اللسان، هو ذلك العضو العضليّ الموجود داخل الفم، ويُغطّي سطحه نتوءات دقيقة تُعرَف باسم الحُليمات (Papillae)، وبين هذه الحُليمات تنتشر براعم التذوّق، ويُشار إلى أنّ اللسان يتولّى مسؤوليّة تسهيل مضغ الطعام وبلعه، والمساعدة في الكلام، كذلك القدرة على التذوّق وتمييز النكهات، ولكنّه قد يكون أيضًا عُرضةً للإصابة بمشكلاتٍ عِدة تؤثّر في مظهره أو وظيفته الأساسيّة في الجسم، كإصابته بالعدوى، أو تعرّض الأعصاب التي تُغذّيه أو براعم التذوق الموجودة على سطحه للضرر، كما يُعدّ التهاب اللسان واحدًا من المشكلات التي قد تؤثر في هذه العضلة، وتتسبّب في ظهور أعراضٍ تختلف باختلاف طبيعة المشكلة.[1][2]
ما هو التهاب اللسان؟
التهاب اللسان (Glossitis)، هو الالتهاب الذي يصيب عضلة اللسان، وقد يكون سببًا في احمرار اللسان أو ظهوره أرجوانيّ اللّون، كما وينجم عنه أحيانًا تورّم في اللسان، وتغيّر مظهر سطحه الخارجيّ، والشعور بالألم فيه، ومن المُحتمل ظهور أعراض أخرى مختلفة.[3]
أسباب التهاب اللسان عند الأطفال
يحدث التهاب اللسان أحيانًا بسبب وجود جيناتٍ معيّنة في الجسم تنتقل بين أفراد العائلة الواحدة،[4] ومع ذلك، فإنّ عددًا من المشكلات قد تكون سببًا في حدوث التهاب اللسان عند الأطفال:[3][4]
- تعرّض اللسان للإصابات، كالحروق، والإصابات الناجمة عن تركيب أطقم الأسنان أو وجود أسنانٍ ذات سطحٍ خشن في الفم.
- تطوّر أمراض مناعيّة معينة، مثل متلازمة شوغرن (Sjögren's syndrome)، والحزاز المسطح (Lichen planus).
- الإصابة بمتلازمة النقص المناعي المكتسب (Acquired immunodeficiency syndrome)، أو مرض حساسية القمح (Celiac disease)، أو داء ويبل (Whipple's disease)، أو المتلازمة السرطاويّة (Carcinoid syndrome).
- حدوث تفاعلات التحسُسيّة بسبب استخدام أنواع معيّنة من منتجات العناية بالفم، أو الأدوية، أو الأطعمة.
- تهيّج اللسان عند تعرُّضه لبعض المهيّجات، كالأطعمة الساخنة والحارّة.
- إصابة اللسان بعدوى بكتيريّة، أو فيروسيّة، أو فطريّة.
- حدوث مشاكل هرمونية.
- نقص أنواع محدّدة من الفيتامينات في الجسم، مثل نقص فيتامين ب.
أنواع التهاب اللسان عند الأطفال
ثمة أنواعٌ مختلفة من التهاب اللسان التي قد تظهر لدى الأطفال،[3] أبرزها:
اللسان الجغرافي
يُعرف اللسان الجغرافي (Geographic tongue) أيضًا باسم التهاب اللسان الهاجر الحميد (Benign migratory glossitis)، والذي يُعدّ من المشكلات الحميدة التي تؤثر في اللسان لأسبابٍ غير معروفة تمامًا، وتُسفر عن فقدان الحُليمات الخيطيّة (Filiform papillae)، لهذا السّبب تظهر الآفات على سطح اللسان شبيهة بالخارطة، إذ يمكن ملاحظة وجود العديد من البقع المُحمرّة على سطح اللسان مُحاطةً بحدودٍ بيضاء بارزة قليلًا عن مستوى سطحها، وقد يتغيّر موقع وشكل وحجم هذه الآفات مع الوقت.[5][6]
يُذكر بأنّ الآفات التي تظهر في حالات اللسان الجغرافيّ قد تكون غير مؤذية ولا يصاحبها أيّة أعراض مزعجة، أو أنّها قد تُسبّب أحيانًا شعورًا بالألم والحرقة في اللسان، وبالرغم من أنّ معظم حالات اللسان الجغرافي تظهر لدى الأشخاص البالغين، فقد يُكشف عنها أحيانًا لدى الأطفال، لكنّها عادةً لا تُسبّب أيّة مشكلات لديهم، ووفق الدراسة التي نُشرت في مجلة (Journal of Clinical and Diagnostic Research) في عام 2016 ميلادي، قد يتسبّب مظهر اللسان الجغرافي في إثارة شعور القلق لدى الطفل ووالديه، وفي هذه الحالة يجب الاهتمام بتهدئة الطفل ووالديه وطمأنتهم، ومتابعة الحالة لتحديد العلاج المناسب.[6]
لسان الفراولة
يصِف لسان الفراولة (Strawberry tongue) اللسان الذي يظهر أحمر اللون، ويغطّي سطحه نتوءاتٍ صغيرة شبيهة ببذور الفراولة دون وجود الحُليمات،[7] وقد تظهر مشكلة لسان الفراولة كواحدة من الأعراض التي تُدلّل على الإصابة ببعض الأمراض:
- داء كاواساكي (Kawasaki disease)، وهو من الأمراض التي يصاحبها التهاب جدران الأوعية الدمويّة في جميع أنحاء الجسم، والتي غالبًا ما تؤثر في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 1-5 سنوات، وتشير الأدلة إلى أنّ داء كاواساكي يحدث غالبًا بسبب تحفيز تطوّر استجابة مناعيّة غير طبيعيّة لدى الأطفال ممّن يملكون جينات معينة بعد تعرّضهم للإصابة بعدوى فيروسيّة أو أيّة أنواع أُخرى من العدوى.[7]
- المتلازمة الالتهابية متعددة الأجهزة عند الأطفال (Multisystem inflammatory syndrome in children)، وهي صدمة فرط الالتهاب التي تؤثر في بعض الأطفال بعد إصابتهم بعدوى فيروس كورونا 2 المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة (Severe acute respiratory syndrome coronavirus 2) وتُعرف اختصارًا باسم سارس-كوف-2 (SARS-CoV-2)، وقد يُسفر عن الإصابة بهذه المتلازمة ظهور مشكلة لسان الفراولة إلى جانب أعراضٍ أُخرى مُحتملة، كتشقّق الشفاه وجفافها واحمرارها، كذلك احمرار الغشاء المخاطي المبطّن للفم والبلعوم.[8]
- الحمى القرمزية (Scarlet Fever)، والتي تُعرَف بأنّها طفحٌ جلديّ يظهر عادةً لدى الأطفال في سن المدرسة والمراهقة عند إصابتهم بالتهاب البلعوم الناجم عن بكتيريا المكوّرة العقدية المقيحة (Streptococcus pyogenes)، وعادةً ما تبدأ أعراض الحمّى القرمزيّة بالظهور خلال يومين إلى ثلاثة أيام بعد الإصابة بالعدوى، إذ ينتشر الطفح الجلدي في هذه الحالة على منطقة الجذع والإبط، والمنطقة الأربية، وقد يصل الأطراف أيضًا، ويصاحبه ظهور مشكلة لسان الفراولة.[9]
التهاب تحت اللسان عند الأطفال
قد يحدث التهاب تحت اللسان عند الأطفال بسبب تعرّض الغدد اللعابيّة الواقعة تحت اللسان لمشكلة معيّنة تتسبّب في انتفاخها والتهابها، وإثارتها للألم والرائحة الكريهة في الفم، وتُعرف هذه الحالة باسم التهاب الغدة اللعابية (Sialadenitis)، وتجدر الإشارة إلى أنّ التهاب الغدّة اللعابيّة تحت اللسان لدى الأطفال قد يحدث جرّاء الإصابة بعدوى النكاف (Mumps)، وهي من المشكلات الناجمة عن إصابة الغدد النكافية (Parotid glands) والغدد اللعابية تحت اللسان بعدوى فيروسيّة حادّة، وغالبًا ما تظهر لدى الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 15 سنة، ومن جانبٍ آخر، ثمّة مجموعة من المشكلات الأُخرى التي قد تتسبّب في التهاب الغدد اللعابيّة تحت اللسان، كالإصابة بمرض السلّ، وتكوّن الحصى في الغدد اللعابية وانسدادها.[10]
تظهر في بعض الأحيان مشكلة السليلة المخاطية (Mucocele) أو الكيس الضفدعي (Ranula) لدى الطفل بسبب إعاقة تدفّق الإفرازات من الغدد اللعابيّة عند تعرّض هذه الغدد لإصابة، أو التهاب، أو تهيّج، وقد يصاحب السليلة المخاطية أو الكيس الضفدعي ظهور انتفاخ تحت اللسان دون إثارة الألم، ولكنها في بعض الحالات قد تؤثر في إمكانيّة التنفس، والقدرة على الكلام، وبلع الطعام والشراب.[11]
علاج التهاب اللسان عند الأطفال
تتعافى معظم حالات التهاب اللسان من تلقاء نفسها دون تدخلٍ علاجيّ،[1] ومع ذلك، قد تستدعي بعض الحالات اللجوء للعلاج الذي يُحدَّد نوعه اعتمادًا على سبب التهاب اللسان عند الطفل:
- علاج اللسان الجغرافي:
