بدأت مؤخرًا العديد من الدول حول العالم اعتماد تقنياتٍ حديثة ومُبتكَرة في علاج بعض الأمراض المُستعصية يتقدَّمها مرض السرطان الذي يُعدّ ثاني أكبر مُسبّب للوفاة حول العالم بعد أمراض القلب، وقد شهدت المنطقة العربية -أُسوةً بغيرها من دول العالم- تبنِّي تقنيات جديدة تستهدف علاج الأورام السرطانيّة، لعلَّها تُساهم في تخليص المَرضى من آلامهم بأقل التداخلات الجراحيّة، وفي ظلّ هذا التقدُّم الطبّي احتضن مركز الحسين للسرطان في العاصمة الأردنيّة عمان أول عملية استئصال لورمٍ سرطاني يقبع في الكُلى بطريقة التجميد، أُجريت العملية لمريضٍ يُقارب عمره 72 عامًا، حالة المريض مُستقرّة وتمّت السيطرة على الورم بأقل الأضرار، بحسب الفريق الطبّي الذي أشرَف على إجراء العمليّة للمريض.
وعلى الرغم من أنّ الاستئصال بالتجميد (Cryotherapy) أو إزالة الورم السرطاني بالتجميد بدأت تتوارد إلى أسماع الكثيرين بكثرة في الآونة الأخيرة وانتشر استخدامها -ولو على نطاقٍ ضيِّق-، إلّا أنّها ليست حديثة العهد، إنمّا سبَق وأن اُستخدِمت درجات الحرارة المُنخفضة للسيطرة على الأورام عندما قرّر الطبيب الانجليزي جيمس آرنوط (James Arnott) في أواسط القرن التاسع عشر استخدام محلولٍ ملحيّ مُجمَّد (بدرجة حرارة -24 مئويّة) لعلاج حالاتٍ مُتقدّمة من سرطان الثدي والرحم، وقد كانت مُجدية في تقليل حجم الأورام السرطانيّة وتخفيف معدل النزيف والألم، ونظرًا لجهوده في هذا المجال يُطلَق عليه (أب العلاج بالتجميد أو بالتبريد).
كيفيّة استئصال الأورام بالتجميد
يُعرَّف علاج الأورام بالتجميد على أنّه أحد التقنيات التي تتضمّن القضاء على خلايا وأنسجة الورم السرطاني عبر تجميده ثم تدميره؛ يعتمد الاختصاصي -ضمن فريقٍ طبّي مُتعدّد الاختصاصات- أولًا على تحديد مكان الورم بالاستعانة بالتصوير الإشعاعي إمّا باستخدام الأشعة السينيّة (X-rays) أو بالموجات فوق الصوتيّة (Ultrasound waves)، من ثمّ إدخال إبرة مُجوّفة أو مِسبار (Probe) تبريد أو أكثر عبر الجلد باتجاه الورم السرطاني، وحال التحقُّق من تموضعها في مكانها الصحيح يُفرَّغ مُحتواها من النيتروجين السائل لتتخلّل الورم وتُدمّر الخلايا السرطانيّة، ويتحقّق ذلك من خلال:
- التسبُّب بتلفٍ مباشر لأغشية الخلايا السرطانيّة والعُضيات.
- إتلاف الأوعية الدمويّة الصغيرة في الورم عبر تحفيز تكوُّن خثرات دمويّة.
يُمكن أن تُجرَى هذه العمليّة إمّا بإجراء شق في الجلد فوق الكُلية، أو بطريقة المنظار (Laparoscope) التي تتضمّن إجراء شقوق أو ثقوب صغيرة لإدخال الأدوات اللازمة أثناء العمليّة بما فيها كاميرا لمُراقبة ما يحدث في الداخل.
تُستخدَم طريقة استئصال الأورام السرطانيّة بالتجميد في حالاتٍ مُحدّدة إذ إنّها لا تصلُح لجميع الحالات، فهي تستهدف الأورام التي يقِل حجمها عن 4 سنتيمتر في المراحل المُبكّرة من المرض، وغالبًا ما تُستخدَم لعلاج الأورام السرطانيّة في الكُلى أو البروستات، خصوصًا لدى الأشخاص الذين يُعانون من مشاكل صحيّة تمنعهم من الخضوع لإجراء جراحي بغرض استئصال الورم السرطاني بالطريقة التقليديّة، بما يتضمّنه ذلك من تخدير وغيره من الإجراءات التي قد لا يحتملها المريض ويمكن أن تُشكِّل تهديدًا لحياته، لِذا فإنّ اللجوء لهذا الحل ذو التداخُّل المحدود قد يضمن أقّل المُضاعفات والمشاكل الصحيّة المُرافقة في أغلب الحالات.
الآثار الجانبيّة المُحتملة لعلاج الأورام بالتجميد
تُشير إحصائيّات الحالات التي سبق وأن خضعت للاستئصال بالتجميد إلى انعدام خطر الإصابة بالمُضاعفات التي قد تُهدّد حياة المريض لدى الغالبيّة العُظمى، على الرغم من ذلك فقد سُجِّلت حالات نادرة تعرَّضت لبعض المُضاعفات مثل صعوبة في التنفس، وإصابة الأمعاء، وعدم انتظام ضربات القلب، لِذا فإنّ المريض يبقى تحت مُراقبة ومتابعة الكادر الطبّي إلى حين الاطمئنان على وضعه الصحّي.
مثل أيّ إجراءٍ علاجي، سواءً كان جراحيًا -تقليديًا- أو بالتداخل المحدود، فإنّ بعض الآثار الجانبيّة قد تُرافق المريض بعد إزالة الورم بالتبريد أو بالتجميد، من الآثار الجانبيّة التي قد ترافق الاستئصال بالتجميد لأورام الكُلى:
- الشعور بألم، يمكن السيطرة عليه بتناول المُسكّنات.
- تسرُّب البول.
- نزيف حول الكُلية.
- تلف في أحد الأعصاب ما قد يُسبّب الشعور بضعفٍ مؤقت.
- تعرُّض الحالِب لجَرح أو تلف.
- تلف أحد الأعضاء المُجاورة للكُلى.
- تلف في الكُلية.
فوائد علاج الأورام السرطانيّة بالتجميد
تتمتّع غالبيّة تقنيات الجراحة ذات التداخُّل المحدود بسُمعة جيّدة وبِنَسب إقبالٍ مُرتفعة إذا ما قُورِنت بالجراحة التقليديّة التي تتطلَّب إجراء شّقٍ في المنطقة المُستهدَفة يتراوح طوله بين 10 إلى 12 إنشًا غالبًا، يُصاحب ذلك مجموعة من الفوائد والمُميّزات الأُخرى لاستئصال الأورام السرطانيّة -من الكُلى- بالتجميد، منها،
- قِصَر فترة التعافي، بالتالي سُرعة العودة للحياة الطبيعيّة والانخراط مُجددًا في العمل في فترة تتراوح بين أسبوع إلى أسبوعين تقريبًا.
- قِصَر فترة المكوث في المستشفى، غالبًا يبقى المريض يوم واحد يستطيع بعدها العودة لمنزله.
- معدل الشعور بالألم بعد العمليّة يكون أقّل من المُتعارَف عليه في حالات الجراحة التقليديّة، حتى الحاجة لمُسكّنات الألم تكون أقل.
- مُعدل حدوث المُضاعفات التي قد تنجُم عن العلاج بالتبريد أقل من الجراحة التقليديّة.
المراجع
- Chao S. and Kang SH. 2014. Current status of cryotherapy for prostate and kidney cancer. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4265711/
- Crain C, Gibbons JA. and Marion T. 2019. The father of modern cryotherapy. Retrieved from https://www.researchgate.net/publication/334310040_The_Father_of_Modern_Cryotherapy
- Cancer Research UK. 2020. Cryotherapy. Retrieved from https://www.cancerresearchuk.org/about-cancer/kidney-cancer/treatment/cryotherapy
- Cleveland Clinic. (n.d.). Cryoablation. Retrieved from https://my.clevelandclinic.org/health/treatments/16903-cryoablation
- American Cancer Society. 2020. Ablation and other local therapy for kidney cancer. Retrieved from https://www.cancer.org/cancer/kidney-cancer/treating/ablation.html
- Khatri M. 2020. How many people die of cancer a year? Retrieved from https://www.webmd.com/cancer/how-many-cancer-deaths-per-year
مصدر الصورة: https://www.apsf.org/article/anesthesia-safety-concerns-for-ct-guided-tumor-cryoablation-and-the-risk-of-the-frozen-instrument/ & https://www.urocarechennai.com/conditions/kidney-cancer