السيلينيوم من المعادن النزرة الأساسية التي يحتاجها الإنسان والحيوان على حدٍ سواء للحفاظ على توازن الجسم الداخلي، ويجب الحرص على تناول كمياتٍ كافيةٍ منه لتجنب الإصابة بأعراض نقصه.[1]
السيلينيوم
يوجد السيلينيوم (Selenium) في الطبيعة بشكلين رئيسيين؛ مركب السيلينايت رباعي التكافؤ (Selenites with tetravalent (Se+4)) ومركب السيلينيت سداسي التكافؤ (Selenates with hexavalent cations (Se+6) )،[1] وتؤثر كمية السيلينيوم الموجودة في التربة في تركيزه في الأغذية النباتية،[2] أما في الجسم فمن أهم الأشكال التي يوجد عليها بروتينات السيلينيوم (Selenoproteins) التي يندرج تحتها إنزيم جلوتاثايونين بيروكسيديز (Glutathione peroxidase) والذي-بفعل خواصه المضادة للأكسدة- يُسهم في حماية الجسم من الآثار الضارة لمركبات الأكسجين والنيتروجين التفاعلية (Reactive oxygen and nitrogen species).[2]
على الرغم من تدني كمية السيلينيوم في الجسم إلا أنه يؤدي العديد من الوظائف الحيوية فيه، فهو عنصرٌ ضروري في التفاعلات الإنزيمية اللازمة لتحفيز إنتاج هرمونات الغدة الدرقية، كما أنه ضروري لأداء وظائف الجهاز المناعي في الجسم، وذلك تبعًا لبعض الأبحاث التي أشارت إلى دور السيلينيوم في حماية الجسم من الأمراض، لا سيّما الفيروسية منها،[3] إذ إنّه يقلل من تكاثر الكائنات الحية المُمرضة (Pathogen replication) داخل الخلايا، ويزيد من أعداد الخلايا البلعمية (Macrophages) ويُحسّن من كفاءة عملها.[1]
فوائد السيلينيوم
لا توجد حاليًا توصيات متعلقة بضرورة تناول مكملات السيلينيوم للوقاية من الإصابة بالسرطان أو للوقاية من التسمم بالمعادن الثقيلة في حال الحصول عليه من مصادره الغذائية، كما تحتاج فوائد السيلينيوم إلى المزيد من البحث لإثباتها،[4] من فوائد السيلينيوم المُقترحة:[4][5]
- حماية الجسم من أضرار المعادن الثقيلة، إذ يُعتقد بوجود دورٍ للسيلينيوم في حماية الجسم من سُميّة بعض المعادن الثقيلة وغيرها من المواد الضارة الأُخرى.
- التقليل من خطر الإصابة بالسرطان، فعلى الرغم من عدم وجود دليلٍ قاطع يُثبت فعاليته في الوقاية من السرطان، إلّا أنّه يفيد في حالات الانخفاض الشديد لمستويات السيلينيوم في الدم.
- أمراض القلب، يُحتمل وجود دورٍ فعال للسيلينيوم في الوقاية من الإصابة بأمراض القلب، لا سيّما لدى الأشخاص من ذوي المخزون المتدني منه، لكن ما يزال هذا الادّعاء بحاجة إلى المزيد من البحث لإثبات صحته.
- داء غريفز (Graves' disease): يُسهم تناول مكملات السيلينيوم في علاج داء غريفز -وهو من الأمراض التي تصيب الغدة الدرقية-، إذ إنها تحدّ من تفاقم المرض، وتقلل من تضرر العينين المُصاحب له، كما تشمل فوائد السيلينيوم للنساء الوقاية من بعض الاعتلالات التي تصيب الغدة الدرقية بعد الولادة، وذلك وفقًا لدراسة تضمّنت تناول الحوامل لــِ 200 ميكروغرام من السيلينيوم يوميًا أثناء الحمل وبعد الولادة.
