بعد الإعلان عن انتشار كوفيد-19 واعتباره وباءً عالميًا من قِبَل منظمة الصحة العالميّة، انصبّ اهتمام قاطني الكرة الأرضيّة على كُل ما يتعلّق بهذا المرض، أسبابه، أعراضه، وإمكانيّة علاجه، ولربمّا وعلى الرغم من قدرته العالية على الانتشار إلّا أنّه تبيّن –بحسب منظمة الصحة العالمية- بأنّ ما يُقارب 80% من المُصابين يمكن لهم أن يستعيدوا عافيتهم مع تعرُّضهم لأعراض طفيفة تُقارب تلك المُلازمة لنزلات البرد الشائعة التي تزور غالبيّة الأشخاص من مختلف الفئات العمريّة حول العالم، إلّا أنّ البعض أظهر أعراضًا أكثر حدّة تمثّلت بصعوبة في التنفُّس ليتبيّن بأنّ فيروس كورونا المُستجد قد يُسبّب التهابًا رئويًا ممّا يرفع من خطورة هذه الحالات ويجعلها تستلزم الإشراف الطبّي الحثيث.
ولمعرفة ما يُحدثه هذا الفيروس في الجسم، قال البروفيسور جون ويلسون -الرئيس المُنتخب للكلية الملكيّة الأستوالية للأطباء وأطبّاء الجهاز التنفسي- بأنّ مرضى كوفيد-19 يمكن تقسيمهم إلى أربع فئات رئيسيّة، كالتالي:
- الفئة التي تحمل فيروس كورونا لكن لا تظهر عليها أي أعراض، وهي الفئة الأقل تضرُرًا.
- الفئة التي يقتحم فيها فيروس كورونا المُستجد الجهاز التنفسي العُلوي ويتسبّب بأعراض طفيفة مثل: الحمّى، السُعال، الصُداع أو التهاب مُلتحمة العين.
- الفئة التي تُعاني من أعراض تتشابه مع تلك المُرافقة للإنفلونزا لكنّها تمنعهم من العمل، وهُم من قد يتّم إدخالهم للمستشفيات وغُرف العمليات، ويُمثّلون الفئة الأكبر.
- الفئة التي يتطوّر لديها المرض مُسبّبًا الالتهاب الرئوي.
كيفيّة الإصابة بالالتهاب الرئوي لدى مرضى كوفيد-19
يُتابع البروفيسور ويلسون في شرحه لآليّة حدوث الالتهاب الرئوي لدى مرضى كوفيد-19، ويقول بأنّ شعور المرضى بالحمّى والسُعال ينجُم عن وصول العدوى الفيروسيّة للمجاري التنفسيّة التي تقوم بإيصال الهواء للرئتين، ما يؤدّي إلى احتماليّة تمزُّق أو جَرح بِطانة الشُعب الهوائيّة مُسبّبًا التهابها، وهو ما يُهيّج الأعصاب الموجودة على بِطانة هذه الممرات الهوائيّة –لذلك قد تتسبّب هبّات بسيطة من الغُبار بالسُعال-، وفي حال ازداد الأمر سُوءًا فإنّه سيمتّد ليصِل وحدات تبادل الهواء الموجودة في نهاية الممرّات الهوائيّة، والتي بدورها ستقابل هذا الالتهاب بصّب المادة الالتهابيّة (المكوّنة من سائل وخلايا التهابيّة) في الحويصلات الهوائيّة الموجودة في قعر الرئتين.
بالتالي، فإنّ التهاب الحويصلات الهوائيّة سيؤدّي في نهاية المطاف إلى صبّ المادة الالتهابيّة داخل الرئتين مُسبّبًا بعد ذلك الالتهاب الرئوي؛ وذلك لعدم قدرة الرئتين على الحصول على الأكسجين الكافِ لإيصاله لمجرى الدم، ما يُقلّل قدرة الجسم على التخلُّص من ثاني أكسيد الكربون والحصول على كِفايته من الأكسجين اللازم للقيام بالواجبات المُولكة لأعضاؤه كافّة، وهو ما يؤدّي إلى الوفاة في الحالات الحرجة أو الشديدة التي يصِل لها مرضى كوفيد-19.
قد يتبادر لذهن الكثيرين التساؤل الرامي إلى التفرقة بين الالتهاب الرئوي الناجم عن كوفيد-19 والالتهاب الرئوي الاعتيادي، وفي هذا السياق تؤكّد البروفيسور كريستين جينكينز رئيسة مؤسسة الرئة الأسترالية بأنّ التهاب الرئة المُرافق لكوفيد-19 يختلف عن الالتهاب الرئوي الشائع والمعروف لدى الكثيرين، إذ إنّ معظم هذه الأنواع من الالتهابات الرئويّة التي لطالما تعامل معها القطاع الطبّي تكون بسبب عدوى بكتيريّة، بالتالي يُمكن للمُضادّات الحيويّة التأثير فيها، ما يُحسّن من حالة المريض.
ويؤكّد البروفيسور ويلسون بأنّ الاستجابة الأُولى لدى الأشخاص الأصحّاء حال وصول الفيروس للحويصلات الهوائيّة يكون عبر سرعة الاستجابة بتدمير الفيروس والقضاء عليه، إلّا أنّ بعض الأشخاص ممّن يُعانون من أمراض القلب والرئتين والسكري إضافة إلى كبار السّن قد لا يستطيعون مقاومة الالتهاب الرئوي ودحر الفيروس ما يُفاقم الحالة لديهم بشكلٍ خطير.
وكنتيجة باتت مُحقّقة فإنّ احتماليّة الإصابة بالالتهاب الرئوي (المُرافق لكوفيد-19) تزداد مع العُمر بغض النظر عن مدى لياقة وصحّة الشخص؛ إذ إنّ الجهاز المناعي يضعُف مع تقدُّم أي شخصٍ بالعُمر ما يجعل عملية تكوين أجسام مُضادّة لمقاومة أي من الأمراض وأنواع العدوى المختلفة أمرًا صعبًا.
المصدر: صحيفة الغارديان، العدد الصادر في 23 آذار عام 2020