يُعدّ الجلد أكبر عضو في جسم الإنسان والأكثر تأثرًا بالعوامل الخارجية والداخلية والاستجابات المناعية، ممّا يجعلهُ عُرضة للإصابة ببعض الاضطرابات الجلدية التحسّسية التي قد تكون ناتجة عن رد فعل تحسّسي مُفرط، كأحد آليات جهاز المناعة الدفاعية لحماية الجسم تجاه بعض المواد، أو الأطعمة، أو الأدوية، أو نتيجةً لبعض العوامل الوراثية، ممّا يؤدي إلى تكوين أجسام مُضادة لها (الجلوبين المناعي IgE)، لِذا يحتاج الأطباء إلى إجراء عِدة فحوصات لمعرفة مُسبّب حساسية الجلد،[1][2] فما هي فحوصات حساسية الجلد؟
فحص حساسية الجلد
يُعدّ فحص حساسية الجلد (Allergy Skin Test) من أكثر الفحوصات التشخيصيّة دِقّة للكشف عن حساسية الجلد،[3] إذ تُصنّف ردود الفعل التحسسية المُفرطة إلى أربعة أنواع، ويُعدّ النوع الأول هو المُسبّب الأكثر شيوعًا لاضطرابات حساسية الجلد، يكشف الفحص عن رد فعل الجهاز المناعي عند ملامسة الجلد لمواد مُعينة، إذ غالبًا ما يستغرق أقل من ساعةٍ واحدة للظهور، تقريبًا بين 15 حتى 20 دقيقة، ومن الجدير بالذكر أنّ فحص حساسية الجلد لا يُستخدم عادةً لتشخيص الحساسية الغذائية كونها تُسبب صدمة تأقِيّة،[2][4] من أكثر المُسبّبات شيوعًا لرد الفعل التحسسي للجلد:[4]
- حبوب اللقاح.
- الغبار.
- العفن.
- بعض الأدوية، مثل البنسلين (Penicillin).
دواعي إجراء فحص حساسية الجلد
يُجرى فحص حساسية الجلد لتشخيص بعض أنواع الحساسية التي يُعاني منها المريض، وتحديد المادة أو المُسبب الرئيسي لها،[4] وقد يلجأ الطبيب أيضًا لِإجرائه في حال ظهور أحد أعراض رد الفعل التحسّسي على المريض:[2][4]
- ظهور طفح جلدي أحمر بارز عن الجلد.
- سيلان أو احتقان الأنف.
- إدماع العين مع حكة.
- العُطاس.
- السُعال.
- ضيق التنفس.
- التقيؤ.
- صفير أثناء التنفس.
- الإسهال.
- حكة في الجلد.
- حكة في الأنف.
- وذمة في القرنيات الأنفية.
- احتقان ملتحمة العين.
- التهاب الجلد.
تحضيرات ما قبل فحص حساسية الجلد
يُجرى اختبار حساسية الجلد من قِبل طبيب الجلدية أو اختصاصي الأمراض المناعية والحساسية،[4] يُستحسن مُراعاة بعض الأمور:
- إطلاع الطبيب على جميع العلاجات الدوائية التي يستخدمها المريض، فقد يُطلب الامتناع عنها لمدة مُعينة،[4] إذ إنّ بعض الأدوية تؤثر في نتيجة الفحص:[4][5]
- مُضادات الهستامين.
- مُضادات الاكتئاب.
- الأدوية المُنظمة لضغط الدم، مثل مُثبطات الإنزيم المحوّل للأنجيوتنسين وحاصرات بيتا.
- مُشتقات الكورتيزون.
- ثيوفيلين (Theophylline).
- الكشف عن كتُوبيّة الجلد (Dermographism) إذا كان يعاني منها المريض، وهي رد فعل غير تحسسي يتأثّر فيها الجلد بالاحمرار والتورم جرّاء لمسه أو تحفيزه من خلال فرك الجلد، وذلك لصعوبة تمييز مدى صحّة ودقّة النتيجة الإيجابية.[5][6]
- وضع كريم مُخِّدر موضعي للأطفال عند إجراء فحص حساسية الجلد، لتقليل الشعور بالألم أثناء إجراء الفحص.[4]
يجب التنويه بأنّ الأطفال الرُّضع والمُسنين قد تكون استجابتهم المناعية أقل ممّا هي عليه في الحالات الطبيعية أثناء إجراء بالفحص.[5]
مخاطر فحص حساسية الجلد
عامةً، لا مخاطر شديدة أثناء إجراء فحص حساسيّة الجلد، إلا أن المريض قد يتعرّض لبعض الآثار الجانبية كاحمرار الجلد، والحكة موضع إجراء الفحص، وفي حالاتٍ نادرة قد يُصاب بصدمة الحساسية أو التأقية (Anaphylactic shock)، لذلك يُوصَى بإجراء فحص حساسية الجلد داخل عيادة طبية مُتكاملة حتى يسهُل السيطرة على مثل هذه الحالات الطارئة.[4]
فحوصات الكشف عن حساسية الجلد
يُستدل على وجود حساسية الجلد بإجراء ثلاثة فحوصات رئيسيّة:[4]
فحص وخز الجلد
يُسهم اختبار وخز الجلد (Skin prick test) إلى جانب التاريخ الطبي للمريض في الكشف عن حساسية الجلد خلال وقتٍ لا يزيد عن 20 دقيقة، لِذا هو من أكثر اختبارات حساسية الجلد شيوعًا لدقته وانخفاض تكلفته.[7]
غالبًا ما يُجرى اختبار وخز الجلد في مناطق مُحدّدة من الجسم، كالسطح الداخلي للساعد أو أعلى الذراع أو أعلى الظهر، وذلك لاختلاف درجات التفاعل تجاه مُسبِّبات الحساسية من منطقةٍ لأُخرى، وتُعدّ منطقة أعلى الظهر أكثرها تفاعلًا، بالإضافة إلى إمكانية استخدام العديد من مُسبِّبات الحساسية المُشتبه بها في نفس الوقت،[6] تتلخّص سلسلة خطواته:
- تعقيم منطقة الجلد المُراد إجراء الفحص فيها، مع تعقيم الإبرة المُستخدمة للوخز عند كل وخزة على حِدة، لتجنب نقل الجراثيم أو انتقالها لمجرى الدم.[6]
- وضع قطرة من محلول يحتوي على مُسبّبات الحساسية على الجلد، مع اعتماد مسافة لا تقل 2 سنتيمتر بين كل مُسبّب، ولغايات تحقيق أعلى دقّة للفحص، يستخدم الطبيب موادًا لتحديد مجموعتين مرجعيتين بنتيجتين مؤكدتين، أحدها إيجابية والأُخرى سلبية، فيستخدم محلول ثنائي هيدركلوريد الهستامين الذي يتفاعل مع الجلد ويعطي نتيجة إيجابية، ومحلول ملحي أو الجلسيرين بتراكيز مُحدّدة لا تُسبّب تفاعلًا تحسُسيًا مع الجلد، ليعطي نتيجة سلبية، ويمكن تقسيم المنطقة باستخدام القلم لرسم حدود طولية وعرضية لتحديد منطقة الفحص من الجلد وتمييزها.[5][6]
- تمرير إبرة صغيرة لوخز الجلد موضع قطرة المحلول (مُسبّب الحساسية) في الطبقة الخارجية من الجلد، ليتمكّن السائل من التسرُّب لداخلها.[5]
- إزالة ما تبقّى من المحلول على الجلد بعد مرور دقيقة.[5]
يجدر التنويه إلى أنّ النتيجة الإيجابية لفحص وخز الجلد لا تعني دائمًا بأنّ المريض مُصاب بالحساسية.[6]
تفسير نتائج فحص وخز الجلد
تختلف شدّة تفاعل مناطق الجلد المختلفة مع مسبّبات الحساسية التي اُستخدِمَت،[6] إذ يبحث الطبيب عن وجود علامات رد الفعل التحسّسي بعد مرور 15 دقيقة تقريبًا مكان كل وخزة على حِدة، كالتورّم والاحمرار أو انتفاخ الجلد بشكلٍ مستدير يشبه الخلية، وذلك لتقييم حالة المريض، وكلما زاد ظهور هذه العلامات زادت احتمالية إصابة المريض بالحساسية تجاه المادة المُستخدَمَة، أمّا النتيجة السلبية للفحص فتعني أنّ المريض لا يعاني من حساسية الجلد.[8]
فحص الجلد داخل الأدمة
يلجأ الطبيب لإجراء فحص الجلد داخل الأدمة (Intradermal skin test) -وهي الطبقة الثانية للجلد تحت البشرة- في حال الحصول على نتيجة سلبية عند إجراء فحص وخز الجلد والاشتباه بمشكلة حساسية الجلد، وذلك إمّا لتأكيد التشخيص أو للكشف عن حساسية المريض لأحد الأدوية أو لسعات الحشرات، إذ قد يكون المريض أكثر عُرضة للإصابة بصدمة الحساسية في هذا النوع من الفحوصات، وذلك بسبب ارتفاع تركيز مُسببات الحساسية المُستخدمة.[9][8]
يحقن الطبيب منطقة تحت الجلد بسائل يحتوي مسببّات الحساسية بواسطة إبرة صغيرة، ثمّ ينتظر ويراقب ظهور أيّ علامات رد الفعل التحسّسي حتى انتهاء الفترة الزمنية المُحددّة، والتي لا تزيد عن 10 دقائق، النتيجة تكون إمّا سلبية أو إيجابية.[5]
فحص الرقعة
يُستخدم فحص الرقعة (Patch test) في حالات الكشف عن حساسية الجلد لبعض المواد مثل المطّاط، والأدوية، والعطور، وصبغات الشعر، والمواد الحافظة، وغالبًا ما يستغرق وقتًا أطول من فحوصات حساسية الجلد الأُخرى، ويكون من خلال وضع لاصقات تحتوي على مواد مُسبّبة للحساسية، ويجب تجنب الاستحمام والأنشطة المُجهدة التي تُسبّب التعرّق أثناء وضع هذه اللاصِقات،[5][9] تشمل طريقة إجراء فحص الرقعة سلسلة من الخطوات:[4][5]
- تنظيف منطقة الجلد المُراد وضع اللاصقات عليها، وغالبًا ما يُجرى على منطقة الظهر أو الذراع.[5]
- وضع الّلاصقات على الجلد، وغالبًا ما يتراوح عددها من 20 إلى 30 لاصقة.[5]
- إزالة اللاصِقات من قبل الطبيب بعد مرور 48 ساعة، للكشف عن وجود أي علامات رد فعل تحسسّي عند المريض كتهيّج الجلد، ويتوجب إزالتها وإخبار الطبيب فورًا في حال شعور المريض بألم قبل انتهاء الفترة الزمنية المُحدّدة لها.[4][5]
فحص الأجسام المُضادة من نوع IgE
فحص الأجسام المُضادة من نوع (IgE) (Specific immunoglobulin IgE)، هو أحد تحاليل الدم المخبرية التي تقيس مستوى الأجسام المضادة من نوع IgE في عينة دم المريض عند التعرّض لمُسبّب الحساسية.[10]
يلجأ الأطباء لفحص مستوى الأجسام المضادة للكشف عن حساسية الجلد، للمرضى الذين يتناولون أدوية معينة تتعارض مع فحوصات الجلد الأُخرى، أو للأطفال الذين قد لا يحتملون الفحوصات على الجلد، والجدير بالذكر أنّ الأجسام المضادة من نوع IgE تتواجد بمستويات منخفضة في الدم، وترتفع مستوياتها عند تفاعل الجسم مع مُسبب حساسية مُعيّن.[8]
تفسير النتائج الإيجابية لفحص حساسية الجلد
تُشير النتائج الإيجابية لفحص حساسية الجلد إلى أنّ المريض قد يُعاني من أحد الأمراض التحسُسيّة:[5]
- حساسية الربو.
- التهاب الجلد.
- حساسية تجاه أحد الأغذية.
- حساسية تجاه أحد الأدوية.
- التهاب الأنف التحسّسي.
- الوذمة الوعائية.
ما فائدة إجراء فحص حساسية الجلد؟
يُسهم إجراء فحص حساسية الجلد في تعرّف المريض على مُسببّات الحساسية التي تُسبّب رد الفعل التحسّسي له، وبذلك يمكن له تجنبها، لإلى جانب تمكينه من السيطرة على المشكلة التي يُعاني منها، كما يُساهم فحص الأجسام المضادة من نوع IgE وفحص الجلد داخل الأدمة في مساعدة الطبيب في تحديد الجرعات المناسبة لمُسبّبات الحساسية والاستعانة بها عند البدء بتلقّي العلاج المناعي بالحقن.[9]
هل هناك فئات مُعرّضة للخطر عند إجراء فحص حساسية الجلد؟
لا يُنصَح لبعض الفئات بالخضوع لفحص وخز الجلد، فقد يكونوا أكثر عُرضة للإصابة ببعض الآثار الجانبية أثناء وبعد الفحص، ويُفضّل إجراء فحص الدم بدلًا عنه، من الفئات التي لا يُنصَح بخضوعها لفحص حساسية الجلد:[9][5]
- مرضى الربو غير المُنضبط.
- التهاب الجلد التأتبي.
- انخفاض وظائف الرئة.
- الشرى الحادة أو المُزمنة.
- المُصابين بمشاكل عدم انتظام ضربات القلب.
- كبار السن.
- الحوامل.
- مرضى الذبحة الصدرية غير المستقرة.
- المرضى الذي لديهم تاريخ مرضي سابق للحساسية الشديدة أو ما يُعرَف بالتأق أو الصدمة تأقِيّة.