في مجرى الدم بأكمله لينفذ إلى الأنسجة، بما في ذلك أنسجة الكبد، والكلى، والقلب، والدماغ.[2]
مركبات كبريتية أُخرى
يتكون الثوم من مركبات كبريتة أخرى، بما في ذلك كبريتيد ثنائي الأليل (Diallyl sulfide) ثاني كبريتيد ثنائي الأليل (Diallyl disulfide) وثلاثي كبريتيد ثنائي الأليل (Diallyl trisulfide)، وإي-آجوين (E-ajoene)، وزي-آجوين (Z-ajoene)، وأليلسيستين سلفوكسيد (S-allylcysteine sulfoxide (alliin))،[5] والتي أظهرت الأبحاث العلمية أن لمركبات الكبريت خواص عديدة كمضادات للأكسدة، ومضادات للجراثيم، ومضادات للالتهابات، ومضادات للسرطان، إضافة إلى خواص وقائية لصحة القلب.[2]
الجرعة اليومية من الثوم
للثوم أشكال عديدة، وقد حددت منظمة الصحة العالمية الجرعة اليومية من الثوم للبالغين كما يظهر في الجدول أدناه،[5]
منتج الثوم | الجرعة/اليوم |
الثوم الطازج | 5-2 غرام |
بودرة الثوم المُجفف | 1.2-0.4 غرام |
زيت الثوم | 5-2 ملغ |
مُستخلص الثوم (صلب) | 1000-300 ملغ |
مُستخلص الثوم المعمر (سائل) | 2400 ملغ |
زيت الثوم
يمكن الحصول على زيت الثوم عن طريق التقطير المائي للثوم أو مستخلصاته، وتحتوي زيوت الثوم على مركبات تُصنف إلى ثلاثة مجموعات بناءً على وفرتها، مركبات أساسية (20 -95٪)، ومركبات ثانوية (1-20٪) ومركبات نزرة (تركيز أقل من 1%) ، كما تحتوي أغلبية زيوت الثوم على مركبات الأليل المحتوية على الكبريت ونسبة أقل من التيربينات (Terpenes)، وكشفت الأبحاث الحديثة أنّ لمحتوى الثوم من مركبات الكبريت خواصًا عديدة،[6] أبرزها:[5][6]
خواص مضادة للبكتيريا والفطريات
يُصنّف زيت الثوم المُركز على أنّه أقوى بما مقداره 900 مرة من الثوم الطازج، و200 مرة من بودرة الثوم كمضاد للبكتيريا، إذ أثبتت الدراسات فاعليته ضد العديد من أنواع البكتيريا، كبكتيريا الإشريكية القولونية (Escherichia coli (E. coli))، والزائفة الزنجارية (Pseudomonas aeruginosa) في منتجات الدجاج واللحوم المُصنّعة، كما اُستخدم زيت الثوم العطري كمضاد للفطريات ضد فطريات المغزلاوية حادّة الأَبواغ (Fusarium oxysporum)، والرشاشيات السوداء (Aspergillus niger)، والمكنسية (Penicillium cyclopium).
خواص مضادة للسكري
أُجريت إحدى التجارب السريرية لدراسة تأثير زيت الثوم في مستويات السكر في الدم، وأظهرت نتائج الدراسة أنّ استهلاك زيت الثوم على المدى الطويل قلل من مستويات السكر في الدم لدى النساء.
خواص مضادة للسرطان
وُجد أنّ مكونات زيت الثوم التي تشمل مركب ثنائي كبريتيد ثنائي الأليل ومركب ثنائي الكبريتيد ثبطت من معدل حدوث الطفرات عن طريق إعاقة إنزيم السيتوكروم (Cytochrome P-450 2E1)، وذلك لمنع تحول الخلايا السليمة إلى خلايا سرطانية.
