تُواجه معظم دول العالم الآن ذات العدو المجهري الذي عطّل أذرع الحياة اليوميّة وأقعدها عن الحركة، ويقِف الطاقم الطبّي بكافّة كوادره في الصّف الأول لمواجهة فيروس كورونا المُستّجد مُعرّضين أنفسهم لخطر الإصابة على الرغم من أدوات الوقاية العديدة التي يرتدونها. ولعلّ طبيعة الفيروس غير المعروفة على وجه الدقّة لغاية الآن سواءً فترة حضانته، بقاؤه على الأسطح، طريقة انتشاره... إلخ تجعل منه عدوًا خطيرًا وبحاجة لمزيدٍ من اتّخاذ التدابير الوقائيّة، ناهيك عن البحث الدؤوب عن الحلول الأنجع في سبيل إيقاف انتشار هذا الفيروس وعلاجه.
وبما أنّ الساحة البحثيّة الآن مفتوحة على مصراعيها أمام الباحثين من كل صَوبٍ وحَدب للابتكار وإيجاد الحُلول والتقصِّي الذي يخدم البشرية جمعاء، فإنّ أحَد الحلول التي قفزت لتخوض مُعتَرك الجدال حول ما يُمكن فِعله للحدّ من انتشار كورونا المُستّجد كان الاعتماد على "الإنسان الآلي" أو ما يُعرَف بالروبوتات؛ إذ إنّها قد تُقدّم المُساعدة بكفاءة عالية في العديد من المجالات، يُذكَر منها كُل من:
- الرعاية الصحيّة، مثل: الطب عن بُعد وتطهير المُنشآت والأسطح والأدوات.
- الخدمات اللوجستيّة، عبر إدارة عملية نقل ومعالجة النفايات المُلوَّثة.
- إجراء الاستطلاعات، مثل مُراقبة التزام الأفراد وامتثالهم للحجر الصحّي الطَوعي.
وقد اقتحمت الروبوتات عالم الطب عبر الإجراءات الجراحيّة لأول مرّة قبل ما يقرُب من 31 عامًا، وقد آن الأوان –بحسب مُطّوري الروبوتات والقائمين على تصميمها- بأن تُوكَل بعض المهام في مجال السيطرة على انتشار الأوبئة للروبوتات بعد إخضاعها للتجربة والتحقُّق من قدرتها، إذ إنّ أزمة انتشار كوفيد-19 بسبب فيروس كورونا أفرزت عن فائدة جديدة في مجالٍ حيويّ قد تقوم بها الروبوتات، فهي قد تساعد في الحِفاظ على استمراريّة العمل والحِفاظ على الوظائف والأعمال بما يحفظ الاقتصاد الاجتماعي للبلدان؛ فقد تأثرّت العديد من الجوانب الاقتصاديّة لجُّل دول العالم وأعقبت مشاكل جمّة على كافة الأصعدة.
كيف يمكن للروبوتات أن تحُد من كوفيد-19؟
في ظل الأزمة الحاليّة نتيجة انتشار وباء كوفيد-19 فإنّه وبحسب المعلومات المُتوافرة لغاية الآن عن المُسبّب الرئيسي له ألا وهو فيروس كورونا، فإنّ محاولة كسر سلسلة انتقاله وإضعاف حلقته تكون عبر الوقاية ومنع وصوله لخلايا جسم الإنسان، وبناءً على ما يتوافر لغاية اللحظة من حقائق عن هذا الفيروس فإنّه قد ينتقل من شخصٍ لآخر عبر الرذاذ الناجم عن الجهاز التنفسي للشخص المريض أو عبر لَمس الأسطح المُلوّثة به ومن ثمّ اجتياحه للجسم عبر الأنف، العين أو الفم نتيجة استعمال الأيدي المُلوّثة بعد لمس هذه الأسطح، بالتالي فإنّ دور الروبوتات قد يكون عبر قدرتها على التعامل مع بُؤر الوباء بالتطهير والتنظيف، وحتى يُمكن برمجتها لتتعامل مع المرضى أنفسهم عبر سلسلة من العمليات المدروسة، ما يُجنّب الطاقم الطبّي كثيرًا من الخطورة ويُساهم إلى حدٍ كبير في كسر حلقة الفيروس وتخليص المجتمعات منه.
وفي سبيل تلخيص ما يُمكن أن تقوم به الروبوتات بحسب الخُبراء لمكافحة كوفيد-19، يمكن ذِكر كُل من الآتية:
- القدرة العالية على تطهير الأسطح المُلوّثة بالرذاذ المكوّن من الفيروس والذي قد يعلَق لأيام عليها سواءً كانت من الزجاج، المعدن أو البلاستيك، إذ يُمكن تطوير أجيال جديدة من الربوتات التي تتراوح أحجامها من الكبيرة حتى الدقيقة والمُجهّزة بأدوات تعتمد على الأشعة فوق البنفسجيّة (مثل: PX-UV) التي أثبتت فاعليّتها في تعقيم الأسطح، إضافة إلى إمكانيّة تجهيز الربوتات بحسّاسات أو برامج ملاحيّة ذكيّة تستطيع مواصلة تعقيم الأسطح ذات الاستعمال المُتكرّر في المُستشفيات وتحديدها، وهو ما يُوفّر الوقت والجهد ويُقلّل معدل الخطورة التي قد يتعرّض لها العاملين في هذا الشأن.
- المُساعدة في التقصّي وتعقُّب الحالات؛ إذ من الممكن تطوير روبوتات تستعمل الحسّاسات الحراريّة بالتزامن مع خوارزميات بصريّة تُمكّن الروبوتات إمّا المُسقلّة أو تلك التي تعمل عن بُعد في زيادة كفاءتها بالكشف عن الحالات؛ وذلك من خلال مُراقبة درجات حرارة المرضى إمّا الذين يقبعون داخل المستشفى أو خارجه (من خلال الروبوتات المُستقلّة) بحيث تكون مربوطة مع قاعدة البيانات الخاصّة بالمستشفى، بالتالي وعبر خاصيّة التعرُّف على الوجوه المُبرمجة داخل هذه الروبوتات وربطها مع شبكات آمنة وسريّة يمكن تعقُّب الحالات المُشتَبه بإصابتها أو المُصابة وتنبيه الأشخاص المُعرّضين لخطر الإصابة نتيجة إمكانيّة احتكاكهم مع أيّ من هؤلاء المرضى.
- المُساعدة في التشخيص المبدئي؛ يُمكن تصميم روبوتات مُعزّزة بأنظمة قادرة على جَمع العيّنات (الأنفيّة البلعوميّة أو الفمويّة البلعوميّة) اللازمة لتشخيص الإصابة بكوفيد-19، وهو بالتالي يُقلّل من فُرص تعرُّض الطواقم الطبيّة لخطر الإصابة بالمرض ويُسرّع من وتيرة جمع العينات ونقلها للإختبار، إلى جانب إعفاء عدد من الطواقم من هذه المهام ما يُمكّنهم من التفرُّغ للقيام بواجبات اُخرى تِجاه مَرضى آخرين. أيضًا فإنّ الربوتات قد تُمكّن من المُساعدة في أخذ عيّنات الدم لفحص أُولئك الذين لا تظهر عليهم أي أعراض تُذكَر (للكشف عن وجود أجسام مُضادّة)؛ وذلك من خلال إمكانيّة توفير روبوتات تستخدم خاصيّة التصوير بالأمواج فوق الصوتيّة لتحديد مواقع الأوردة في الذراع لغايات سحب الدم، وهو ما يعكِف الباحثين على إيجاد الطريقة المُثلى لتحقيقه بدقّة عالية.
يُعدّ المِضيّ في تطوير الروبوتات وتحقيق الغايات المَرجوّة منها، أحَد التحدّيات التي تُواجه الباحثين المُهتمين بمثل هذا المجال والتي على صعوبتها فإنّ العقل البشريّ لا بُد أن يجد طريقه إليها، ففي حين وُجِدت الروبوتات لتستلم المهام الخَطرة والمُملة في المجالات الصناعيّة، إلّاأنّها الآن تُواجه التحدّي الأكبر في إمكانيّة استخدامها في مكافحة الأوبئة وحماية العُنصر البشري من مواجهة أنواع العدوى المجنونة التي لا تعرف حدودًا وتُشكّل تهديدًا للأرواح واقتصاد الدُول الذي يعني انهياره الولوج في أزمات أُخرى لا قدّر الله.
المراجع
- Yang, G, et al, (2020). Combating COVID-19—The role of robotics in managing public health and infectious diseases. Science Robotics. 5(40): eabb5589. Retrieved fromhttps://robotics.sciencemag.org/content/5/40/eabb5589
- Shah, J., Vyas, A. and Vyas, D. (2014). The History of Robotics in Surgical Specialties. Am J Robot Surg. 1(1): 12–20. Retrieved fromhttps://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4677089/