لقاح (أكسفورد) ضد كوفيد-19 ونتائج مُبشّرة لغاية الآن

في خضّم البحث عن اللقاح الأكثر نجاحًا وفعاليّة ضد كوفيد-19، دخلت العديد من الدول مضمار السباق في سعيها الحثيث للتوصل للقاح المُنتظر لوقف اجتياح فيروس كورونا المُستجَد بالسرعة الممكنة -مع مراعاة قواعد السلامة

في خضّم البحث عن اللقاح الأكثر نجاحًا وفعاليّة ضد كوفيد-19، دخلت العديد من الدول مضمار السباق في سعيها الحثيث للتوصل للقاح المُنتظر لوقف اجتياح فيروس كورونا المُستجَد بالسرعة الممكنة -مع مراعاة قواعد السلامة العامّة المُتبّعة حسب المعايير العلميّة المُعتمدة.

وممّا تجدر الإشارة إليه في هذا السياق، تجربة تحضير اللقاح التي بدأتها جامعة أكسفورد بقيادة البروفيسور Andrew Pollard أستاذ المناعة والأمراض المُعدية لدى الأطفال وأحد أعضاء اللجنة الاستشارية الاستراتيجيّة في منظمة الصحة العالمية WHO، وقد بدأت المرحلة السريريّة بتجربتها اللقاح على الإنسان في الثالث والعشرين من شهر إبريل من هذا العام بحيث شمِلت المرحلة الأُولى 1110من المتطوعين ويُتوَقّع أن تشمل 10,260 شخصًا آخر في المراحل القادمة، ويهدف هذا البرنامج الذي يُعوّل عليه الكثيرين آمالهم إلى الحدّ من انتقال العدوى التي تَسبّب بها SARS-CoV-2، عبر تمكين جهاز المناعة من التعرُّف على بروتين S (Spike glycoprotein) الذي يتواجد على سطح الفيروس ويُساهم بشكلٍ أساسي بدخول فيروس كورونا المُستجَد للخلية- بالتالي مهاجمته ومنعه من دخول الخلية، وقد أفادت بعض الأخبار التي تداولتها الصحف بأنّ هذا اللقاح أظهر فعاليّة ملحوظة في النتائج الأوليّة، إلّا أنّ كلمة الحسم تُترَك إلى حين استكمال جميع مراحل التجربة للتحقُّق الفعلي من أمان استخدامه إلى جانب فعاليّته والإعلان الرسمي عن ذلك.

لقاح كوفيد-19 المُرتقب من جامعة أكسفورد

تمّ الاتفاق على تسمية اللقاح الجديد بــِ ChAdOx1 nCoV-19؛ وذلك نسبةً إلى اسم الفيروس بشقٍ منه (ChAdOx1) والشّق الآخر يُشير إلى فيروس كورونا المُستجَد الذي ظهر أواخر عام 2019 (nCoV-19). ويقوم مبدأ هذا اللقاح على استخدام نُسخة تمّ إضعافها من الفيروسات المُسبّبة لنزلات البرد (الفيروسات الغُديّة Adenoviruses)، ولتوكيد أمان استخدامها تمّ تعديل المادة الوراثيّة الخاصّة بها بحيث يستحيل نموُّها داخل جسم الإنسان.

من ثمّ أُضيفت المادة الوراثيّة المسؤولة عن إنتاج بروتين Spike glycoprotein من فيروس (SARS-CoV-2) لتركيب الفيروس (ChAdOx1)؛ إذ يلعب هذا البروتين دورًا مهمًّا في عملية دخول الفيروس للخلية عبر ارتباطه مع المُستقبلات على سطح الخلايا (ACE2) وتسبُّبه بالعدوى التي أخذت اسم "كوفيد-19".

تجدر الإشارة إلى أنّ لقاح ChAdOx1 nCoV-19 يُعدّ آمنًا لغاية الآن بحسب ما أشارت إليه النتائج السريريّة الأُولى، إلّا أنّه قد يترافق مع مجموعة من الآثار الجانبيّة مثل: ارتفاع درجة الحرارة، الصداع وألم في الذراع.

تُقسَّم مراحل تجربة جامعة أكسفورد للوصول للقاح الأنسب إلى المراحل الثلاث الآتية، والتي يجب أن تمر بها أي تجربة تستهدف الإنسان:

  • المرحلة الأُولى:

بدأت المرحلة الأُولى في الثالث والعشرين من شهر إبريل، وقد استهدفت 1110 أشخاص في منطقة وادي التايمز التي تقع جنوب شرق بريطانيا، وقد سبق أن قام الباحثون المُشرفون على الدراسة بإجراء كافّة الفحوصات على المُتطوّعين للتحقُّق من خلوِّهم من أي من الأمراض أو الاعتلالات غير الطبيعيّة قبل إقرار انخراطهم في التجربة، وقد تراوحت أعمارهم جميعًا بين 18 إلى 55 عامًا.

ثمّ ولغايات مقارنة النتائج الصحيحة والتحقُّق الفعلي من صحّة نجاعة اللقاح الجديد من عدمه، قام الباحثون بتقسيم المُتطوعين لمجموعتين إحداها ستأخذ اللقاح الجديد المُضاد لكوفيد-19 (ChAdOx1nCoV-19) وهي مجموعة التجربة، أمّا المجموعة الأُخرى وهي المجموعة الضابطة Control group ستتلقّى لقاحًا آخر يُدعى (MenACWY) وهو يُعطَى عادةً بغرض الوقاية من مجموعة المكوّرات السحائيّة من النوع A, C, W, Y المُسبّبة الرئيسيّة لالتهاب السحايا وتسمُّم الدم؛ ويعود سبب إعطاء المجموعة الضابطة هذا اللقاح بدل الاكتفاء بإعطائها محلول ملحي Saline إلى ضرورة إبقاء المُتطوّعين الّذين تلقّوا اللقاح المُستهدف غير مُدركين أبدًا فيما إذا تمّ إعطاؤهم إياه أم لم يتّم ذلك حتى لا يؤثّر على النتائج ويُبقيها خارج نطاق أي مؤثّر مُحتمل.

بعد ذلك يخضع المُشتركون في التجربة للمراقبة حسب جدول من الزيارات المُجدولة للاختصاصيين، بحيث يتّم تقييم حالة المُشترك الصحيّة إضافة إلى مراجعة ملاحظاته بشأن أي أعراض كان قد شعر بها خلال 7 أيام الأُولى بعد أخذ اللقاح (إذ أُعطي كل المُشتركين دفتر مذكّرات إلكترونيّة لتسجيل كُل ما يشعرون به من أعراض).

  • المرحلة الثانية

في هذه المرحلة تمّ الاعتماد على مُشتركين من مراحل عُمريّة ضمن نطاق أوسع من المرحلة الأُولى، بحيث تمّ إشراك مُتطوّعين أطفال وكذلك من كِبار السّن، وقد كانت المراحل العُمريّة التي شَمِلتها هذه المرحلة كالتالي: 56-69، أكثر من 70 عامًا، و 5-12 عامًا.

تمّ إعطاء المُشتركين ضمن هذه المرحلة جرعة أو جرعتين من اللقاح حسب المجموعة (فيما إذا كانت مجموعة التجربة التي تلقّت لقاح كوفيد-19 أو المجموعة الضابطة التي تلقّت لقاح التهاب السحايا)، وقد تمّ اختيارهم بشكل عشوائي.

  • المرحلة الثالثة:

أمّا هذه المرحلة فقد تضمّنت عددًا أكبر من المُتطوّعين ممّن تفوق أعمارهم 18 عامًا، وقد تمّ إعطاء المُشتركين ضمن هذه المرحلة جرعة أو جرعتين من اللقاح حسب المجموعة (فيما إذا كانت مجموعة التجربة التي تلقّت لقاح كوفيد-19 أو المجموعة الضابطة التي تلقّت لقاح التهاب السحايا)، وقد تمّ اختيارهم بشكل عشوائي.

مرحلة ما بعد اللقاح

بعد ذلك، يُنتظَر تقييم النتائج من مجموعة من الخبراء في الإحصاء الحيوي وإجراء الحسابات الّلازمة بغرض الخروج باستنتاجات تُشير إلى نجاعة استعمال اللقاح من عدمه. وتعتمد سُرعة الحصول على النتائج والأرقام المطلوبة على سرعة انتشار الفيروس SARS-CoV-19 في المنطقة المُستهدفة، ففي حال كان انتشاره بطيئًا ستحتاج التجربة لستة أشهرٍ أُخرى، بينما في حال كان انتشار الفيروس سريعًا قد تكون النتائج مُتاحة خلال شهرين تقريبًا.

أيضًا وممّا تجدر الإشارة إليه بأنّ تجربة اللقاح على العاملين في الصفوف الأُولى لمواجهة فيروس كورونا مثل الكوادر الطبيّة وغيرهم سيكون ذو أولويّة؛ لِما قد يُوفّره من نتائج تُشير بشكلٍ أدّق إلى مدى فعاليّة هذا اللقاح لأولئك الأكثر عُرضة للإصابة بكوفيد-19، بالتالي سرعة الخروج بتقييمات حقيقيّة للتجربة بأسرع ما يمكن.

تجربة اللقاح في البرازيل وجنوب إفريقيا

بدأ الباحثون القائمون على تجربة اللقاح ChAdOx1 nCoV-19 في جامعة أكسفورد تجربة لقاحهم في كُل من جنوب إفريقيا والبرازيل بتاريخ 23 حزيران من هذا العام، وذلك بالتعاون مع اختصاصيين وباحثين يعملون في جامعات محدّدة؛ بغرض التحقُّق من النتائج المُتعلّقة باللقاح وتوكيد فعاليّته وسلامة استخدامه على أكبر عدد من المتطوّعين في بِقاع مختلفة ضمن ظروف متفاوتة، ويقول الباحثون في جامعة أكسفورد بأنّه وفي حال عدم الحصول على نتائج إيجابيّة تُفيد بنجاعة وفعاليّة اللقاح، سيتّم اتّخاذ بعض الخطوات الإضافيّة الأُخرى مثل الاعتماد على عددٍ مختلف من الجرعات وغير ذلك ممّا قد يُغيّر مسار اللقاح ويُعطي نتائج أكثر فعاليّة، وفي حال لم تنجح جميع المحاولات بتحقيق المطلوب فإنّ البرنامج سيتوّقف، كما يقول المشرفين عليه.

مقالات ذات صلة:

كيف تعمل اللقاحات وما هي أنواعها؟

سباق بَحثي عالمي لإيجاد علاج لكوفيد-19

فيروس كورونا المُستجَد SARS-CoV-2، نظرة عن قُرب

--------------------------------------------------------------------------------------------------

المراجع

المرحلة الأولى:

http://www.ox.ac.uk/news/2020-04-23-oxford-covid-19-vaccine-begins-human-trial-stage

المرحلة الثانية:

http://www.ox.ac.uk/news/2020-05-22-oxford-covid-19-vaccine-begin-phase-iiiii-human-trials

لمتابعة التحديثات المتعلّقة بهذا اللقاح:

https://covid19vaccinetrial.co.uk/press-updates

http://www.ox.ac.uk/news-listing?category=8307

كتابة: . ليلى الجندي - الإثنين ، 25 نيسان 2022

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية