الورم البرولاكتيني (Prolactinoma) هو أحد أنواع أورام الغدة النخامية (Pituitary adenoma) وأكثرها شيوعًا، إذ تبلغ معدلات الإصابة به ما بين 25-63 حالة لكل 100,000 نسمة، كما تُعد الإناث أكثر عرضة للإصابة به بمقدار ثلاثة أضعاف مقارنةً بالذكور، وغالبًا ما تُشخّص الإناث بالورم البرولاكتيني في الثلاثينيات من عمرهن، بينما يُشخّص الذكور به في عمر الـ 50 عامًا.[1]
ما هو هرمون البرولاكتين؟
يتكون البرولاكتين من 199 حمضًا أمينيًا، وتُنتجه الغدة النخامية الأمامية (Anterior pituitary gland)، إذ توجد فيها خلايا خاصة تُدعى الخلايا المُفرزة للبرولاكتين (Lactotrophs Cells) وهي المسؤولةٌ عن إنتاجه، وتخضع الغدة النخامية بشقيها الأمامي والخلفي لسيطرة غدة تحت المهاد (Hypothalamus) المسؤولة عن تنظيم إنتاج وإفراز هرمونات الغدة النخامية، ومن ضمنها هرمون البرولاكتين.[2]
لهرمون البرولاكتين عدة وظائف أهمها؛ إدرار الحليب للأم المُرضعة، وتطور ونمو الغدد الثديية،[2] أما عن تأثيره في صحة الذكور فلا يزال غير معروفٍ بالكامل، لكن تجدر الإشارة إلى أنّ ارتفاع مستوى هرمون البرولاكتين أو انخفاضه دون الحد الطبيعي يؤثر سلبًا في صحتهم الجنسية وقدرتهم على الإنجاب.[3]
ما هو الورم البرولاكتيني؟
يُعرّف الورم البرولاكتيني على أنه ورم غير سرطاني (حميد) ينشأ من خلايا خاصة في الغدة النخامية تسمى الخلايا المفرزة للبرولاكتين،[4] وهو النوع الأكثر شيوعًا من أورام الغدة النخامية الحميدة المُنتجة للهرمونات، إذ يُشكّل حوالي 30% من جميع أورام الغدة النخامية، وهو شائع الحدوث لدى الإناث أكثر من الذكور، ولكن في حالات نادرة قد يصاب به الأطفال،[5] كما يُعد أحد مسببات الإصابة بفرط هرمون البرولاكتين في الدم (Hyperprolactinemia).[6]
يرتبط تركيز هرمون البرولاكتين بحجم الورم البرولاكتيني؛ فكلما زاد حجمه زادت مستويات البرولاكتين في الدم،[6] لذا يُصنّف الورم إلى نوعين بحسب حجمه:[5][6]
- الورم البرولاكتيني الصغير (Microprolactinomas)
لا يتجاوز قطر هذا الورم سنتيميترًا واحدًا، وهو النوع الأكثر شيوعًا، وتُشخّص 90% من الإناث بالورم البرولاكتيني الصغير.
- الورم البرولاكتيني الكبير (Macroprolactinomas)
يزيد قطر هذا النوع عن 1 سنتيميترًا، وهو النوع الأكثر شيوعًا لدى الذكور، وتبلغ نسبة الإصابة بالورم البرولاكتيني الكبير لدى الذكور 60%، ويُشخص به عادةً كبار السن.
أسباب الإصابة بالورم البرولاكتيني
لا تزال أسباب الإصابة بالورم البرولاكتيني غير مفهومةٍ بدقة، فقد أُشير إلى وجود تغيراتٍ جينية أدت إلى زيادة نمو الخلايا المفرزة للبرولاكتين لدى المرضى، بالإضافة إلى ذلك، قد يرتبط الورم البرولاكتيني ببعض الأمراض الوراثية كمتلازمة الورم الصماوي المتعدد من النوع الأول (Multiple endocrine neoplasia type 1)، فقد كُشِف عن الورم البرولاكتيني لدى 15-60 بالمئة من هؤلاء المرضى.[6]
أعراض الورم البرولاكتيني
يُكتشف الورم البرولاكتيني لدى المرضى إما بسبب معاناتهم من أعراض ارتفاع مستويات هرمون البرولاكتين أو نتيجة تأثير كتلة الورم لديهم،[7] ومن أبرز أعراض ارتفاع برولاكتين الدم لدى الإناث:[5][7]
- انقطاع الحيض (Amenorrhea) أو قلة حدوثه (Oligomenorrhea).
- ثرُّ اللبن (Galactorrhea).
- انخفاض الرغبة الجنسية.
- الصداع.
- العقم (Infertility).
- تغيرات في الرؤية، خصوصًا الرؤية المحيطية.
أما أعراض فرط برولاكتين الدم لدى الذكور:[5][6]
- انخفاض الرغبة الجنسية.
- الضعف الجنسي، وضعف الانتصاب.
- تضخم الثدي عند الرجال -التثّدي- (Gynecomastia)
- تغيرات في الرؤية بالأخص الرؤية المحيطية.
- الصداع.
- العقم (Infertility).
- قلة الحيوانات المنوية (Oilgozoospermia).
كما تشير بعض الأعراض إلى زيادة حجم الورم وتأثيره في المنطقة المحيطة به:
- الصداع.[5]
- الخمول.[5]
- سيلان الأنف، ومشاكل في حاسة الشم.[5]
- الغثيان والتقيؤ.[5]
- شلل العصب القحفي الثالث (Cranial nerve palsies) وخاصة في حالات الأورام الخبيثة أو النزيف النخامي المفاجئ (Pituitary apoplexy).[6]
- النوبات التشنجية.[6]
- الاستسقاء الدماغي (Hydrocephalus).[6]
- جحوظ إحدى العينين (Unilateral exophthalmos).[6]
- مشاكل في البصر، مثل الرؤية المزدوجة، وتدلي الجفون، والعمى النصفي الصدغي المزدوج (Bitemporal hemianopsia) أو فقدان البصر الكلي.[5][8]
أما أعراض الورم البرولاكتيني عند الأطفال فتتضمن تأخر البلوغ، وتضخم الثدي، وثر اللبن، وانقطاع الطمث لدى الإناث أو غيابه لدى اللواتي لم يحضن بعد، كما لوحظ ظهور أعراض اضطرابات في البصر والصداع لدى الذكور.[9]
تشخيص الورم البرولاكتيني
يُشخص الطبيب الورم البرولاكتيني بالفحص السريري، وملاحظة الأعراض التي يعاني منها المريض، بالإضافة إلى الأدوية التي يتناولها،[5] وتتضمن الفحوصات التي تُجرى لتشخيص الورم البرولاكتيني:[5][8]
- فحص مستوى هرمون البرولاكتين في الدم، وقد يُعاد الفحص عدة مرات إذا كان الارتفاع طفيفًا، كما يُنصح بعدم إجراؤه بعد الفحص السريري للثدي، لأن فحص الثدي سريريًا قد يحفز إنتاج البرولاكتين.
- فحص الغدة النخامية بالرنين المغناطيسي (MRI) أو التصوير الطبقي المحوري (CT-Scan) للدماغ.
- فحص وظائف الغدة الدرقية، لأنّ خمول الغدة الدرقية قد يتسبب بحالة تسمى بالورم البرولاكتيني الكاذب (Pseudoprolactinoma) التي تشبه في أعراضها الورم البرولاكتيني.
- فحص الحمل للإناث في سن الإنجاب، إذ يسبب انقطاع الطمث وارتفاع هرمون البرولاكتين.
- فحص هرمون الذكورة للذكور/التستوستيرون (Testosterone).
- فحص هرمونات الغدة النخامية الأُخرى، مثل مستوى هرمون الكورتيزول، واختبار تحفيز الهرمون الموجه لقشر الكظر (Cosyntropin-stimulated cortisol Test)، وفحص عامل النمو شبيه الإنسولين 1 (Insulinlike growth factor-1 test).
علاج الورم البرولاكتيني
لا تتطلب كل حالات الورم البرولاكتيني العلاج، فبعض حالات الورم البرولاكتيني الصغير (Microprolactinomas) المصحوبة بأعراضٍ طفيفة لا يزداد حجمها لتصبح أورامًا كبيرة، لذا يكفيها المراقبة الدورية لمستوى هرمون البرولاكتين في الدم، بالإضافة إلى تصويرها سنويًا باستخدام تقنيات التصوير الإشعاعي، أما المرضى الذين يعانون من أعراض نتيجة الورم السرطاني الصغير والأورام الكبيرة، فيمكن علاجهم وفقًا للخطة العلاجية المعتمدة في هذه الحالة.[8]
العلاج الدوائي للورم البرولاكتيني
تُعد الأدوية الناهضة للدوبامين (Dopamine agonist) الخيار العلاجي الأول للورم البرولاكتيني، ويهدف العلاج إلى تقليل حجم الورم، وتصحيح المشاكل البصرية إن وجدت، وإيقاف ثر اللبن، واستعادة القدرة الجنسية، وتحسين الخصوبة،[6] ومن أشهر الأدوية الورم البرولاكتيني:
- بروموكريبتين (Bromocriptine): يثبط البروموكريبتين من إفراز هرمون البرولاكتين في الدم، ويقلص من حجم الأورام الكبيرة، ويُستخدم بجرعة ابتدائية تتراوح ما بين 1.25-2.5 مليغرام يوميًا، مع زيادة عدد مرات تناوله لتصل حتى مرتين يوميًا حسب الحاجة، وقد تصل الجرعة إلى 30 مليغرام مقسمة إلى جرعتين في اليوم، وعلى الرغم من أن استخدام دواء بروموكريبتين تراجع منذ ظهور كابيرجولين (Cabergoline) مطلع تسعينيات القرن الماضي، إلا أنّه يفضل استخدامه للإناث اللواتي يخططن للإنجاب، إذ سُجلت أكثر من 6000 حمل ناجحة منذ استخدامه لغاية اليوم دون تسجيل أضرار على الأجنة.[10]
- كابيرجولين (Cabergoline): هو أحد ناهضات الدوبامين طويلة الأمد، وذو فعالية أعلى من البروموكريبتين، يُستخدم بجرعة ابتدائية مقدارها 0.25 مليغرام مرتين أسبوعيًا، وتزداد تدريجيًا لتصل جرعته إلى 1 مليغرام مرتين أسبوعيًا.[8]
- كويناجولايد (Quinagolide): يتميز بأنه ناهض انتقائي لمستقبلات الدوبامين من النوع الثاني (Selective D2 Receptor Agonist) مما يُقلل من أعراضه الجانبية، ويُستخدم بجرعة تتراوح ما بين 0.075-0.6 مليغرام يوميًا.[1]
الجراحة لعلاج الورم البرولاكتيني
تُعد الجراحة الخيار العلاجي الثاني للحالات التي لا تستجيب للعلاج بناهضات الدوبامين أو عند عدم قدرة المريض على تحمل أعراضها الجانبية،[10] ومن أهم الطرق الجراحية المُستخدمة جراحة استئصال الورم الغدي النخامي من خلال العظم الوتدي الأنفي (Transsphenoidal pituitary adenomectomy)، وتُستخدم لكلا نوعي الورم؛ الكبير والصغير.[8]
العلاج الإشعاعي للورم البرولاكتيني
يُلجأ للعلاج الإشعاعي في حالات نادرة من الأورام الكبيرة، والتي لا تستجيب إلى العلاجات الدوائية، ولا تتحسن بعد الجراحة، وتكون خبيثة وشديدة العدوانية، ويمكن استخدام عدة تقنيات من العلاج الإشعاعي كالعلاج الإشعاعي ذو الشدة المُعدلة (Intensity modulated radiation therapy)، أو العلاج الإشعاعي بالقوس المعدل الحجمي (Volumetric modulated arc therapy)، أو الجراحة الإشعاعية التجسيمية (Gamma knife radiosurgery).[1]
الأورام البرولاكتينية العدوانية
عرّفت الجمعية الأوروبية لعلم الغدد الصماء (European Society of Endocrinology) الأورام البرولاكتينية العدوانية (Aggressive prolactinoma) على أنّها أورام غازية لأعضاء الجسم المختلفة، وغير قابلة للشفاء جراحيًا، كما تتميز بنموها غير الاعتيادي على الرغم من العلاجات بالأدوية الناهضة للدوبامين والجراحة، وقد تنتقل من عضو لآخر، ويُلجأ للجراحة، والعلاج الإشعاعي، والعلاج الكيميائي لمحاولة علاجها.[11]