البردقوش أو المردقوش من الأعشاب الشعبية التي شاع استخدامها كأوراقٍ طازجة، ومُجففة، ومطحونة لعلاج مجموعة متنوعة من الأمراض، كما أنّها تُستخدم كتوابل للعديد من الأطعمة والسلطات، وفي تحضير الصلصات، ويُعد البردقوش من النباتات الغنية بالزيوت الأساسية، كما تحتوي أيضًا على مركباتٍ أُخرى بما في ذلك الفلافونويدات (Flavonoids)، والأحماض العضوية، ومجموعة متنوعة من المركبات الحيوية.[1][2]
عشبة البردقوش
يعود أصل البردقوش (Origanum majorana L) إلى قبرص وتركيا، وبعض أجزاء منطقة البحر الأبيض المتوسط وخاصةً مصر، والجزائر، والمغرب، ينتمي البردقوش، المعروف سابقًا بـــ (Majorana hortensis Moench)، إلى عائلة النعناع (Lamiaceae) التي تضم 3500 نوعًا تنتشر في جميع أنحاء العالم ويُسمى أيضًا باسم البردقوش الحلو، يُشَار إلى أنّ معظم الأنواع ذات رائحة عطرية وتنمو في البرية في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط.[3]
البردقوش نبات كثيف دائم الخضرة يتراوح طوله بين 30-60 سم، وتتميز سيقانه المُضلعة بلونها الأحمر وفروعها المتعددة التي تكسوها شعيرات دقيقة لونها أخضر يشوبها بقعٌ حمراء، أوراقه صغيرة مُعنّقة بيضاوية أو مستديرة الشكل، كما أنّ لها أزهار صغيرة تنمو على شكل سنابل ذات لون أبيض أو أحمر باهت تُزهر ما بين شهر حزيران وأيلول، بينما تنضج البذور ما بين شهري آب وأيلول وهي تتميز بشكلها البيضاوي ولونها الداكن.[4]
يحتاج نبات البردقوش حتى ينمو إلى تربة خصبة جيدة التصريف، بدءًا من التربة الحمضية والمتعادلة إلى القاعدية، وعلى الرغم من أن عشبة البردقوش مقاومة للجفاف، إلّا أنّه لا ينصح بتركها تجف بالكامل.[3]
مكونات البردقوش
تحتوي نبتة البردقوش على مكونات كيميائية، مثل ثيمول (Thymol)، وكارفاكرول (Carvacrol)، والتانينات (Tannins)، والهيدروكينون (Hydroquinone)، والأربوتين (Arbutin)، وميثيل أربوتين (Methyl Arbutin)، والفيتكسين (Vitexin)، والأورنتين ( Orientin)، والترياكونتان (Triacontan)، والسيتوستيرول (Sitosterol)، والليمونين (Limonene)، والكامفين (Camphene)، والفلافونويدات (Flavonoids)، مثل ديوسميتين (Diosmetin)، ولوتولين (Luteolin) وأبيجينين (Apigenin).[4]
كما يحتوي البردقوش على الزيوت الأساسية العطرية، كالتيربينول (Terpineol) بنسبة (29.6%)، والكارين (2-carene) بنسبة (20.1%)، والكامفين (Camphene) بنسبة (13.4%)، وألفا بينين (α-pinene) بنسبة (7.9%)، والتي لها تأثيرات مضادة للبكتيريا، بالإضافة إلى الأحماض الفينولية بما في ذلك حمض الغاليك (Gallic acid)، وحمض الكافييك (Caffeic acid)، وحمض ثنائي الهيدروكسي (Dihydroxy acid)، وحمض كلوروجينيك (Chlorogenic acid).[5]
استخدامات البردقوش
عُرف البردقوش بخصائصه الكيميائية التي تتوافر في مُستخلصه ما أدى إلى استخدامه في الصناعات الدوائية، وأُجريت العديد من الدراسات لاستقصاء النشاط الحيوي للزيوت الأساسية التي اُستخلصت من الأجزاء العلوية للنبات، إذ تُعزى العديد من هذه الخصائص إلى المستقلبات الثانوية، بما في ذلك مضادات الأكسدة، ومضادات البكتيريا، ومضادات الالتهابات، ومضادات الأسيتيل كولين إستريز، ومضادات السرطان، ومضادات الاكتئاب.[6]
يمكن العثور على البردقوش بأشكالٍٍ مختلفة، مثل زيت البردقوش العطري، وأوراق البردقوش الطازجة أو المُجففة، ومسحوق البردقوش، يُستخدم البردقوش في الطهي لإضفاء نكهة مميزة للأطعمة، كما يدخل البردقوش في صناعة المُستحضرات التجميلية، ككريمات الوجه، والصابون، وكريمات الحلاقة.[1]
عُرف البردقوش منذ العصور القديمة، ولكن ازدادت شعبيته خلال العصور الوسطى، ونظرًا لرائحته وطعمه الرائع فإنه يُستخدم على نطاق واسع لأغراض الطهي وتحضير العطور،[6] كما اُستخدم المردقوش قديمًا كمطهرٍ طبيعي للجروح ومادة حافظة لزيادة صلاحية الأغذية، وجرت العادة باستخدامه كعلاج منزلي لالتهابات الجهاز التنفسي، والسعال، والتهاب الحلق، وآلام الروماتيزم، والأرق، والربو، وتخفيف التوتر، كما اُستخدم زيت البردقوش أثناء تدليك الرأس والشعر، وشاع استعماله كمضاد للبكتيريا، ومضاد للفطريات، ومضاد للفيروسات، واُستخدم أيضًا في علاج مجموعة متنوعة من الأمراض الشائعة، مثل التسمم الغذائي، وعدوى المكورات العنقودية، وعدوى الكزاز في الجروح، والتيفوئيد، والملاريا، والإنفلونزا، ونزلات البرد، والنُكاف، والحصبة.[3] [1]
فوائد البردقوش للنساء
اُستخدم البردقوش تقليديًا في علاج المشاكل الإنجابية وتعزيز صحة المرأة لاحتوائه على الفايتو إستروجين (Phytoestrogen)، أو ما يُسمى بهرمون الإستروجين النباتي،[7] من أبرز فوائد البردقوش للنساء وصحتهُن:
البردقوش ومتلازمة تكيس المبايض
وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة (Journal of Human Nutrition and Dietetics) عام 2015 ميلادي، أنّ تناول مغلي البردقوش الدافئ مرتين يوميًا يُنظم الدورة الشهرية من خلال تحسين حساسية الإنسولين وتقليل مستوى هرمون الأندروجين الكظري، وبالتالي التخفيف من أعراض متلازمة تكيس المبايض.[8]
البردقوش وتنظيم مستوى هرمون الحليب
يُعتقد بأن للبردقوش دورٌ في تخفيض مستوى هرمون الحليب، وهو الذي يؤدي ارتفاعه إلى عدم انتظام الدورة الشهرية وخللٍ في الإباضة، وقد أظهرت دراسة نٌشرت في (International Journal of Drug Delivery Technology) عام 2022 ميلادي، أُجريت على جرذانٍ مخبرية تعاني من ارتفاع هرمون الحليب، أن استهلاكها لمنقوع البردقوش لمدة 30 يومًا قلل من مستوى هرمون الحليب، وكان ذو تأثيرٍ إيجابي في علاج مشكلة فرط هرمون الحليب في الدم.[9]
البردقوش وتخفيف الوزن
يُعتقد بأنّ البردقوش من الأعشاب التي تساعد في تخفيف الوزن، وقد أظهرت دراسة نُشرت في مجلة (International Journal for Advanced Research) عام 2017 ميلادي، بأنّ تناول منقوع البردقوش الدافئ مرة يوميًا بعد ساعتين من تناول وجبة الغداء استطاع تخفيف الوزن الزائد.[10]
البردقوش والسرطان
أشارت مجموعة من الدراسات إلى فعالية البردقوش في مكافحة السرطان، وقد أُجريت العديد من الأبحاث المخبرية لدراسة خصائصه المضادة للسرطان بناءً على اختبارات زراعة الخلايا، والتي أظهرت أن البردقوش وزيت البردقوش يُثبطان نمو الخلايا السرطانية وتكاثرها.[4]
البردقوش ومرض الزهايمر
يشتهر البردقوش بخصائصه المضادة للأكسدة التي تحمي الخلايا العصبية من العجز الذهني والحركي الناجم عن تناول بعض الأدوية، مثل هالوبيريدول (Haloperidol) عن طريق تقليل الإجهاد التأكسدي، إذ أظهرت دراسة نُشرت في مجلة (Complementary Medicine and Therapies) عام 2023 ميلادي، والتي أُجريت على الفئران المخبرية، بأنّ لمستخلص البردقوش الفينولي القدرة على الحماية من الأمراض التنكسية العصبية والتي تؤثر في الخلايا العصبية، مثل مرض ألزهايمر.[11]
البردقوش كمهدئ ومضاد للقلق
يُعتقد بأنّ لزيت البردقوش دورٌ في تخفيف القلق الذي يمكن أن يؤدي استمراره إلى تفاقم العديد من المشاكل الصحية، وقد أظهرت دراسة أُجريت على الفئران المخبرية نُشرت في مجلة (Herbal Medicines Journal) عام 2019 ميلادي، أنّ زيت البردقوش يمتلك خصائص مضادة للقلق ومُهدّئة للأعصاب، والتي تُحسن بدورها من جودة النوم.[12]
البردقوش والجهاز الهضمي
يؤدي تناوي منقوع البردقوش إلى تعزيز كفاءة عملية الهضم في الجسم عن طريق زيادة الإنزيمات الهضمية وإفراز اللعاب، كما يُحسن الشهية، ويخفف الغثيان، وانتفاخ البطن، كما يقلل من فرص الإصابة بالالتهابات المعوية، وتخفيف الإسهال، والإمساك، والغازات المعوية، ويقلل من تكون حصوات المرارة، ويعالج تشنجات المعدة، وعسر الهضم.[1]
سلامة استخدام البردقوش
أثبتت اختبارات السُمية أنه من الآمن استهلاك عشبة البردقوش، إذ أظهرت دراسة أُجريت على جرذان مخبرية نُشرت في مجلة (International Journal of Current Research in Life Sciences) عام 2015 ميلادي، أن استهلاك مستخلص البردقوش الكحولي بتركيز بلغ 500 ملغ/كغ لمدة 14 يومًا لم يُسبب أي سميّة للجرذان،[13] لكن، لأنّ البردقوش يُحفز نزول الدورة الشهرية، فمن غير الآمن استهلاكه من النساء الحوامل، كما أنّه يُوصى بعدم استخدام زيت البردقوش من النساء الحوامل والمرضعات لعدم توافر الدراسات الكافية التي تؤكد سلامة استخدامه.[14]