الحديد: ما أهميته للجسم؟ وما مصادره الغذائية؟

الحديد من المعادن التي يحتاجها الجسم لأداء العديد من وظائفه الحيوية، ويمكن الحصول عليه من مصادر نباتية وحيوانية، إذ تتفاوت قدرة الجسم على امتصاص الحديد بتباين مصادره، ولا بدّ من الحرص على سدّ الاحتياجات اليومية منه تلافيًا للإصابة بالمضاعفات المرتبطة بنقصه.

يُعدّ الحديد من المعادن الضرورية لحياة الإنسان، فهو يلعب دورًا مهمًا في تصنيع المادة الوراثية (DNA)، بالإضافة إلى دوره الأساسي في العديد من العمليات الأيضية.[1]

الحديد

يمثل الحديد مكوّنًا أساسيًا من مكونات مركب الهيم (Heme) الذي يوصَف على أنّه أحد مكونات بروتين الهيموجلوبين (Haemoglobin)، وهو البروتين المسؤول عن نقل الأكسجين عبر الجسم، ويوجد في خلايا الدم الحمراء التي تصنعها الخلايا الجذعية المكونة للدم والموجودة في نخاع العظم،[1] ولا يستطيع جسم الإنسان تصنيع الحديد، إنما لا بُدّ من الحصول عليه من مصادره الغذائية أو من المكمّلات الغذائية التي تحتوي على الحديد، وعلى الرغم من قدرة الجسم على تدوير الحديد وإعادة استخدامه، إلا أنه يفقد كمية منه يوميًا، ما يُحتّم الحاجة إلى تعويضها، وتبلغ كمية الحديد في جسم الذكر الذي يزن 70 كيلو غرامًا حوالي 3 غرامات، 65% منها يستخدَم في تصنيع الهيموجلوبين، وللحديد أهمية كذلك في إنتاج الطاقة من خلال الدور الذي يؤديه في سلسلة نقل الإلكترون، كما أنه عامل مساعد لعدد من الإنزيمات الضرورية في بعض تفاعلات الأكسدة والاختزال (Oxidation-reduction reactions) كتلك التي يحتاجها الجسم في تصنيع الأحماض الأمينية، والنواقل العصبية، والهرمونات.[2]

نقص الحديد

يُعد نقص الحديد من أكثر المشكلات الصحية انتشارًا في العالم، إذ يُقدر عدد الأشخاص المصابين بنقص الحديد بحوالي 1.2 مليار شخص في عام 2016، وتُوصَف مكملات الحديد الفموية على أنّها العلاج الأساسي لحالات نقص الحديد،[3] من الفئات الأكثر عُرضة للإصابة بنقص الحديد:[3][4]

  • الأطفال.
  • النساء في سن الحيض، لا سيّما اللواتي يعانين من غزارة في الطمث، ومن هنّ في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث (Premenopausal women) .
  • الحوامل والنساء اللواتي أنجبن حديثًا.
  • العداؤون لمسافات طويلة.
  • الأشخاص في المجتمعات ذات الدخل المتوسط والمتدني.
  • المتبرعون بالدم دوريًا.
  • المرضى الذين يعانون من نزيف في الأمعاء، مثل قرحة المعدة.
  • المرضى الذين يعانون من مشاكل هضمية، ما يتسبّب بسوء امتصاص بعض العناصر الغذائية.

تجدر الإشارة إلى أنّ نقص الحديد يمر بعدة مراحل:[2]

  • الاستنزاف المبكّر لمخازن الحديد في الجسم، إذ يبدأ مخزون الحديد في الجسم بالتضاؤل لكن دون أن يؤثر ذلك في وظائف الجسم.
  • نقص الحديد الوظيفي المبكر، تنخفض نسبة الحديد خلال هذه المرحلة لدرجة تؤثر في وظائف الجسم التي تحتاج إليه.
  • فقر الدم الناتج عن نقص الحديد (Iron deficiency anemia)، وهي المرحلة الأكثر شيوعًا، وفيها تتناقص مستويات الهيموجلوبين في الدم، ويتقلص حجم خلايا الدم الحمراء، وتتأثر بعض الوظائف الحيوية المعتمدة على الحديد.

