ينتمي نبات الحلبة (Trigonella foenum-graecum) إلى العائلة القرنية (Fabaceae family)، وهي من النباتات التي تنتشر في أنحاء العالم المختلفة بكثرة، وذلك لإمكانية الاستفادة منها كمكون هام في الطب التقليدي.[1]
الحلبة
تُعد بذور الحلبة من الحبوب الغذائية، وهي أحد أنواع التوابل كذلك، وقد استُخدمت قديمًا في الطب التقليدي لعلاج النوع الثاني من مرض السكري في العديد من البلدان كمصر، وجنوب أوروبا، والهند، وآسيا، وشمال أفريقيا، كما أنها استُخدمت في تنظيم الهرمونات، لا سيما في إطار علاج الضعف الجنسي لدى الرجال، وكمدر للحليب لدى النساء المرضعات،[2] وإضافة إلى كونها مادة ذات خواص طبية، يُنظر للحلبة كذلك على أنها محصولٌ كيميائي يمكن الاستفادة منه في العديد من الأغراض الصناعية، فمثلًا تُعد بذور الحلبة أحد مصادر مركب الستيرويد دايوسيجنين (Steroid diosgenin) الذي له أهمية في الصناعات الدوائية، كما تستخدمها بعض البلدان في الطهي؛ ففي إيران مثلًا تُستخدم الحلبة في صناعة حساء يُقدم بجانب طبق الأرز، كما تَستخدم سويسرا الحلبة كمادة مُنكهة للأجبان، وفي مصر يُخلط مسحوق بذور الحلبة مع الطحين ويُستخدم المزيج في صناعة أنواعٍ من الخبز المُسطح، وفي بعض دول أفريقيا تُحمّص حبوب الحلبة وتُستخدم كبديلٍ عن القهوة.[1]
أجزاء نبات الحلبة ونموه
تعود أُصول الحلبة إلى مناطق شرق أوروبا وبعض أجزاء آسيا، وفي الوقت الحالي تنتشر زراعة الحلبة في معظم دول العالم للاستفادة من أوراقها كخضراواتٍ ورقية ومن بذورها كأحد أنواع التوابل،[3] ونبات الحلبة من النباتات السنوية المنتصبة كثيرة الزغب،[1] إذ ينمو نبات الحلبة إلى أطوالٍ قد تمتد إلى ارتفاع 0.3 -0.8 متر،[3] وقد تصل إلى حوالي 3 أقدام (تقريبًا 91.44 سنتيمتر)، ويتكون من عدة أجزاء تشمل سيقانًا طويلة تحمل أوراقًا مُقسمة لثلاثة أجزاء، تظهر بشكلٍ بيضوي مقلوب وأطرافها مُسنّنة يتراوح لونها بين الرمادي والأخضر،[1] لنبات الحلبة أزهار بيضاء أو صفراء ينتج عنها قرون أنبوبية طويلة بلون يتراوح بين الأصفر إلى البني، ولدى وصولها لمرحلة النضج تحمل هذه القرون بذور الحلبة البنية الصلبة بداخلها،[3] وتتميز قرون الحلبة بشكلها الذي يشبه السيف بحافة تشبه المنقار، ويتراوح طولها بين 10-15 سم، وفي كل قرن حوالي 10-20 بذرة.[1]
يُعد المناخ اللطيف في حوض البحر الأبيض المتوسط الأنسب لزراعة الحلبة، ويُمثل منتصف فصل الصيف فترة إزهار نبات الحلبة، إذ تستغرق فترة نضج النبتة حوالي أربعة أشهر، لتبدأ أزهار الحلبة بالظهور بين شهري حزيران وتموز، يجدر الذكر بأنّ تطبيق الممارسات الزراعية الصحيحة يُسهم في زيادة جودة وكمية محصول الحلبة، كاتباع أساليب الري والحصاد المناسبة.[1]
فوائد الحلبة
تمتاز الحلبة باحتوائها على مجموعة من المركبات الكيمائية التي تندرج تحت مسمى الجلايكوسيدات (Glycosides)، وذلك كمركبات الصابونين (Saponins)، والصابوجينين (Sapogenins)، والسيميلاجينين (Similagenins)، وغيرها،[2] ويُعتقد أنّ لهذه المركبات دور في منح الحلبة بعض الفوائد:
- فوائد الحلبة للشعر:
من المعروف أنّ للحلبة آثارًا إيجابية في نمو الشعر، ومن ضمن التفاسير المحتملة لذلك هو أنّ الحلبة تحفز دوران الدم، وتساعد في وصوله إلى بصيلات الشعر، كما يعتقد أنّ مركبات الصابونين الستيرويدية التي تحتويها الحلبة توثر في أيض مركب ثنائي هيدروتستوستيرون (Dihydrotesterone) الذي يؤدي ارتباطه ببصيلات الشعر إلى تقليص حجم الشعر تدريجيًا ليتسبّب بتساقطه لاحقًا.[4]
- فوائد الحلبة للأطفال:
في دراسة نُشرت في مجلة (Global journal of bioscience and biotechnology) سنة 2018، أجريت على 5 أطفال تتراوح أعمارهم بين 3-5 سنوات من ذوي الأوزان المنخفضة، لوحظ أن إطعامهم لخليط يحتوي على العسل، واللوز، والجوز، مضافًا لهم الحلبة بنسب معينة ساهم في تعزيز شهيتهم، ثم زيادة أوزانهم.[5]
- فوائد الحلبة للرجال:
يمثل هرمون التستوستيرون أحد الهرمونات الذكرية الرئيسية التي تساعد في بناء العضلات وزيادة قوة الجسم، وقد أظهرت دراسة أُجريت على ٦٠ رجلًا يتمتعون بصحة جيدة أنّ تناول كبسولتين تحتوي الواحدة منهما على 300 مغ من الحلبة يوميًا قد حسن من قوة عضلاتهم ومن نشاطهم الجسدي وقدرتهم على التحمُّل أثناء ممارسة تمارين المقاومة (Resistance training). [2]
- فوائد الحلبة للنساء:
قد يسهم تناول المرأة للحلبة بعد الولادة في مساعدتها على تقوية عضلاتها وعلى زيادة إدرار الحليب.[2]
- فوائد الحلبة للرحم والمبايض:
تُعد متلازمة المبيض المتعدد التكيسات (Polycystic Ovary (syndrome من الاضطرابات الهرمونية التي تسبب ارتفاعًا في مستوى الهرمونات الذكورية لدى النساء، وتتسم بتضخم المبيضين، وتراكم أكياس مملوءة بالسوائل عليهما، كما تؤدي إلى عدم انتظام الدورة الشهرية، وقد أشارت دراسة نشرت في مجلة (Journal of the American nutrition association) سنة 2022 إلى أن تناول كبسولات تحتوي على 1000 مغ من الحلبة يوميا لمدة 12 أسبوع متوالٍ، أدت إلى تضاؤل حجم التكيسات الموجودة على كلا المبيضين، كما جعلت الدورة الشهرية أكثر انتظامًا.[6]
الخواص العلاجية للحلبة
صُنّفت الحلبة ضمن الأغذية الوظيفية ذات المنافع الصحية التي يمكن الاستفادة منها في حالات الصحة والمرض ضمن عدد لا بأس به من الدراسات المنشورة،[3] من الخواص الطبية للحلبة:[1][3]
- خواص مضادة لنمو الكائنات الحية الضارة: تحتوي بذور الحلبة على مجموعة من الزيوت، كما تحتوي أوراق الحلبة على بعض المركبات الأخرى التي من شأنها أن تسبب السمية للبكتيريا، والفطريات، وغيرها من الطفيليات الأخرى.
- خواص مخفضة للكوليسترول: أشارت بعض الدراسات المخبرية إلى دور للحلبة في تخفيض الكوليسترول، ففي دراسة أُجريت على كلاب لديهم ارتفاع في نسبة الكوليسترول في الدم أضيفت فيها الحلبة منزوعة الدهن والغنية بكل من الألياف ومركبات الصابونين الستيرويدية إلى حمياتهم الغذائية، لوحظ أنّ ذلك قلل من مستوى الكوليسترول في الدم لديهم.
- خواص مضادة للأكسدة: على الرغم من عدم إحاطة الباحثين بطبيعة مكونات الحلبة المسؤولة عن نشاطها المضاد للأكسدة على وجه الدقة، فإنّ لمركبات الفلافونويد، ومركبات عديدة الفينول خصائص مضادة للأكسدة تساعد في التقليل من الجهد التأكسدي في الجسم والذي قد يسبب الإصابة بالعديد من الأمراض.
- خواص مضادة للسكري: وفقًا لعدد من الباحثين أسهم استخدام كل من الحلبة الخام، وعدة مستخلصات من الحلبة في تخفيض مستويات الجلوكوز ضمن دراسات مخبرية وبشرية أُجريت على حيواناتٍ ومرضى مصابين بالسكري.
- خواص مضادة لقرحة المعدة: بينت دراسة أُجريت عام 2002 أنّ للحلبة دور في علاج بعض أمراض الجهاز الهضمي- كقرحة المعدة- مشابه لدور بعض الأدوية المُستخدمة لذلك، كدواء أوميبرازول (Omeprazole).
مكونات الحلبة وأبرز آثارها الجانبية
لعل أبرز ما يميز بذور الحلبة رائحتها المميزة، ومذاقها المر، وهي تحتوي على عددٍ كبير من المركبات الفعالة:[4]
- مركبات الصابونين- وأبرزها مشتقات الدايوسجينين (Diosgenin)، والياموجينين (Yamogenin)، والجايتوجينين (Gitogenin).
- القلويات (Alkaloids).
- الفلافونويد (Flavonoids).
- ألياف الجالاكتومانان (Fiber galactomannan).
أمّا الآثار الجانبية للحلبة، فيُشار إلى أنّ كل مستحضر صيدلاني قد يترافق مع بعض الآثار الجانبية المُحتملة التي لا يجب إغفالها حتى لو كان هذا المستحضر من منتجات الأعشاب،[3] وتبعًا لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية (US food and drug administration) يُعد مستخلص بذور الحلبة آمنًا بالعموم،[2] من الآثار الجانبية الناجمة عن تناول الحلبة التي تضمنتها بعض الدراسات:[3]
- الشعور بتوعك في المعدة والإصابة بالإسهال.
- النفاخ، فقد أشارت بعض الدراسات التي أجريت على الحيوانات إلى إمكانية تسبب الحلبة بالنفاخ.
- انخفاض مستوى السكر في الدم كالعصبية، والرجفان، وتسارع دقات القلب، والتعرق، وهي أعراض أكثر خطورة للحلبة أشار إليها بعض الباحثين.
- أعراض تحسسيّة خطيرة، على الرغم من ندرة الإصابة بهذا العرَض، فإن البعض قد يُعاني منها، وقد تشمل أعراض الحساسية التي تسببها الحلبة، صعوبة التنفس، والدوار الشديد، وظهور طفح جلدي طفيف وتورُّم وحكة في الوجه، واللسان، والحلق.