يُعد التهاب الشبكية الصِباغي أحد أمراض العيون التي تتسبب بفقدان تدريجي للبصر، وهو ناجم عن خلل يصيب الخلايا الحساسة للضوء الموجودة في الشبكية والتي يستمر تدهورها إلى حين إفقاد المريض جزء كبير من بصره، وغالبًا ما تبدأ أُولى علامات التهاب الشبكية الصباغي بالظهور من خلال فقدان المريض قدرته على رؤية الأشياء أثناء الليل وهو ما يبدو جليًّا في مرحلة الطفولة.
تتطور مراحل فقدان البصر لتبدأ بلطخات عمياء محددة في مدى الرؤية، وتتطور الأعراض لتسلُب فيما بعد قدرة المريض على الرؤية الطَرَفية (الرؤية النَفَقية) فيغدو لا يستطيع رؤية الأشياء على أحد جانبيه، ثم يتطور أكثر وتشتد أعراضه أكثر كذلك إلى حين الوصول للعمى الكُلي، وذلك لدى معظم المصابين بالتهاب الشبكية الصباغي.
أسباب التهاب الشبكية الصباغي غير محددة، إلا أنّه مرض وراثي قد ينتقل من الآباء للأبناء، ويُصنّف الباحثين التهاب الشبكية الصِباغي على أنه اضطراب لا يرتبط بأعراض أُخرى غير فقدان البصر ويُقسَم بناءً على نمطه الوراثي كالآتي: التهاب الشبكية الصباغي الجسدي السائد أو المُتنحّي أو المرتبط بالكروموسوم X. لكن قد يرتبط التهاب الشبكية الصِباغي في بعض الحالات الأقل شيوعًا مع أعراض تؤثّر على الأنسجة والأعضاء الأُخرى، ومن أكثر أنواع التهاب الشبكية الصباغي المرتبطة بأعراض اُخرى: متلازمة آشر التي تؤثّر على كُل من البصر والسمع وتتسبّب بحرمان المريض منهما في مرحلة عمرية مبكّرة.
من الممكن أن يرتبط التهاب الشبكية الصباغي مع بعض الأمراض الوراثية الأُخرى كعَرَض مرافق لها، مثل: متلازمة بارديه بيدل، داء ريفسام، الرَنَح وغيرها.
أسباب التهاب الشبكيّة الصِباغي
يُعد التهاب الشبكية الصباغي أحد الأمراض الوراثية التي تؤثر على الخلايا الحساسة للضوء الموجودة إلى الخلف من العين مُحدثةً اختلالًا في طريقة عملها، وعلى الرغم من أن التهاب الشبكية الصِباغي يبدو كمشكلة واحدة، إلا أنّه في الحقيقة عبارة عن مجموعة أمراض تجتمع لتؤثّر سويًّا على خلايا محددة في العين مُسببةً مشاكل في القدرة على الإبصار.
تُعد الأسباب المباشرة الكامنة وراء الإصابة بالتهاب الشبكية الصباغي غير واضحة ومفندة، إلا أنّ توجيه الاتهام للعامل الوراثي هو الأمر الواضح لدى الباحثين لغاية الآن؛ إذ يرتبط تحديد صفات العين وحالاتها مع ما يُقارب 32 جِين يتحكم بالصفات التي تكتسبها العين، فمن الممكن أن ينتقل التهاب الشبكية الصِباغي مباشرة للأبناء في حال كانت الصفة المحمولة على جينات الآباء سائدة، بينما قد يتطلب ظهور التهاب الشبكيّة الصِباغي في الأبناء عدة أجيال في حال كانت الصفة مُتنحية لدى الآباء.
أعراض التهاب الشبكية الصِباغي
غالبًا ما ترتبط أعراض التهاب الشبكية الصِباغي بفقدان البصَر التدريجي، بالتالي قد يعاني المريض من الحالات الآتية:
- فقدان البصَر أثناء الليل (العمى الليلي)؛ إذ يفقد المريض قدرته على رؤية الأشياء أثناء الليل أو في الظلام على الرغم من قدرته على الرؤية أثناء أوقات النهار، مثلًا يجد صعوبة في قيادة السيارة أثناء الليل ويبدأ بالتعثُّر في الأشياء التي تعترض طريقه في الظلام.
- فقدان البصر الطَرَفي تدريجيًا (الرؤية النفَقية)؛ إذ يجد المريض صعوبة في رؤية الأشياء التي تقع حوله أو أسفل منه.
- فقدان الرؤية المركزية؛ إذ يجد المريض صعوبة في إنجاز الأعمال التي تتضمن التركيز في تفاصيل دقيقة مثل: القراء أو تعبئة الخَيط داخل الإبرة مثلًا.
- فقدان القدرة على التمييز بين الألوان المختلفة.
علاج التهاب الشبكية الصِباغي
لا يتوافر علاج يستطيع إيقاف تقدم الأعراض أو إصلاح الخلل المُتمثّل بفقدان البصر التدريجي، وتقتصر الخطوات العلاجية المتوافرة لغاية الآن على إبطاء تقدُّم المرض ومعدل تدميره للخلايا في الشبكية عن طريق الوسائل الآتية:
- العلاج الدوائي من خلال بعض الأدوية الموصوفة من طبيب العيون، مثل: مُحصرات قنوات الكالسيوم ومُثبطات الأنهيدراز الكربونية.
- عدم التعرُّض لأشعة الشمس.
- العلاج بالفيتامينات، مثل: فيتامين A، فيتامين E وحمض الأسكوربيك.
- السيطرة على بعض المشاكل الناجمة عن المرض مثل: المياه البيضاء في العين والوذمة البُقعية.
- مساعدة المريض نفسيًا واجتماعيًا على تقبُّل وضعه الحالي والتعايش مع فقدان البصر والصعوبات الناجمة عنه.
بالطبع فإنّ الأبحاث تجري على قدمٍ وساق لإيجاد الحلول التي من شأنها أن تساعد مرضى التهاب الشبكية الصِباغي على تخطي هذه المشكلة واسترجاع القدرة على الإبصار؛ إذ تتركز الأبحاث والدراسات على الكثير من الحلول المقترحة منها: تركيب شبكية صِناعية أو العلاج الجِيني أو عبر حماية الأعصاب.