الامتناع الدوري لتنظيم الحمل: كيف يمكن تنظيم الحمل طبيعيًا؟

يسعى العديد من الأزواج لتنظيم الحمل باستخدام وسائل منع الحمل المُختلفة، فقد يلجأ البعض لاستخدام الأدوية المُحتوية على الهرمونات لمنع الحمل، بينما يُحاول البعض الآخر الاستعانة بالطُرق الطبيعية لتنظيم النسل تجنُبًا للأعراض الجانبية المُرافقة لاستخدام الهرمونات، وتتضمّن الطُرق الطبيعية لتنظيم الحمل الامتناع الدوري عن الجماع وِفقًا لحِسابات الخصوبة أو مُلاحظة أعراض تدل على فترة خصوبة المرأة.

تتعدد طُرق تنظيم الحمل لتشمل طيفًا واسعًا من الخيارات، ومن أمثلة ذلك وسائل منع الحمل الهرمونية بأشكالها الصيدلانية المُتعددة، مثل حبوب منع الحمل، والحُقن الهرمونية، ولصقات منع الحمل، واللولب، ومنها ما يكون غير هرموني كاستخدام وسائل منع الحمل الحاجزية، كالواقي الذكري، أو الواقي الأنثوي، أو غطاء عُنق الرحم،[1] أو اللجوء إلى طُرق منع الحمل الطبيعية التي تمنح الزوجين فُرصةً للمُباعدة بين الأحمال، وتحديد الوقت المُناسب لحدوث الحمل، مع ضمان أعراضٍ جانبية أقل، إذا ما قُورنت مع استخدام الأدوية.[2]

ما هو الامتناع الدوري لتنظيم الحمل؟

يُقصد بالامتناع الدوري لتنظيم الحمل (Periodic Abstinence)؛ الامتناع عن الجِماع في أيام خصوبة الزوجة، ويُعد الامتناع الدوري من الطُرق الطبيعية لتنظيم الحمل،[3] ويشمل الامتناع الدوري عدة طُرق:[4]

  • العزل (Coitus interruptus) أو الانسحاب قبل القذف (Withdrawal) لمنع الحمل.
  • انقطاع الحيض الإرضاعي (Lactational amenorrhea).
  • تنظيم الأسرة الطبيعي (Natural family planning).

العزل أو الانسحاب لتنظيم الحمل

تتضمّن هذه الطريقة إخراج القضيب من المهبل قبل القَذف، إذ يقذف الرجل السائل المنوي بعيدًا عن الأعضاء التناسلية الأنثوية، ممّا يمنع وصول الحيوانات المنوية إلى البويضة،[5] ويعتمد نجاح العزل بالدرجة الأولى على قدرة الرجل على سحب القضيب من المهبل قبل القذف، وتمتاز هذه الطريقة بأنها مُتاحة، وغير مُكلفة، ولا تحتاج إلى أدوات أو مواد كيميائية لاستخدامها، كما أنها تُقلل من فُرصة الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيًا،[4] ومع ذلك، يتضمن العزل بعض العيوب، كقِلة فعاليتها في منع الحمل، إذ تبلغ نسبة الحمل غير المُخطط له لدى الأزواج خلال السنة الأُولى من استخدام العزل كوسيلةٍ لمنع الحمل 20 بالمئة تقريبًا.[6]

انقطاع الحيض الإرضاعي لتنظيم الحمل

تُسبب الرضاعة الطبيعية ارتفاع هرمون البرولاكتين لدى المرأة المُرضعة، ويُسبب هذا الارتفاع تغيُراتٍ هرمونية تؤدي إلى انقطاع الإباضة وانقطاع الطمث،[7] ويُستخدم انقطاع الحيض الإرضاعي كوسيلةٍ لتنظيم الحمل في حال توافر عدّة شروط:[7][4]

  • تطبيق هذه الطريقة في الستة شهور الأُولى بعد الولادة، إذ إنّ احتمال حدوث الإباضة خلال الستة شهور بعد الولادة تكون ضئيلة، وبالتالي صعوبة حدوث حمل.
  • اعتماد الطفل بالكامل على الرضاعة الطبيعية، أي إرضاع الطفل مرة كل 4 ساعات خلال ساعات النهار، ومرة كل 6 ساعات أثناء الليل، بالإضافة لضرورة عدم اعتماد الطفل على أي مصدر آخر للطعام، كالحليب الصناعي.
  • انقطاع الطمث عن المُرضع.

