مُستقبلات فيروس كورونا من النوع ACE2، أين تتواجد في الجسم؟

بات من المعروف لدى الكثيرين بأنّ كوفيد-19 يُهدّد بشكلِ رئيسيّ الجهاز التنفسيّ ممّا ينجُم عنه الإصابة بمجموعة من الأعراض أبرزها صعوبة التنفس، وهو ما يُميّز هذا المرض المُستجد عن غيره من الأمراض المُشابهة

بات من المعروف لدى الكثيرين بأنّ كوفيد-19 يُهدّد بشكلِ رئيسيّ الجهاز التنفسيّ ممّا ينجُم عنه الإصابة بمجموعة من الأعراض أبرزها صعوبة التنفس، وهو ما يُميّز هذا المرض المُستجد عن غيره من الأمراض المُشابهة له مثل الإنفلونزا أو نزلات البرد، بالطبع إضافة للحمّى والسعال الجاف المُستمر التي تمّ اعتمادها كأكثر الأعراض شُيوعًا.

وقد سبق وأن فسّر الكثير من العلماء والباحثين سبب قدرة فيروس كورونا (SARS-CoV-2) على اختراق الخلايا المُستهدفة؛ وذلك عبر ارتباطها مع مجموعة من مُستقبلات ACE2 (الإنزيم المُحوّل للأنجيوتنسين) الموجودة على الخلايا الطلائية Epithelial cells التي تُغلّف أسطُح عددٍ من الأعضاء، والتي تتوّسط عمليّة دخول فيروس كورونا للخلايا، وقد تَبيّن فيما بعد بأنّها تتواجد بوفرة في عددٍ من أعضاء الجسم الأُخرى غير الرئتين، مثل: القلب، البنكرياس، الكُلى، الأنف، الأمعاء، الدماغ والعَينين أيضًا، على الرغم من ذلك لم تثبُت قدرة فيروس كورونا SARS-CoV-2 لغاية الآن على الارتباط مع جميع المُستقبِلات الموجودة على الأعضاء التي تقوم بإنتاج هذا النوع من المُستقبلات ACE2، والذي يُعدّ ضروريًا لتستكمل تكاثرها.

وفي سبيل توكيد وَفرة هذه المُستقبلات (ACE2) في الجسم تِبعًا لنوع الخلايا، فقد اعتمد الباحثون على نموذج أو أداة قام بتطويرها مجموعة من العُلماء عام 2016، تُعرَف باسم Human Cell Atlas "أطلس خلايا الجسم البشري"، بحيث تتمحور مَهمّتها بتكوين خرائط مرجعيّة شُموليّة لجميع خلايا الجسم في محاولة منهم لفهم كُل ما يتعلّق بصحّة الإنسان وُصولًا لرفع قدرتهم على تشخيص، مُراقبة وعلاج الأمراض المختلفة، وهو ما أتاح تتبُّع السجلات التسلسليّة لملايين الخلايا المأخوذة من عينات بشريّة ومن ثمّ تحديد إمكانيّة إنتاج الخلايا لكُل من ACE2 و TMPRSS2 وتحديد مواقع هذه الخلايا في الجسم.

وقد أكّد مجموعة من الباحثين ضمن ورقة بحثيّة نُشرِت في مجلة Cell وأُخرى في ذات المِضمار نَشِرت في Nature بأنّ تواجد كُل من ACE2 وTMPRSS2 يكون بشكلٍ رئيسيّ في الخلايا الطلائيّة المُبطنّة للأنف، وهو ما قد يُحفّز إفراز سوائل الأنف (مخاط وغير ذلك) بالتالي يرفع من معدل انتقال العدوى أثناء العُطاس أو السُعال، إضافة إلى أنّ خلايا الرئة والتجويف الهضمي تحوي نُسَخ كُل من ACE2 وTMPRSS2.

