فحص النيكوتين: متى يُجرَى؟ كم تستغرق نتائجه حتى تظهر؟ ما العينات المطلوبة لتحليل النيكوتين؟

تحليل النيكوتين هو أحد الفحوصات الطبية المخبرية التي تكشف عن تركيز مستقلبات النيكوتين (الكوتينين) في عينة الدم، أو البول، أو اللعاب، أو الشعر، إذ إنّ نسبة النيكوتين الطبيعية في الجسم توجد ضمن تراكيز منخفضة، وترتفع النسبة نتيجة تعاطي أحد منتجات التبغ أو التعرّض لها، أو استخدام أحد بدائل النيكوتين العلاجية.

النيكوتين (Nicotine) عبارة عن مادة كيميائية تُسبّب الإدمان توجد في أوراق نبات التبغ، وتُستخدم في صنع السجائر ومنتجات التبغ الأُخرى التي يمكن مضغها أو استنشاقها، وقد انتشر تعاطي التبغ في القرن الماضي، ما أدّى إلى تفشّي الأمراض الناجمة عن تعاطي التبغ والتدخين، إلّا أنّ حملات التوعية الصحية قد أسهمت في خفض استهلاك التبغ والإقلاع عن التدخين خصوصًا في البلدان ذات الدخل المرتفع.[1][2]

يسعى ملايين المدخنين في العالم إلى الإقلاع عن التدخين، لكن إدمان النيكوتين يُعدّ من الاضطرابات المُعقدة صعبة العلاج، ففي البداية ينجح البعض لبِضع أسابيع أو شهور بالإقلاع عن التدخين، لكن نسبة كبيرة قد تتعرض لانتكاسة وتعود للتدخين، حقيقةً لا يوجد علاج سحري للتخلص من إدمان النيكوتين إلا باتباع نمط حياة صحي ضمن برامج متنوعة؛ كممارسة هوايات جديدة، أو العلاج السلوكي المعرفي، كما يمكن متابعة استهلاك المُدخّن للنيكوتين، أو الكشف عن نسبة النيكوتين لديه من خلال إجراء فحص النيكوتين لتقييم مدى التزامه ببرامج الإقلاع عن التدخين،[3][4] فما اسم تحليل النيكوتين؟ وهل يظهر النيكوتين في تحليل الدم الشامل؟

ما هو فحص النيكوتين؟

فحص النيكوتين هو أحد الفحوصات المخبرية التي تقيس نسبة النيكوتين في الجسم من خلال قياس مستقلب النيكوتين الذي يُعرف بالكوتينين (Cotinine)، وذلك باستخدام عينة الدم، أو البول، أو اللعاب، وهو بمثابة مؤشر حيوي شائع يكشف عن تعرّض الشخص لمنتجات التبغ، إذ تحتوي جميع منتجات التبغ على النيكوتين بتراكيز عالية.[5][6]

كما يمكن قياس تركيز مستقلبات النيكوتين الناتجة عن عمليات التمثيل الغذائي للنيكوتين، أبرزها -3-هيدروكسي كوتينين (3-Hydroxycotinine)، أو نورنيكوتين (Nornicotine)، أو أناباسين (Anabasine)- في عينة البول أو الدم،[3] كذلك قد يؤثر استهلاك النيكوتين في نتائج تحليل الدم الشامل (CBC) ليرفع بعض المؤشرات كخلايا الدم الحمراء، وخلايا الدم البيضاء، ومتوسط حجم الكريات (Mean corpuscular volume)، والهيموغلوبين (Hemoglobine)، والهيماتوكريت (Hematocrit)، ومتوسط تركيز الهيموغلوبين الكروي (Mean corpuscular hemoglobin volume).[7]


يحدث امتصاصٌ سريع للنيكوتين في الدورة الدموية لحظة استنشاق التبغ أو ابتلاعه ليصل إلى الرئتين مرورًا بالممرات والحويصلات الهوائية، ما يؤدي إلى ارتفاع تركيزه في الدم أثناء التدخين، ويبلغ ذروة مستوياته عند الانتهاء من التدخين، إذ تحدث عمليات التمثيل الغذائي بدايةً في الكبد من خلال تكسير إنزيمات الكبد للنيكوتين وتحويله إلى كوتينين ثم إلى 3-هيدروكسي كوتينين، أو نورنيكوتين، أو أناباسين وغيرها من المواد الكيميائية.[3][8]


يُعدّ الكيتونين المؤشر الحيوي الأكثر استخدامًا للكشف عن تعاطي النيكوتين، وذلك من خلال عينة الدم، والبول، والشعر، واللعاب، والأظافر،[8] إذ يحتاج الجسم للتخلص من نصف كمية مستقلبات النيكوتين (كوتينين و3-هيدروكسي كوتينين) ما يُقارب 16 إلى 20 ساعة، أيّ أنّ مستوياتها في الجسم تبقى قابلة للكشف لعدة أيام من استخدام التبغ، حتى أنّ مستويات مستقلبات النيكوتين في الدم تتناسب مع كمية التعرّض للتبغ أو التدخين.[3][9]


يُشار إلى مدة بقاء النيكوتين في البول ما يُقارب يومين إلى أربعة أيام من تعاطي التبغ أو استنشاقه، كما ويُعدّ تحليل النيكوتين في البول من خلال قياس كمية الكوتينين في البول أكثر حساسية مقارنةً مع قياس الكوتينين في الدم،[6][9] بينما قد يلجأ الطبيب لإجراء فحص الكوتينين باستخدام عينة الدم في حال عدم تمكّنه من الحصول على عينة البول، أو للكشف عن التعرّض الحديث للنيكوتين أو التبغ، والجدير بالذكر أنّ النيكوتين في الدم يتمتع بعمر نصف قصير جدًا يُقدّر بساعتين، ما يمنعه من أن يُصنّف كمؤشر مفيد للكشف عن تعاطي التبغ،[9] كما يمكن أن يُجري الطبيب فحص الكوتينين في اللعاب حال الحاجة إلى عدة عينات خلال فترة زمنية مُحدّدة، إضافةً إلى إمكانية التمييز من خلاله بين مستخدمي التبغ وغير المستخدِمين،[6] ويرجع سبب انتشار فحص الكوتينين في اللعاب لسهولة جمع العينات، لكنّه غير مفيد في الحالات التي يحتاج الطبيب فيها التمييز بين التدخين النشط أو استخدام أحد منتجات النيكوتين كلاصقة الجلد -التي تُستخدم بهدف علاجي للمساعدة في الإقلاع عن التدخين-، إذ إنّ استخدام أي من منتجات النيكوتين العلاجية (لِبان أو أقراص النيكوتين) يرفع مستويات النيكوتين ومُستقلباته.[9][10]


الجدير بالذكر إمكانية إجراء اختبار الكوتينين ذو الخطوة الواحدة (COT) باستخدام جهاز فحص النيكوتين، وهو عبارة عن اختبار مناعي يكشف عن وجود الكوتينين في عينة البول التي يزيد تركيزها عن 200 نانوجرام/ملليلتر، إذ تحتوي أداة الفحص على خطين متوازيين؛ أحدهما خط الاختبار والآخر الخط المرجعي، ويُشير ظهور خط واحد ملوّن في أداة الفحص إلى أنّ النتيجة إيجابية، وظهور الخطين يشير إلى أنّ النتيجة سلبية ما يُعني أنّ تركيز الكوتينين في البول أقل من 200 نانوجرام/ملليلتر، ويشير عدم ظهور أيّ خط إلى فشل الاختبار.[6]

دواعي إجراء فحص النيكوتين

غالبًا ما يُجرى فحص النيكوتين للمدخنين بغرض تقييم آثار وضرر التدخين على الحالة الصحية لديهم، كما أنّه يُعدّ أداةً مهمة لتقييم مدى انتشار التدخين، والتعرّض للتدخين السلبي،[5] إضافةً لعدة أسباب أُخرى:

  • تقييم الحالة الصحيّة للمتقدمين لوظيفة مُعينة لدى جهة معينة من بعض شركات التأمين؛ فيما إذا كان الموظف مُدخنًا أم لا.[9]
  • التمييز بين فئات مُستخدمي التبغ؛ مُدخن حالي، أو ممتنع عن التدخين لأكثر من أسبوعين، أو يتعرّض للتدخين السلبي.[9]
  • التحقّق من امتناع الشخص عن التدخين، بالتالي تحسين فرصة المريض بالتعافي من مشكلة إدمان النيكوتين والتدخين عمومًا إذ يُعدّ قياس نسبة النيكوتين في فحص الدم أحد الطرق الحساسة والدقيقة.[11]
  • اشتباه الطبيب بتناول الشخص لجرعة زائدة من النيكوتين، ما يؤدي إلى الإصابة بتسمم النيكوتين،[12] وتتضمن أعراض تسمّم النيكوتين:[12][13]
    • الشعور بالمرض والضعف العام.
    • الدوار.
    • سيلان اللعاب.
    • التقيؤ.
    • تشنجات البطن.
    • صعوبة في التنفس.
    • الصداع.
    • نوبات تشنجية.
    • الاكتئاب.
    • الإغماء، أو الغيبوبة.
    • ارتعاش أو تلف العضلات.
    • تسارع نبضات القلب وارتفاع ضغط الدم.
    • التهيُّج والارتباك.

كما أشارت دراسة أجراها مجموعة من الأطباء إلى أهمية إجراء فحص النيكوتين في اليوم السابق للجراحة، ما يُسهم في تقييم مدى احتمالية حدوث المضاعفات المحتملة بعد العملية، ويُشار بأنّ تركيز الكوتينين الذي يزيد عن 10 نانوجرام/ ملليتر يزيد من خطورة حدوث المضاعفات في التئام الجروح.[14]

التحضيرات قبل إجراء فحص النيكوتين

حقيقةً لا يحتاج فحص النيكوتين إلى أي تحضيراتٍ مُسبقة،[12] لكن قد تؤخذ بعض الأمور بعين الاعتبار لتأثيرها في نتائج فحص النيكوتين؛ كتعاطي سجائر المنثول التي تزيد من مدة بقاء الكوتينين في الدم لفترةٍ أطول عند إجراء فحص النيكوتين في الدم، كذلك عينة البول المُخففة لدى إجراء فحص الكوتينين في البول، كما قد يُطلب من الشخص عند إجراء فحص النيكوتين في اللعاب تجنب تناول الأطعمة قبل نصف ساعة من جمع العينة.[9][15]

طريقة إجراء فحص النيكوتين

بدايةً يجب الحصول على معلومات دقيقة من المريض عن مدة تعاطي التبغ أو التعرّض له في الآونة الأخيرة، وتحديد نوع العينة المُراد استخدامها في الفحص،[9] ويمكن تفصيل كل فحص منها على حدة وفقًا للعينة المُستخدمَة في الفحص:

فحص النيكوتين في الدم

يُجرى تحليل مستوى النيكوتين في الدم من خلال السحب الروتيني لعينة الدم من الوريد في الذراع باستخدام إبرة،[12] ثمّ تفريغ العينة بالأنبوب المناسب للفحص؛ غالبًا ذو الغطاء البنفسجي أو الوردي.[9]

فحص النيكوتين في البول

يُجرى فحص النيكوتين في البول باستخدام عينة البول العشوائية بشرط أن لا يقل حجمها عن 5 ملليلتر، والحرص على نقل العينة فورًا إلى المختبر،[9] وفي حال عدم إرسالها إلى المختبر فورًا فيجب تجميدها ضمن درجة حرارة 20 تحت الصفر لمدة أقصاها أسبوعين، وبعد وصول عينة البول إلى المختبر لغرض إجراء فحص النيكوتين في البول فإنها تُخزن في المختبر لمدة 48 ساعة في الثلاجة ضمن 2 إلى 8 درجات مئوية قبل استخدامها في الفحص.[6][16]


تجدر الإشارة إلى أهمية إجراء تحليل الكرياتينين (Urine creatinine) في عينة البول العشوائية، نظرًا لإمكانيّة تأثير حالات الجفاف أو اضطراب وظائف الكلى في نتيجة فحص الكوتينين في البول.[9]

فحص النيكوتين في اللعاب

يحتاج إجراء فحص النيكوتين في اللعاب ما يُقارب (1 - 2) ملليلتر من عينة اللعاب عن طريق سحب اللعاب من الفم (Passive drool)، ما يسمح للعاب بالتجمّع بالفم وحده، ثمّ حفظها في الثلاجة ضمن (2 - 8) درجات مئوية على الفور لحين نقلها إلى المختبر، وفي حال تخزينها لفتراتٍ طويلة تُحفظ ضمن حرارة 80 مئوية تحت الصفر.[15]

نتائج فحص النيكوتين

تتراوح نسبة النيكوتين الطبيعية في الجسم ضمن نطاقات مُحدّدة، إذ تعتمد كمية النيكوتين الموجودة في العينة على تركيز النيكوتين الموجود في السجائر -على سبيل المثال- والطريقة التي يُدخن بها الشخص أو يتعاطى بها النيكوتين، كمدى عمق استنشاقه لدخان السجائر، كما قد تختلف من شخصٍ لآخر وفقًا لبعض الاختلافات الجينية في سرعة عمليات الأيض للنيكوتين ومعدل تخلص الجسم منه، إذ قد يحتاج البعض إلى أسبوعين حتى تعود مستويات الكوتينين في الدم إلى مستوياتها الطبيعية، وإلى عدة أسابيع إضافية أُخرى حتى تنخفض في البول إلي الحد الطبيعي،[9][12] ويمكن بيان المستويات الطبيعية لأنواع مُستقلبات النيكوتين في الدم والبول كما هو موضّح في الجدول:[9]

نوع العينة

شخص غير مدخن

مدخن سلبي

مدخن منقطع عن النيكوتين لمدة تزيد عن أسبوعين

مدخن نشط أو يستخدم منتجات التبغ








عينة البول

النيكوتين

أقل من 2 نانوجرام/ملليلتر

أقل من 20 نانوجرام/ملليلتر


أقل من 30 نانوجرام/ملليلتر


(1000 - 5000) نانوجرام/ملليلتر


الكوتينين

أقل من 5 نانوجرام/ملليلتر


أقل من 20 نانوجرام/ملليلتر


أقل من 50 نانوجرام/ملليلتر


(1000 - 8000) نانوجرام/ملليلتر


3-هيدروكسي كوتينين

أقل من 50 نانوجرام/ملليلتر


أقل من 50 نانوجرام/ملليلتر


أقل من 120 نانوجرام/ملليلتر


(3000 - 25000) نانوجرام/ملليلتر


نورنيكوتين

أقل من 2 نانوجرام/ملليلتر


أقل من 2 نانوجرام/ملليلتر


أقل من 2 نانوجرام/ملليلتر


(30 - 900) نانوجرام/ملليلتر

أناباسين

أقل من 3 نانوجرام/ملليلتر


أقل من 3 نانوجرام/ملليلتر

أقل من 3 نانوجرام/ملليلتر


(3 - 500) نانوجرام/ملليلتر



عينة الدم

النيكوتين

أقل من 2 نانوجرام/ملليلتر

أقل من 2 نانوجرام/ملليلتر

أقل من 2 نانوجرام/ملليلتر

(30 - 50) نانوجرام/ملليلتر

الكوتينين

أقل من 2 نانوجرام/ملليلتر

أقل من 8 نانوجرام/ملليلتر

أقل من 2 نانوجرام/ملليلتر

(200 - 800) نانوجرام/ملليلتر

3-هيدروكسي كوتينين

أقل من 2 نانوجرام/ملليلتر

أقل من 2 نانوجرام/ملليلتر

أقل من 2 نانوجرام/ملليلتر

(100 - 500) نانوجرام/ملليلتر


الجدير بالذكر أنّ المستويات المرتفعة من النيكوتين أو الكوتينين تُشير إلى استخدام منتجات التبغ أو أحد بدائل النيكوتين العلاجية بهدف الإقلاع عنه.[12]

كتابة: . خولة يونس - الأحد ، 09 حزيران 2024
تدقيق طبي: فريق المحتوى الطبي - طـبـكـان|Tebcan

المراجع

1.
MedlinePlus [Internet]. Bethesda (MD): National Library of Medicine (US); [updated Jun 24; cited 2020 Jul 1]. (2022-a). Nicotine and tobacco. Retrieved from https://medlineplus.gov/ency/article/000953.htm
2.
Le Foll, B., Piper, M. E., Fowler, C. D., Tonstad, S., Bierut, L., Lu, L., Jha, P., and Hall, W. D. (2022). Tobacco and nicotine use. Nature Reviews. Disease Primers, 8(1), 19. Retrieved from https://www.nature.com/articles/s41572-022-00346-w#Sec1
3.
Widysanto A, Combest FE, Dhakal A, et al. (2023). Nicotine Addiction. [Updated 2023 Aug 8]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2024 Jan-. Retrieved from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK499915/

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية