يوجد حمض الهيالورونيك (Hyaluronic acid) طبيعيًا في طبقة الأدمة من جلد الإنسان وهو عبارة عن مركب عديد السكريات، إذ يُعدّ مادة طبيعية توفر الترطيب للجلد من خلال الاحتفاظ بالرطوبة داخل الخلايا (Humectant)،[1] كما يحافظ على مرونة الأنسجة الضامة السائلة في جسم الإنسان، كالسائل المرن الموجود في المفاصل والسائل الزجاجي للعين، بالإضافة إلى التحكم بضبط انتقال جزيئات الماء في الجسم ودرجة رطوبة الأنسجة، وبفضل طبيعة التركيب الكيميائي لحمض الهيالورونيك التي لا تسبب حساسية مناعية ووتوافق وتتوافق مع الطبيعة الحيوية لأجسام البشر، فقد بدأ استخدامه في العديد من الأغراض السريرية.[2]
متى استخدم حمض الهيالورونيك لأول مرة؟
اكتشف حمض الهيالورونيك عام 1934 ميلادي على يد العالمين كارل ماير (Karl Meyer) وزميله جون بالمر (John Palmer) اللذان تمكنا من عزل مادة كيميائية من السائل الزجاجي في عيون البقر، ولدى تحليلها اكتُشف أحد أنواع جزيئات السكر التي أُطلق عليها حينها اسم يرونيك أسيد (Uronic acid) والذي أصبح فيما بعد هيالورونيك أسيد، بعد إضافة مقطع (“hyalo”) وهو الكلمة اليونانية للزجاج.[2]
لكن لم يُستخدَم حمض الهيالورونيك إلّا في نهاية خمسينات القرن الماضي، عندما اُستخدم حمض الهيالورونيك لأول مرة لأغراضٍ طبية أثناء إحدى عمليات العيون، وتبعها بزوغ الاهتمام المتزايد بمدى قابلية استخدام حمض الهيالورونيك في الأمراض الجلدية، ويعود ذلك إلى كونه مادة شرهة للماء "استرطابية" (Hygroscopic) لزجة، وذات انسيابية ومرونة ملحوظة.[2][3]
التركيبة الكيميائية لحمض الهيالورونيك
مركب حمض الهيالورونيك عبارة عن سلسلة تدعى الغليكوز أمينوغليكان (Glycosaminoglycans) تتكون من سكريات ثنائية ترتبط برابطة جلايكوسيدية وتتكرر هذه الثنائيات خلال السلسلة، وتستطيع التركيبة الكيميائية لحمض الهيالورونيك حمل ما يزيد عن 1000 مرة من وزنها من الماء بفضل شحنتها السالبة التي تسمح بجذب الماء نحوها وبتالي إعطاء حجم ودعم هيكيلي مكان تواجدها ضمن العديد من أنسجة جسم الإنسان المختلفة، كالجلد، والعيون، والأنسجة الضامة.[4][5]
أمّا المسؤول عن إنتاج حمض الهيالورونيك في الجسم فهو إنزيم يدعى بالإنزيم المنتج لحمض الهيالورونيك (HA synthases (HAS)) وهو أحد أنواع الإنزيمات التي ترتبط بالجزء الداخلي من الأغشية البلازمية لخلايا الجسم المختلفة، وتفرز الهيالورونيك أسيد في الحيز خارج الخلايا بعد إنتاجه، وتوجد لهذا الإنزيم ثلاثة أنواعٍ رئيسية في أجسام الثدييات (HAS-1, HAS-2, HAS-3)، يتميّز كلٌ منها بخصائص تمكنها من إنتاج سلاسل مختلفة في الطول من حمض الهيالورونيك.[6]
فوائد حمض الهيالورونيك في عالم التجميل
يُعدّ ترطيب البشرة أحد أهم خصائص حمض الهيالورونيك، فهو يعزز من مرونة البشرة، ويحفز الكولاجين والإيلاستين في الجلد، بالإضافة إلى استعادة امتلاء الوجه مما يسهم في شدّ البشرة وتقليل ظهور التجاعيد، إذ إنّ الحفاظ على رطوبة البشرة من أهم عوامل الحفاظ على حاجز بشرة صحي.[3][7]
في المقابل، يرتبط جفاف البشرة مع الإصابة بالتهاب الجلد التأتبي، ويتركها معرضة للكدمات، والجروح، والحكة الشديدة لذا يُنصح باستعمال مستحضرات الترطيب التي تحتوي حمض الهيالورونيك لتفادي مثل هذه المشكلة، أمّا البشرة الدهنية، فوُجد أنّ حمض الهيالورونيك يلعب دورًا فعالًا في تقليل إنتاج الدهون وبالتالي كبح الإفراز المُفرط للزهم من الغدد الدهنية.[7]
كما أنّ لحمض الهيالورونيك استخدامات أُخرى في تعزيز تجدد خلايا البشرة الذي يُعدّ أحد أهم ما يبحث عنه المستهلكين وخبراء البشرة، لذا بدأ استخدامه في العديد من مستحضرات التجميل المُوجهة لمكافحة شيخوخة البشرة بفضل قدرتها على الاحتفاظ بالرطوبة، وتسريع تجدد الخلايا، وتقليل الفاقد المائي من سطح البشرة.[8]
تجدر الإشارة إلى توافق اختصاصيي الجلدية على التأثير الإيجابي لاستخدام حمض الهيالورونيك في علاج الوردية (Rosacea) المتمثلة بظهور أعراضٍ كاحمرار الوجنتين، وظهور الحمامي، والحطاطات البشروية (Papules)، إذ إنّ للهيالورونيك أسيد القدرة على تعزيز الخصائص المضادة للأكسدة الموجودة طبيعيًا في البشرة وبالتالي تخفيف حدّة أعراض الوردية وتقليل حساسية البشرة.[7]
بالإضافة إلى ما سبق، يمتلك حمض الهيالورونيك القدرة على تعزيز شفاء الجروح، لذا يُستخدم في علاج الجروح الحادة كالحروق والقدم السكرية، بالإضافة إلى الندبات الناجمة عن العمليات الجراحية؛ إذ تسرّع من التئامها.[3][4]
الأشكال الصيدلانية والمستحضرات التجميلية التي تحتوي حمض الهيالورونيك
يمكن الحصول على حمض الهيالورونيك في العديد من المستحضرات الصيدلانية بأشكالٍ مختلفة، ويتراوح تركيز حمض الهيالورونيك في معظم التركيبات والمستحضرات التجميلية بين 0.2 إلى 1%،[5][8] فمنها الكريمي، والرغوي (Foam)، والهلامي (الجل)، والهلام المائي (Hydrogel)، كما تتواجد على هيئة حقن جلدية أو كمادة تعبئة "فيلر" (Dermal filler)، إذ تختلف استخداماته باختلاف الشكل الصيدلاني، فمثلًا يُستعمل الكريم أو الجل للتخلص من الأعراض المزعجة المرافقة للإكزيما والمتمثلة بالحكة والحرقة والألم، كما يمكن استخدامها على الندبات والتقرحات، ويمكن استعمال الحقن منه في إعطاء إكساب الشفاه والوجنتين مظهرًا ممتلئًا.[4][5]
تجدر الإشارة إلى توافُر حمض الهيالورونيك في مستحضرات الوقاية من الشمس، وتكمن أهمية ذلك في الحفاظ على بشرة مشدودة، وتوفير الحماية لها من الأشعة فوق البنفسجية، وتقليل إطلاق العوامل المحفزة للالتهاب، بالإضافة إلى كونه مضادًا للأكسدة، كما أنّ توافره في منتجات العناية بالأظافر مهمٌ لتقوية الأظافر الهشة والضعيفة، وتنعيم سطح الأظافر، وتقليل احتمالية تكسرها بفضل قدرته على ترطيب الأظافر بعمق.[7]