أشارت دراسة حديثة نُشرت في عام 2021 ميلادي بعنوان ممارسة انقطاع الحيض الإرضاعي كطريقة لمنع الحمل بين النساء في صعيد مصر في مجلة (Journal of Women’s Health Care and Management) إلى أنّ النساء اللواتي حققنّ شروط انقطاع الحيض الإرضاعي كوسيلة لتنظيم الحمل بلغت نسبة حدوث الحمل لديهن صفر، لكن في حال اختلال أحد الشروط الثلاثة أو جميعها، فإن احتمالية حدوث الحمل غير المُخطط له بلغت 30.8 بالمئة.[8]

تنظيم الأسرة الطبيعي

يُعد تنظيم الأُسرة الطبيعيّ (Natural family planning) أكثر الطُرق استخدامًا لتنظيم النسل، وتتضمّن هذه الوسيلة الامتناع عن الجِماع في أيام الخصوبة، أي الفترة التي تحدث فيها الإباضة،[4] لذا يُعد فِهم فيسيولوجية الدورة الشهرية وتحديد فترة الخصوبة أساس التنظيم العائلي الطبيعي.[9]

تحدث الإباضة في منتصف الدورة الشهرية تقريبًا، وعندها تكون البويضة قادرة على أن تُخصَّب لمدة تصل إلى 12 ساعة، وتستطيع الحيوانات المنوية البقاء حيّة في الجهاز التناسلي الأنثوي لمدة تتراوح ما بين 3-5 أيام بعد القذف، لذا فإنّ فترة الخصوبة تكون قبل الإباضة بخمسة أيام إلى 24 ساعة بعد الإباضة، فإذا اتفق الزوجان على استخدام التنظيم العائلي الطبيعي لمنع الحمل، فيجب عليهما تجنُب ممارسة الجماع خلال فترة الخصوبة، أو استخدام وسائل منع حملٍ بديلة، مثل الواقيات الذكرية أثناء هذه الفترة.[9]

تتوفر العديد من التقنيات التي تساعد في تحديد أيام الإباضة،[10] وتتضمن:

طريقة التقويم الشهري

تُستخدم طريقة التقويم الشهري (Calendar method) للنساء اللاتي لديهن فترات حيض مُنتظمة،[10] أي يتراوح طول الدورة الشهرية لديهنّ ما بين 26-32 يومًا،[9] وتستند هذه الطريقة على تاريخ بداية كل دورة حيض، ومنها يُمكن تحديد أيام الإباضة، إذ إنّها تحدث قبل نزول دم حيض الدورة التالية بمدة 14 يومًا، ولتحديد الفترة التي يجب الامتناع فيها عن الجماع لتجنُب حدوث حمل، يُطرح 19 يومًا من أقصر دورة شهرية للزوجة في آخر 12 دورة شهرية، ويُطرح 11 يومًا من أطول دورة شهرية، وللتوضيح؛ إذا كانت أطول فترة حيض خلال آخر 12 شهرًا تبلغ 29 يومًا وأقصر فترة حيض خلال ذات الفترة الزمنية تبلغ 27 يومًا، فإن فترة الإباضة تكون ما بين 8-18 يومًا من الدورة الشهرية،[10] وفي حال تطبيق طريقة التقويم الشهري بدقة، فإن احتمالية حدوث حمل غير مُخطط له خلال سنة، قد تصل إلى 5 بالمئة.[9]

طريقة مُراقبة مُخاط عُنق الرحم

تُعد مراقبة مخاط عُنق الرحم (Mucus method) حجر أساسٍ لمعظم طرق تنظيم الأُسرة الطبيعي، إذ تُتيح هذه الطريقة للزوجين تحديد بداية ونهاية فترة الخصوبة من خلال التعرُّف على التغيُّرات الدورية في كمية أو قوام إفرازات عُنق الرحم،[2] قد يغيب مخاط عُنق الرحم لبضعة أيام بعد انتهاء الدورة الشهرية، بعدها يبدأ بالظهور مرةً أُخرى، ويكون مُعكرًا، وسميكًا، وغير مرن، وقبل فترة التبويض بوقتٍ قصير، تزداد كمية المُخاط ويصبح أقل كثافةً، وشفافًا، وأكثر مرونة من المعتاد، ويُشبه قوامه بياض البيض النيء،[10] لذا لتجنب حدوث حمل يُنصح بالجماع بعد مرور أربعة أيام من ذروة ظهور هذا النوع من المُخاط ولغاية بداية الدورة الشهرية التالية.[4]

