لطالما ارتبط تدخين السجائر بالإصابة بالعديد من الأمراض، فهو يرفع احتمالية الإصابة بالسرطانات، لعلّ أبرزها سرطان البنكرياس، إذ أشارت إحدى الدراسات إلى أنّ تدخين عبوة واحدة أو أكثر يوميًا يزيد احتمالية الإصابة بسرطان البنكرياس بمعدل 5 إلى 6 أضعاف، كما ذكرت عدة أبحاث أخرى أن ربع حالات الوفاة الناجمة عن سرطان البنكرياس مرتبطةٌ مباشرة بتدخين التبغ بمختلف أنواعه، تشير الإحصائيات إلى إنّه يقلل من متوسط فترة حياة الإنسان بما يقارب 13 -15 سنة.[1][2]
يعود سبب الإصابة بسرطان البنكرياس لدى المدخنين إلى وجود ما لا يقل عن 60 مادة مسرطنة داخل منتجات التبغ، كالزرنيخ، والبنزين، والنيكل، بالإضافة إلى النيكوتين الذي لا يُعد مسرطنًا بحد ذاته، بل إنّ المواد الناجمة عن استقلابه في أعضاء الجسم مسرطنة جدًا، إذ أشارت العديد من الدراسات المخبرية إلى أنّ تراكم تلك المستقلبات داخل البنكرياس وعصارته يسببان الإصابة بأورام سرطانية.[2]
لا تتوقف الآثار الكارثية للتدخين على البنكرياس في التسبب بالسرطان فحسب، بل يؤثر مباشرةً في فعالية أحد أشهر علاجات سرطان البنكرياس التي تتميز بنسب شفاء عالية لدى المرضى غير المدخنين، إذ أشارت دراسة سريرية شارك فيها ما يقارب 800 مصاب بسرطان البنكرياس إلى أنّ استخدام علاج فولفرينوكس (FOLFIRINOX) الشهير دون التوقف عن التدخين قلل من فرص نجاتهم مقارنةً بغيرهم من المرضى غير المدخينين الذين تلقوا ذات العلاج، وتأتي أهمية هذه الدراسة في خضم ارتفاع عدد المرضى الذين لا يُقلعون عن التدخين حتى بعد تشخيص إصابتهم بالسرطان، إذ لا يعلمون مدى تأثيره السلبي في العلاجات التي يتلقونها[3]
يمثل علاج فولفرينكس مجموعة من الأدوية الكيميائية المستخدمة معًا لعلاج سرطان البنكرياس، ويشمل دواء اوكساليبلاتين (Oxaliplatin)، وارينوتيكان (Irinotecan)، ودواء فلورويوراسيل (Fluorouracil)، بالإضافة إلى حمض الفولونيك (Folinic acid)،[4] الذي أظهرت دراسة مخبرية جديدة دوره في تعزيز فعالية العلاج المناعي لأحد أشرس أنواع سرطان البنكرياس وهو سرطان الغدة البنكرياسية القنوي (PDA) (Pancreatic ductal adenocarcinoma)، مما قد يسهم في إنقاذ حياة العديد من المرضى، فعلى الرغم من فعالية العلاج المناعي المثبتة، فإنه يكون فعالًا فقط لدى أقل من 5% من حالات سرطان الغدة البنكرياسية القنوي، إذ يفتقر المرضى الآخرون للاستجابة المناعية الطبيعية اللازمة لتعزيز فعالية الدواء، وهنا يأتي دور دواء حمض الفولونيك في رفع مستويات نوعين من المواد المناعية في جسم الإنسان، وهما الخلايا التائية القاتلة الطبيعية (Natural killer T)، والإنتيرفيرون من النوع الأول (Type-I interferons)، وبالتالي تعزيز مناعة الجسم الطبيعية ضد الورم، وزيادة نجاعة العلاج المناعي.[5]