حمض الساليسيليك (Salicylic acid) من أشهر الأحماض العضوية التي استُخدمت لأكثر من 2000 عام في العديد من المجالات الطبية،[1][2] إذ تستخدم المستحضرات الموضعية منه في التخلص من مشكلات بشرة الوجه كحب الشباب، بالإضافة إلى علاج المشاكل الجلدية التي تشمل تقشير الجلد وجفافه.[3]
نبذة تاريخية عن حمض الساليسيليك
يعود تاريخ اكتشاف حمض الساليسيليك إلى عام 1838 ميلادي، حين استطاع عالم الكيمياء الإيطالي رافييل بيريا (Raffaele Piria) تحويل مادة الساليسين (Salicin) التي استخلصها من جذع شجرة الصفصاف إلى حمض الساليسيليك بعد أكسدتها، وتبع ذلك اكتشاف قدرته على تقشير الطبقة المتقرنة من الجلد في ستينيات القرن التاسع عشر، إذ جرى بعد ذلك استخدامه في الصناعات الدوائية لأول مرة في ألمانيا عام 1898 ميلادي لإنتاج الأسبرين الغني عن التعريف.[1][3]
الخصائص الكيميائية لحمض الساليسيليك
يسمى حمض الساليسيليك بهذا الاسم نسبةً إلى الكلمة اللاتينية ساليكس (Salix) والتي تعني شجرة الصفصاف، وهو من الهرمونات التي تنتجها النباتات، تكمن مسؤوليتها في تنظيم عملية نمو وتمايز خلاياها، ومن ناحية كيميائية، ينتمي حمض الساليسيليك إلى مجموعة مركبات بيتا هيدروكسي الذائبة في الدهون والقادرة على اختراق الوحدات الشعرية الزهمية (Pilosebaceous unit) في الجلد وتنظيف مسامها، وذلك بفضل تركيبته التي تتكون من حمض البنزويك (Benzoic acid) ومجموعة الهيدروكسيل (Hydroxy group)..[4][5]
لا تقتصر مميزات حمض الساليسيليك على قدرته في تقشير البشرة من خلال تقليل ترابط الخلايا المتقرنة وتسهيل انفصالها عن السطح فحسب، بل تتعداها إلى تخفيض إنتاج الزهم خصوصًا لدى المرضى الذين يعانون من حب الشباب، كما يستطيع إزالة الدهون المرتبطة بالغلاف المتقرن الذي يحيط بالخلايا الظهارية.[1]
استخدامات حمض الساليسيليك
يمكن استخدام حمض الساليسيليك في الأماكن ذات الطبقة المتقرنة السميكة من الجلد، مثل فروة الرأس، والوجه، وباطن الكفين والقدمين، كما يُفضل استخدامه بالتزامن مع مستحضر ترطيب لتجنب حدوث التهيج، بالإضافة إلى ضرورة الابتعاد عن استعماله على الأعضاء التناسلية، أو الأغشية المخاطية، أو العينين، وتعتمد خصائص واستخدامات حمض الساليسيليك على التركيز المستعمل،[1][6] من أهم استخدامات حمض الساليسيليك:
علاج حبوب الشباب
يُصنّف حب الشباب على أنّه اضطراب جلدي مزمن، إذ ينجم عن انسداد القنوات الشعرية الزهمية في البشرة مما يؤدي إلى التهابها وتكون البثور والحطاطات، وقد ينصح أطباء الجلدية باللجوء إلى طرق التقشير الكيميائي السطحي كأحد الطرق الآمنة للتخلص من حبوب الشباب الالتهابية، وندوبها، والتصبغات الناجمة عنها، وذلك باستخدام محاليل من حمض الساليسيليك يتراوح تركيزها بين 0.5% إلى 10%،[1][7] كما وُجد أنّ استخدام غسول البشرة المخصص لحبوب الشباب وبتركيز 2% من حمض الساليسيليك لمدة أسبوعين كفيل بتقليل مظهر حبوب الشباب ودون التسبب بتهيج البشرة.[4]
التخلص من التقرن الشعري (Keratosis Pilaris)
أثبتت إحدى الدراسات قدرة حمض الساليسيليك بتركيز 5% على تحسين الخشونة المرافقة للتقرن الشعري -أو ما يُعرف بجلد الدجاجة- وتقليل التصبغات الناجمة عنه لدى استخدامه على مدار 12 أسبوعًا بنسبة 52%، ويجدر الذكر أنّ التقرن الشعري ما هو إلّا حالة من فرط تقرن الجريبات الشعرية، وعلى الرغم من عدم ارتباطها بأية أعراض فإنها تثير القلق لدى من يعاني منها جرّاء مظهرها غير المرغوب به.[8]
علاج الثآليل (Warts)
يمكن التخلص من 81% من الثآليل باستخدام محلول حمض الساليسيليك الذي يبلغ تركيزه 26% لمدة أسبوعين فقط، ودون التسبب بتهيج الجلد السليم المحيط بها.[9]
علاج الصدفية (Psoriasis)
تُعد الصدفية أحد الاضطرابات الجلدية المزمنة التي تجعل الجلد بمنظر يبدو ملتهب ومتقشرًا، عدا عن شعور المصابين بها بالحكة والألم المستمرين، وبفضل قدرة حمض الساليسيليك على تليين وتقشير طبقة الجلد المتقرنة، يمكن استخدامه بالتزامن مع الكورتيزون الموضعي بهدف تعزيز اختراقه اللجلد وعلاج الصدفية بفعالية عالية.[6]
مقشر موضعي
يمكن استخدام محاليل حمض الساليساليك الموضعية كمقشرات موضعية لعلاج العديد المشكلات الجلدية، كالكلف، والبشرة المتضررة من أشعة الشمس، والنمش.[3]
التخلص من قشرة فروة الرأس
يُشكل التساقط المستمر لقشرة فروة الرأس على الملابس والذي يرافقة الشعور بالحكة مشكلةً تؤرق الكثيرين وتُسبب لهم الإحراج، خصوصًا في الأماكن العامة، كما أنّ حكّ فروة الرأس باستمرار يؤدي إلى تلف الشعر، وقد لوحظ بأنّ استخدام ما تركيزه 3% من مستحضر حمض الساليساليك الموضعي بالتزامن مع مستحضر يحتوي مادة الهيدروكورتيزون (Hydrocortisone) بتركيز 1% يسهم في التخفيف من شدة الحكة.[10]
علاج المليساء المعدية (Molluscum contagiosum)
تُعد المليساء المعدية عدوى فيروسية تنتقل باللمس المباشر، إذ تنتشر بين الأطفال والمراهقين بصفة عامة، وتسبب ظهور تقرحاتٍ صغيرة الحجم على الجلد ما قد يسبب تهيجه، إذ لوحظ أنّ استخدام مستحضر حمض الساليساليك الموضعي يُسرّع من عملية شفاء تلك التقرحات كما ذكرت إحدى الدراسات السريرية المنشورة عام 2005 في مجلة (Journal of Dermatological Treatment).[11]
الأعراض الجانبية لاستخدام حمض الساليساليك الموضعي
يمتص حمض الساليساليك بعد استخدامه موضعيًا بنسبة 60% إذا كان الجلد سليمًا، كما أنّ الأعراض الجانبية الناجمة عن استخدامه موضعيًا تكون طفيفة خصوصًا لدى استعماله بجرعات تتراوح بين الضئيلة إلى المتوسطة (لا يتجاوز تركيزها 10%) على الجلد السليم،[12][13] إذ يتسبب استخدام حمض الساليسيليك موضعيًا بمجموعة من الأعراض الجانبية الشائعة، مثل تهيج الجلد الطفيف، والطفح الجلدي، والشعور بالحرقة والجفاف، كما قد يتغير لون الجلد الذي خضع للعلاج بحمض الساليساليك.[10][12]
لكن يُشار إلى أنّه في حال استخدام حمض الساليسيليك على جلد تضررت فيه الطبقة المتقرنة الخارجية (Stratum corneum)، يزداد تركيزه في الدم إلى درجة ملحوظة حتى عند استعماله بتراكيز منخفضة.[13]
كما يمكن أن يتسبب بحالة تدعى سمية حمض الساليساليك (Salicylism) التي تحدث عند استخدام مستحضرات موضعية بتركيز 20% من حمض الساليساليك على ما يزيد عن 50% من مساحة الجسم الكلية.[1]
طريقة استخدام حمض الساليساليك الموضعي
يتوافر مستحضر حمض الساليساليك بأشكالٍ صيدلانية متنوعة، فمنها الكريم، والمحلول، والمرهم، والهلام -جل-، إذ يُنصح باستخدام كمية قليلة منه في بقعة أو بقعتين ضئيلتن من المنطقة المراد علاجها لمدة ثلاثة أيام، وذلك بهدف رصد حدوث أي تفاعلات او انزعاج قبل البدء باستخدام المستحضر الموصى به وفقًا للوصفة الطبية.[2]