استُخدم الكركديه تقليديًا كغذاء، إضافة إلى كَونهِ أحد مكونات مشروبات الأعشاب الساخنة والباردة، وأظهرت الدراسات التي أُجريت على بعض مُستخلصات الكركديه أنّه يتمتّع بفوائد علاجية عديدة، كخواصه المضادة للأكسدة وللبكتيريا.[1]
الكركديه
يمثّل الكركديه (Hibiscus sabdariffa L)- والذي يُعرف أيضًا باسم (Roselle) - أحد أفضل المحاصيل في الدول النامية؛ وذلك لسهولة زراعته بمفرده أو ضمن المنظومة الزراعية لعدّة محاصيل أُخرى، كما يمكن استخدام الكركديه كغذاء، أو لصناعة الخيوط كذلك، وفي الصين يُستفاد من بذور الكركديه في استخلاص الزيوت، بينما تُستخدم نبتة الكركديه ذاتها لأغراضٍ علاجية، وفي غرب أفريقيا تُستخدم أوراق الكركديه وبذوره المطحونة في تحضير وجبات الطعام.[1]
للكركديه أسماءٌ مختلفة، فهو يسمى بـــ (Kenaf) في معظم البلدان، وبِــ (Siam jute and paw Keogh) في تايلندا، وبِـــ (Voam bombazaha) في مدغشقر، ويشتهر الكركديه بإنتاجه لثمارٍ صالحة للأكل تشبه في شكلها الكؤوس يمكن استخدامها في تحضير المشروبات، إذ يُحضّر كلٌ من الكركديه الساخن والكركديه البارد بنقع بعض أجزاء الكركديه -خصوصًا الثمار- في الماء المغلي لينتج مشروبٌ مميز بلونه الأحمر الداكن، ومذاقه الحلو والحامض الذي يشبه مذاق التوت البري، وقد حظي الكركديه باهتمامٍ لدى العاملين في الصناعات الغذائية الدوائية باعتباره أحد الأغذية الطبيعية التي يمكن استخدامها في طب الأعشاب، بالإضافة إلى إمكانية استخدامه كمُلون طبيعي يُغني عن استخدام الصبغات الغذائية الصناعية.[2]
يندرج تحت نبات الكركديه نوعان رئيسان؛ يدعى الأول بِـــ (Hs var.altissima Wester) الذي يُزرع للاستفادة من خيوطه التي تشبه الألياف المُستخدمة في صناعة الخيش، أمّا النوع الثاني (Hs var.sabdarrifa) فيتميز بنموه كشجيراتٍ قصيرة.[1]
زراعة الكركديه
يُعتقد يأنّ السودان كانت الموطن الأول لنبات الكركديه، وحاليًا ينتشر ما يربو عن 300 نوع من الكركديه في مختلف أنحاء العالم.[3]
ينتمي الكركديه إلى العائلة الخُبَّازيّة (Malvaceae family)، ويحتاج نبات الكركديه حتى ينمو إلى مدة تتراوح بين 4-8 أشهر، مع توفير درجة حرارة تبلغ 20 مئوية في الليل، إلى جانب الحرص على تعريض النبات إلى أشعة الشمس لمدة 13 ساعة يوميًا، وتتأثر نوعية ثمار الكركديه وكميتها الناتجة بالرطوبة المحيطة والهطول المطري،[3] فقد تؤدي زيادة الرطوبة وتساقط الأمطار في موسم الحصاد إلى تدني جودتها وكميتها، والكركديه من الشجيرات الموسمية المنتصبة التي قد يصل طولها الى 2.4 متر، وتتميز سيقانها بشكلها الأُسطواني، وملمسها الناعم، ولونها الأحمر، بينما تتوزع أوراق الكركديه المعنّقة تبادليًا ويتراوح طولها بين 7.5-12.5 سم، كما أنّها تتميز باللون الأخضر الذي تتخلله عروقٌ حمراء،[1] ومما يميز الكركديه عن غيره من المحاصيل الزراعية مقاومته العالية للفيروسات، والحشرات، والفطريات، ويُقدّر إنتاج الأرض من محصول الكركديه بِـــ 10 طن من الأوراق/هكتار، و1-5 كيلو غرام من الثمار - أي ما يعادل 8 طن/ هكتار-،[3] كما يسهُل زراعة الكركديه في معظم أنواع التربة التي تسمح جزيئاتها بمرور الماء بسهولة عبرها، ولكنه ينمو كذلك في أصناف التربة الأقل جودة.[1]
مكونات الكركديه
تحتوي ثمار الكركديه على كمياتٍ وفيرة من الكربوهيدرات، والألياف الغذائية والبروتينات، والمعادن، والمركبات الحيوية الفعّالة،[1] من أبرز المركبات التي يحتوي عليها الكركديه:[1][4]
- الأحماض العضوية ومشتقاتها:
يحتوي الكركديه على نسبةٍ عالية من الأحماض العضوية كحمض بروتوكاتشويك (Protocatechuic acid)، وحمض الماليك (Maleic acid)، وحمض الهيدروكسي سيتريك (Hydroxycitric acid)، وحمض الأسكوربيك (Ascorbic acid)، وحمض الأوكزاليك (Oxalic acid)، وحمض التارتاريك (Tartaric acid)، وحمض السيتريك (Citric acid)، وتتباين كمية بعض هذه الأحماض تبعًا للأنواع المختلفة من نبات الكركديه، والعوامل الجينية، والبيئية، وظروف الحصاد.
- مركبات الأنثوسيانين (Anthocyanins):
تُعدّ هذه المركبات من الأصباغ الطبيعية ومن مشتقات مركبات الفلافونويد (Flavonoids)، توجد في أزهار الكركديه المُجففة، كما يتباين لونها وفقًا لدرجة الحموضة (PH)، وهي من المركبات التي يُعتقد بوجود دورٍ لها في تثبيط أكسدة البروتينات الدهنية منخفضة الكثافة في الجسم (LDL oxidation).
- مركبات عديدة السكريات (Polysaccharides):
يندرج ضمنها الكربوهيدرات، والبكتين، والصمغ (Mucilages)، وهي من المركبات المهمة الموجودة بكثرة في الكركديه، إذ قُدّر محتوى الثمار من الصمغ لدى خمسة أنواع من الكركديه المأخوذة من مصر ومن وسط أمريكا بِ 24% -28%، ينما قُدرت هذه النسبة بِــــ 15% لأحد أنواع الكركديه الهندي، كما قُدر محتوى الأنواع الخمسة السابقة من البكتين بِـــ 2% - 4% ومن السكريات بنسبة تصل إلى 3% -5 % كحدٍ أقصى.
- المعادن:
يحتوي الكركديه على مجموعة من المعادن، مثل الكالسيوم، والنحاس، والفسفور، والحديد، والمغنيسيوم، والبوتاسيوم، والزنك، وقد أظهرت العديد من الدراسات أنّ نوعية التربة تؤثر في محتوى الكركديه من المعادن.
- المركبات متطايرة:
يحتوي الكركديه على العديد من المركبات المتطايرة التي تمنح الكركديه رائحته المميزة، وقد أظهرت دراسة أجريت سنة 1992 ميلادي أن الكركديه يحتوي على ما يربو عن 25 مركبًا متطايرًا.
فوائد الكركديه
عادةً ما يُزرع نبات الكركديه لأغراض الزينة، وقد حاز اهتمام الباحثين في الوقت الحالي لإدراكهم عددًا من فوائده الصحية،[5] أبرزها:[3][5]
- فوائد الكركديه للضغط:
يُعتقد بأنّ للكرديه دورٌ في تخفيض ضغط الدم، والذي يعدّ ارتفاعه من العوامل التي تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب التي قد تنتهي بالوفاة، وقد أظهرت دراسة مخبرية أُجريت على جرذانٍ مخبرية مصابةٍ بارتفاع ضغط الدم الناجم عن تناولها للملح، أنّ استهلاكها لمستخلص أوراق الكركديه المائي بتراكيز بلغت 100، 200، 400 مغ/كيلوغرام يوميًا ولمدة 6 أسابيع قلل من ضغط الدم الانقباضي والانبساطي، ومن الضغط الشرياني الوسطي، ومن معدل نبض القلب.
- فوائد الكركديه في تخفيض مستوى الدهون في الدم:
أشارت العديد من الدراسات إلى أنّ العلاج بالكركديه يساعد على تخفيض مستوى الكوليسترول في الدم وخصوصًا الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، وقد سبق أن أشارت دراسة مخبرية أُجريت على جرذانٍ مخبرية جرى تسمينها بإخضاعها لنظامٍ غذائي يُحفّز زيادة وزنها، أن استهلاكها لمستخلص أوراق الكركديه المائي بتركيز 100مغ/كيلوغرام لمدة 28 يومًا خفّض بوضوح كل من الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، واللبتين في بلازما الدم (Plasma leptin)، وإجمالي الكوليسترول (Cholesterol)، والدهون الثلاثية (Triacylglycerol).
- خواصه المضادة للبكتيريا وللفطريات وللطفيليات:
تُعزى هذه الخواص إلى وفرة محتوى الكركديه بمركبات الفلافونويد، والقلويدات (Alkaloids)، والصابونين (Saponins) التي تجعل محلول الميثانول المائي من الكركديه سامًا لخلايا الكائنات الحية الدقيقة الضارّة ومقاومًا لها.
- خواصه المضادة للسرطان:
يُعتقد بأنّ للكركديه خواصًا مضادة للسرطان، وقد لوحظ أنّ له قدرة على تثبيط تشكُّل مركب يسمى بِـــ (TDA) الذي يُسبب سرطان الجلد لدى الفئران.
أمّا فوائد الكركديه للنساء، فقد أظهرت دراسة مخبرية أُجريت على مجموعة من الجرذان البيضاء المخبرية المُرضعة أن استهلاكها لمستخلص بذور الكركديه الإيثانولي رفع من مستوى هرمون البرولاكتين في الدم (هرمون الحليب) لديها، بالمقابل أظهرت دراسات مخبرية أجريت على الجرذان الحوامل أن استهلاك الكركديه أثناء مرحلة الحمل والرضاعة قد يكون سببًا لزيادة الوزن لديها بعد الولادة.[1]
استخدامات الكركديه
تُستخدم العديد من أجزاء نبات الكركديه في الصناعات الغذائية المختلفة كالبذور، والثمار، والجذور، وتُعد ثمار الكركديه الحمراء أكثر أجزاء الكركديه استخدامًا،[2] من أبرز استخدامات الكركديه:[2][3]
- صناعة المُربى والهلام، وذلك بفضل محتوى الكركديه الغني بالبكتين وحمض السيتريك.
- تحضير السلطات، وذلك باستخدام ثمار الكركديه الطازجة وأوراقها، كما يمكن طهيها واستخدامها كمادة مُنكهةٍ للكعك المخبوز.
- إضفاء لونٍ أحمر ونكهة مميزة لبعض أنواع منقوعات الأعشاب .
- صناعة بعض المشروبات العشبية ذات المذاق الحلو باستخدام أوراق الكركديه المُجفّفة، تُستخدم في السودان.
- صناعة الصابون ومقشرات البشرة التجميلية باستخدام الزيوت المُستخلصة من الكركديه، تُستخدَم في ماليزيا.
- تحضير علف للحيوانات كالدواجن والخراف باستعمال بذور الكركديه.
- تحضير بعض أنواع الشوربات والصلصات، إذ يدخل في صنعها بذور الكركديه المُجففة بعد تحويلها إلى مسحوق.
- صناعة الخيوط الليفية، والحبال، والخيش باستعمال سيقان الكركديه.