نقص السيلينيوم
يعاني ما يُقدّر بــِ 500 مليار شخص من نقص السيلينيوم، بسبب عدم كفاية تناوله من مصادره الغذائية، والتي تنتج عادةً عن شحٍ في تلك المصادر،[2] يحدث نقص السيلينيوم كذلك نتيجة استئصال بعض أجزاء الجهاز الهضمي كالمعدة والأمعاء الدقيقة، مما يُسبّب ضعفًا في امتصاص السيلينيوم ينتج عنه تدنّي مستوياته في الدم،[3] كما تؤدي التغذية الوريدية لفتراتٍ طويلة إلى نقص السيلينيوم،[4] قد يتسبّب نقص مستوى السيلينيوم ببعض المشكلات الصحيّة:[2][4]
- أمراض القلب: ومنها مرض كيشان (Keshan disease)، وهو من الأمراض التي سبق أن تسببت بوفاة عددٍ كبير من الأطفال في الصين، وفيه تُصاب عضلة القلب بالاعتلال الاحتقاني (Congestive cardiomyopathy) يصاحبه فشل في عضلة القلب، أيضًا تبدو قراءات تخطيط القلب (ECG) غير طبيعية .
- مرض كاشين بيك (Kashin - Bech): وهو مرض يُسبب تشوهاتٍ في العظام، والمفاصل، والغضاريف، فتتضخّم المفاصل وتصبح حركة الجسم مقيّدة، وهو من الأمراض التي تُصيب المرضى الذين يعتمدون على التغذية الوريدية الخالية من مكملات السيلينيوم.
- مرض القماءة المستوطنة المخاطية (أو ما يعرف بمتلازمة نقص اليود الخلقي) (Myxedematous endemic cretinism): هو من الأمراض المُسبّبة للإعاقة العقلية.
- أعراض نفسية وعصبية، أشارت بعض الدراسات إلى أنّ نقص السيلينيوم قد يُسبب تدهورًا في المزاج وظهور سلوكٍ عدواني، وبيّنت أحدها أنّ تركيز السيلينيوم في دماغ مريض الزهايمر يقل بنسبة 60% بالمقارنة مع الشخص الطبيعي.
- أعراض مرتبطة بالجهاز التناسلي: إذ يُعد السيلينيوم من العناصر الضرورية لتصنيع هرمون التستوستيرون (Testosterone) وتكوين الحيوانات المنوية لدى الذكور، وقد يؤثر نقصه في الخصوبة عند الرجال، أمّا عن دوره في الصحة الجنسية لدى النساء فيحتاج لمزيدٍ من البحث.
تجدر الإشارة إلى موافقة منظمة الغذاء والدواء (FDA) على استخدام مكملات السيلينيوم لعلاج نقصه الناتج إمّا عن عدم كفاية تناوله من مصادره الغذائية، أو الذي قد تتسبّب به التغذية الوريدية للمرضى.[3]
مصادر السيلينيوم
يمكن تقسيم السيلينيوم الموجود في المصادر الغذائية إلى شكلين؛ شكل عضوي يشمل مركبات سيلينوم- ثايونين (Selenome- thionine)، وسيلينو سيستين (Selenocysteine)، وميثل سيلينوسيستين (Se-methylselenocysteine)، وشكل غير عضوي يشمل مركبي السيلينيت (Selenate) والسيلينايت (Selenite)،[5] من الأغذية الغنيّة بالسيلينيوم:[3][5]
- الأسماك والمأكولات البحرية.
- اللحوم.
- الدواجن.
- الجوز البرازيلي.
- البذور والحبوب.
- الحليب ومنتجات الألبان.
- البيض.
