بات من أشد ما يُثير قلق مُعظم الأشخاص حول العالم هو اكتساب عدوى كوفيد-19 والوصول لمراحل متقدّمة من المرض بحيث يلجأ معهم الطاقم الطبّي لاستخدام أجهزة التنفس الصناعي، وفي حين تُمثّل وَفرة أجهزة التنفس الصناعي مشكلة على طرف تقف على الجانب الآخر آليّة وَصل جهاز التنفس مع المريض كمشكلة ربمّا تكون أكبر في بعض الحالات؛ إذ إنّ آليّة وَصل المريض بجهاز التنفس تُشكّل عِبئًا نفسيًا على الكادر الطبّي أكثر منها على المريض أحيانًا، إذ يعتصر الكثير من الأطبّاء ألمًا حينما يضطرُّون لوَصل أحد مرضاهم بجهاز التنفس.
ويعمل جهاز التنفس الصناعي بشكلٍ أساسيّ على ضخ الأكسجين اللازم للجسم مباشرة للرئتين تحت تأثير ضغط معيّن من الجهاز، وسحب ثاني أكسيد الكربون، إذ يتّم تخدير المريض بشكل كامل أو إعطاؤه مُهدّئات والعمل على إدخال أُنبوب التنفس عبر القصبة الهوائيّة لدفع الأُكسجين مباشرة نحو الرئتين اللّتان غالبًا ما تكونان بحالة قصور أو فشل.
أمّا فيما يتعلّق بمرضى كوفيد-19 فإنّ تقدُّم المرض يتسبّب بمشاكل وصعوبات في التنفس تؤدّي إلى ضرورة وَصل المريض بجهاز التنفس لمساعدته على الحصول على الأكسجين، وفي حين يعتقد البعض بأنّ مثل هذه العمليّة تُعدّ أحَد سُبُل النجاة الحتميّة، فإنّه وبحسب بعض الخبراء ما يقرُب من 40% إلى 50% من المرضى يموتون بعد وَصلهم بجهاز التنفس، في حِين أوردت صحيفة ديلي ميل البريطانيّة بأنّ 80% من مرضى كوفيد-19 في نيويورك لا يتمكّنون من النجاة إثر وَصلهم مع أجهزة التنفس، ويُعزَى السبب حسب التفسيرات المُقدّمة من الاختصاصيين المُشرفين على مثل هذه الحالات إمّا إلى تسبُّب هذه الأجهزة بإحداث أضرار للرئتين نتيجة دفع الأكسجين بضغطٍ عالِ لداخل الحويصلات الهوائيّة أو مُفاقمة رد فعل الجسم المناعي سُوءًا أو غير ذلك من الأسباب والتكهنات الأُخرى التي قد تتعلّق بصحّة المريض نفسه وبتوقيت وَصله بجهاز التنفس.
وقد ذكرت صحيفة ديلي ميل البريطانيّة في تقريرها الذي نشرته في التاسع من إبريل هذا العام بأنّ جُلّ الأطبّاء لا يُفضّلون اللجوء لخيار أجهزة التنفس الصناعيّة البتّة ويقولون بأنّ وَصل المريض بجهاز التنفس يكون عندما تُستَنفذ كُل الخيارات الدوائيّة وغيرها من الحلول العلاجيّة مثل مُضادّات الالتهابات وأقنعة الأكسجين، إذ إنّ دَفع الأُكسجين نحو الرئة عبر أنابيب أجهزة التنفس قد تَلحقه أضرارٌ أُخرى لبقيّة أعضاء الجسم مثل الكبد، القلب وغيرها نتيجة المستويات العالية التي قد تصِلها من الأكسجين.
وفي حِين يُفضّل بعض الخُبراء وَصل مرضى كوفيد-19 ممّن يُعانون من أمراض أُخرى مزمنة بجهاز التنفس بوقتٍ أبكر قبل تفاقم الحالة، فإنّ بقيّة المَرضى يكون وصلهم بجهاز التنفس آخر الحلول المُقترحة، وهو إلى جانب إنعاكساته الإيجابيّة على المريض نفسه وعلى صحّة رئتيه قدر المُستطاع، قد يُوفّر عددًا من أجهزة التنفس الشاغرة لاستعمالها من قِبَل مَرضى أكثر حاجةٍ لها؛ إذ إنّ مرضى كوفيد-19 المُصابين بالتهاب رئوي قد يحتاجون لأن يبقوا على أجهزة التنفس لِما يُقارب الأسبوعين مُقارنةً بمرضى الالتهاب الرئوي الذين يكفيهم يوم أو يومين، وهو ما يزيد من العِبىء المُلقَى على المُستشفيات بتوفير الأجهزة اللازمة للمرضى.
نظرًا لِما تلقاه الدول من أعباء ومسؤوليات تُلقَى على كاهلها لاحتواء أزمة كورونا والسيطرة عليها وتقديم العَون والرعاية الصحية اللازمة خصوصًا لأولئك الذين يُواجهون خطر الوصول للالتهاب الرئوي الحاد وما ينطوي عليه من احتماليّة فقد الرئتين لقدرتهما على أداء وظائفهما، فإنّ من الواجب على الجميع قبول ما تُمليه الظروف الحالية من مسؤوليات يقِف في مقدّمتها القناعة التامّة بأنّ الحجر الصحّي المفروض على الكثير من السكان في شتّى بِقاع العالم ما هُو إلّا أحَد الحلول الوقائيّة الأنجع لكسر حلقة انتشار فيروس كورونا والحد من انتشاره قدر الإمكان وتجنُّب الوصول لمرحلة الخطر بمرض الشخص نفسه أو إصابة أحَد المُقرّبين عليه وربمّا فَقدهم للأبد.