شكّلت اللقاحات ثورةً كبيرة في عالم الطب خصوصًا في ستينيات القرن الماضي حين بدأ العمل ببرامج التلقيح رسميًا وعلى مستوى دولي، وأسفر ذلك عن اختفاء عدد كبير من الأمراض التي وقفت وراء موت الكثير من الأطفال حول العالم، إذ أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أنّ اللقاحات تنقذ حياة ما يتراوح 2 -3 مليون طفل سنويًا.[1]
ما هي اللقاحات؟
تُعرّف اللقاحات على أنها مواد حيوية آمنة تُستخدم لتعزيز مناعة الجسم وقدرته على التصدي للالتهابات أو الأمراض وتقليل شدّتها بعد التعرض للممرضات الخارجية، خصوصًا تلك الخطيرة التي قد تفتك بحياة المصاب، إذ تعمل اللقاحات عن طريق توجيه الجسد إلى كيفية مقاومة مسببات المرض كالفيروسات والبكتيريا.[1][2]
على الرغم من تمكن اللقاحات عبر التاريخ من إنقاذ حياة الملايين حول العالم، فإنّها ما زالت تتعرض للكثير من الانتقادات إلى جانب نشر معلومات ونظريات مغلوطة عنها، إذ أفضى ذلك إلى عزوف البعض عن تلقي اللقاحات نتيجة مخاوف المرضى والأهالي من مدى مأمونيتها والأعراض الجانبية التي قد تتسبب بها، ولعلّ ارتباطها بالتوحد كان أحد أهم القضايا المطروحة خلال السنوات السابقة، وذلك على إثر دراسة جرى سحبها لاحقًا أشار فيها المؤلف إلى إصابة ثمانية أطفال بالتوحد بعد تلقيهم للقاح الحصبة، والنكاف، والحصبة الألمانية (MMR vaccine)، إذ كانت نظريته ترتكز على أنّ اللقاح تسبب بتحفيز التهابٍ ما في الأمعاء، والذي أدى باعتقاده إلى انتقال مواد سامة عبر مجرى الدم إلى الدماغ وبالتالي التسبب بالتوحد لدى أولئك الأطفال، لكن تبين بعد ذلك عدم صحة تلك الادعائات، وعدم قدرة الباحثين لاحقًا على إثبات وجود علاقة بينهما بعد إجراء دراسات إضافية.[3]
ما أهمية اللقاحات؟
تُعطى اللقاحات للأشخاص الأصحاء حصرًا، لذا تخضع لمعايير سلامة أكثر شدة قد تفوق تلك التي تُستخدم لتصنيع الأدوية، إذ تخوض مراحل عدة من الدراسات السريرية قبل ترخيصها للتحقق من سلامتها، وفاعليتها، وتحديد الأعراض الجانبية النادرة التي قد تنتج عن تلقيها،[4] وتجدر الإشارة إلى أن الأكاديمة الوطنية للطب، ومركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، بالإضافة إلى الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، قد أجمعوا على أن فائدة تلقي اللقاحات تفوق مخاطر عدم تلقيها بكثير.[2]
تكمن أهمية اللقاحات في المقام الأول تخفيضها لنسب الإصابة بالأمراض المعدية وتقليل احتمالية تسببها بالوفاة، فهي تنقذ حياة 386 مليون شخص سنويًا وتمنع إصابة 96 آخرين بإعاقات ناجمة عن تلك الأمراض حول العالم، كما أن اللقاحات قد تُسهم في القضاء على بعض تلك الأمراض المعدية القاتلة وذلك بعد تلقيح أكبر عدد من السكان عالميًا وضمان عدم انتقال المرض، تمامًا كما حدث سابقًا حين تمكن العالم من القضاء على مرض الجدري وشلل الأطفال، بالإضافة إلى ذلك، بمقدور اللقاحات منع انتشار أمراض أخرى مرتبطة بالممرضات التي تكبحها اللقاحات بطريقة غير مباشرة، مثل التهاب الرئة البكتيري أو التهاب الأذن الوسطى اللذان يحدثان كالتهاب ثانوي بعد التقاط عدوى الأنفلونزا، لذا فإن تلقي لقاح الإنفلونزا قد يقلل بشدة احتمالية تلك الأمراض، وينطبق ما سبق على تقليل الإصابة بمرض السرطان الناجم عن التهاب الكبد الوبائي المزمن أو فيروس الورم الحبيبي (HPV).[5]
أنواع اللقاحات
تتوافر خمسة أنواع أساسية من اللقاحات:[2][6]
- لقاحات الفيروسات الحية التي جرى إضعافها (Live virus vaccines)، تكمن الفكرة منها في تحفيز جهاز المناعة ضد الفيروس بنسخته الضعيفة، وبالتالي سيتعرّف عليه جهاز المناعة لدى دخوله الجسم مرةً أخرى ويتصدى له، ومن أمثلته لقاح الجدري.
- اللقاحات غير النشطة (Inactivated Vaccines)، يتكون من ممرض غير نشط وغير قادر على التكاثر في جسم الإنسان مثل بروتين معين أو جزء صغير من فيروس أو بكتيريا، ويستطيع جهاز المناعة التعرف عليه ثم القضاء عليه لدى دخوله الجسم مرةً أخرى، مثل لقاح شلل الأطفال.
- لقاحات السم الموهنة (Toxoid vaccines)، هي لقاحات تهدف لحماية الجسم ضد السموم التي تنتجها البكتيريا، مثل لقاح الكزاز والخُناق.
- اللقاحات الحيوية (Biosynthetic vaccines)، تحتوي مكونات مصنعة مخبريًا تشابه أجزاء محددة من البكتيريا أو الفيروسات، مثل لقاح التهاب الكبد ب.
- لقاحات الحمض النووي (mRNA vaccines)، وهي ناقلات فيروسية تستخدم الحمض النووي الخاص بالفيروس لتحفيز إنتاج أجسام مضادة، ومن أشهر أمثلتها لقاحات فيروس كورونا.