التهاب الأعور (Typhlitis) أو ما يُعرف بالتهاب الأمعاء والقولون بسبب نقص العدلات (Neutropenic enterocolitis) هو التهاب خطير جدًا في الأمعاء،[1] ويُصيب التهاب الأعور خاصةً الأشخاص الذين يعانون من نقص خلايا العدلات (Neutropenia)، وُصف هذا المرض في البداية لدى الأطفال الذين يعانون من سرطانات الدم المختلفة، كما شُخص لدى البالغين المُصابين بأورامٍ خبيثة مثل ابيضاض الدم (Leukemia)، وسرطان الغدد الليمفاوية (Lymphoma)، ومرض فقر الدم اللاتنسجي (Aplastic Anemia)، ومتلازمة خلل تنسج نخاع العظام (Myelodysplastic Syndromes)، بالإضافة إلى الأشخاص المصابين بضعف الجهاز المناعي، مثل مرضى الإيدز، والذين يخضعون للعلاج الذي يستهدف الأورام الصلبة، أو زراعة الأعضاء.[2]
توجد ندرة في المعلومات حول نسبة انتشار التهاب الأعور على مستوى العالم، فطبقًا لدراسة هندية أُجريت على 180 طفلًا يخضعون للعلاج الكيميائي بسبب ابيضاض الدم الليمفاوي الحاد، وجد العلماء أن نسبة 6.1% منهم يعانون من التهاب الأعور،[3] وفي مراجعة منهجية لـ 21 دراسة وُجد أن نسبة الإصابة بلغت 5.3% لدى الأشخاص الذين يخضعون لعلاج سرطانات الدم، والمرضى الذين يتلقون جرعة عالية من العلاج الكيميائي لعلاج الأورام الصلبة، أو لعلاج مرض فقر الدم اللاتنسجي.[1]
كما أُجريت دراسة أُخرى في تركيا، ووجد العلماء أن نسبة الإصابة بالتهاب الأعور كانت 6.5% لدى مرضى ابيضاض الدم النخاعي الحاد، و 4.6% لدى مرضى ابيضاض الدم الليمفاوي الحاد.[3]
كيفية الإصابة بالتهاب الأعور
يُعدّ سبب الإصابة بالتهاب الأعور غير مفهومًا بالكامل حتى الآن، لكن يُعتقد بوجود عدّة عوامل قد تلعب دورًا في الإصابة بالتهاب الأعور في ذات الوقت، لتؤدي هذه العوامل إلى الإصابة بوذمة معوية مُسببةً احتقان الدم في الأوعية الدموية التي تُغذي هذه المنطقة، وينتج عن ذلك اضطراب الغشاء المخاطي المُبطن للقولون الأعور، فيُصبح أكثر عُرضة للغزو من البكتيريا والكائنات الدقيقة الأُخرى،[2][4] وتشمل هذه العوامل:[2]
- انخفاض نسبة خلايا العدلات.
- إصابة الغشاء المخاطي المبطن لجدار القولون الأعور.
- ضعف الجهاز المناعي للمريض.
بعد ذلك يأتي دور الأدوية السامة، مثل أدوية العلاج الكيميائي كدواء سيتارابين (Cytarabine)، التي تُصيب الغشاء المُخاطي مما يؤدي إلى التهابه،[2][4] أو قد يتسبب في انتفاخ القولون الأعور وتمدده، وينتج عن ذلك نقص التروية الدموية التي تصل إليه، مما يؤدي إلى موت خلايا القولون الأعور.[3]
في بعض الحالات تستطيع البكتيريا وأحيانًا الفطريات غزو جدار القولون المُصاب، ثم تُسبب انثقاب القولون وانتشار الالتهاب إلى الأجزاء المُحيطة به، مما يُسبب الإصابة بالتهاب الصفاق (Peritonitis)، وتسمم الدم البكتيري (Bacteremia)، أو الإصابة بانتشار الفطريات في الدم (Fungemia).[3]
أعراض التهاب الأعور
غالبًا تبدأ الأعراض بالظهور خلال 30 يومًا من بدء العلاج الكيميائي، أو بعد أسبوعين من انتهائه ، تزامنًا مع انخفاض عدد العدلات إذ يصل مستواها لأقل من 500 خلية في الميكروليتر، ومن أشهر الأعراض التي تظهر على المريض بسبب التهاب المصران الأعور، ارتفاع درجة حرارة الجسم لأعلى من 38.5 درجة مئوية، والشعور بألم البطن خاصةً في النصف الأيمن منه، والإصابة بالإسهال.[5]
بالإضافة إلى ذلك، قد تظهر على المريض مجموعةٌ متنوعة أخرى من الأعراض والتي تشمل التقيؤ، ونزول دم مع الإسهال، وألم ارتدادي في المنطقة السفلية من البطن إذ يحاكي في هذه الحالة ألم التهاب الزائدة الدودية، وفي بعض الحالات قد يُصاب المريض بالاستسقاء (Ascites).[2][5]
تجدر الإشارة إلى أنه في بعض الحالات قد تظهر على المريض أعراض التهاب الغشاء المخاطي المبطن للفم والبلعوم (Oral and Pharyngeal Mucositis)، حتى قبل ظهور أعراض التهاب الأعور.[3]
عوامل خطر الإصابة بالتهاب الأعور
يوجد العديد من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالتهاب الأعور، وأشهر هذه العوامل هو تناول الأدوية السامة أثناء العلاج الكيميائي، مثل دواء سيراتابين (Cytarabine)، إذ إنّ هذه الأدوية تُسبب تمدد وتنخّر الغشاء المخاطي المبطن للأعور،[4] بالإضافة إلى ذلك توجد بعض عوامل الخطر الأُخرى:[3][5]
- استخدام الأجسام المُضادة، مثل ألميتزوزوماب (Alemtuzumab).
