الإنزيمات (Enzymes) هي بروتينات ضرورية لأداء العمليات الحيوية في الجسم لإبقائه على قيد الحياة، وذلك من خلال تحفيز التفاعلات الحيوية الكيميائية داخل الجسم و تخفيض الطاقة اللازمة للتفاعل،[1] ومن أمثلتها إنزيمات القلب (Cardiac biomarker)، وهي عبارة عن مؤشرات حيوية داخلية في القلب تُطلق في مجرى الدورة الدموية نتيجة تعرّض أنسجة القلب إلى ضررٍ مُعين.[2]
ما هو تحليل إنزيمات القلب؟
فحص إنزيمات القلب (Cardiac Enzymes test) هو تحليل دم يقيس مستوى إنزيمات القلب الموجودة في الدم تحت ظروف مُعينة، وهي إنزيمات عالية الحساسية وخاصة بعضلة القلب فقط، وتُعطي مؤشرًا مهمًا إلى جانب الأعراض الظاهرة على المريض إلى احتمالية إصابته بالنوبة القلبية (Myocardial infarction)، أو نقص تروية عضلة القلب، أو التهاب عضلة القلب، ففي مثل هذه الحالات يُعدّ التشخيص الدقيق والسريع بالغ الأهمية لتلافي أكبر ضرر ممكن،[3] ويتضمن تحليل إنزيمات القلب:
فحص مستوى تروبونين
يُعدّ فحص التروبونين (Troponin test) معيارًا ذهبيًا فهو من أكثر إنزيمات القلب حساسية، وهو أحد البروتينات التي توجد طبيعيًا في عضلة القلب ولا تُطلَق في الدم إلا في حال حدوث ضرر في عضلة القلب، إذ يمكن الكشف عن تركيزه في الدم خلال 6 إلى 12 ساعة من ظهور أعراض آلام الصدر لدى المريض، وكلما زاد تركيزه في الدم زاد الضرر في عضلة القلب، كما تبقى مستويات التروبونين مرتفعة في الدم لمدة 10 إلى 14 يوم، ويتضمن التروبونين ثلاثة أنواع، فيُعدّ كل من تروبونين آي (Troponin I) وتروبونين تي (Troponin T) خاصين بعضلة القلب، أمّا تروبونين سي (Troponin C) خاصًا بالعضلات الهيكلية، مؤخرًا طُوّر فحص التروبونين في المختبرات ليُصبح فحص تروبونين T عالي الحساسية (High Sensitive Troponin T)، وفحص تروبونين I عالي الحساسية (High Sensitive Troponin I) للكشف عن أدنى مستويات ممكنة للتروبونين في الدم، وتشخيص أي ضرر قد يُصيب عضلة القلب مبكرًا.[2][3]
فحص كرياتين كيناز القلبي
يقيس فحص كرياتين كيناز القلبي (CK-MB test) كمية إنزيم (CK-MB) في عضلة القلب، ويُعدّ أحد المؤشرات الهامة على تضرر عضلة القلب، إذ يُصبح قابلًا للقياس في الدم بعد ساعاتٍ من تعرّض القلب للضرر، ويصل إلى ذروة مستوياته بعد مرور 24 ساعة، بعدها يعود إلى مستوياته المنخفضة الطبيعية خلال 48 إلى 72 ساعة، لذا قد يُسهم فحص كرياتين كيناز القلبي في الكشف عن تِكرار إصابة المريض بنوبة قلبية أُخرى مقارنةً بالتروبونين الذي قد تبقى مستوياته مرتفعة لعدة أيام من الإصابة بأول نوبة قلبية.[4]
فحص مستوى ميوغلوبين
يقيس فحص الميوغلوبين (Myoglobin test) كمية بروتين الميوغلوبين في الدم وهو من البروتينات المُرتبطة بالأكسجين الموجودة في أنسجة عضلة القلب والعضلات الهيكلية، ويُعدّ أحد المؤشرات المُستخدمة في الكشف عن الضرر في عضلة القلب الذي قد يحدث نتيجة الإصابة بنوبة قلبية، يتميز الميوغلوبين بوزنه الجزئي المنخفض ممّا يرفع من مستوياته في الدم بعد ساعة واحدة من إصابة عضلة القلب، ثمّ يصل إلى ذروته خلال 4 إلى 12 ساعة ليعود بعدها إلى مستوياته الطبيعية على الفور، ويمكن أن يكشف فحص الميوغلوبين عن تعرّض المريض لنوبة قلبية ثانية.[4][5]
ما هي أسباب إجراء تحليل إنزيمات القلب؟
يلجأ الأطباء غالبًا لإجراء تحليل إنزيمات القلب لتشخيص الإصابة بمتلازمة الشريان التاجي الحادة (Acute coronary syndrome)،[2] بالإضافة إلى دواعي أُخرى:
- تشخيص الإصابة بالنوبة القلبية والكشف عنها، الناتجة عن موت خلايا نسيج عضلة القلب بسبب انسداد أو تضيّق أحد الشرايين التاجية، ممّا يؤدي لعدم كفاية كمية الدم المتدفقة إلى القلب.[6][7]
- تقييم ومراقبة حالة المريض المصاب بمتلازمة الشريان التاجي الحاد.[7]
- ظهور مفاجئ لأعراض الإصابة بمتلازمة الشريان التاجي:[7][8]
- ألم عميق شديد ومفاجئ في الصدر تحديدًا أسفل عظمة القص وغالبًا قد يمتد إلى الظهر، أو أحد الكتفين، أو أحد الذراعين، أو الفكّ.
- الشعور بألم في المعدة.
- ضيق شديد في التنفس.
- التقيؤ والغثيان.
- الدوار.
- شحوب الجلد.
- التعرّق الشديد.
- عدم انتظام شديد في ضربات القلب.
- تعرض القلب إلى إصابة مباشرة.[9]
- الكشف عن عدوى فيروسية في القلب.[9]
التحضيرات قبل تحليل إنزيمات القلب
لا يحتاج تحليل التروبونين في الدم وكرياتين كيناز القلبي (CK-MB) أيّ تحضيرات مُسبقة،[3][10] كذلك لا يحتاج فحص الميوغلوبين إلى الصيام مسبقًا.[5]
طريقة تحليل إنزيمات القلب
يُجرى تحليل التروبونين وكرياتين كيناز القلبي (CK-MB) من خلال سحب عينة دم من الوريد في الذراع، وقد يشعر المريض خلالها بوخزٍ طفيف موضع إدخال الإبرة،[3][10] وكذلك الأمر خلال فحص الميوغلوبين.[5]
نتائج تحليل إنزيمات القلب
تتراوح مستويات إنزيمات القلب الطبيعية ضمن نطاقات مُعينة كما هو موّضح في الجدول:[5][11]
نوع الإنزيم | المستويات الطبيعية | |
التروبونين (Troponin test) | تروبونين آي (Troponin I) | أقل من 0.03 نانوجرام/ ملليلتر |
تروبونين تي (Troponin T) | أقل من 0.01 نانوجرام/ ملليلتر | |
كرياتين كيناز القلبي (CK-MB) |
(0 - 7.5) نانوجرام/ ملليلتر | |
ميوغلوبين Myoglobin |
أقل من 90 ميكروغرام/ لتر |
تفسير نتائج ارتفاع إنزيمات القلب
تُشير نتائج إنزيمات القلب المرتفعة غالبًا إلى تعرّض عضلة القلب للضرر والإجهاد،[7] ويمكن توضيح سبب ارتفاع إنزيمات القلب كلٌ على حِدة:
مستويات التروبونين المرتفعة
يُشير ارتفاع تروبونين T عالي الحساسية إلى تضرر عضلة القلب، فكلما زاد مستوى تركيزه في الدم زاد تضرر عضلة القلب، وغالبًا ما يرتبط بالإصابة بنوبة قلبية، كما تُسهم الأعراض الظاهرة على المريض ونتائج فحص تخطيط القلب الكهربائي (ECG) في تأكيد تشخيص الإصابة بالنوبة القلبية،[3] بالإضافة إلى أن ارتفاع مستوى التروبونين في الدم باستمرار يدل على أنواعٍ أُخرى من الإصابات:[3][5]
- التهاب عضلة القلب (Myocarditis).
- القصور القلبي الحاد (Acute heart failure).
- اضطراب النظم القلبي (Arrhythmia).
- إصابة مباشرة على الصدر.
- السكتة الدماغية.
- الانصمام الرئوي.
- انخفاض ضغط الدم.
يُشير ارتفاع التروبونين غير المُتزايد إلى الإصابة بقصور القلب المزمن، أو التهاب العضلات المُزمن، أو الالتهابات الشديدة، أو أمراض الكلى، أو ارتفاع ضغط الدم.[3]
مستويات كرياتين كيناز القلبي (CK-MB) المرتفعة
تُشير المستويات المُرتفعة من إنزيم CK-MB إلى بعض المشاكل الصحيّة:[5][10]
- التهاب عضلة القلب.
- النوبة القلبية.
- الخضوع لجراحة تمدد الأوعية الدموية القلبية.
- الرجفان القلبي.
- عدم انتظام ضربات القلب البطيني.
- مرض القلب التاجي (إفقار عضلة القلب) (Cardiac ischemia).
مستويات الميوغلوبين المرتفعة
تُشير المستويات المرتفعة من إنزيم الميوغلوبين في الدم إلى الإصابة بأحد المشكلات الصحيّة:[5]
- النوبة القلبية.
- التهاب العضلات الهيكيلية (Myositis).
- فرط الحرارة الخبيث (Malignant hyperthermia).
- ضمور العضلات (Muscular dystrophy).
- نقص التروية الدموية في العضلات الهيكلية.
- تعرُّض العضلات الهيكلية لإصابة مباشرة.
- انحلال الربيدات (Rhabdomyolysis).
إنزيمات القلب الأُخرى
تجدر الإشارة إلى بعض فحوصات إنزيمات القلب الأُخرى التي يمكن أن تُسهم في الكشف عن تعرّض عضلة القلب للضرر،[6] ومن أبرزها:
- البروتين المرتبط بالأحماض الدُّهنية في القلب (Heart-Type Fatty Acid Binding Protein)، يحتوي السيتوبلازم (السائل الخلوي) للخلايا العضلية في القلب على بروتينات ترتبط بالأحماض الدُّهنية الموجودة فيه، وتتسرّب هذه البروتينات إلى الدم بسرعة كبيرة بسبب تعرّض عضلة القلب لإصابة شديدة،[12] إلا أنّ هذا التحليل لم يحظَ بانتشارٍ واسعً في الاستخدام السريري حتى هذه اللحظة.[6]
- تحليل نازعة هيدروجين اللاكتات ((LDH) Lactate dehydrogenase )، يوجد إنزيم (LDH) بكمياتٍ كبيرة في القلب، والكبد، والعضلات، وكريات الدم الحمراء، والكلى، والبنكرياس، والطحال، والدماغ، والرئتين،[11] لذلك لم يعُد الأطباء يستخدمونه كأحد الفحوصات التشخيصية للكشف عن إصابة عضلة القلب أو تعرّضها للضرر كالسابق إلى جانب إنزيم CK-MB، كما أنه يستغرق عدّة ساعات بعد الإصابة حتى ترتفع مستوياته في الدم.[6]
- الكوببتين (Copeptin)، وهو أحد الأحماض الأمينية للهرمون المانع لإدرار البول الذي تفرزه الغدة النخامية نتيجة الإصابة بالنوبة القلبية، إذ يصل إلى ذروة مستوياته بعد ساعة من ظهور أعراض النوبة القلبية، وبعدها يعود لمستوياته الطبيعية في غضون 12 إلى 36 ساعة، لذا أشادت الجمعية الأوروبية لأمراض القلب عام 2015 باستخدام الكوببتين إلى جانب فحص التروبونين.[6][13]