يؤدي الدم دورًا حيويًا في جسم الإنسان فهو المسؤول عن نقل الأكسجين والمُغذيات الضرورية لخلايا الجسم، بالإضافة إلى تنظيم درجة حرارة الجسم وحمايته من الإصابة بالعدوى أو الأمراض، كما ينقل الدم نواتج التمثيل الغذائي مثل اليوريا وثاني أكسيد الكربون وحمض اللبنيك (اللاكتيك) للتخلص منها.[1]
مكونات الدم الرئيسية
يتكون الدم من أربعة مكونات أساسية:[1]
- بلازما الدم Plasma: تشكّل أكثر من نصف حجم الدم، وتتكون بصفة أساسية من الماء، الذي يمتصه الجسم من السوائل والأطعمة المهضومة في الأمعاء، كما تتكون البلازما من مجموعة من المكوّنات الأُخرى التي تُشكّل فقط 8% من حجم البلازما، مثل الجلوكوز والبروتينات والأملاح المعدنية والفيتامينات والهرمونات والدهون.
- خلايا الدم الحمراء Erythrocytes: هي المسؤولة عن نقل الأكسجين من وإلى الرئتين، ويتراوح عددها بين 4.5 إلى 6.2 مليون خلية لكل ميكرولتر (ما يُعادل قطرة واحدة) من الدم لدى الذكور، وبين 4.0 إلى 5.2 مليون خلية لكل ميكرولتر من الدم لدى الإناث.
- خلايا الدم البيضاء Leukocytes: تلعب دورًا مناعيًا في حماية الجسم من الإصابة بالعدوى والأمراض، يتراوح تعدادها الطبيعي بين 3,700 إلى 10,500 خلية لكل ميكرولتر واحد من الدم.
- الصفائح الدموية Thrombocytes: هي المسؤولة -بالاشتراك مع بروتينات التخثر (عوامل التخثر)- عن تجلط الدم وإيقاف النزيف.
يُعد نخاع العظام (نسيج اسفنجي يتواجد في تجاويف العظام) المسؤول عن إنتاج الخلايا الجذعية المُكونة للدم Hematopoietic Stem Cells، وهي خلايا غير ناضجة ينتجها نسيج العظام لتنمو وتتطور[2] إلى نوعين من الخلايا:[2]
- الخلايا اللمفانية Lymphoid cells: التي تتطور لتكوّن أنواعًا معينة من خلايا الدم البيضاء، مثل الخلايا اللمفية Lymphocytes والخلايا القاتلة الطبيعية Natural Killer.
- الخَلايا النِقويَّة Myeloid cells: التي تتطور بعدها وتُكوّن في النهاية خلايا الدم الحمراء والصفائح الدموية وأنواعًا أُخرى من خلايا الدم البيضاء.
سرطان الدم (اللوكيميا)
يتمثل سرطان الدم (ابيضاض الدم) Leukemia في حدوث طفرات جينية مجهولة السبب في أنسجة نخاع العظام، مُسببةً إنتاج أعدادٍ هائلة من الخلايا غير الطبيعية -غالبًا ما تكون من خلايا الدم البيضاء- فتتراكم هذه الخلايا في النخاع ومجرى الدم،[3] لتعيق الخلايا السليمة عن النمو والتضاعف فيعاني الجسم من نقص عدد خلايا الدم السليمة، ما يؤثر سلبًا على معدل وصول الأكسجين لأنسجة وخلايا الجسم بالإضافة إلى تراجع كفاءة الجهاز المناعي وانخفاض قدرة الدم على التخثر لدى حاجته لذلك.[2]
أنواع سرطان الدم
يُصنَّف سرطان الدم حسب معدل تطور المرض إلى نوعين:[4][5]
- سرطان الدم الحاد: ويتضمّن إنتاج أعدادٍ مرتفعة من خلايا الدم غير الناضجة التي تُعرف بالخلايا الأرومية Blasts، فتكون عاجزة عن أداء وظيفتها، وتتمثّل خطورة سرطان الدم الحاد في تضاعف هذه الخلايا سريعًا حتى أنها قد تشكل أكثر من 20% من خلايا الدم، لِذا فهو يستدعي الخضوع للعلاج العاجل وإلا فقد يتسبّب بتدهور حالة المريض بسرعة.
- سرطان الدم المزمن: يتطور المرض في هذه الحالة ببطء، فتنتُج خلايا دم أكثر نضجًا عن تلك التي يُنتجها الجسم في حالة سرطان الدم الحاد، وتتميز هذه الخلايا بقدرتها على أداء وظيفتها الطبيعية لفترة، حتى أنّ بعض أنواع سرطان الدم المزمن قد لا تتسبب في بدايتها بأيّ أعراضٍ للمريض.
يُصنف سرطان الدم أيضًا تبعًا لنوع خلايا الدم:[4]
- سرطان الدم الليمفاوي Lymphocytic: يصيب الخلايا الليمفاوية.
- سرطان الدم النقوي Myelogenous: يصيب الخَلايا النِقوِيَّة.
أما الأنواع الرئيسية لابيضاض الدم:[3][6]
- ابيضاض الدم اللمفاوي الحاد (سرطان الدم الليمفاوي الحاد) Acute lymphocytic leukemia (ALL): قد يصيب ابيضاض الدم الليمفاوي الحاد البالغين، إلا أنّه أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين الأطفال، وقد ينتشر حتى يصيب العقد الليمفاوية والجهاز العصبي المركزي.
- ابيضاض الدم النقوي الحاد (سرطان الدم النقوي الحاد ) Acute myeloid leukemia (AML): قد يصيب الأطفال، ولكنه أكثر شيوعًا بين كبار السن.
- ابيضاض اللمفاويات المزمن (سرطان الدم اللمفاوي المزمن) Chronic lymphocytic leukemia (CLL): من أكثر أنواع سرطان الدم انتشارًا بين البالغين خاصةً في منتصف العمر أو بعده، أحيانًا قد تستقر حالة المرضى المُصابين بهذا النوع CLL لفتراتٍ طويلة دون أن يتطلب الخضوع للعلاج، لكن قد يعجز الجسم في حالاتٍ أُخرى عن إنتاج خلايا دم طبيعية، عندئذٍ يتوجب تلقّي العلاج الملائم للحالة.
- ابيضاض الدم النقوي المزمن (اللوكيميا النخاعية المزمنة) Chronic myeloid leukemia (CML): هو أكثر انتشارًا بين البالغين بعُمر 65 عامًا أو أكثر، وقد لا يتسبّب هذا النوع CML بأيّ أعراضٍ ملحوظة على المريض، حتى أنه أحيانًا قد يُكتشَف بمحض الصدفة عند إجراء بعض فحوصات الدم المعتادة.
أنواع سرطان الدم النادرة
تشمل أنواع سرطان الدم النادرة:
ابيضاض الدم اللمفاوي الحُبيبي الكبير
ابيضاض الدم اللمفاوي الحُبيبي الكبير Large Granular Lymphocyte Leukemia (LGLL) أحد أنواع اللوكيميا المزمنة بطيئة التطور، يُنتج فيه الجسم أعدادًا متزايدة من الخلايا اللمفاوية الحُبَيبيَّة الضخمة، وتختلف هذه الخلايا عن غيرها في أنها لا تموت عقب انتهاء دورة حياتها، بل تتراكم في مجرى الدم، ممّا قد يُعرّض المريض للإصابة بالعدوى أو الأنيميا أو النزيف.[7]
ابيضاض الدم بسليفة الخلايا اللمفية
ابيضاض الدم بسليفة الخلايا اللمفية Prolymphocytic leukemias (PLLs) هو أحد أنواع اللوكيميا النادرة، عادةً ما يصيب كبار السن ممن تتراوح أعمارهم بين 65 إلى 70 عامًا، وهو أكثر انتشارًا لدى الذكور عن الإناث، ويُنتج نخاع العظام في هذه الحالة أعدادًا هائلة من الخلايا اللمفاوية الضخمة وغير الناضجة تُعرف بسليفة الخلايا اللمفية أو سليفة اللمفاويات Prolymphocytes، وفيه يستمر النخاع في إنتاج هذه الخلايا حتى تمثل 55% على الأقل من تعداد خلايا الدم، وأحيانًا قد يتحول ابيضاض اللمفاويات المزمن CLL إلى ابيضاض الدم بسليفة الخلايا اللمفية،[8] وينقسم ابيضاض الدم بسليفة الخلايا اللمفية إلى نوعين تبعًا لنوع الخلايا اللمفاوية:[8]
- ابيضاض الدم بسليفة الخلايا اللمفية البائية B-cell prolymphocytic leukemia (B-PLL): وهو النوع الأكثر شيوعًا بين أنواع سرطان سليفة اللمفاويات.
- ابيضاض الدم بسليفة الخلايا اللمفية التائية T-cell prolymphocytic leukemia (T-PLL): وهو النوع الأشرس والأسرع في تطوره وتفاقمه.
متلازمات خلل التنسج النقوي
متلازمات خلل التنسج النقوي Myelodysplastic syndromes هي عدة أنواع من سرطان الدم الناجم عن عدم نمو ونضج الخلايا الجذعية المُكونة للدم، إذ لا تستطيع هذه الخلايا أداء وظيفتها، حتى أنها قد تموت في نسيج العظام أو فور وصولها مجرى الدم، ليعاني المريض من فقر الدم (الأنيميا) أو العدوى أو النزيف لعدم قدرة النخاع على إنتاج خلايا دم أُخرى سليمة.[9]
ابيضاض الدم مشعر الخلايا
ابيضاض الدم مشعر الخلايا Hairy cell leukemia (HCL)، هو أحد أنواع اللوكيميا المزمنة بطيئة التطور، وهو أكثر شيوعًا بين البالغين، وترجع تسميته إلى ظهور الخلايا السرطانية تحت المجهر وكأنها خيوط أقرب في شكلها للشعر.[5]
أعراض سرطان الدم
تختلف أعراض سرطان الدم باختلاف نوعه، حتى أنه قد لا تظهر أي أعراض في المراحل الأولى من الإصابة ببعض أنواع اللوكيميا المزمنة،[2] وتشمل الأعراض الشائعة والمشتركة بين أنواع اللوكيميا:[2][6]
- الشعور بالإرهاق والوَهَن.
- ارتفاع درجة حرارة الجسم.
- التعرّق الليلي.
- القشعريرة.
- ضيق التنفس.
- شحوب البشرة.
- الشعور بألم في المفاصل والعظام أو الشعور بألم عند لمسها.
- التقيؤ.
- خسارة الوزن المفاجئة.
- التعرض لأنواع شديدة من العدوى أو تكرار الإصابة بها.
- تضخم العقد اللمفاوية في الرقبة أو المنطقة الأُربِيَّة أو المعدة أو تحت الإبط .
- تضخم الطحال أو الكبد.
- الألم والشعور بالامتلاء أسفل الضلوع اليسرى من القفص الصدري.
- تكوّن الكدمات والنزيف بسهولة، خاصة نزيف الأنف واللثة.
- ظهور الحبرات، وهي بقع صغيرة حمراء أو أُرجوانية اللون.
تشخيص سرطان الدم
يتضمّن تشخيص سرطان الدم إجراء الفحص البدني للمريض واستعلام الطبيب عن أيّ أمراضٍ أُخرى سبق وأن أُُصيب بها بمعرفة التاريخ الطبي له،[3] بالإضافة إلى عدة فحوصات أُخرى:[3]
- فحص تعداد الدم الكامل Complete Blood Count (CBC).
- فحص نخاع العظام عن طريق أخذ عينة منه لفحصها مخبريًا، ويمكن الحصول على العينات بواسطة خزعة نقي العظم Biopsy أو شفط نقي العظم Aspiration.
- بعض الفحوصات الجينية بحثًا عن أيّ تغييرات جينية أو كروموسومية.
وفي حال تأكد طبيب أمراض الدم من تشخيص سرطان الدم، قد يُجري بعض الفحوصات الأُخرى، مثل التصوير الإشعاعي والبزل القطني "البزل الشوكي" (إجراء يتضمن الحصول على السائل الدماغي النخاعي) للتحقق من عدم انتشار السرطان لأماكن أُخرى من الجسم.[3]