تُعرَّف عمليّة تكميم المعدة أو قصّ المعدة (بالإنجليزية Sleeve gastrectomy) على أنّها إجراء جراحيّ يستهدف السيطرة على السُمنة وتخفيف الوزن، وهي تتضمّن إزالة الجزء الأكبر من المعدة بما يقارب 75% من حجمها الأصليّ، يتبقّى منها بعد العملية ما يُشبه الأُنبوب بشكلٍ هلاليّ (أقرب إلى حبّة الموز)، ما يساهم في احتواء كميّة أقل من الطعام بالتالي خسارة تدريجيّة في الوزن.
يرتفع معدل نجاح عمليّة تكميم المعدة بشكلٍ أساسيّ مع التزام الشخص بالحمية الغذائيّة التالية للعمليّة، إضافة إلى تغيير نمط حياته الغذائي والبَدني اعتمادًا على نصائح الاختصاصيين المُشرفين على حالته؛ إذ إنّ إجراء تكميم المعدة لوحده لا يُعدّ كافيًا للوصول للوزن المطلوب، وقد سبَق وأن أشارت العديد من الإحصائيّات إلى أنّ التزام الشخص بالتعليمات والنصائح بعد إجراء تكميم المعدة يُساعده بخسارة 60% من وزنه خلال فترة أقصر.[1][2]
تشمل عمليّة تكميم المعدة إزالة قاع المعدة Gastric fundus كاملًا، وهو المسؤول عن إنتاج أكبر كميّة من هرمون "الجريلين" Ghrelin في الجسم، ما يُخفِّض من مستوياته في الدم بالتالي يرتفع الشعور بالشَبَع وينخفض معدل تناول الطعام.
هرمون "الجريلين" أو ما يُعرَف باسم هرمون الجوع، هو أحَد الهرمونات متعدّدة الوظائف في التجويف الهضمي ويتّم إنتاجه في قاع المعدة والجزء الأول من الإثني عشَر Duodenum؛ تزداد الشهيّة لتناول الطعام بعد إفراز هرمون الجريلين في المعدة وهي فارغة، لتنتقل بعد ذلك إشارات عبر مجرى الدم نحو الدماغ (الغدّة النخاميّة تحديدًا) لتنبيهه، ما يحُثّ الشخص على تناول الطعام.
يلعب هرمون الجريلين دورًا مهمًّا في تنظيم وظائف العديد من أعضاء وأجهزة الجسم، إذ بعيدًا عن تأثيره على معدلات تناول الطعام، فإنّ له دورًا تنظيميًّا رئيسيًّا لبعض المشاكل الصحيّة في الجسم مثل: السُمنة، السكري ومقاومة الإنسولين.[3][4][5]
مرّت عملية تكميم المعدة بسلسلة من التغييرات عبر عقودٍ مضَت حتى وصَلت إلى ما هي عليه الآن، فقد افتتح الاختصاصييون جراحاتهم ذات الصِلة بتخفيف الوزن بعمليّة تحويل مسار الإثني عشَر، تبِعتها العمليّة المفتوحة (التقليديّة) لتكميم المعدة، ثم تكميم المعدة بالمنظار Laparoscopic sleeve gastrectomy.
بدأت الحكاية عام 1988 عندما أجرى الدكتور "دوج هيس" Doug Hess أول عملية مفتوحة لقص المعدة، إذ أُجريَت عملية التكميم وقتها كجزءٍ من إجراءٍ جراحيّ أكبر فيما بات يُطلَق عليه الآن بتغيير مسار الإثني عشَر، الذي كان يستهدف علاج الارتجاع المعِدي المريئي للمريض.
بعد ذلك لاحظ الدكتور "لورنس تريبتار" Lawrence L. Tretbar بأنّ عمليّات علاج الارتجاع المعدي التي تتضمّن تثنية قاع المعدة ارتبطت بنقصان الوزن أيضًا لدى المرضى، مُشيرًا إلى أنّ الشكل الأُنبوبي الذي نجَم عن تثنية قاع المعدة كان السبب في خسارة الوزن، لاحقًا أجرى الدكتور Hess بعض التعديلات على الإسم ليبدو أقرب إلى ما نعرفه اليوم بمسمّى "تكميم المعدة العمودي" Vertical gastrectomy.
عمليّة تكميم المعدة التي استهدفت في البداية الأشخاص الذين يُعانون من السُمنة المُفرطة، باتت تُجرَى على نطاقٍ أوسع لتشمل الأشخاص ذوو الأوزان الأقّل بمؤشر كتلة جسم Body Mass Index (BMI) يُساوي 30 أو أكثر.[6][7]
يخضع العديد من الأشخاص حول العالم لعمليّة التكميم تدفعهم أسبابٌ مُختلفة لإجراء هذا النوع من العمليّات، وإذا ما كان التخلُّص من السُمنة والحصول على جسدٍ رشيق هو الدافع الرئيسيّ لِمعظم مُرتادي مراكز تخفيف الوزن بُغية إجراء عمليّة قص المعدة، فإنّ للبعض الآخر دوافع أُخرى تحُثُّ خُطاهم نحو هذا الإجراء الجراحيّ، أبرزها:[8][9]
يؤكّد اختصاصيي جراحة السمنة وتخفيف الوزن على ضرورة تطابق مجموعة من المؤهّلات على الأشخاص الراغبين بإجراء عمليّة تكميم المعدة؛ وذلك لضمان نجاح العمليّة وتجنُّب أيّ مُضاعفات قد تحدث، أهّم الشروط والمؤهّلات الواجب توافرها في الشخص الراغب بإجراء عمليّة قص المعدة، ما يلي:[10][11]
على الرغم من أنّ المُضاعفات الخطيرة المُصاحبة لعملية تكميم المعدة تُعدّ نادرة الحدوث، إلّا أنّها قد تحدث أحيانًا، كما في أيّ إجراءٍ جراحيّ آخر.
بعض المضاعفات تحدث بسبب العمليّة نفسها كإجراءٍ جراحي، والبعض الآخر ينجُم عن تصغير حجم المعدة وانخفاض كميّة الطعام التي باتت تستطيع احتواؤه مُقارنةً مع ما قبل العملية؛ إذ باتت المعدة الآن تتسِّع لِما يُقارب 120 ملليلتر فقط من الطعام.
من مضاعفات تكميم المعدة:[12][13][14]
يوصي الخبراء باتبّاع مجموعة من الإجراءات التحضيريّة قبل عمليّة قص المعدة؛ ما يساعد في رفع معدل نجاحها أولًا وتحقيق خسارة أكبر للوزن بعد العملية، من ثمّ تجنُّب أيّ مُضاعفات قد تحدث.
أهّم التحضيرات السابقة لعمليّة تكميم المعدة:[15][16]
تتفوّق عملية تكميم المعدة بالمنظار (تكميم المعدة بدون جراحة) على العمليّة التقليديّة التي تتضمَّن شقّ البطن لإزالة جزء من المعدة، إذ أزاحت عملية تكميم المعدة بالمنظار نظيرتها التقليديّة وحلَّت مكانها بجدارة بتفضيلٍ ورضا من الاختصاصيين والمرضى على حدٍ سواء؛ فهي ذات مخاطر أقل وذات تداخل جراحيّ بحدّه الأدنى، وهي تستغرق ساعة (60 دقيقة) تقريبًا، تاليًا خطوات عملية تكميم المعدة:[17][18]
تجدُر الإشارة إلى أنّ عمليّة قص المعدة أبسط وذات تداخل جراحي أقّل من عملية تغيير مسار المعدة Gastric bypass ؛ إذ إنّها لا تتضمّن فصل جزء من الأمعاء ثم إعادة توصيلها مع المعدة، إنمّا إزالة الجزء المُراد من المعدة دون المَساس بالفتحة بين المعدة والأمعاء.
تتراوح فترة بقاء المريض في المستشفى بعد تكميم المعدة بين 1 إلى 2 يوم، إذ يُفضَّل بقاؤه إلى حين الاطمئنان على صحّته والتحقُّق من مدى استجابة جسمه.[19]
يصنِّف الخبراء الأنظمة الغذائيّة التي يعتمد عليها المرضى بعد عمليّة تكميم المعدة إلى عدّة مراحل، بحيث تتضمَّن الانتقال التدريجي بين أصناف الأطعمة المختلفة بدءًا من السائلة والمهروسة وصولًا لجميع الأصناف بما فيها ذات القوام الصلب أو المتماسك، وهي كالتالي:[21][22]
تضُم قائمة السوائل المُصفّاة المُفضّل تناولها بعد تكميم المعدة، كل من الآتية:
ملاحظة: تختلف استجابة الجسم بعد تكميم المعدة من شخص لآخر، ففي حين يستطيع البعض تخطِّي المراحل الأُولى بسلاسة والانتقال السريع حتى الوصول لمرحلة الاعتماد على الأطعمة الاعتياديّة، يواجه البعض الآخر صعوباتٍ جمّة تحُدّ من سرعة تكيُّف أجسامهم مع النظام الغذائي الجديد، فقد يعاني البعض من حساسيّة تجاه أصناف من الطعام أو عدم احتمال المعدة بحجمها الجديد للكميّات التي يتّم تناولها، وما إلى ذلك من الصعوبات.
لتحقيق أفضل النتائج بعد عمليّة تكميم المعدة يمكن اتبّاع مجموعة من النصائح والإرشادات، أهمّها:[23][24]
يبلغ معدل نقصان الوزن بعد إجراء تكميم المعدة بسنة واحدة ما يُقارب 60% إلى 70% من الوزن الزائد، بل إن البعض يستطيع خسارة 100% من الوزن الزائد وصولًا للوزن المثالي الذي ينشُده.
تلعب العديد من العوامل دورًا في تذبذب خسارة الوزن بين الأشخاص، إلى جانب مدى التزامهم بالحمية الغذائيّة والاستمراريّة عليها.[25][26][27]
غالبًا ما يستغرق المرضى مدّة 2 إلى 6 أسابيع قبل تمكُّنهم من العودة الكاملة لممارسة أعمالهم ونشاطاتهم اليوميّة المعتادة؛ إذ إنّ تكيُّف المعدة مع الحجم الجديد والسوائل والطعام المهروس -الذي يصبح أساسيًا خلال الفترة الأُولى- يحتاج إلى وقت في البداية حتى يكتسب الجسم طاقة تُعينه على تعويض انخفاض السعرات الحراريّة التالي لعمليّة التكميم خلال الأسابيع الأولى.[19][28]
نعم يمكن ذلك، إذ وبحسب الإحصاءات فإنّ الزيادة في الوزن بعد عمليّة تكميم المعدة تبدأ غالبًا بعد سنة إلى سنة ونصف، ويفسِّر الخبراء سبب ذلك إلى العودة لذات العادات الغذائيّة السابقة وتناول الطعام بكميّات كبيرة.
يؤكّد الخبراء على أنّ مسألة زيادة الوزن بعد فترة من إجراء قصّ المعدة يعتمد بشكلٍ أساسيّ على كميّة ونوع الطعام المُتناول، إذ لا بُدّ أن يضع المريض نُصبَ عينيه انخفاض معدل عمليّات الأيض في الجسم بعد إجراء التكميم، والذي بدوره سيقلّل من قدرته على التعامل مع الكميّات الكبيرة التي كان يتناولها سابقًا.[29]
---------------------------------
كتابة: ليلى عدنان الجندي، تدقيق طبّي: د.محمود صالح، استشاري جراحة السمنة والجراحة العامة وجراحة المنظار، آخر تحديث بتاريخ: 17 أغسطس 2021
---------------------------------
© 2024 - جميع الحقوق محفوظة طبكان ذ م م