حمى النيل الغربي أو حمى غرب النيل (West Nile virus) هي عبارة عن عدوى فيروسية تُعدّ الأكثر شيوعًا من فئة الفيروسات المنقولة عبر المفصليات (Arboviruses) -العدوى الفيروسية التي تنتقل عبر البعوض أو القراد أو الذباب-، إذ ينتقل الفيروس المسبب لحمى غرب النيل إلى البشر عبر لدغة أحد أنواع البعوض، الذي ينتمي إلى نوع (Culex)،[1][2] انتشر في الولايات المتحدة الأمريكية في نيويورك عام 1999 ميلادي كعدوى تنتقل من البعوض إلى البشر، وسُجلّت حالات من العدوى نتيجة انتقاله عبر نقل الدم أو مكوناته، وعمليات نقل الأعضاء عام 2002 ميلادي.[3]
تتراوح فترة حضانة الفيروس في جسم المصاب من 4 أيام إلى 14 يومًا، في حين تظهر الأعراض وتستمر من 5 إلى 7 أيام، ويُشار إلى أنّ 20% من المصابين بحمى غرب النيل تظهر عليهم أعراض شبيهة بأعراض الإنفلونزا، وقد تتمثّل بالحمى والشعور بعدم الارتياح (التوعك)، كما يمكن أن يرافقها بعض الأعراض العصبية التي قد تتطور إلى التهاب الدماغ (Encephalitis)، وفي حالاتٍ نادرة قد يؤدي تدهور الأعراض العصبية إلى تهديد حياة المريض بالخطر خصوصًا لدى كبار السن.[2][3]
يُشار أيضًا إلى أنّ معظم المصابين بحمى غرب النيل قد لا تظهر عليهم أعراض واضحة تؤكد إصابتهم بالعدوى، كما أنّ أعراض حمى غرب النيل قد تتشابه مع أعراض العدوى الفيروسية لأنواعٍ أخرى من الفيروسات إلى حدٍ ما، لذا يلجأ الطبيب لتشخيص عدوى فيروس غرب النيل بإجراء العديد من الفحوصات التشخيصية الإشعاعية كالتصوير المقطعي المحوسب (CT- scan)، أو الرنين المغناطيسي (MRI) لمنطقة لرأس، أو بعض الفحوصات المخبرية،[2][4] فما هو فحص فيروس غرب النيل؟
ما هو فحص فيروس غرب النيل (WNV)؟
يُعدّ فحص فيروس غرب النيل أحد الفحوصات المخبرية المناعية التي تكشف عن وجود الأجسام المضادة (Antibodies) للغلوبين المناعي من نوع (M) (Immunoglobuline IgM) في عينة الدم أو عينة سائل النخاع الشوكي (CSF)، ويُجرى من خلال استخدام تقنية المقايسة المناعية الامتصاصية للإنزيم المرتبط المعروفة بالإيليزا (ELISA)، وتُقدّر حساسية الفحص في كل من عينة الدم أو سائل النخاع الشوكي بمعدل (95 - 100)%.[2][5]
يُشار إلى نوعين من الأجسام المضادة التي ينتجها الجسم نتيجة الإصابة بفيروس حمى غرب النيل؛ الأجسام المضادة من نوع (M) (IgM) والأجسام المضادة من نوع (G) (IgG)، لتظهر الأجسام المضادة للغلوبين المناعي (IgM) المضادة لفيروس حمى غرب النيل في بداية العدوى، بعد مرور ما يُقارب (3 - 8) أيام من ظهور الأعراض، وتبقى قابلة للكشف حتى بعد مرور (30 - 90) يومًا، ثم تنخفض تدريجيًا لتصبح غير قابلة للكشف.[6][7]
يمكن تأكيد نتيجة الفحوصات المصلية من خلال إجراء فحص لوحة التخفيف المحايدة ((PRNT) Plaque reduction neutralization test)، وهو بمثابة معيار ذهبي للكشف عن عدوى حمى غرب النيل، أمّا المرضى الذين يُعانون من مشاكل في نقص المناعة فغالبًا ما يلجأ الطبيب لإجراء فحص الحمض النووي ((NATs) Nucleic acid amplification tests)، من خلال الكشف عن الحمض النووي الرايبوزي (RNA)، أو الحمض النووي الرايبوزي منزوع الأكسجين (DNA) الخاص بفيروس حمى غرب النيل في سوائل الجسم الملوثة بالفيروس كالإفرازات الأنفية داخل الحلق،[8][9] أو عينة المصل.[3]
تُسهم بعض مؤشرات الدم الثانوية في تأكيد حدوث عدوى فيروسية من خلال ارتفاع عدد خلايا الدم البيضاء (WBCs)، كما يمكن ملاحظة انخفاض مستويات الصوديوم في الدم (Hyponatremia).[2]
والجدير بالذكر أنّ فيروس حمى غرب النيل ينتشر على نطاقٍ واسع في أفريقيا، والشرق الأوسط، وجنوب أوروبا، والهند، وأندونيسيا، وينتقل الفيروس للبشر عبر لدغة البعوض الذي سبق له أن تغذّى على دم الطيور المُصابة بالفيروس، وفي حالات قليلة جدًا وتحت ظروف معينة سُجّلَت حالات انتقال الفيروس الفعل من شخص إلى شخص عبر نقل الدم، وزراعة الأعضاء، والرضاعة، ومن الأم إلى الجنين عبر المشيمة.[7][10]
ما دواعي إجراء فحص فيروس غرب النيل (WNV)؟
يُجرى الطبيب فحص فيروس غرب النيل غالبًا حين يعاني المريض من أعراض العدوى الفيروسية في مناطق يشيع فيها الوباء، كما يُجرى فحص فيروس غرب النيل روتينيًا عند التبرع بالدم في بعض الدول،[9] إضافةً إلى إجرائه لعدة أسباب أُخرى:
- تحديد سبب إصابة المريض بالتهاب السحايا الفيروسي (Viral meningitis)، أو التهاب الدماغ، أو الشلل الرخو (Flaccid paralysis).[5]
- ظهور أعراض ترتبط بالإصابة بفيروس حمى غرب النيل،[11] وتتضمن:[11][12]
- الحمّى.
- أعراض عصبية غير مبررة، كرهاب الضوء، وفرط تشنج العضلات، والنوبات التشنجية، وتغير في الحالة العقلية.
- ضعف عضلي.
- طفح جلدي أحمر اللون، شبيه بالطفح المصاحب للحصبة وينتشر في كل من الرقبة، والجذع، والساقين، والذراعين.
- الشعور بالغثيان، والتقيؤ.
- فقدان الشهية للطعام.
- التوعك، والشعور بعدم الراحة.
- آلام العضلات.
- آلام الظهر.
- الشعور بألم في العين.
- التعرّض مؤخرًا للدغ البعوض، أو الخضوع لنقل الدم، أو زراعة أحد الأعضاء، بالتزامن مع الإصابة بالحمى، أو الإصابة بمرض عصبي حاد.[13]
- تحديد ما إذا كانت الإصابة بفيروس غرب النيل حديثة أم سابقة، والكشف عن مدى انتشار العدوى.[6][9]
التحضيرات قبل إجراء فحص فيروس غرب النيل (WNV)
لا يحتاج فحص فيروس غرب النيل إلى أي تحضيرات مسبقة، كما أنه لا يتطلب إجراؤه صيام المريض.[6][9]
طريقة إجراء فحص فيروس غرب النيل (WNV)
يُجرى فحص فيروس غرب النيل باستخدام عينة الدم من خلال سحب عينة الدم من الوريد، بمقدار لا يقل عن 5 ملليلتر وتفريغ العينة في الأنبوب ذو الغطاء البنفسجي المخصص للفحص، وتوجيه المريض إلى الضغط موضع السحب، ثم تفقّد موضع السحب وتقييم النزيف.[3][9]
يُنصَح بـسحب عينتين من الدم؛ الأولى خلال المرحلة الحادة من العدوى، والثانية بعد مرور 3 إلى 5 أيام من سحب العينة الأولى.[3]
كما يمكن إجراء فحص فيروس غرب النيل باستخدام عينة السائل النخاعي الشوكي، ضمن إجراء يُعرف بالبزل الشوكي (Lumbar puncture)، إذ يحتاج فحص فيروس حمى غرب النيل ما يقارب (1 - 2) ملليلتر من سائل النخاع الشوكي، مع الحرص على نقل العينة مبردة أو مجمدة إلى المختبر.[2][3]
نتائج فحص فيروس غرب النيل (WNV)
تُشير نتيجة فحص فيروس غرب النيل للأجسام المضادة (IgM) الإيجابية (Positive) والمتوافقة مع الأعراض السريرية، وفي منطقة ينتشر بها المرض إلى أنّ المريض مصاب بفيروس حمى غرب النيل، وفي حال الحصول على نتيجة سلبية (Negative) لدى إجراء الفحص يجدر إعادة إجراء الفحص بعد مرور 10 أيام، إذ إنّ الأجسام المضادة (IgM) تحتاج إلى المزيد من الوقت حتى تصبح قابلة للكشف في عينة دم المريض.[2][13]
يُشير وجود الأجسام المضادة (IgG) والأجسام المضادة (IgM) في عينة الدم الأولية إلى احتمالية إصابة المريض بالعدوى قبل 3 أسابيع على الأقل، كما يُشير وجود الأجسام المضادة (IgG) فقط إلى جانب مستويات منخفضة جدًا أو غير قابلة للكشف للأجسام المضادة (IgM) في إلى الإصابة السابقة بعدوى فيروس غرب النيل،[6][13] لكن في حال استمرت مستويات الأجسام المضادة (IgG) بالارتفاع، في عينة الدم اللاحقة (بعد مرور 3 إلى 5 أيام من الفحص الأولي)، فهذا يشير إلى الإصابة الحديثة بحمى غرب النيل، وفي حال ظلت ضمن مستويات (IgG) مستقرة أو انخفضت فهذا يعني وجود إصابة قديمة بحمى غرب النيل.[3][6]
الجدير بالذكر أنّ الإصابة بعدوى الفيروسة المُصفرة/الحمى الصفراء (Flavivirus)، أو تلقي لقاحاتها أو المطاعيم المضادة للإصابة بها حديثًا، قد يؤدي إلى الحصول على نتائج إيجابية خاطئة لفحص الأجسام المضادة لحمى غرب النيل.[7]