تتوفر عدة طُرق لمراقبة إفرازات عُنق الرحم لتتبُع أيام الخصوبة، منها طريقة اليومين (Two-day Method)، وتُطبق بسؤال المرأة لنفسها عدّة أسئلة: "هل لُوحِظَ إفرازات اليوم؟"، "هل لُوحِظَ إفرازات البارحة؟" إذا كانت الإجابة عن أيّ من السؤالين "نعم" فتُعد المرأة حينها في فترة الخصوبة.[2]

طريقة مراقبة أعراض الإباضة

تشتمل طريقة مراقبة أعراض الإباضة (Symptothermal method) على تتبُّع التقويم الشهري للدورة، ومراقبة إفرازات عُنق الرحم، وقياس درجة حرارة الجسم الأساسية (Basal body temperature) لتحديد فترة الخصوبة،[2] وتُقاس درجة حرارة الجسم الأساسية بخطواتٍ بسيطة:[11]

  • يُستخدم ميزان حرارة بسيط ودقيق لتسجيل درجة حرارة الجسم.
  • تُقاس درجة حرارة الجسم مُباشرة بعد الاستيقاظ من النوم.
  • يجب تجنُب الأكل أو الشُرب قبل قياس درجة الحرارة.
  • ضرورة الالتزام بقياس الحرارة في التوقيت نفسه كُل يوم.
  • تُسجّل درجة الحرارة في جدول، لتسهيل مُلاحظة التغيّرات اليومية لها.

ترتفع درجة حرارة الجسم الأساسية بعد مرور 1-2 أيام من حدوث الإباضة، ويتراوح ارتفاع درجة حرارة الجسم ما بين 0.2-0.5 درجة مئوية،[4] ولتطبيق طريقة مُراقبة أعراض الإباضة يمتنع الزوجان عن الجِماع بحسب التقويم الشهري للإباضة، ولغاية انقضاء ثلاثة أيام من مُلاحظة انخفاض كمية إفرازات عُنق الرحم، وارتفاع درجة حرارة الجسم الأساسية.[10]

وسائل منع الحمل في الحالات الطارئة

تُستخدم وسائل منع الحمل الطارئة في حالات حدوث الجماع في فترة الإباضة دون استخدام وسائل وقائية، وتبلُغ احتمالية حدوث حمل في تلك الفترة ما بين 20-30 بالمئة، وكلما استُخدِمت وسيلة منع الحمل الطارئة في وقتٍ أقرب، كلما زادت فعّاليتها،[12] من هذه الوسائل:[13][14]

  • الأقراص الفموية التي تحتوي على هرمون البروجستين، ويمكن استخدامها بطريقتين، إما بتناول جرعة عالية (1.5 ميلليغرام) من دواء ليفونورجيستريل (Levonorgestrel) مرةً واحدة، أو بتناول 0.75 ميلليغرام من دواء ليفونورجيستريل متبوعًا بجرعة أُخرى بعد 12 ساعة، ويجب تناول الدواء خلال 5 أيام من الجِماع، ولكنها تُعطي نتائج أفضل إذا استُخدمت خلال 24 ساعة.
  • اللولب النحاسي، قد يلجأ الطبيب المُختص لاستخدام اللولب النحاسي لمنع الحمل، ولكن يجب وضعه في غضون 5 أيام من ممارسة الجِماع.
كتابة: الصيدلانية مرام غرايبة - الثلاثاء ، 08 آب 2023
تدقيق طبي: الصيدلانية أسيل الخطيب

المراجع

1.
MedlinePlus [Internet]. Bethesda (MD): National Library of Medicine (US); [updated Jun 24; cited 2020 Jul 1]. (2020). Birth Control. Retrieved from https://medlineplus.gov/birthcontrol.html
2.
Smoley BA, Robinson CM. (2012). Natural family planning. Am Fam Physician. 2012 Nov 15;86(10):924-8. Retrieved from https://www.aafp.org/pubs/afp/issues/2012/1115/p924.html
3.
Labbok, Miriam H. MD, MPH; Queenan, John T. MD. (1989). The Use of Periodic Abstinence for Family Planning. Clinical Obstetrics and Gynecology 32(2):p 387-402. Retrieved from https://doi.org/10.1097/00003081-198906000-00023

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري نسائية وتوليد أونلاين عبر طبكان
احجز