تُعدّ الهيموفيليا أحد أمراض الدم النادرة التي يسببها خلل في عوامل تجلّط الدم ممّا قد يؤدي إلى النزيف لفترة أطول من المعتاد،[1] ما هي الهيموفيليا؟ وما هي أسبابها؟ ما هي أعراضها؟ وطرق العلاج الممكنة؟
ما هي الهيموفيليا؟
الهيموفيليا (بالإنجليزية: Hemophilia) أو الناعور نزف الدم الوراثي أو سيولة الدم هي أحد أمراض الدم الوراثية المتمثلة بعدم تجلّط الدم بسبب نقصان عوامل التخثّر خاصة العامل الثامن (بالإنجليزية: Factor VIII) أو العامل التاسع (بالإنجليزية: Factor IX)، مُسببًا بذلك زيادة مدة النزيف وعدم توقفه بسهولة؛ لا يُشكل ذلك خطرًا في حالات الجروح البسيطة، إنما في حالات الجروح الكبيرة خاصةً في منطقة الركبتين، والكاحلين، والمرفقين، إذ قد يؤدي إلى النزيف الداخلي مُسببًا بذلك تلف الأعضاء الداخلية.[1][2]
تُحدَّد شِدة الهيموفيليا من خلال عدد عوامل التخثّر في الدم؛ كُلما كان عدد عوامل التخثر قليلة في الجسم، كُلما كانت شِدة الهيموفيليا أكبر.[2]
في الحالات الشديدة من الهيموفيليا ينزف الدم في حالات الجروح البسيطة وقد ينزف من تلقاء نفسه دون جروحٍ حتى، ويُسمى عندها نزيف الدم التلقائي.[3]
ما هي أنواع الهيموفيليا؟
هناك نوعان رئيسيّان من الهيموفيليا:
- الهيموفيليا الوراثية، ويُولد الطفل مُصابًا بها،[2] وتنقسم إلى نوعين:
- هيموفيليا أ (بالإنجليزية: Haemophilia A)، وهي الأكثر شيوعًا وتُسمى بالهيموفيليا الكلاسيكية أو التقليدية وتحدث نتيجة نقص مستويات عامل التخثر الثامن (Factor VIII).[1][2]
- هيموفيليا ب (بالإنجليزية: Haemophilia B)، تُسمى بمرض كريسماس وتحدث نتيجة نقص في عامل التخثر التاسع (Factor IX)، وقد يكون فيها النزيف شديدًا في مرحلة الطفولة، لكن تقل شدة النزيف مع مرحلة البلوغ.[2][3]
- الهيموفيليا المكتسبة (غير الوراثية)، قد يُصاب بها المريض دون وجود تاريخ عائلي مرضي بالهيموفيليا، وقد يرتبط هذا النوع من الهيموفيليا بالحمل، أو السرطان، أو أحد الأمراض المناعية، أو التصّلب المتعدد، أو التفاعلات التحسسية للأدوية.[2]
ما هي أسباب الهيموفيليا؟
تحدث الهيموفيليا بسبب طفرة جينية أو تَغيّر في أحد الجينات المكوّنه للبروتينات الخاصة بعوامل التجلط مُسببًا بذلك النزيف، إذ تحدث الطفرة على الكروموسوم X، وبما أنّ الكروموسومات الذكرية تتكوّن من XY فإن حدوث طفرة واحدة على الكروموسوم X يؤدي لإصابته بالهيموفيليا، بينما الكروموسومات الأنثوية تتكوّن من XX لذا فإن حدوث الهيموفيليا لديهن يحتاج لحدوث طفرة على كِلا الكروموسومين؛ لذا يندر إصابة الإناث بالهيموفيليا مقارنةً بالذكور، وفي حال إصابة كروموسوم واحد لدى الأنثى، تكون حينها ناقلة للهيموفيليا لأبنائها وليست مُصابة، وقد تظهر أعراض نزفية عند انخفاض مستويات عوامل التخثر لديها.[1][2]
تحدث الهيموفيليا بنوعيها بسبب حدوث الطفرات:[3]
- طفرة في الجين F8 يُسبب الهيموفيليا أ، إذ يُعد الجين F8 المسؤول عن إعطاء أوامر تصنيع عامل التخثّر الثامن.
- طفرة في الجين F9 يُسبب الهيموفيليا ب، إذ يُعد هذا الجين مسؤولًا عن تصنيع عامل التخثر التاسع.
قد تكون الهيموفيليا مُكتسبة، تُعد نادرة الحدوث في هذه الحالة ويرافقها نزيف غير طبيعي في الجلد أو العضلات وعادةً ما تبدأ بعد مرحلة البلوغ، إذ إنها غالبًا ما تكون مشكلة مناعية يُحارب بها الجسم نفسه من خلال الأجسام المضادة الذاتية التي تُهاجم عوامل التخثر.[2][3]
ما هي أعراض الهيموفيليا؟
تُصنّف الهيموفيليا حسب شِدتها إلى:[4]
- الهيموفيليا الطفيفة، إذ تُشكل حوالي 25% من الحالات، ويكون مستوى عامل التخثر لدى المُصابين 6–30% في الدم.
- الهيموفيليا المتوسطة، إذ تُشكّل حوالي 15% من الحالات، ويكون مستوى عامل التخثر لدى المُصابين 1–5% في الدم.
- الهيموفيليا الشديدة، ويكون مستوى عامل التخثر لدى المُصابين أقل من 1% في الدم.
من أهم أعراض الهيموفيليا:[1][5]
- نزيف شديد بعد التعرض للكدمات أو الجروح أو بعد الجراحة أو خلع الأسنان.
- نزيف الفم واللثة.
نزيف الأنف المتكرر. - نزيف داخل المفاصل.
- دم يرافق البراز أو البول.
- النزيف بعد تلقي اللقاحات.
- كدمات كبيرة الحجم.
- الأورام الدموية، نتيجة النزيف أسفل العضلات أو الأنسجة الرخوة.
- نزيف الدماغ، ويحدث بسبب ضربة مباشرة على الرأس، خاصة لدى مرضى الهيموفيليا الشديدة.
متى يجب زيارة الطبيب؟
يجب زيارة طبيب أمراض الدم في حالات معينة:[1]
- ظهور أعراض نزيف الدماغ.
- عدم توقف النزيف.
- ألم المفاصل وتورّمها وسخونتها.
تشخيص الهيموفيليا
يعتمد الطبيب على التاريخ العائلي المَرَضي بالهيموفيليا لأغراض تشخيص الحالة بين يديه، إذ يُوصي بإجراء فحص عوامل التخثر لدى حديثي الولادة من الذكور إذا ما تحقّق من إصابة أحد أفراد العائلة بسيولة الدم، كما يأخذ عينة دم للتحقق من عوامل التخثر في الدم في حال ظهور أعراض ذي صلة بالهيموفيليا على الرغم من عدم إصابة أي من أفراد العائلة به؛ حوالي ثلث الأطفال المصابين بالهيموفيليا لديهم طفرات جينية جديدة.[2]
علاج الهيموفيليا
يعتمد علاج الهيموفيليا على مدى شدته وتشمل العلاجات المُتاحة:[4][5]
- العلاج الوقائي، تُصرَف للمريض أدوية للوقاية من النزيف وتلف المفاصل والعضلات، ويُنصح به خاصةً مع مرضى الهيموفيليا من النوع أ، ويتضمن الحقن المنتظم لعوامل التخثّر، وقد يستمر المريض على العلاج الوقائي لمدى الحياة، يتضمن الحقن المستمر لدواء أوكتوكوج ألفا (بالإنجليزية: Octocog Alfa) والمُحتوي على عامل التخثر الثامن لعلاج الهيموفيليا أ، ودواء نوناكوغ ألفا (بالإنجليزية: Nonacog Alfa) المُحتوي على عامل التخثر التاسع لعلاج الهيموفيليا ب.
- العلاج عند الطلب، تُصرف أدوية لعلاج النزيف الذي يستمر لفترةٍ أطول، إذ يتضمن تعزيز إنتاج عوامل التخثر كاستجابة عاجلة لحالة النزف التي قد يتعرض لها المريض والتي يستعصي إيقافها.
من أدوية الهيموفيليا التي حصلت على موافقة منظمة الغذاء والدواء لعلاج الهيموفيليا دواء إيمكيزماب (Emicizumab) الذي يُقلل من نوبات النزيف لدى مرضى الهيموفيليا أ،[4] وهو متوفر على شكل حقن تحت الجلد، يُؤخذ وفقًا لجرعات محدّدة:[4]
- في بداية العلاج تكون الجرعة 3 ملغ/كغ مرة واحدة أسبوعيًا ولمدة 4 أسابيع.
- بعد ذلك تُعطى حقنة واحدة كل أسبوع إلى أربعة أسابيع.
من العلاجات الأُخرى المُستخدمة لعلاج الهيموفيليا أ دواء دزموبريسين (Desmopressin) وهو هرمون مُصنّع يُحفز إطلاق عامل التخثر الثامن، ومضادات انحلال الفايبرن (بالإنجليزية: Antifibrinolytic).[4]