- متلازمة خلل تنسج نخاع العظام (Myelodysplastic syndrome)، وورم نخاع العظام المتعدد، وفقر الدم اللاتنسجي.
- زراعة الأعضاء، وزراعة نخاع العظام.
- الإصابة بالإيدز، والسرطانات الصلبة.
- انخفاض مستوى خلايا العدلات لفترةٍ طويلة.
- إصابة سابقة بالتهاب الأعور.
- الإصابة باضطرابات في الأمعاء، مثل داء الرُتج.
تجدر الإشارة إلى أن الكائنات الدقيقة التي قد تُسبب الإصابة بالتهاب الأعور تشمل بكتيريا المكورات موجبة الغرام، والعصيات سالبة الجرام، وفي بعض الأحيان الفطريات.[1]
مضاعفات التهاب الأعور
في بعض الحالات الخطيرة من التهاب المصران الأعور، قد يُصاب المريض ببعض المضاعفات الخطيرة، مثل تقلصات البطن، والإسهال، والتقيؤ، ونزيف الجهاز الهضمي، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يُصاب المريض بانثقاب القولون وانتشار الالتهاب، وينتج عن ذلك الإصابة بالتهاب الصفاق، وتعفن الدم البكتيري أو الفطري، وتكون الخراج، وتشمل الأعراض التي تدل على انثقاب القولون تحجر البطن، وزيادة معدل نبضات القلب، واختفاء أي علامة تدل على حركة الأمعاء، وزيادة معدل التنفس.[5]
في بعض الحالات قد يُصاب الشخص بشلل الأمعاء أو انسدادها، وذلك يرجع إلى الإصابة بتورم الأمعاء، لكن هذه المضاعفات نادرة إلى حدٍ ما، ومن ضمن المضاعفات التي قد يُصاب بها المريض نقص كريات الدم الشامل (Pancytopenia) وهذا يعني نقص مستوى كريات الدم الحمراء، والبيضاء، والصفائح الدموية، مما يؤدي إلى الإصابة بنزيفٍ حاد نتيجة نقص الصفائح الدموية، وتأخر الشفاء.[1][5]
علاج التهاب الأعور
كان الأطباء يفضلون التدخل الجراحي لعلاج التهاب الأعور في الماضي، لكن أصبح العلاج التحفظي هو الخيار العلاجي الأول في الوقت الحالي، فيشمل مثلًا علاج حالة التهاب الأعور البسيط دون تفاقم الحالة وظهور المضاعفات إدخال المريض قسم العناية المركزة، ومراقبته ومتابعة حالته باستمرار، مع تزويده بالسوائل الوريدية، ونقل الدم والصفائح الدموية إليه، وإعطاؤه مضادًا حيويًا متعدد الاستعمالات (واسع الطيف)، ثم إجراء فحص الزراعة المخبرية للدم لتحديد المضاد الحيوي المناسب، مع ضرورة تجنب بعض الأدوية، مثل الأدوية المضادة للإسهال والأفيونات، كما يُعطى المريض أدوية مضادة للفطريات في حال كانت السبب وراء الإصابة بالالتهاب.[5][3]
في حالة تدهور حالة المريض والإصابة بالمضاعفات، قد يلجأ الطبيب إلى التدخل الجراحي الذي قد يشمل فغر الأعور وتصريف سوائله (Cecostomy and drainage)، أو استئصال القولون الكُلي أو النصفي مع أو بدون مفاغرة أولية (Two-stage Right Hemicolectomy or Total Abdominal Colectomy, with or without a Primary Anastomosis)، أو إلغاء وظيفة القولون باستخدام فغر اللفائفي الحلقي (Defunctioning of the colon with a loop ileostomy).[3]