غالبًا لا تستدعي حالات اللسان الجغرافي التي لا يصاحبها ظهور أيّة أعراض اللجوء للعلاج، ومع ذلك قد يصِف الطبيب بعض الأدوية في حالات الألم الشديد والانزعاج، كالأسيتامينوفين (Acetoaminophen)، والأدوية المُضادّة للالتهاب، ومضادات الهستامين، وغسولات الفم التي تحتوي على مخدّر موضعي أو كورتيكوستيرويدات موضعيّة، كذلك قد تُوصَف الأدوية المشتقّة من فيتامين A، والتاكروليموس (Tacrolimus) الموضعي، ودواء السيكلوسبورين (Cyclosporine)، والزنك.[6]
- علاج داء كاواساكي:
يُوصي الطبيب ببدء العلاج عند الإصابة بداء كاواساكي في أقرب فرصة ممكنة لتقليل خطورة الإصابة بتلف الشريان التاجي، وتعجيل التعافي، والسيطرة على الحمى، والطفح الجلدي، والانزعاج، وفي هذه الحالة يُعطى المصاب جرعاتٍ مرتفعة من حقن الغلوبيولين المناعي (Immune globulin)، وجرعاتٍ مرتفعة من الأسبرين، وعادةً ما تُخفّف جرعة الأسبرين بمجرّد تراجع الحمى لدى الطفل في غضون 4-5 أيام، وقد يستدعي الأمر الاستمرار بإعطاء الطفل دواء الأسبرين في حالة معاناته من اختلالات الشريان التاجي.[7]
- علاج المتلازمة الالتهابية متعددة الأجهزة عند الأطفال (MIS-C):
تُعالج المتلازمة الالتهابية متعددة الأجهزة عند الأطفال عادةً باستخدام حقن غلوبولين غاما (Gamma globulin) الوريديّة، وقد تُستخدم أيضًا أدوية الكورتيكوستيرويد (Corticosteroid)، ومضادات الصفيحات (Antiplatelet drugs)، ومضادات التخثر (Anticoagulants)، ومثبطات عامل نخر الورم (Anti-tumor necrosis factor)، ومثبطات مضادات مستقبل إنترلوكين 1 (Interleukin-1Ra inhibitor).[12]
- علاج الحمى القرمزية:
تُستخدم المضادات الحيوية عادةً لعلاج حالات الحمى القرمزية، ويُعدّ البنسلين (Penicillin) الخيار العلاجي الأول المُستخدم في هذه الحالات، وقد يلجأ الطبيب إلى وصف أدوية السيفالوسبورين (Cephalosporin)، أو الكليندامايسين (Clindamycin)، أو الإريثروميسين (Erythromycin) في الحالات التي يعاني فيها الطفل من حساسية البنسلينات.[9]
ثمّة أنواعٌ محدّدة من العلاجات التي قد تُستخدم في بعض حالات التهاب اللسان:[1]
- الحقن العضلية من فيتامين ب 12 قد تُعطى في حالات التهاب اللّسان الضموريّ (Atrophic glossitis)، وهي الحالة التي قد تحدث بسبب نقص فيتامين ب 12، يصاحبها ضمور واحمرار في اللسان، وقد يظهر سطح اللسان جافًّا ولامعًا.
- مضادات الفطريات لعلاج التهاب اللسان المعيني الناصف (Median rhomboid glossitis)، وهو الالتهاب الذي قد يحدث بسبب الإصابة بعدوى فطريّة، أو ظهور الورم الوعائي الدمويّ.
- مضادات الفيروسات لعلاج التهاب اللسان الهندسي (Geometric glossitis)، إذ يظهر في اللسان شقوق مؤلمة في هذه الحالة.
يوصي الطبيب أحيانًا بالتوقف عن استخدام أنواع من الأدوية التي تتسبّب بالتهاب اللسان، مثل مثبطات إنزيم محول الأنجيوتنسين (ACE inhibitors)، والألبوتيرول (Albuterol)،[1] كما أنّه يحرص على طمأنة المصاب، وإعلامه بأنّ بعض الآفات الظاهرة في الفم تتعافى من تلقاء نفسها دون أن تتسبّب بأيّة أضرار،[6] وقد يقدّم بعض النصائح التي تسهم في تخفيف مشكلة التهاب اللسان وأعراضها، أبرزها:
- الابتعاد عن تناول الأطعمة الحارة، والساخنة، والحمضيّة، كذلك المكسرات المالحة.[6]
- الاهتمام بنظافة الفم، واستخدام غسولات الفم المناسبة لتخفيف حِدة الأعراض.[1]
- تناول المكملات الغذائية المُوصى بها، مثل مكملات فيتامين ب12،[1] والحدّ من نقص الفيتامينات والعناصر الغذائيّة في الجسم.[3]
- الحرص على اتباع نظام غذائي صحي.[3]