تبلغ الجرعات اليومية المرجعية (Dietary reference intake) للسيلينيوم:[4]
الأطفال (منذ الولادة - 6 أشهر) | 15 ميكروغرام يوميًا |
الأطفال (من 7 أشهر- 12 شهرًا) | 20 ميكروغرام يوميًا |
تبلغ الجرعات اليومية المُوصى بها يوميًا (Recommended Dietary allowance) (RDA):[4]
الأطفال من سنة - 3 سنوات | 20 ميكروغرام يوميًا |
الأطفال من 4- 8 سنوات | 30 ميكروغرام يوميًا |
الأطفال من 9 - 13 سنة | 40 ميكروغرام يوميًا |
الذكور البالغين 14 سنة فما فوق | 55 ميكروغرام يوميًا |
الإناث البالغات 14 سنة فما فوق | 55 ميكروغرام يوميًا |
الحوامل | 60 ميكروغرام يوميًا |
المرضعات | 70 ميكروغرام يوميًا |
يُعد اتباع حمية غذائية متوازنة الوسيلة الأفضل لسد احتياجات الجسم من السيلينيوم، أمّا في حال اقتضت الضرورة تناول السيلينيوم على شكل حقن من حمض السيلينيوس (Selenious acid) بتركيز 600 ميكروغرام/10 مل، فتبلغ الجرعة اليومية منه:[3]
البالغين | 60 ميكروغرام يوميًا |
الأطفال بوزن 7 كيلوغرام فأكثر | 2 ميكروغرام/كغ يوميًا |
الأطفال بوزن أقل من 7 كيلوغرام | 4-2 ميكروغرام/كغ يوميًا |
لكن ينبغي توخّي الحذر ومتابعة إجراء فحص تركيز السيلينيوم في الجسم خلال فترة العلاج بحقن حمض السيلينيوس.[3]
الآثار الجانبية للسيلينيوم
بدأ إدراك احتماليّة وجود أضرار صحية في حال التعرض إلى جرعة زائدة من السيلينيوم في الثلاثينيات من القرن العشرين، عندما لُوحظ أن السيلينيوم تَسبب بإصابة الماشية في السهول الأمريكية بمشكلة مزمنة تُعرَف باسم التسمم بالسيلينيوم (Alkali disease)، ممّا يعني أن السيلينيوم قد يدخل إلى الحلقة الغذائية من خلال تناول الخضراوات والفواكه المزروعة في تربة غنية بالسيلينيوم.[6]
أمّا مكملات السيلينيوم فهي ذات سميّة منخفضة للغاية ومعظم آثارها الجانبية ناتجة عن احتوائها على مركب كبريتيد السيلينيوم (Selenium sulfide)، وتشمل تلك الآثار تقرحات في فروة الرأس يرافقها حكة، وحرقة، واحمرار، وزيادة في إفراز الزيوت، وتهيج الجلد والتهابه، وتصبغ الأظافر، ومن الآثار الجانبية الأُخرى الأقل شيوعًا والتي عادةً ما تنتج عن استخدام غسول الشعر الذي يحتوي على مركب كبريتيد السيلينيوم، زيادة تصبّغ فروة الرأس وتغير لونها، والصلع.[3]
أُجريت دراسة مُفصلة عام 1983 تناولت إصابة نصف قاطني بعض القرى الصينية والبالغ عددهم 248 بتسمم السيلينيوم في الفترة بين 1961-1964، وكانت أبرز أعراضه تساقط الشعر والأظافر، بالإضافة إلى حدوث آفات في الجلد وفي الجهاز العصبي ،وتضرر الأسنان ، وقد بلغ متوسط السيلينيوم في البول لدى الأشخاص المصابين 2.68 ميكروغرام/مل، بينما بلغت نسبته في الدم 3.2 ميكروغرام/مل، وقد نتج التسمم عن دخول كميات كبيرة من السيلينيوم إلى الغذاء عن طريق التربة المُلوثة بالسيلينيوم.[6]
قد يُشكل استخدام السيلينيوم خطرًا في حال الحساسية المُسبقة من استخدامه موضعيًا، كما لا بُدّ من توخي الحذر في حال استخدام السيلينيوم لدى المرضى الذين يعانون من مشاكل في الجهاز الهضمي، إذ لُوحظ أن السيلينيوم قد يُسبّب لهم التقيؤ والإسهال.[3]