قد تظهر أعراض نقص الحديد لدى المصابين بفقر الدم أو غير المصابين به على حدٍ سواء، أو قد لا يترافق نقصه مع ظهور أيّ أعراضٍ البتة،[3] من أعراض نقص الحديد:[2][3]

  • اضطرابات الجهاز الهضمي.
  • حدوث خلل في عملية تصنيع كريات الدم الحمراء.
  • تدهور في القدرات الإدراكية.
  • ضعف القدرة على التركيز.
  • الشعور بالخمول والإنهاك.
  • الصداع.
  • الدوار.
  • شحوب الوجه.
  • طنين الأذن.

إضافةً لما سبق، قد يسبب نقص الحديد الصلع، وجفاف الشعر والجلد، والتهاب اللسان الضموري (Atrophic glossitis)، وتقعر الأظافر (Koilonychia)،[3] كما يؤدي نقص الحديد لدى الرُضع والأطفال إلى صعوبات في التعلم، وتدهور في القدرات الإدراكية العصبية، والقدرات الحركية النفسية في حال لم يُعالَج.[2]

مُكملات الحديد

يُنصح باستخدام مكملات الحديد لعلاج فقر الدم الناجم عن نقص الحديد، وكذلك نقص الحديد غير المترافق مع فقر الدم، وسوء الامتصاص، والالتهاب المزمن، وخسارة كمية كبيرة من الدم، وزيادة احتياجات الجسم من الحديد،[5] وهناك عدة أنواع من المكملات الغذائية التي تحتوي على الحديد:[3][5]

  • الأقراص الفموية:

يوجد منها أشكالٌ وتراكيزٌ عدّة، وعادةً ما تحتوي هذه الأقراص على أملاح الحديد، مثل كبريتات الحديد (Ferrous sulfate) والذي يشكل عنصر الحديد (Elemental iron) فيه ما نسبته 20% من مكوناته، ولزيادة فعالية امتصاص الحديد في الجسم يُنصح بتناول أقراص الحديد قبيل تناول الطعام بما يقارب 30 دقيقة وساعتين قبيل تناول أدوية أخرى على الأقل، ويمكن تناول مكملات الحديد مع كمياتٍ قليلة من الطعام في حال لم يستطع المريض تحمل تأثيرها المزعج في الجهاز الهضمي.

  • حقن الحديد:

في بعض الحالات، يمكن أخذ مكملات الحديد على شكل حقن وريدية بدلًا من الأقراص الفموية، كأن لا يستطيع المريض تحمل الآثار الجانبية لتلك الأقراص، والحوامل اللواتي يعانين من الغثيان والتقيؤ، والمرضى الذين يعانون من مشاكل في امتصاص الحديد ناجمة عن نقصٍ في إفرازات المعدة نتيجة إجراء تحويل مسار المعدة، وعادةً ما تتكون المادة التي يُحقن بها المريض من نواة من الحديد محاطة بغلاف من الكربوهيدرات تُبطئ من إطلاق الحديد في الدم، إذ تعتمد الجرعة القصوى التي يمكن إعطاؤها من هذه المكملات الوريدية على مدى استقرار الغلاف الكربوهيدراتي.

احتياجات الجسم من الحديد

تُقدّر الاحتياجات اليومية (Dietary reference) المُوصَى بها من الحديد للرُضع والأطفال :[4]

أقل من 6 أشهر

0.27 مغ/ اليوم

من 7 أشهر- سنة

11 مغ/ اليوم

من سنة – 3 سنوات

7 مغ/ اليوم

من 4- 8 سنوات

10 مغ/ اليوم

بينما تُقدر الاحتياجات اليومية المُوصى بها للبالغين (RDA) من الحديد:[4]

الفئة العمرية

الذكور

الإناث

بين 9-13 سنة

8 مغ/ اليوم

8 مغ/ اليوم

بين 14-18 سنة

11 مغ/ اليوم

15 مغ/ اليوم

19 سنة -50 سنة

8 مغ/ اليوم

18 مغ/ اليوم

51 سنة أو أكبر

8 مغ/ اليوم

8 مغ / اليوم

الحوامل من جميع الأعمار

--

27 مغ/ اليوم

المرضعات بين 19-30 سنة

--

9 مغ/ اليوم

مصادر الحديد الغذائية

يُقسم الحديد إلى صنفين رئيسيين؛ الحديد الهيمي (Heme) والحديد غير الهيمي (Nonheme)، وبينما يتوفر الحديد غير الهيمي في كل من المصادر الغذائية الحيوانية والنباتية على حدٍ سواء، فإنّ الحديد الهيمي يوجد فقط في المصادر الغذائية الحيوانية ونسبة امتصاصه في الجسم أعلى من نسبة امتصاص الحديد غير الهيمي،[2] من مصادر الحديد:[2][4]

  • الكبد البقري.
  • البيض (خصوصا صفار البيض).
  • اللحوم الحمراء قليلة الدهون.
  • الدجاج.
  • التونا وسمك السلمون.
  • البقوليات، مثل الفاصولياء البيضاء، والعدس، والحمص.
  • بعض أنواع الخضراوات، مثل السبانخ والبروكلي.
  • الفواكه المجففة كالزبيب والمشمش المجفف.
  • الحبوب الكاملة.

ولا بُد من الإشارة إلى أنّ وجود بعض المركبات في الأطعمة تزيد من فعالية امتصاص الحديد في الجسم، مثل حمض الأسكوربيك (Ascorbic acid)، بينما تقلل بعض المركبات مثل مركبات الفايتات (Phytates)، التي تكثر في بعض أنواع البقوليات كالعدس، من امتصاص الحديد غير الهيمي.[2]

الآثار الجانبية لمكملات الحديد ومدى سميتها

ترتبط عادةً الآثار الجانبية الشائعة لتناول مكملات الحديد الفموية بالجهاز الهضمي، إذ تتضمن الغثيان، والإسهال، وألم البطن، والإمساك، ومن المضاعفات الخطيرة لمكملات الحديد الفموية حدوث نزيف في الجهاز الهضمي، وإصابته بالتقرحات، وتعرض الجسم لتفاعلات تحسسية، أما أكثر الآثار الجانبية شيوعًا لحقن الحديد فتشمل هبوط الضغط (Hypotension) بالإضافة إلى إصابة الجسم بحساسية الحقن (Infusion reactions) التي تتضمن أعراضها الشعور بآلام في المفاصل (Arthralgias)، وآلام في العضلات (Myalgias)، والصداع، والغثيان، وتورُّد الجسم.[1]

تُعدّ نسبة حدوث التسمم بمكملات الحديد ضئيلة، فقلما يزيد تناول الحديد عن الحد الأقصى المسموح به، ولكن قد يصاب الأطفال بتسمم الحديد عند تناول جرعاتٍ زائدة من مكملات الحديد، ويرافق ذلك التسمم الشعور بالإعياء، والغثيان، والدوار، وفقدان الوزن، وضيق في التنفس، وتصبغ الجلد باللون الرمادي.[4]

إضافةً لما سبق، لا بُدّ من توخي الحذر عند تناول مكملات الحديد مع أدوية أخرى، إذ إنه قد يرتبط مع بعض الأدوية مكونًا مركبات غير ذائبة مما يعيق امتصاص تلك الأدوية في الجسم، كدواء الليفودوبا/ميثيلدوبا (Methyldopa/Levodopa)، وبعض أنواع المضادات الحيوية كالبنسلين، كما يجب تجنب تناول مكملات الحديد من الأشخاص الذين يعانون من فائض الحديد في أجسامهم كمرضى داء ترسب الأصبغة الدموية الوراثي (Hereditary hemochromatosis).[5]

كتابة: اختصاصية التغذية وعلوم الغذاء أروى الخطيب - الأحد ، 28 تموز 2024
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan
آخر تعديل - الإثنين ، 29 تموز 2024

المراجع

1.
Barney J, Moosavi L. ron. [Updated 2022 Jul 11]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2023 Jan-. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK542171/
2.
Moustarah F, Daley SF. . Dietary Iron. [Updated 2022 Oct 22]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2023 Jan-. . Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK540969/
3.
Pasricha, S., Tye-Din, J., Muckenthaler, M. U., & Swinkels, D. W. Iron deficiency. The Lancet, 397(10270), 233-248. Retrieved from https://doi.org/10.1016/S0140-6736(20)32594-0

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية