متلازمة براون (Brown Syndrome) أو التي كانت تُعرَف في البداية بمتلازمة غِمد الوتر للعضلة المائلة العلوية في العين (Superior oblique tendon sheath syndrome)، وهي أحد الاضطرابات التي قد تصيب العين منذ الولادة -غالبًا- وتؤثر على طبيعة حركتها، وهي أكثر انتشارًا لدى الإناث عن الذكور.[1]
ما هي متلازمة براون؟
يتواجد وتر العضلة المائلة العلوية أعلى مُقلة العين ويمر خلال البكرة Trochlea، وهي ذات تركيب غضروفي يساعد في سرعة تغيير اتجاه حركة وتر العضلة المائلة العلوية، ويتحكم وتر العضلة المائلة العلوية في حركة مُقلة العين داخل حَجَاج (مَحجر) العين أثناء الرؤية المركزية، أو النظر لأسفل، أو لدى دوران مُقلة العين، وتحدث متلازمة براون لدى عدم قدرة وتر العضلة المائلة العلوية على الحركة بحرية ومرونة خلال البكرة، ما يتسبب بعجز مقلة العين المصابة عن الحركة لأعلى.[1][2]
أعراض متلازمة براون
قد تكون متلازمة براون مشكلة دائمة أو مؤقتة، أو قد تحدث بتكرار، وغالبًا ما تصيب متلازمة براون إحدى العينين -عادةً ما تكون العين اليمنى-، ولكن يُحتمل بنسبة تصل إلى 10% أن تصيب متلازمة براون كلتا العينين،[1] يمكن ملاحظة متلازمة براون عند النظر لأعلى أو باتجاه الأنف، عندئذ تعجز مقلة العين المصابة عن الحركة لأعلى، فتبدو وكأنها تنظر باتجاه الأمام أو لأسفل، في حين تبدو مقلة العين السليمة باتجاه الأعلى، مما يتسبب في الرؤية المزدوجة، ولهذا قد يلجأ المُصابون بمتلازمة براون وبالأخص الأطفال إلى تحريك رأسهم باتجاه ما يريدون رؤيته، عوضًا عن محاولة تحريك مقلة العين لديهم،[3] كما قد تتقيد مقلة العين المصابة أو قد تعجز تمامًا عن الحركة باتجاه مركز الرؤية، أو بعيدًا عنه،[1] علاوة على عدة أعراض أُخرى:
- عدم محاذاة مقلتي العينين لبعضهما البعض، وبالأخص عند النظر لأعلى.[1]
- ظهور العين المصابة وكأنها أكثر اتساعًا عند النظر لأعلى، أو عند تحريك الرأس باتجاه الخلف.[1]
- تدلي الجفن.[1]
- الحول التحتاني (Hypotropia)، إذ تبدو العين المصابة وكأنها تنظر لأسفل، في حين أن الشخص ينظر للأمام أو لأعلى.[4]
- الحول.[4]
- آلام العين.[5]
- تراجع قدرة العين على الإبصار، أو تحديد عمق الأشياء.[5]
- الحول الوحشي (Exotropia)، خاصةً عند النظر لأعلى، إذ يُلاحظ حركة مقلتي العينين باتجاه الخارج (بعيدًا عن الأنف).[3]
كما قد يتسبّب النظر لأعلى أو لأسفل لفترة طويلة بأن تصبح العين عالقةً في موضعها، وينجم عن تحريكها الشعور بالألم وسماع صوت طقطقة (Click).[3]
أسباب متلازمة براون
غالبًا ما تكون متلازمة براون بسبب تشوه خِلقي منذ الولادة، نتيجة زيادة سُمك أو قِصَر الغلاف المحيط (الغمد) بوتر العضلة المائلة العلوية أو الوتر نفسه، ولم يتمكّن العلماء إلى الآن من تحديد السبب وراء هذا التشوه الخلقي، حتى أنه نادرًا ما قد يكون موروثًا، وفي حالاتٍ نادرة قد تكون إصابة العين بمتلازمة براون مُكتسبة نتيجةً لإصابة مباشرة أو مشكلة صحية،[1] أو بفعل عوامل أُخرى:
- إصابة تجويف العين بالصدمات، خاصة داخل الجزء العلوي القريب من الأنف.[3]
- كسور عظام الوجه.[5]
- مضاعفات بعض العمليات الجراحية، مثل جراحات جفن العين، والجيب الجَبهي ، ومقلة العين -لعلاج انفصال شبكية العين-، وقَلع الأسنان.[3]
- بعض أمراض المناعة الذاتية (أمراض يهاجم فيها الجهاز المناعي خلايا الجسم دون وجود أسبابٍ معروفة)، مثل: التهاب المفاصل الروماتويدي، متلازمة شوغرِن (Sjögren’s Syndrome) (مشكلة صحية يعاني فيها المريض من جفاف العينين والجلد والفم[6])، ومرض العين الدرقي (Thyroid Eye Disease) (مرض مناعي يعاني فيه المريض من التهاب وتلف الأنسجة المحيطة بالعين[7])، مرض الذئبة (Lupus) (مرض مناعي يعاني فيه المريض من التهابات تصيب مختلف أعضاء الجسم [8]).[5]
- التهاب الهلل الحجاجي العيني (Orbital cellulitis) (إصابة الأنسجة اللينة والدهون حول مقلة العين بعدوى بكتيرية).[5][9]
- التهاب الجيوب الأنفية.[5]
- التهاب بَكَرة العضلة المائلة العلوية (Trochleitis).[5]
- التهاب وتر العضلة المائلة العلوية والغلاف المحيط به (Tenosynovitis).[5]
علاج متلازمة براون
تعتمد حاجة مريض متلازمة براون للعلاج على عمره، وصحته العامة، وما يعانيه من أعراض، بالإضافة إلى العوامل المُسبّبة للمتلازمة لديه،[1] إذ يتمثّل علاج متلازمة براون المُكتَسبة، أو متكررة الحدوث، في علاج العوامل المُسبّبة لها، عن طريق استخدام بعض العلاجات:[3][5]
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، للتحكُّم في الألم والالتهابات، مثل مادة الاسبرين (Aspirin)، والإيبوبروفين (Ibuprofen)، ولكن يجب استشارة الطبيب قبل استخدامها لمدة تزيد عن عشرة أيام متتالية.
- الكورتيكوستيرويدات: فقد يصِف الطبيب استخدام الكورتيكوستيرويدات الفموية، أو حُقَن الكورتيكوستيرويدات في العضلة المائلة العلوية، للسيطرة على الالتهاب.
- المواد المُثبطة للمناعة، لمنع الجهاز المناعي من مهاجمة خلايا الجسم السليمة.
أما في حالات الأطفال المصابين بمتلازمة براون نتيجة تشوه خِلقي، قد يتحسّن وضع مقلة العين لديهم بتقدمهم في العمر، وبالأخص في حال ظهور مقلتا العينين لديهم بمحاذاة بعضهما البعض عند النظر للأمام، ولكن قد يستلزم اللجوء للجراحة في الحالات الشديدة،[1] إذ تظهر على الطفل مجموعة من الأعراض:[1][10]
- ازدواج الرؤية.
- التموضُع غير الطبيعي للرأس لدى نظر الطفل في اتجاهاتٍ معينة.
- عدم محاذاة مُقلتي العينين لبعضهما البعض عند النظر للأمام.
- تراجع قدرة الطفل على الرؤية بكلتا العينين معًا في آنٍ واحد.
- الشعور بألمٍ شديد في تجويف العين، أو عند تحريك مُقلة العين.
- الحول التحتاني.
كما قد يُلجأ للجراحة في الحالات التي لم تستجِب لدى استخدام العلاجات الأُخرى، ويختلف نوع الإجراء الجراحي تبعًا للسبب وراء المتلازمة،[1] فقد تتضمّن الجراحة:[1][5]
- إطالة وتر العضلة المائلة العلوية في حال كان قصيرًا أو تحريره في حال كان مشدودًا.
- بَضع الوتر (Tenotomy).
- إزالة التكيسات المُسببة للأعراض.
غالبًا ما تنجح الجراحة في علاج مشكلة متلازمة براون، ولكن في الحقيقة يُحتمل أن تعاود متلازمة براون إصابتها المريض مرة أُخرى.[1]
تشخيص متلازمة براون
يفحص طبيب العيون عيني المريض ليحدد نِسب الحول عند تحديق المريض في جميع الاتجاهات، وقدرته على النظر بكلتا العينين في آنٍ واحد، بالإضافة على قدرته على إدراك وتقدير عمق الأشياء، كما يفحص الطبيب تجويف العين، وقد يُجري بعض الفحوصات المخبرية والإشعاعية خاصةً لدى حالات متلازمة براون المُكتسبة.[10]
الفرق بين متلازمة براون وكسل العين
العين الكسولة (الغمش) (Amblyopia) هي مشكلة مرَضية قد تظهر في مرحلة الطفولة، ويعاني فيها الطفل من ضبابية الرؤية في إحدى العينين، فيتأقلم الدماغ لدى الطفل بالاعتماد على العين ذات الرؤية الواضحة، وتجاهل الصورة الضبابية التي تنقلها العين المصابة، ما يتسبَّب في تدهور العين المصابة بمرور الوقت، أمّا لدى الإصابة بمتلازمة بروان، فتكون العين سليمة ولكنها غير قادرة على الحركة في اتجاهاتٍ معينة، ما قد يؤثر على قدرتها على الرؤية، وتجدر الإشارة إلى أنّ الأطفال المصابين بمتلازمة براون منذ ولادتهم يمكن أن يُعانوا من مشكلة كسل العين.[5]