تجدُر الإشارة إلى أنّ ما لفَت انتباه العُلماء والباحثين والأطبّاء إلى البحث في أسباب تواجد ACE2 في أماكن أُخرى من الجسم، هو قدرة فيروس كورونا SARS-CoV-2 على التسبُّب بمضاعفات في أعضاء وأجهزة أُخرى غير التنفسي، فمثلًا سُجّلت العديد من المُضاعفات لدى مرضى كوفيد-19 في القلب والأوعية الدمويّة، وبعد دراسة العديد من الحالات المُصابة بمُضاعفات تتعلّق بالجهاز الدوراني بشكلٍ عام تبيّن بأنّ الخلايا البِطانيّة Endothelial cells الموجودة في القلب تحتوي على مُستقبلات ACE2، بالتالي فإنّ تواجدها بوفرة في هذا النوع من الخلايا يُؤدّي إلى التهابها وفقدانها قدرتها على العمل بشكل تدريجي نتيجةً لاحتضانها الفيروس بعد اقتحامه لها، ولأنّ هذه الخلايا هي المُبطّن الرئيسي في كُل الأوعية الدمويّة الموجودة في الجسم فإنّ العدوى الفيروسيّة الناجمة عن الإصابة بكوفيد-19 سترفع من معدل الإصابة بالتهاب البِطانة الداخليّة للعديد من الأعضاء داخل الجسم كنتيجة مُباشرة لتضاعف الفيروس في الجسم والاستجابة الالتهابيّة من قِبَله، ممّا يؤدّي إلى تعطيل أدائها لعملها بكفاءة كما ينبغي لها أن تعمل.

إلى جانب ذلك، فقد أشار عددٌ من الباحثين إلى أنّ بعض مَرضى كوفيد-19 تعرّضوا لمُضاعفات أُخرى تتعلّق بالجهاز البَولي أو حتى وصَل الأمر في بعض الحالات لحدوث تلف بالكُلى، وقد حفّزت مثل هذه المُلاحظات إجراء مزيدٍ من البحوث للتحقُّق أولًا من إمكانيّة حدوث مثل هذه المُضاعفات إضافة إلى محاولة معرفة السبب في ذلك، وقد تمّ نشر بحث على موقع Medrxiv –لم يتّم مُراجعته علميًا- اعتمد بشكلٍ أساسيّ على تحليل البيانات المُتراكمة وتمحيصها في سبيل معرفة أماكن تواجد مُستقبلات ACE2 في مختلف أعضاء الجسم، وقد استهدفت الدراسة بشكلٍ خاص الجهاز البَولي والتناسلي الذكري، وجاءت النتائج مؤكدةً وَفرة تواجد مُستقبلات ACE2 في كُل من الخلايا الأنبوبيّة الكلويّة، خلايا لايديغ والقنوات الناقلة للمَني في الخصيتين، بالتالي فإنّ فيروس SARS-CoV-2 يرتبط بشكلٍ مباشر مع مُستقبلات ACE2 الموجودة على أسطُح خلاياها ويخترقها مُسبّبًا أضرارًا عديدة لكُل من الكُلى والخِصيتين لدى مرضى كوفيد-19، وهو ما عزّز التوصيات بضرورة الاعتناء بالمَرضى الرجال المُصابين بكوفيد-19 بشكلٍ خاص وإبقائهم تحت المراقبة للحِفاظ على خصوبتهم قدر المُستطاع واستدراك المُشكلة قبل تفاقمها.

وعلى الرغم من أن الأبحاث والدراسات تتابعت بعد ذلك لمعرفة سبب إصابة أعضاء دون غيرها بكوفيد-19، إلّا أنّ بعض الأطبّاء المُشرفين على حالات علاج المَرضى يعتقدون بأنّ المشاكل الأُخرى التي قد تنجُم في أعضاءٍ أُخرى بالجسم غير الرئتين ما هي إلّا نتيجة سلسلة من الانتكاسات المناعيّة غير المباشرة الناجمة عن الإصابة بالفيروس، وتبقى المشكلة الحقيقيّة –بحسب رأيهم- في إصابة الرئتين.

المراجع

كتابة: . ليلى الجندي - الإثنين ، 25 نيسان 2022

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية