يُعدّ الفصام العقلي أو الشيزوفرينيا (Schizophrenia) أحد الاضطرابات النفسيّة التي تؤثّر في طريقة التفكير، لتنعكس سلبًا على جوانب عدّة من حياة المُصاب وتترك آثارها الواضحة على المقرّبين من المُحيطين بالمريض.
بات يهدّد مرض الفصام ما يقرُب من 20 مليون شخصًا حول العالم، مستبيحًا حياتهم بمجموعة من الانعكاسات السلبيّة على التفكير، والمشاعر والسلوك عمومًا، ما يحدُّ من قدرتهم على التعلُّم والتقدُّم والإنجاز واتخّاذ القرارات في مختلف الجوانب الحياتيّة.
يُطلق البعض خطأً على مرض الفصام ما يُشَاع بانفصام الشخصيّة، وهو لا يدُل على المرض أو طبيعته، ولا يعني بأنّ المريض يملك شخصيتيين بنوازع مختلفة، إنمّا جاءت التسمية تِبعًا للترجمة الحرفيّة للكلمة اليونانيّة التي تشير للإسم: (Schizo) تعني انفصام و(Phrene) تعني العقل، وهي تشير حقيقةً إلى طريقة التفكير العقلي المُجزَّأ، ليس إلّا.
يمكن علاج مرض الفُصام عبر اتبّاع برامج علاجيّة تتحدّد من قِبل اختصاصيي الطب النفسي وفقًا للحالة بين أيديهم، إلّا أنّ تعاون المريض في رحلة العلاج يُعدّ تحديًّا كبيرًا للطبيب النفسي، إذ إنّ غالبيّة مرضى انفصام الشخصيّة يُنكرون إصابتهم بالمرض ما يُصعّب المهمّة على المريض ومَن حوله من العائلة والأصدقاء، والمُعالِج كذلك.[1][2]
أعراض الفصام العقلي
عادةً ما تُقسَّم أعراض الشيزوفرينيا إلى مجموعتين، أحَدها إيجابيّة والأُخرى سلبيّة، لكن الإيجابيّة والسلبيّة في وصف الأعراض لا تعبّر عن حالتها فيما إذا كانت جيّدة أم سيئة، إنمّا أعراض الشيزوفرينيا الإيجابيّة تشير إلى الأعراض التي تكشف عن الفصام العقلي لدى المُصاب والتي لا تتواجد إلا لدى هذه الفئة، مثل: الهلوسات، الأوهام وغيرهما.
أمّا الأعراض السلبيّة فهي تعبّر عن الأعراض التي لا يمكن تمييزها على أنّها فريدة لاضطراب “انفصام الشخصيّة”، مثل: غياب الدافع النفسي أو المعنوي لأداء المهام أو إنجاز العديد من الأفعال، أو تشتُّت الأفكار وعدم التركيز، أو إهمال العناية الشخصيّة والانعزاليّة وغيرها ممّا قد يُعدّ مرافقًا لعددٍ من الاضطرابات النفسيّة الأُخرى.[3]
مرض الفصام العقلي غالبًا ما يُشخَّص لدى المرضى بعد التحقُّق من اجتماع مجموعة من الأعراض التي تنتمي لهذا الاضطراب النفسي، على أن تستمرّ لِما لا يقل عن 6 أشهر، من أبرز أعراض الفصام العقلي:[4][5]
- الهلوسات: يمرّ المريض بحالة من الهلوسة بسماع أصواتٍ إمّا تكون غريبة أو معروفة لديه، أو ربمّا يرى أو يشُّم أشياء لا يدركها غيره، أيّ أنّ هذه الهلوسات هي غير موجودة في الواقع، إنمّا تحتلّ عقل المريض وحده.
- الأوهام: تستعمر عقول مرضى الفُصام مجموعة من الأوهام والمُعتقدات الخاطئة والتي غالبًا ما تؤثّر في قدرتهم على التركيز والتفكير.
- مشاكل إدراكيّة تعيق قدرة المريض على ترتيب أفكاره أو تذكُّر الأشياء، وتؤثر في قدرته على إنجاز المهام المُوكلَة إليه.
- اللامبالاة وفقدان المتعة والاهتمام بالنشاطات اليوميّة التي اعتاد على ممارستها سابقًا.
- الانطوائيّة ومحاولة تجنُّب الأصدقاء والعائلة من حوله.
- إهمال النظافة الشخصيّة.
أسباب الفصام
حتى الآن، لا يزال السبب الرئيسيّ وراء الإصابة بالشيزوفرينيا غير معروفًا، إلّا أنّ خبراء الصحّة النفسيّة يعتقدون بأنّ مجموعة من العوامل إمّا البيئيّة أو الاجتماعيّة قد تلعب دورًا في التسبّب بمرض الفُصام، منها:[3][5]
- الضغط النفسي أو التوتر الناجم عن أحداث مؤلمة في حياة الشخص، مثل خسارة الوظيفة أو فقدان أحَد المقرّبين.
- خلل في آليّة عمل الخلايا العصبيّة في الدماغ؛ إذ من الممكن أن تحدث مشكلة في النواقل العصبيّة المسؤولة عن تواصل الخلايا العصبيّة مع بعضها بعضًا، ما يرفع معدل الإصابة بمرض الفصام.
- التعرُّض للإساءة أو الحرمان أثناء مرحلة الطفولة.
- عوامل وراثيّة؛ إذ تشير الدراسات إلى أنّ إصابة أحَد المقرّبين من العائلة (الوالدين أو الإخوة) يرفع معدل الإصابة بالشيزوفرينيا بما يُقارب 6 مرات.
- تعاطي أحَد المواد المُخدّرة والإدمان عليها.
- تعرُّض الدماغ لتلف سواءً أثناء الحمل أو أثناء الولادة؛ إذ قد يتعرّض الجنين لسوء التغذية أو الإصابة بعدوى فيروسيّة أثناء تواجده في رحم أمّه ما قد يرفع نسبة الإصابة بالفصام العقلي لاحقًا.
- التغيُّرات الهرمونيّة بعد انقطاع الطمث لدى النساء؛ إذ أظهرت بعض الدراسات وجود علاقة بين الشيزوفرينيا وانقطاع الطمث.
علاج الفصام
الفصام العقلي من الأمراض النفسيّة المزمنة التي استطاع الطب النفسي محاصرتها وطرح مجموعة من الحلول العلاجيّة للتخفيف عن المرضى وتحسين حياتهم إلى حدٍ كبير، خصوصًا في حال تعاون المريض والتزامه بالخطّة العلاجيّة الموضوعة من قِبَل الطبيب النفسي المسؤول عن تقييم حالته.
غالبًا ما يلجأ الطبيب النفسي لعدّة خيارات علاجيّة قد تشمل واحد أو أكثر منها:[4][6]
- العلاج النفسي:
يحدّد المعالِج النفسي مجموعة من الجلسات التي تتضمّن حديثه مع مريضه عبر أُسس معيّنة تساعد المريض نحو طريق الخلاص من حالة الفصام التي تسيطر على عقله، عادةً ما يعتمد الاختصاصي على العلاج السلوكي المعرفي وتمنية المهارات الاجتماعيّة للمريض وغيرها ممّا يراه مناسبًا.
- الأدوية:
قد يترافق العلاج النفسي مع تناول المريض لأنواع معيّنة من الأدوية التي يصفها الاختصاصي النفسي اعتمادًا على الحالة، غالبًا ما تستهدف هذه الأدويّة تخفيف حالات الهلوسة والهذيان من خلال محاولة تعديل كيميائيّة الدماغ وتصحيح المشكلة في النواقل العصبيّة، إلى جانب مُضادّات الاكتئاب وأدوية تعديل المزاج والسيطرة عليها وغيرها ممّا يُوصَف بناءً على التشخيص وحالة المريض.
المراجع
- World Health Organization. 2019. Schizophrenia. Retrieved from https://www.who.int/news-room/fact-sheets/detail/schizophrenia
- The history of schizophrenia. (n.d.). Retrieved from https://www.pasadenavilla.com/2014/02/28/the-history-of-schizophrenia/
- Rethink Mental Illness. (n.d.). Schizophrenia. Retrieved from https://www.rethink.org/advice-and-information/about-mental-illness/learn-more-about-conditions/schizophrenia/
- UK National Health Services. 2019. Overview-Schizophrenia. Retrieved from https://www.nhs.uk/mental-health/conditions/schizophrenia/overview/
- National Alliance on Mental Illness. (n.d.). Schizophrenia. Retrieved from https://www.nami.org/About-Mental-Illness/Mental-Health-Conditions/Schizophrenia
- Bhandari S. 2021. Medications that treat schizophrenia. Retrieved from https://www.webmd.com/schizophrenia/medicines-to-treat-schizophrenia