يشكّل المبيضان أحد أجزاء الجهاز التناسلي الأنثويّ، وهما المصنع المُنتج للبويضات والهرمونات الأُنثوية، وتُعد أكياس المبيض حالة شائعة الحدوث لدى النساء، إذ قد يظهر لدى 20 بالمئة من النساء كيسٌ واحدٌ على الأقل خلال فترة حياتهن، وغالبًا ما تكون أكياس المبيض صغيرة الحجم ولا تُسبب أي أعراض، وفي معظم الأحيان لا تكون المريضة على دراية بوجود كيس إلا في حال خضوعها لفحص الحوض، ولكن في بعض الحالات قد تؤدي أكياس المبيض لحدوث مضاعفات، كآلام الحوض، أو انفجار أكياس المبيض، أو النزيف، أو التواء المبيض، إذ تستدعي هذه المضاعفات تدخلًا علاجًيا سريعًا.[1][2]
ما هي أكياس المبيض؟
تُعرّف أكياس المبيض (Ovarian Cysts) على أنّها أكياسٌ مملوءة بمواد سائلة أو شبه سائلة، تنشأ داخل المبيض أو عليه،[3][4] ومع ازدياد خضوع النساء للفحوصات الدورية سواءً السريرية منها، أو بالموجات فوق الصوتيّة، زادت نسبة تشخيص أكياس المبايض لديهنّ، ومن الجدير بالذِكر أنّ أكياس المبايض قد تنشأ في أي مرحلة عمرية من حياة الأنثى، أي منذ الولادة إلى ما بعد مرحلة انقطاع الطمث.[4]
أنواع أكياس المبيض
تُصنّف أكياس المبيض إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
أكياس المبيض الوظيفية
قبل تعريف أكياس المبيض الوظيفية (Functional Ovarian Cysts)، لا بُدّ من فهم فسيولوجية الدورة الشهرية عند الإناث، إذ تتكون الدورة الشهرية من ثلاث مراحل؛ المرحلة الجُريبيَّة (Follicular)، مرحلة الإباضة (Ovulatory)، المرحلة الأصفريَّة أو اللوتينيَّة (Luteal)، في المرحلة الجُريبيَّة يرتفع مستوى الهرمون المنبه للجريب (FSH)، مما يساعد في تكوين مجموعة من الجريبات في المبيض، والجريبات هي حويصلات مملوءة بسائلٍ يحتوي كلٌ منها على بويضة، تضمحل معظم الجريبات ويبقى جريبٌ واحد يستمر بالنمو إلى حين الوصول للمرحلة التالية، أي مرحلة الإباضة، إذ يطلق الجريب البويضة، تأتي بعدها المرحلة الأصفريَّة أو اللوتينيَّة، حينها ينغلق الجريب بعد إطلاقه البويضة مُكونًا الجسم الأصفر، المسؤول عن إنتاج هرمون البروجيستيرون.[5]
تُقسم أكياس المبيض الوظيفية إلى:
- الكيس الجريبي (Follicular Cysts):
ينشأ الكيس الجريبي في حال فشل الجريب في الانفجار وتحرير البويضة، إذ يبقى السائل في الجريب مُشكلًا كيسًا،[3] يزيد قطره عادةً عن 2.5 سنتيميترًا.[2]
- كيس الجسم الأصفر (Corpus luteum cyst):
في حال حدوث الحمل يُنتج الجسم الأصفر هرمون البروجيستيرون لغاية الأسبوع الرابع عشر من الحمل بعدها يضمحل ويتحلل، وفي حال بقاء الجسم الأصفر وعدم تحلله ينتُج ما يسمى بكيس الجسم الأصفر، إذ قد يبلغ قطره 3 سنتيمترات، ويظهر حصريًا أثناء الحمل، وعادةً ما يزول تلقائيًا بحلول نهاية الثلث الأول من الحمل.[2]
أكياس المبيض الحميدة
تُوصَف أكياس المبيض الحميدة (Benign Ovarian Cyst) على أنّها أورام حميدة تنمو ببطء في المبيض، ونادرًا ما تُصبح أورامًا خبيثة،[6] ولها عدّة أنواع:
- الانتباذ البطاني الرحمي الكيسي (Endometrioma Cysts):
يدُل وجود هذه الأكياس على مراحل متقدمة من مرض الانتباذ البطاني الرحمي (Endometriosis)، وتسمى أيضًا بأكياس الشكولاتة، لأنها مملوءة بسائل بُنّي داكن اللون.[7]
- الكيس المسخي الحميد (Benign dermoid Cysts):
تنشأ الأكياس المسخية الحميدة من الخلايا الجنسية في المبيض (Germ Cell Tumor)، وتحتوي هذه الأكياس على شعر، وأظافر، ودم، وغضاريف، وعظام، وأسنان، ودهون، وقد تتضمن أحيانًا على أنسجة الغدة الدرقية.[8]
- الأكياس الليفية (Fibromas):
هي كتل صلبة تتكون من النسيج الضام، يبلغ قُطرها أقل من 7 سنتيميترًا، وتحدث غالبًا في مبيض واحد.[6]
- الأكياس الغُدية المخاطية (Mucinous Cystadenoma Cysts):
هي من أكثر أنواع أكياس المبيض الحميدة انتشارًا، إذ تُشكل ما نسبته 20-25 بالمئة من أكياس المبيض، وتظهر لدى النساء ما بين عُمر 30-50 عامًا، وعادةً ما تكون هذه الأكياس كبيرة الحجم، إذ إنّها قد تنمو ليتجاوز قطرها الـ 30 سنتيميترًا، وسُميت بالمخاطية لأنها تُنتج المخاط الذي يملأ هذه الأكياس.[8]
أكياس المبيض السرطانية
تُعاني امرأة واحدة من بين ألف امرأة في سن الإنجاب من أكياس المبيض السرطانية، بينما ترتفع نسبة الإصابة به إلى 3 نساء لكل ألف ممّن تجاوزن الخمسين عامًا، ويمتاز كيس المبيض السرطاني بشكله غير المُنتظم وصلابته، وقد تنتج أكياس المبيض السرطانية نتيجة الإصابة بأحد أنواع سرطان المبيض، أو نتيجة انتشار السرطان من مناطق أُخرى، أشهرها الثدي والجهاز الهضمي.[8]
انفجار أكياس المبيض
يُعد انفجار أكياس المبيض ظاهرة شائعة الحدوث، إذ إنّها تحدث طبيعيًا لدى النساء في مرحلة الإنجاب في كل دورة شهرية، وتتراوح أعراضها ما بين عدم وجود أعراض، أو ألم طفيف وعابر في منطقة أسفل البطن، إلى ألم شديد في بعض الحالات، ونادرًا ما يُرافق انفجار الأكياس نزيفٌ داخل منطقة البطن، أو حدوث الوفاة.[9]
أعراض انفجار أكياس المبيض
تحدث غالبية حالات انفجار أكياس المبيض في أكياس المبيض الوظيفية، وغالبًا لا يُسبب انفجارها أي عواقب على صحة المرأة،[10] وتتضمن أعراض انفجار أكياس المبيض:[4][9]
- ألم أُحادي الجانب ومفاجئ في الحوض.
- الشعور بالأعراض بعد ممارسة التمارين الرياضية، أو التعرض لضربة في منطقة البطن، أو بعد الجماع.
- الانتفاخ في البطن.
- النزيف المهبلي.
- الغثيان، أو التقيؤ.
- الشعور بالضعف العام في الجسم.
- الإغماء.
- ألم في الكتف.
- هبوطٌ في الدورة الدمويّة.
وفي حالاتٍ نادرة قد ينفجر الكيس المسخي الحميد مسببًا أعراضًا تشمل النزيف، وألم شديد في البطن نتيجة خروج المواد الدهنية الموجودة في الكيس، مما يسبب تهيجًا والتهابًا في منطقة الصفاق في البطن، الأمر الذي قد يسبب مضاعفات، كحدوث الناسور (Fistula)، أو التصاقات في البطن.[9]
علاج انفجار أكياس المبيض
تُعد العلاجات التحفظية الخيار المفضل لدى الأطباء في حالات انفجار أكياس المبيض وخاصةً في حال عدم وجود اضطرابات نزفية، إذ يُنصح بإدخال المريضة إلى المستشفى، ومراقبة علاماتها الحيوية، وإجراء فحص الهيماتوكريت (Hematocrit Levels)، وإجراء الصور الإشعاعية دوريًا لتقييم احتمالية حدوث نزيف نشط،[11] وفي حال كانت علامات المريضة الحيوية طبيعية، تُعالج فقط بمسكنات الألم، ومن أمثلة ذلك دواء أسيتامينوفين (Acetaminophen)، أو مورفين (Morphine) لحالات الألم الشديد.[9]
ويلجأ الأطباء إلى التدخلات الجراحية لدى ملاحظة عدم استقرار المؤشرات الحيوية، أو أنّ نسبة الهيموغلوبين في الدم قد انخفضت، أو ارتفاع نسبة الدم في تجويف البطن بناءً على نتائج التصوير الطبي، أو عند استمرار ألم البطن الشديد، على الرغم من استخدام الأدوية المسكنة،[11] وتكون التدخلات الجراحية إما بالجراحة التقليدية (فتح البطن)، أو باستخدام الجراحة بالمنظار، إذ يُوقَف النزيف جراحيًا إما بالخياطة، أو الكي، أو باستئصال الكيس، أو بقطع جزءٍ من المبيض (Wedge resection)، أو باستئصال المبيض.[9]
أما النساء اللواتي يعانين من نزيفٍ أو انفجارٍ متكرر لأكياس المبيض، خاصةً النساء اللواتي يعانين من عوامل تؤدي إلى حدوث نزيفٍ خطير، مثل تناول أدوية مضادات التجلط، أو المصابات باضطرابات تخثر الدم الوراثي، فيجب علاجهن بمثبطات التبويض، وذلك باستخدام حبوب منع الحمل الفموية المركبة (Combined oral contraceptive pill)، كما يُنصح بتغيير حبوب منع الحمل المستخدمة، وخاصة حبوب منع الحمل المحتوية على البروجستيرون فقط، إلى حبوب منع الحمل المركبة لدى النساء اللاتي يعانين من تكرر الإصابة بأكياس المبيض الوظيفية، إذ من الممكن أن يرتبط ظهور هذه الأكياس مع استخدام البروجيسترون.[10]
هل تعود أكياس المبيض بعد إزالتها؟
أفادت دراسة نُشرت في مجلة (Fertility and Sterility) عام 2014 ميلادي، أنّ عودة أكياس المبيض من نوع الانتباذ البطاني الرحمي الكيسي بعد إزالتها جراحيًا تُشكّل تحديًا للفريق الطبي، إذ بلغت نسبة عودة هذا النوع من الأكياس بعد مرور سنتين من الجراحة 19.1 بالمئة، بينما ترتفع النسبة إلى 40-50 بالمئة بعد مرور خمس سنوات من إجراء الجراحة.[12]
وأشارت دراسةٌ أُخرى نُشرت في مجلة (Journal of Pediatric and Adolescent Gynecology) عام 2014 ميلادي، أنّ نسبة ظهور الأكياس المسخية بعد إزالتها عند الأطفال والمراهقات قد بلغت 10.6 بالمئة، احتاج 3 بالمئة منهن لإعادة إجراء العملية لاستئصال الكيس.[13]