الورم الميلانيني المشيمي (ميلانوما العين)

يمكن أن تُصاب العين بما يُعرف بالورم الميلانيني المشيمي نتيجة إما طفرات جينية أو عوامل ومسببات أخرى، يمكن علاج ميلانوما العين إما بالتدخل الجراحي، أو العلاج الإشعاعي أو ربما الاكتفاء بمراقبة الحالة إذا كان الورم صغير الحجم، يعتمد على تشخيص الطبيب المختص وتقديره للحالة.

توجد خلايا في الجسم تُسمى الخلايا الصبغية (MelanoCytes) وظيفتها إنتاج الصبغات التي تُعطي الشخص لون جلده الخاص، وينبغي الإشارة إلى أن هذه الخلايا لا توجد في الجلد فقط، بل توجد في أماكن أخرى منها العين والجهاز العصبي المركزي.[1]

لكن عندما يحدث خلل في هذه الخلايا نتيجة التحورات الجينية أو تعرضها لبعض العوامل البيئية، مثل الأشعة فوق البنفسجية لفترات طويلة، تبدأ الخلايا الصبغية في النمو والتكاثر بطريقة خارجة عن السيطرة، مُسببةً الإصابة بما يُعرف بـالورم الميلانيني (Melanoma).[1]

يُصيب الورم الميلانيني الأعضاء التي توجد فيها الخلايا الصبغية، ويُعد الجلد المكان الرئيسي للإصابة به، لكنه قد يُصيب بعض الأعضاء الأخرى، مثل العين أو الأغشية السحائية المحيطة بالمخ.[2]

يُوصَف الورم الميلانيني المشيمي (Choroidal Melanoma) على أنه أشهر أنواع الأورام الخبيثة التي تنشأ داخل العين، كما يحتل المركز الثاني كأكثر ورم ميلانيني خبيث يُصيب الجسم عامةً.[3]

ما هو الورم الميلانيني المشيمي؟

للإجابة عن هذا السؤال، ينبغي أولًا معرفة التشريح الهيكيلي للعين، فهي تتكون من القرنية (Cornea)، ثم الجسم الهدبي (Ciliary Body)، وحدقة العين (Iris)، والعدسة (Lens)، تليها شبكية العين (Retina)، ويحيط بالشبكية من الخارج غلاف العين المشيمي (Choroid)، ويحيط بهذا الغشاء غشاء صلب يسمى (Sclera).[4]

يُطلق على كلٍ من حدقة العين، والجسم الهدبي، والغلاف المشيمي مجتمعين اسم العنبية (Uvea)، وتحتوي تلك المناطق على الخلايا الصبغية، وحينما يحدث خلل فيها، يُصاب المريض بما يُعرف باسم الورم الميلانيني العنبي (Uveal Melanoma) وهو أشهر ورم خبيث يُصيب العين لدى البالغين.[5]

ينقسم الورم الميلانيني العنبي وفقًا لمكان نشأته إلى ثلاثة أنواع:[6]

  • الورم الميلانيني المشيمي: أشهر أنواع الورم الميلانيني العنبي، ويمثل أكثر من 90% من الحالات.
  • الورم الميلانيني بالجسم الهدبي: يمثل 6% من الحالات.
  • الورم الميلانيني بالحدقة: يمثل 4% فقط من الحالات.

أسباب الإصابة بالورم الميلانيني المشيمي

يُعدّ السبب وراء الإصابة بالأورام الميلانينية في العين عمومًا وبالورم الميلانيني المشيمي تحديدًا غير معروف بوضوح،[7] لكن هناك العديد من العوامل التي تزيد من احتمالية إصابة بعض الأشخاص بهذا الورم:

  • التقدم في العمر

تزداد احتمالية الإصابة بالورم الميلانيني المشيمي مع التقدم في العمر، ومن النادر رؤية هذا الورم في الأطفال، فطبقًا لإحدى الدراسات بلغت نسبة الإصابة لدى الأطفال دون 5 سنوات 3% فقط، و11% لدى الأطفال من عمر 5 إلى 10 سنوات، و35% لدى الأطفال من عمر 10 إلى 15 سنة، وتستمر النسبة بالارتفاع مع التقدم في العمر، إذ تُشير الإحصائيات أن أغلب الحالات المُصابة به تقبع ضمن الفئة العمرية بين 50 إلى 70 سنة، وأن أعلى معدل إصابة كان لدى الأشخاص البالغين 70 عامًا.[5][6]

  • النوع

يؤثر نوع/جنس الشخص على احتمالية إصابته بالورم الميلانيني المشيمي، إذ وجدت دراسة أُجريت على الشعب الأسترالي -وهو الشعب الأكثر إصابةً بهذه الأورام- أن نسبة إصابة الذكور أعلى من الإناث، فطبقًا لنتائج هذه الدراسة بلغ معدل إصابة الذكور تقريبًا 0.83 حالة لكل 100 ألف شخص، في حين يبلغ معدل إصابة الإناث تقريبًا 0.59 حالة لكل 100 ألف شخص.[6]

كما أوضحت الدراسة أن هذا الاختلاف يظهر بين الأشخاص الذين تجاوزوا 65 عامًا، في حين أنّ الأشخاص الأصغر سنًا -ذكورًا أو إناثًا- لم تُظهر النتائج أي اختلاف في نسبة الإصابة بينهم.[6]

  • العرق

وجدت الدراسات أن نسبة الإصابة بالورم الميلانيني لدى أصحاب البشرة البيضاء تفوق أصحاب البشرة السوداء.[6]

  • لون الجلد والشعر

أوضحت الدراسات أن لون البشرة الفاتح، والشعر الأشقر، ولون العين الفاتح (مثل الأزرق) يجعل الشخص أكثر عُرضة للإصابة بأورام العين الميلانينية.[7][6]

  • كثرة الخلايا الميلانينية العينية الجلدية أو ما يُعرف بوحمة أوتا (Oculodermal MelanoCytosis)

هو أحد الاضطرابات التكوينية التي تُسبب خللًا في الخلايا الصبغية في الجلد، أو العين، أو المناطق الأخرى المختلفة من الجسم، ويُعد أحد العوامل الأساسية للإصابة بأورام العين الميلانينية، وخاصةً الورم الميلانيني المشيمي،[6] وطبقًا لإحدى الدراسات فإن نحو 7.2% من المرضى المصابين بهذه الأورام مُصابون أيضًا بوحمة أوتا (Nevus of Ota).[8]

  • الوحمة المشيمية والجلدية (Cutaneous and choroidal nevus)

ظهور العديد من الوحمات الجلدية يُعد عامل خطر للإصابة بـميلانوما العين، إذ تزداد احتمالية الإصابة بالورم الميلانيني المشيمي بمقدار 4 إلى 10 مرات في الحالات المُصابة بالوحمات الجلدية، مقارنةً بالحالات التي لم تُصب بها.[6]

أما الوحمة المشيمية فوُجد أنها تزيد من معدل الإصابة بالورم الميلانيني المشيمي، إذ أشار العلماء أن متوسط احتمالية تحول الوحمة المشيمية إلى ورم ميلانيني مشيمي يصل إلى حالة واحدة من كل 8845 حالة، أي ما يعادل 6.5% تقريبًا، وتزداد هذه النسبة مع التقدم في العمر.[6][8]

  • التحورات الجينية

قد تزيد بعض الطفرات الجينية التي تحدث في الجينات، مثل جين (BAP1)من احتمالية الإصابة بالورم الميلانيني المشيمي، وهذا التحور قد ينتقل إلى الأبناء بنسبة 50%، ويرفع بالتالي من احتمالية إصابتهم بالورم كذلك.[6]

  • بعض العوامل الأخرى

هناك بعض العوامل الأخرى التي قد تَزيد من احتمالية الإصابة بميلانوما العين:[6][5]

  • التعرض لأشعة الشمس والأشعة فوق البنفسجية لفترات طويلة.
  • الحساسية من حروق الشمس.
  • الإصابة بالأورام الميلانينية الحميدة.
  • التاريخ العائلي للإصابة بالورم، أو الإصابة بميلانوما الجلد.

