تشخيص التوحد: كيف يمكن توكيد الإصابة باضطراب طيف التوحد؟

اضطراب طيف التوحد هو مجموعة من الاضطرابات العصبية التي تُصيب الطفل في عمر مبكر، ممّا يُسبّب له العديد من المشاكل النفسية والسلوكية والاجتماعية، ويلعب التشخيص المبكر دورًا مهمًا في السيطرة على المرض، إذ يُجرى من خلال عدة اختبارات تسمى فحوصات تشخيص طيف التوحد.

طيف التوحد ((ASD) Autism Spectrum Disorder) هو أحد اضطرابات التطور العصبي، ويتمثل بمشاكل سلوكية ونفسية، وقد أشارت إحصائيات منظمة الصحة العالمية بأنّ طفل واحد مصاب باضطراب طيف التوحد بين كل 100 طفل بمختلف أنحاء العالم، وقد تظهر بعض أعراض التوحد على الأطفال في مراحل مبكرة من عمرهم، إلا أنّ زيارة الطبيب هي التي تُثبت أو تنفي الإصابة بالتوحد من خلال إجراء فحوصات تشخيص التوحد،[1][2] فما هي هذه الفحوصات؟

تشخيص طيف التوحد

يُعد التشخيص المبكر لاضطراب طيف التوحد خطوة أساسية لعلاجه بطريقة فعّالة، فكلما كان الطفل صغيرًا في السن كانت استجابة جسمه للعلاج أفضل، إلا أنّه ليس من السهل على الطبيب تشخيص اضطراب طيف التوحد، فهو يتطلّب عدة مراحل للتعرّف أكثر على سلوكيات الطفل وتقييمه، وقد يبدأ التشخيص من طبيب الأسرة أو طبيب الأطفال خلال الفحوصات الدورية للتحقق من صحة الطفل أو خلال مواعيد المطاعيم، عند ملاحظة أي سلوكيات غير طبيعية للطفل، عندها قد يُنصح الوالدين باستشارة أطباء مختصين لاستبعاد الأمراض الأخرى المُسبِّبة لأعراض شبيهة بأعراض التوحد، أمّا المرحلة الأخيرة من التشخيص فيُشرف عليها مجموعة من الأطباء النفسيين، والتربويين، لذا يهدف تشخيص اضطراب طيف التوحد إلى توكيد الإصابة، واستبعاد الأمراض والمشكلات ذات الأعراض المُشابهة للتوحد، والكشف عن الأمراض المصاحبة، إلى جانب تقييم مستوى أداء الطفل.[3][4]

فحوصات تشخيص طيف التوحد

تُوصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) بإجراء الفحص الشامل لاضطراب طيف التوحد للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 18-24 شهرًا، للكشف عن احتمالية الإصابة بالتوحد في مراحله المبكرة،[5] وعادةً ما يبدأ التشخيص بالاستبيانات وإجراء المقابلات مع والديّ الطفل للتعرف على سلوكيات الطفل وتصرفاته،[6] إذ إنّه لا يوجد فحص خاص لتشخيص التوحد، إنما يتضمن عدة فحوصات:

  • الفحص الذي يعتمد على قائمة الأسئلة المعدّلة عن التوحد عند الأطفال مع متابعتهم (Modified Checklist For Autism in Toddlers with Follow-Up): يتضمن هذا الفحص توزيع استبيان مكون من 23 سؤال على الوالدين يهدف إلى معرفة سلوك أطفالهم، يتبعها مقابلة مع الوالدين لتقييم سلوك الطفل، ومن خلاله يتمكّن الطبيب من تحديد احتمالية إصابة الطفل باضطراب طيف التوحد.[5]
  • الجدول التشخيصي لمراقبة مرض التوحد ((ADOS) Autism diagnostic observation schedule): وهو عبارة عن اختبار أو استبيان يُرصد من خلاله تطور الأعراض للأطفال المعرضين لخطر الإصابة بطيف التوحد، أو الذين يُعانون من تأخر في النمو، يتضمّن محاكاة الظروف الاجتماعية التي قد تحدث للطفل بتعريضه لضغوط، أو مؤثرات خارجية، أو ألعاب، أو ظروف معينة ثم رصد ردود أفعاله وتقييمه من خلالها، يُجرى هذا الفحص بواسطة فريق مختص.[6]
  • المقابلة التشخيصية لمرض التوحد لتقييم أعراض الطفل (Autism diagnostic interview-revised)، وفيها تُجرى مقابلة مع الوالدين ضمن معايير مُعدّة مُسبقًا لتقييم سلوك الطفل.[6]
  • فحوصات الدم، مثل فحص الرصاص في الدم، لاستبعاد الإصابة بتسمم الرصاص الذي يصاحبه ظهور أعراض شبيهة بأعراض اضطراب طيف التوحد.[7]
  • فحوصات السمع، للكشف عن وجود أي مشاكل في السمع التي تؤدي بدورها إلى مشاكل في النطق والتفاعل الاجتماعي، وهي أعراض شبيهة أيضًا باضطراب طيف التوحد.[7]
  • الفحوصات الجينية: يكشف هذا النوع من الاختبارات عن وجود أيّ اضطرابات موروثة من الآباء، مثل متلازمة الكرموسوم X الهش (Fragile x syndrome).[7]

معايير تشخيص طيف التوحد

أُصدر الدليل التشخيصي (DSM-5) عام 2013 من قِبل جمعية علم النفس الأمريكية،[8] وتُعدّ معايير (DSM-5) مرجع قياسي يستخدمه الأطباء أو اختصاصيي الرعاية الصحية لتشخيص الاضطرابات العقلية والسلوكية بما في ذلك طيف التوحد، من المعايير التي يُعتمَد عليها في تشخيص طيف التوحد:[9][10]

  • عجز مستمر في سلوكيات التواصل الاجتماعي للطفل والتفاعل مع من حوله، وذلك من خلال:
    • عدم القدرة على التواصل والتفاعل مع الآخرين.
    • عدم القدرة على استخدام سلوكيات التواصل غير اللفظية، مثل تعابير الوجه ولغة الجسد.
  • تكرار نمط معين من السلوكيات والحركات.
  • عدم القدرة على ممارسة الحياة اليومية بصورة طبيعية نتيجة ضعف التواصل الاجتماعي والسلوكيات المتكررة التي يؤدّيها المصاب.
  • الإصرار على اتباع ذات الروتين ونمط الحياة.

أعراض طيف التوحد

غالبًا ما تبدأ أعراض وسلوكيات طيف التوحد في الظهور خلال العام الثاني من عمر الطفل المُصاب، إلا أنها قد تبدأ في التطوّر فجأةً في عام الطفل الرابع، وقد تتفاوت في شدتها من طفلٍ لآخر،[9] وتتضمن أعراض طيف التوحد:

  • عدم التجاوب مع الآخرين بالامتناع عن رد الابتسامة مثلًا، أو عدم التحدث إليهم.[7]
  • تكرار حركات جسدية معينة، مثل الدوران أو الاهتزاز المستمر.[7]
  • التعلق والهوس بأشياء أو ألعاب معينة.[7]
  • صعوبة التواصل مع الآخرين.[7]
  • التعب والإرهاق أثناء المناسبات والمواقف الاجتماعية.[7]
  • عدم القدرة على التواصل البصري مع الآخرين.[11]
  • التأخر في النطق وتعلم الكلام.[11]
  • صعوبة مشاركة الأشياء والمشاعر مع الآخرين.[11]
  • الانزعاج من تغيير النظام اليومي المُتبع (الروتين).[11]
  • تجنب بدء المحادثات مع الآخرين.[11]
  • ردود فعل مبالغ فيها تجاه بعض الأصوات أو الضوء.[11]
  • عدم القدرة على التخيل أو اللعب التخيلي.[11]
  • صعوبة في فهم أو تفسير ما يسمعه من الكلام.[9]
  • عدم القدرة على توظيف الكلام في مكانه الصحيح.[9]

أسباب طيف التوحد

حقيقةً، يُشار لمسببات الإصابة باضطراب طيف التوحد على أنّها غير معروفة بدقّة حتى الوقت الحالي[12]، إلا أن هناك العديد من عوامل الخطر التي ترفع احتمالية الإصابة باضطراب طيف التوحد:

  • العوامل الوراثية، إذ إنّ احتمالية إنجاب طفل آخر مصاب بالتوحد تتراوح بين 3% إلى 10%.[12]
  • إصابة الأم خلال فترة الحمل بالعدوى الفيروسية، مثل الحصبة الألمانية (Rubella)، والفيروس المضخم للخلايا (Cytomegalovirus).[12]
  • الولادة المبكرة.[12]
  • انخفاض وزن الطفل عند الولادة.[4]
  • تقدم الأبوين بالعمر عند إنجاب الطفل.[4]
  • إصابة الأم خلال الحمل بداء السكري، أو ارتفاع ضغط الدم، أو زيادة الوزن.[4]
  • تعرّض الأم للمبيدات الحشرية.[11]
  • تناول الأم بعض الأدوية خلال فترة الحمل.[7]

علاج طيف التوحد

يلجأ الأطباء إلى عدة أساليب لعلاج طيف التوحد كالعلاج السلوكي المعرفي والاجتماعي التي قد أظهرت فعاليّة -نوعًا ما- في تحسين مستوى التواصل الاجتماعي لمرضى التوحد،[12]وتتضمّن أساليب علاج طيف التوحد:

  • تحليل السلوك التطبيقي (Applied Behavior Analysis): يُعدّ هذا العلاج أحد ركائز التدخل المبكر في حالات التوحد، وأثبت فعاليته في تخفيف سلوكيات مرضى التوحد غير المرغوب بها حال البدء به في مرحلة عمرية مبكرة مع الاستمرارية بتطبيقه بمعدل لا يقل عن 25 ساعة في الأسبوع، كما أنّه يُسهم في تعليم مرضى التوحد مهارات جديدة، وتعزيز السلوكيات المرغوبة وتشجيعها، كما أنه يُقلل من أعراض القلق، ويُحسّن من مهارات التواصل الاجتماعي، والمهارات اللغوية.[4]
  • البرامج التعليمية لتحسين مهارات النطق وتنمية المهارات الاجتماعية.[12]
  • العلاجات الدوائية، تُسهم بعض الأدوية في تخفيف الأعراض الأساسية لاضطراب طيف التوحد، مثل مضادات الذهان، ومضادات الاكتئاب، وناهضات مستقبلات ألفا-2 الآدرينالية (Alpha-2 adrenergic receptor).[13]

اضطرابات قد ترافق طيف التوحد

يمكن أن يرافق اضطراب طيف التوحد بعض الاضطرابات الأُخرى:[11]

  • نوبات الصرع.
  • اضطرابات النوم.
  • مشاكل في الجهاز الهضمي.
  • التقلبات المزاجية والحالات النفسية.
  • الإعاقات الجسدية.
كتابة: . خولة يونس - الأحد ، 26 أيار 2024
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan
آخر تعديل - الأحد ، 26 أيار 2024

المراجع

1.
Hirota T, King BH. Autism Spectrum Disorder: A. Review. JAMA. 2023 Jan 10;329(2):157-168. doi: 10.1001/jama.2022.23661. PMID: 36625807.. Retrieved from https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/36625807/
3.
Sobieski, M., Sobieska, A., Sekułowicz. M. et al. Tools for early screening of autism spectrum disorders in primary health care – a scoping review. BMC Prim. Care 23, 46 (2022). https://doi.org/10.1186/s12875-022-01645-7. Retrieved from https://bmcprimcare.biomedcentral.com/articles/10.1186/s12875-022-01645-7

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية