استطاع العالم السيطرة على مرض شلل الأطفال منذ خمسينيات وستينيات القرن العشرين باعتماد اللقاحات الفعّالة التي تستهدفه، ففي العام 1955 حاز اللقاح الذي طوّره الطبيب الأمريكي جوناس سالك (Jonas Salk) على الموافقة لبدء الاستخدام، اعتمد هذا اللقاح على الفيروس المُعطّل/المقتول (Inactivated poliovirus vaccine (IPV)) ويُعطى بالحقن تحت الجلد أو بالعضلات، ثم وفي الخمسينيات تمكّن اختصاصي الأحياء الدقيقة البولندي الأمريكي ألبرت سابين (Albert Sabin) من تطوير تركيبة جديدة من لقاح شلل الأطفال تعتمد على الفيروس الحي المُوهَن (Live-attenuated) ويُعطى فمويًا (Oral poliovirus vaccine (OPV)) عبر بضع نقاط في فم الطفل.
يتفوق اللقاح الفموي (OPV) لشلل الأطفال بقدرته على تكوين مناعة معوية تحُد من تكاثر الفيروس وانتشاره من الأمعاء لبقية أنحاء الجسم، لكن نظرًا لاحتوائه على فيروس حي (ضعيف) قد يتسبب بإصابة الطفل بالفيروس (نادرًا)، بينما لا يُعد اللقاح المُعطى بالحقن (IPV) كافيًا لتوفير الحماية ضد انتشار الفيروس عبر الأمعاء، إلا أنّه لا يمكن أن يتسبب بالعدوى لاحتوائه على فيروس مقتول، لذا لكل منهما مزايا وعيوب.
وفقًا لتوصيات الخبراء والاختصاصيين، يُوصى باستخدام جرعات من اللقاحين (الفموي (OPV) والحقن (IPV)) لكل طفل وفق جدول زمني محدد، لتكون الجرعة الأولى من اللقاح عبر الحقن، إذ إنّ معظم حالات الشلل الناجمة عن اللقاح ذاته تكون بعد الجرعة الأولى الفموية، كما أنّ ذلك يعزز مناعة الطفل بإكسابه حماية ضد سلالات الفيروس وأنواعه، ويحصنه بمناعة معوية إلى جانب تكوين الأجسام المضادة للفيروس.
ما سبب انتشار اللقاح الفموي من شلل الأطفال (OPV) في الدول العربية تحديدًا؟
على الرغم من فعاليّة كلا اللقاحين، الفموي والذي يُعطى بالحقن، في تعزيز المناعة ضد فيروس شلل الأطفال، فإنّ اللقاح الفموي لشلل الأطفال (OPV) انتشر على نطاقٍ واسع في دول آسيا وأفريقيا ذات الدخل المنخفض، إذ إنّ تكلفة اللقاح الفموي (OPV) أقل من نظيره الذي يُعطى بالحقن (IPV)، كما أنّ الإجراءات التي ترافقه أسهل، فهو لا يتطلب مهارة عالية ولا خطوات تعقيمية لكل من مقدم الرعاية الصحية والطفل.
يُشار إلى أنّه وفي حالاتٍ نادرة قد تحدث طفرة للفيروس الموهَن في اللقاح الفموي (OPV) ليتسبّب بشلل الأطفال في حالات انتشار الفيروس لفترات طويلة وتحوره بين الأشخاص غير المُحصنين كفاية ضد الفيروس.
كيف ينتقل فيروس شلل الأطفال؟
ينتقل فيروس شلل الأطفال عن طريق البراز، وذلك من خلال وصول الفيروس للفم إمّا بلمسه مباشرة أو بطريقة غير مباشرة بوصول البراز الملوّث للفيروس لأحد مصادر المياه أو الطعام وتناول الأشخاص لأي منها.
ما هي أبرز أعراض شلل الأطفال؟ ومتى تبدأ بالظهور؟
يجتاح فيروس شلل الأطفال الجهاز العصبي بعد تكاثره في الأمعاء، ليتسبّب بالتعب العام في الجسم خلال 24 إلى 36 ساعة، ثم يسبب التهاب السحايا، ثم الشلل بعد 4 أيام تقريبًا، يُذكَر بأنّ غالبية المرضى يشعرون بالحمى وألم شديد في الأطراف.
المراجع:
- Lopez Cavestany R, Eisenhawer M, Diop OM, Verma H, Quddus A, Mach O. The Last Mile in Polio Eradication: Program Challenges and Perseverance. Pathogens. 2024; 13(4):323. https://doi.org/10.3390/pathogens13040323
- Harold Merriman, Chapter 13 - Infectious Diseases, Editor(s): Jaime C. Paz, Michele P. West, Acute Care Handbook for Physical Therapists (Fourth Edition), W.B. Saunders, 2014, Pages 313-334, https://doi.org/10.1016/B978-1-4557-2896-1.00013-5
- Liu Q, Liu Z, Huang B, Teng Y, Li M, Peng S, Guo H, Wang M, Liang J, Zhang Y. Global trends in poliomyelitis research over the past 20 years: A bibliometric analysis. Hum Vaccin Immunother. 2023 Dec 31;19(1):2173905. doi: 10.1080/21645515.2023.2173905.
- World Health Organization (WHO). (n.d.). Inactivated polio vaccine (IPV) introduction [PDF]. https://www3.paho.org/hq/dmdocuments/2014/IPV-IntroductionFAQ-e.pdf