ما أعراض الإصابة بالورم الميلانيني المشيمي؟

كعادة أي ورم يُصيب الجسم، لا تظهر أي أعراض على المريض لفترات طويلة قبل التشخيص، ويمكن أن يُكتشف عنه صدفة عند إجراء أي فحص روتيني للعين، وطبقًا للإحصائيات فإن 30% من الحالات لا يظهر عليها أي دلالات ظاهرة،[6] ومن الأعراض التي قد تظهر على المرضى المصابين بالورم الميلانيني المشيمي:[6][3]

  • عدم وضوح الرؤية، يظهر هذا العرَض لدى حوالي 38% من الحالات، وهناك العديد من الآليات التي من خلالها قد يتسبب الورم بظهور هذا العرض، منها تضخم حجم الورم وضغطه على شبكية العين مسببًا عدم وضوح الرؤية، أو قد يسبب انفصال الشبكية الذي يحدث لدى 71% من الحالات، أو يضغط على الأوعية الدموية فيسبب النزيف ويحدث ذلك لدى 10% من الحالات، كما قد يُسبب الإصابة بمشكلة المياه البيضاء (الساد)، وقد يضغط على العصب البصري مباشرة.
  • رؤية ومضات ضوئية في مجال الرؤية (Photopsia)، ويظهر هذا العرَض لدى 9% من الحالات.
  • ظهور أجسام داكنة في مجال الرؤية (floaters)، وتحدث لدى 7% من الحالات، وتنتج بسبب موت بعض خلايا الورم أو الأنسجة المحيطة.
  • فقدان المجال البصري، يحدث لدى 6% من الحالات بسبب تقدم و تضخم حجم الورم وتأثيره في الشبكية.
  • الألم، يحدث نتيجة ضغط الورم على الأعصاب في العين، أو بسبب زيادة الضغط في العين.
  • تغير في مظهر شكل الأجسام الخطية عند رؤيتها، لتبدو وكأنها أجسام منحنية أو دائرية وتُعرف هذه الحالة باسم (MetaMorphopsia).

علاج الورم الميلانيني المشيمي

بمجرد تشخيص الورم الميلانيني المشيمي، ينبغي التخطيط لطريقة العلاج المناسبة للمريض، والتي تعتمد على موقع الورم، ومدى امتداده، وحجمه، وحدة الرؤية، والحالة العامة للمريض، وحدوث بعض المضاعفات مثل انفصال المشيمة، والإصابة بنزيف داخل العين.[5][6]

هناك العديد من الطرق المُتبعة لـعلاج الورم الميلانيني المشيمي:

  • العلاج الإشعاعي.[5]
  • العلاج بالليزر.[9]
  • الجراحة.[5]
  • مراقبة الحالة.[6]
  • بعض العلاجات الحديثة.[9]
  • بعض العلاجات المساعدة.[9]

العلاج الإشعاعي

يُعد العلاج الإشعاعي أشهر أنواع العلاجات للحفاظ على العين من الأورام،[5] ويشمل:[5][9]

  • العلاج الإشعاعي باللويحات (Plaque Radiotherapy): يستخدم النظائر المشعة مثل اليود 125، والباليدم 103، وغيرها، تصلالمواد المُشعة إلى الورم داخل العين عن طريق لوح مُشع يوضع في العين، ينجح هذا النوع في علاج ما يقرب من 95% من الحالات، ويستطيع القضاء على 98% من الورم، ويستخدَم في علاج الأورام الصغيرة ومتوسطة الحجم.
  • العلاج الإشعاعي بالجسيمات المشحونة (Charged Particle Radiotherapy): يعتمد على تسليط إشعاع من الخارج على الورم للتخلص منه، وفي نفس الوقت يقلل من الضرر الواقع على الأنسجة المحيطة، ويتخلص من حوالي 95% إلى 98% من الورم، كما يستخدَم في علاج الأورام الصغيرة ومتوسطة الحجم.
  • العلاج الإشعاعي التجسيمي (Stereotactic Radiotherapy): يعتمد على تسليط عدة إشعاعات من اتجاهات مختلفة على الورم، مع محاولة تقليل الضرر على الأنسجة المحيطة.

العلاج بالليزر

يُستخدم لعلاج الأورام صغيرة الحجم، ويُعد الخيار الثاني في العلاج بعد الإشعاعي،[5] ويشمل:

  • العلاج الحراري عبر حدقة العين (TransPupillary Thermotherapy): تدخل أشعة الليزر تحت الحمراء من خلال بؤبؤ العين إلى الورم مباشرة، ويمكن استخدام هذا النوع من العلاج كعلاج أساسي في التخلص من الأورام الميلانية المشيمية صغيرة الحجم، لكنه قد يُسبب العديد من المشاكل، لذلك يُفضل استخدامه كعلاج مساعد، مثل استخدامه في تقليل حجم الورم قبل استخدام العلاج الإشعاعي.[5][10]
  • العلاج الضوئي الديناميكي (Photodynamic therapy): يُحقن المريض بصبغة حساسة للضوء مثل فيرتيبورفين (Verteporfin)، ثم تتعرض العين للضوء بطول موجي مُحدد، ينتج عن ذلك تنشيط الصبغة الحساسة للضوء، التي بدورها تُدمر خلايا الورم وتتلف الأوعية الدموية المُغذية له، وتُسبب التهاب موضعي مكان الورم.[5][6]

العلاج الجراحي

يشمل التدخل الجراحي لعلاج الميلانيني المشيمي عدّة طرق:

  • الاستئصال الموضعي (Local Resection): يُزال الورم عبر هذا الإجراء إما على هيئة كتلة واحدة عن طريق الصلبة العينية، أو يُفتت إلى أجزاء ويزيلها عبر الشبكية، كما يتيح الحصول على عينة من الورم لتحليلها.[5]
  • الاستئصال (Enucleation): تُعد أشهر طريقة جراحية تُستخدم في علاج الأورام الميلانية، وهي مناسبة للأشخاص الذين يعانون من فقدان البصر، أو نمو الورم خارج العين، أو غزو الورم للأنسجة المُحيطة به، أو تضخم حجم الورم.[9]
  • الاستئصال الشامل (Exenteration): تشمل هذه الطريقة إزالة كرة العين، والعضلات، والأعصاب، والنسيج المحيط بها، وتستخدم في حالات الأورام المتقدمة للغاية.[5]

مراقبة الحالة

قد يكتفي الطبيب بمتابعة حالة المريض، ولا يبدأ في العلاج حتى حدوث تغير في الورم، أو ظهور أعراض على المريض، وتُستخدم هذه الطريقة في الأورام الصغيرة جدًا، أو التي تنمو ببطء،[6] لكن طبقًا للدراسات الحديثة، فيجب البدء في العلاج بمجرد التأكد من التشخيص، وذلك للحصول على نتائج أفضل للعلاج، ومنع انتشار الورم إلى باقي أجزاء الجسم.[3]

بعض العلاجات الحديثة

طور العلماء بعض العلاجات الحديثة لعلاج الورم الميلانيني المشيمي لتقليل الآثار الجانبية للعلاجات الأساسية، ولكنها لا تستخدم على نطاق واسع، من أمثلتها العلاج الذي يعمل على تحفيز العامل السابع، الذي بدوره يُحفز الجهاز المناعي لمهاجمة الورم، بالإضافة إلى تطوير فيروس يرتبط بالخلايا السرطانية ويدمرها بمساعدة الليزر.[9]

بعض العلاجات المُساعدة

تستخدَم في حالات انتشار الورم في الجسم ومنها العلاج الكيماوي والعلاج المناعي الموجه، في محاولة لتخفيف تأثير انتشار الورم في جسم المريض.[3][9]

كتابة: دكتور محمد نصار - الخميس ، 01 آب 2024
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan

المراجع

1.
Prachi Bhave, Yin Wu, Pablo Fernandez-Peñas. (2023). Melanoma. Retrieved from https://bestpractice.bmj.com/topics/en-gb/268?q=Melanoma&c=recentlyviewed
3.
Enrique Garcia-Valenzuela. (2021). Choroidal Melanoma. Retrieved from https://emedicine.medscape.com/article/1190564-overview#a1

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري أورام العيون أونلاين عبر طبكان
احجز