يمكن تعريف البشرة الحساسة (Sensitive skin) على أنّها حالة جلدية معقدة تتمثل بشعور من يمتلك هذا النوع من البشرات بأعراضٍ عدة، أهمها التنميل، والحرقة، والوخز، والحكّة، بالإضافة إلى تهيّجها السريع لدى احتكاكها بالأسطح، والشعور بالألم جرّاء تعرضها لعوامل خارجية كالمواد الكيميائية في مستحضرات العناية بالبشرة والنظافة الشخصية، أو عوامل بيئية، أو حتى نفسية، وهرمونية،[1] وعلى الرغم من الانتشار الواسع لأصحاب البشرة الحساسة، إلّا أنّه لم يُتفق بعد على فهم عميق لها ولطبيعتها.[2]
البشرة الحساسة
وصف العالم مايباك (Maibach) عام 1987 ميلادية حساسية البشرة على أنها متلازمة عدم تحمّل البشرة لمستحضرات العناية بالبشرة والتجميل والعوامل البيئية المحيطة، كالبرودة والحرارة والتلوث والرطوبة، إذ تظهر أعراض الحكة والوخز والجفاف بعد فترة تمتد من عدة دقائق إلى عدة ساعات من ملامسة البشرة لمستحضرات التجميل أو بعد عددٍ من الاستخدامات المتكررة كتأثير تراكمي لها، فمن الضروري الحفاظ على اتزان قلوية سطح البشرة التي تبلغ 5.5، إضافة إلى ترطيبها الذي يمكن الإخلال به عند الاستخدام الخاطئ لمنتجات تحتوي العطور، أو الكحول، أو الأحماض.[3]
يمتلك ما يقرب 50-61% من النساء، و30-44% من الرجال بشرة ذات طبيعة حساسة، كما أشارت إحدى الدراسات المقطعية إلى انتشارها بين أوساط البشر ممن يمتلكون بشرة ذات لون فاتح، بالإضافة إلى المدخنين أو الذين اعتادوا التدخين سابقًا، إذ إنّ هذه العوامل تتسبب بطريقة غير مباشرة إلى تقليل سماكة البشرة وبالتالي تهيجها بسهولة، كما لُوحظ أنّ الأشخاص الذين لم يتعرضوا للشمس كثيرًا في السابق يمتلكون هذا النوع من البشرات، فللشمس دورٌ هامٌ في تقوية الحاجز الخارجي للبشرة.[2]
أيضًا، يرتبط متلاك بشرة حساسة مع بجوعة من العوامل، كالعرق مثلًا، إذ ينتشر هذا النوع من البشرات بكثرة بين القوقازين والبيض، كما أنّ للجنس دورٌ أساسي، ويظهر ذلك بتفوق عدد الإناث اللاتي يمتلكن بشرة حساسة بسبب اختلاف سماكة البشرة لديهن مقارنةً مع الذكور، بالإضافة إلى التعرّض إلى اضطراباتٍ جلدية تؤدي إلى التهاب الجلد والتأثير في حاجز البشرة الخارجي وبالتالي زيادة حساسيته، كما وُجد أنّ المعاناة من الحساسية التنفسية ترتبط بامتلاك بشرة ذات طبيعة حساسة، وتجدر الإشارة إلى دور النظام الغذائي وعادات النظافة الشخصية المُتبعة في تهيّج البشرة والتسبب بحساسيتها.[3][4]
لماذا تصبح البشرة حساسة؟
توجد عدّة فرضيات تساعد في فهم المُسبب الرئيسي لامتلاك بشرة حساسة، لعلّ أبرزها اختلال سماكة الطبقة الخارجية من البشرة التي تُدعى الطبقة البشروية المُتقرنة (Stratum corneum)، إذ تعمل كحاجز خارجي يحمي البشرة مما يؤدي إلى زيادة نفاذيتها وبالتالي فقدانها لمحتواها من الماء بسهولة، بالإضافة إلى زيادة قدرة المواد المُسببة لردّ الفعل الالتهابي المناعي على اختراق البشرة، كما أنّ هذا الإخلال يرفع من الاستجابة العصبية في خلايا البشرة بسبب عدم حماية الأعصاب بالمستوى المطلوب.[3][5]
وتجدر الإشارة إلى حاجة حاجز البشرة الخارجي إلى عدّة مواد أساسية ومهمة لأداء وظيفته، إذ تترسب هذه المواد على هيئة عدة طبقات بين خلايا طبقة الجلد الخارجية، وتشتمل هذه المواد على الدهون كالكوليسترول، والأحماض الدهنية الحرة، والسيراميد (Ceramide)، ويرتبط انخفاض محتوى البشرة من هذه المواد بارتفاع احتمالية حساسيتها وظهور المشكلات الجلدية فيها، كالإكزيما وغيرها.[5]
من الجدير ذكره أهمية تحقق التوازن بين الكائنات الحية الدقيقة -كالبكتيريا والفطريات والفيروسات- التي تعيش على سطح البشرة والتي ترتبط مباشرةً باختلال حاجز البشرة الخارجي والإصابة بأمراض التهابية جلدية، إذ يعيش على سطح الجلد المليارات من الكائنات الحية الدقيقة في كل سنتيمتر مربع من جلد الإنسان، ويتمثل دور هذه الكائنات في إفراز أحماضٍ دهنية حرّة وببتيدات مضادة لتكاثر مسببات الأمراض على سطح البشرة، وعلى رأس هذه الكائنات الدقيقة بكتيريا العنقودية الذهبية (Staphylococcus aureus).[6]
تصنيف حساسية البشرة
توصَف البشرة الحساسة من الأشخاص الذين يمتلكونها على أنّها أقل تحمّلًا وأكثر تفاعلًا مع العوامل الخارجية مقارنةً مع غيرهم من الأشخاص الذين يمتلكون بشرات غير حساسة،[7] ويمكن تصنيف حساسية البشرة إلى عدّة مجموعات:[7][8]
- بشرة حساسة للغاية (Severe sensitive skin):
تتميز بحساسيتها الشديدة تجاه العوامل الداخلية والخارجية، كالتلوث، والتوتر، والتعب، وذلك بالتزامن مع ظهور أعراض حادة أو مزمنة والتي قد تستمر لأيام أو لأسابيع عدة.
- بشرة حساسة لعوامل بيئية خارجية (Sensitive skin to environmental factors):
تمتلك ما يقارب 15-20% من النساء بشرةً حساسة للعوامل البيئية كالحرارة، والرياح، والتغيرات السريعة في درجات الحرارة المحيطة، إذ تبدو صافية وجافة، كما أنها ذات سماكة رقيقة، ويمكن ملاحظة ميلها للتورد أو الاحمرار لدى تعرّضها لعوامل بيئية خارجية.
- بشرة حساسة لمستحضرات العناية بالبشرة والتجميل الموضعية (Sensitive skin to topical factors):
تُوصف بأنها بشرة ذات حساسية مؤقتة وفورية لمستحضرات تجميلية معينة لدى وضعها مباشرة على الجلد، وتنتشر بين ما يقارب 25% من النساء.
روتين العناية بالبشرة الحساسة
يتطلب الحصول على بشرة صحية اتباع مجموعة من الخطوات يوميًا، تتلخص بتنظيف البشرة بلطف باستعمال غسولٍ مناسب، ثم ترطيبها بمستحضر ترطيب يناسبها ويحسن من حاجز البشرة الخارجي، بالإضافة إلى الالتزام باستخدام مستحضر واقٍ من الشمس، إذ يناسب هذا الروتين الأشخاص الذين تعرّضوا لحساسة مسبقًا نتيجة استعمال مستحضرات تجميلية أو الذين يعانون من الوردية أو الحساسية من مشتقات الريتينويد (Retinoid).[9][10]
أمّا المكونات الفعالة التي يجب البحث عنها ضمن مستحضرات العناية بالبشرة الحساسة، فتشمل مجموعة من المواد التي من شأنها تقليل تهيّج البشرة وتحسين حاجز البشرة الخارجي، يتربع على رأسها مستحضر النياسيناميد (Niacinamide) الذي يعزز من إنتاج السيراميد، والكوليسترول، والأحماض الدهنية الحرة، إذ إنّ استعمال تركيز 2%-5% منه كفيل بتقليل تهيج البشرة لدى من يعاني من حب الشباب أو الوردية، كما يُنصح باستعمال المستحضرات التي تحتوي على مستخلص الشوفان (Avena sativa) فالتراكيز المنخفضة منه كفيلةٌ بترطيب وتقليل تهيج البشرة، كذلك الأمر لدى استخدام المنتجات التي تحتوي على حمض غليسيريتينيك (Glycyrrhetinic acid) من عرق السوس (Glycyrrhetinic acid) المعروف بقدرته على تهدئة البشرة.[11]
وتجدر الإشارة إلى ضرورة تجنّب المنتجات التي تحتوي على مادة المينثول (Menthol) التي تزيد من حساسية البشرة وتهيجها، والابتعاد عن استخدام المستحضرات التي يدخل الكحول ضمن مكوناتها، كالإيثانول (Ethanol)، وبروبيلين جليكول (Propylene glycol)، إذ يزيد الكحول من اختراق المستحضرات لحاجز البشرة وبالتالي التسبب في التهابها.[5]
نصائح عامة لأصحاب البشرة الحساسة عند اختيار منتجات التجميل (المكياج)
تُنصح النساء ذوات البشرة الحساسة باختيار مساحيق التجميل الجافة (البودرة) عوضًا عن المستحضرات ذات القوام الكريمي أو كاللوشن، مع الحرص على الابتعاد عن المنتجات المقاومة للماء، والتخلص من المستحضرات القديمة واستبدالها بأُخرى جديدة، أمّا كريم الأساس فيجب أن يكون ذو قاعدة سيليكونية إذا كان سائلًا، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال احتوائه على مكونات، مثل ديميثكون (Dimethicone).[5]