فوائد الثوم
للثوم فوائد صحية عديدة:
تخفيف الوزن
أٌجريت دراسة عام 2022 ميلادي ونُشرت في مجلة (Frontiers in Nutrition) لبحث تأثير مستخلص الآليوم (Allium) في كل من القياسات الجسدية والكائنات الحية الدقيقة -البكتيريا النافعة- في الأمعاء لدى النساء البدينات بعد اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية، والتي خلُصت إلى أنّ استهلاك مستخلص الآليوم لمدة شهرين مع الوجبة الرئيسية خفض من مؤشر كتلة الجسم (Body Mass Index)، ووزن الجسم، ومحيطي الخصر والورك، كما خفض من تركيز الإنسولين، ومعدل مقاومة الإنسولين.[7]
تخفيض ضغط الدم
أكدت العديد من الدراسات فعالية الثوم في خفض ضغط الدم، وقد سبق أن ذكرت دراسة نُشرت في مجلة (Drug Intervention Today) عام 2020 ميلادي، والتي أُجريت على 60 مشاركًا يعانون من ارتفاع ضغط الدم لبحث تأثير تناول مستخلص الثوم بالتزامن مع العلاجات الدوائية المعتادة، أنّ استهلاك 5 غرام من الثوم المهروس يوميًا لمدة 8 أسابيع خفض من ضغط الدم الانقباضي، وضغط الدم الانبساطي.[8]
تخفيف الألم المصاحب للفصال العظمي
يُعد الفصال العظمي (خشونة المفاصل) من الأمراض الشائعة، وهو يُصيب المفاصل بين العظام مسببًا آلامًا مزمنة، وقد خلُصت دراسة منشورة في مجلة (Phytomedicine) عام 2018 ميلادي إلى دور الثوم في السيطرة على هذا المرض، إذ إنّ استهلاك مكملات الثوم بتركيز بلغ 1000 ملغ يوميًا لمدة 12 أسبوعًا خفف من الآم الركبة لدى النساء اللواتي يعانين من السُمنة والفصال العظمي في الركبتين (خشونة الركبة).[9]
تخفيف أعراض ما قبل الدورة الشهرية
يتضمن اضطراب ما قبل الدورة الشهرية أعراضًا عاطفية، وسلوكية، وجسدية تحدث شهريًا خلال مرحلة الجسم الأصفر (Luteal phase) من الدورة الشهرية لتهدأ وتقل حدتها بعد بداية الحيض، وقد أُجريت دراسة نُشرت في مجلة (Evidence-Based Complementary and Alternative Medicine) عام 2021 ميلادي لبحث فعالية الثوم لدى النساء المصابات بمتلازمة ما قبل الدورة الشهرية، لتبيّن بأنّ تناول مكملات الثوم بتركيز بلغ 400 ملغ على مدى ثلاث دورات شهرية متتالية قد قلل من شدة الأعراض.[10]
فوائد الثوم للشعر
أٌجريت دراسة نُشرت في مجلة (Cureus) عام 2023 ميلادي، لبحث تأثير مركب الثوم الإكسوزومي/الحويصلي خارج الخلوي (Garlic Exosomes) على نمو الشعر لدى الجرذان ومعرفة تأثيرها على عوامل النمو والبروتينات المسؤولة عن دورة نمو الشعر، والذي يتميز بكونه غني بمركب الأليسين، وقد أظهرت نتائج الدراسة أنّه حفّز نمو بصيلات الشعر.[11]
فوائد الثوم مع اللبن الرائب (الزبادي)
شاع استهلاك الثوم مع اللبن الرائب (الزبادي) نظرًا للفوائد العديدة المرجوة:
تخفيف حدّة التهاب القولون
شاع تناول الثوم واللبن الرائب في بلاد مختلفة لاحتوائه على فوائد عديدة، وقد سبق أن أشارت دراسة مخبرية أُجريت على الجرذان و نُشرت في مجلة (Journal of Food and Nutrition Research) عام 2022 ميلادي، أنّ استهلاكها لِما مقداره 1 مل من الزبادي الذي يحتوي على 0.5 مل من مستخلص إينولين الثوم (Garlic inulin) لكل 50 جرام من وزنهم يوميًا ولمدة 21 يومًا قد قلل من علامات التهاب القولون (Inflammatory Markers التقرحي colitis).[12]
تخفيف حدة رائحة الثوم
نُشرت دراسة في مجلة (Molecules) عام 2023 ميلادي، أنّ تناول الزبادي مع الثوم قد يخفف الرائحة الحادة التي تنبعث من الثوم نظرًا لاحتوائه على الدهون التي تحدّ من الروائح الكريهة الناجمة عن المواد المتطايرة المسؤولة عن الرائحة الحادة مثل، ثنائي كبريتيد ثنائي الأليل (Diallyl disulfide)، وميثيل الأليل ثاني كبريتيد (Allyl methyl disulfide)، في حين أنّ البروتين يقلل من تركيز الأليل كبريتيد الميثيل (Allyl methyl sulfide) وأليل ميركبتان (Allyl mercaptan).[13]
أضرار الثوم
يُعد الثوم آمنًا للاستهلاك، وعلى الرغم من ذلك، يمكن أن يؤدي الاستهلاك المفرط منه إلى بعض الأعراض غير المرغوب فيها كالتقيؤ والغثيان،[4] كما يمكن لبعض مركبات زيت الثوم أن تُسبب حرَقة في الفم والحلق، وقرحة المعدة، والتهاب الغشاء المخاطي للمعدة، ويمكن أن يُشكل مركب الأليسين الموجود بوفرة في الثوم خطرًا على الكبد إذا اُستهلك بكمياتٍ كبيرة،[5] أيضًا يُصنّف الثوم كمميع للدم، لذا حذرت الدراسات من استهلاك الثوم أثناء استخدام أدوية تخثر الدم.[4]