اُستخدم إكليل الجبل منذ 5000 سنة قبل الميلاد، إذ كانت تُوضع أغصان إكليل الجبل في مقابر الفراعنة في مصر القديمة، كما صنّفه المصريون واليونانيون كرمزٍ للحب والموت، لذلك اُستخدم إكليل الجبل كعلامة على الحب الذي لا يموت والترابط الأبدي أثناء حفلات الزفاف والجنازات، كذلك استعمله العرب كنباتٍ لتنشيط الذاكرة.[1]
كما سبق استخدام إكليل الجبل ومستخلصاته كموادٍ حافظة للأغذية ومحسنات حسية ووظيفية، بالإضافة إلى ذلك، اُستعمل إكليل الجبل ومركباته في مستحضرات التجميل التجارية والطبية بهدف تحسين صحة الجلد والشعر.[2]
نبتة إكليل الجبل
يُعد نبات إكليل الجبل (Rosmarinus officinalis L.) أحد أنواع جنس (Rosmarinus)،[3] وموطنه الأصلي دول البحر الأبيض المتوسط المعتدلة كالبرتغال،[4] كما تنتشر في البلدان الأوروبية والأمريكية والآسيوية،[3] وتتميز نبتة إكليل الجبل بأنّها عشبة كثيفة دائمة الخضرة، ومتفرعة ذات أزهار بيضاء مُزرقة يصل ارتفاعها إلى حوالي متر واحد، ولها أوراق جلدية الملمس لا عنق لها يتراوح طولها بين 1-4 سم وعرضها ما بين 2-4 مم، ويكون شكلها كالإبرة ذات حواف منحنية، أمّا لونها من الجانب العلوي فيكون أخضر داكن حُبيبي، وجانبها السفلي وبَري ويتوسطها ضلع بارز.[4]
تُزرع نبتة إكليل الجبل ضمن مجموعة متنوعة من الظروف البيئية، إذ تتواجد أشجار إكليل الجبل على ارتفاعات تتراوح بين 1500 إلى 3000 متر فوق مستوى سطح البحر، كما يزدهر نمو إكليل الجبل في الأماكن التي تتراوح درجات الحرارة فيها بين 20 إلى 25 مئوية، ويصل معدل هطول الأمطار السنوي فيها إلى أكثر من 500 ملم، وهي قادرة على تحمل الصقيع وظروف الجفاف، ومع ذلك، فإنّ الري ضروري إذا كانت التربة جافة وقت زراعة الشتلات، وتفضل شجرة إكليل الجبل التربة الرملية إلى الطينية جيدة التصريف مع درجة حموضة تتراوح بين 5.5 إلى 8.0، ولا تنمو جيدًا في التربة الطينية الرطبة أو التربة المغمورة بالمياه.[5]
فوائد إكليل الجبل
يحتوي نبات إكليل الجبل على مجموعة وفيرة من المركبات الكيميائية التي لها دور علاجي لكثير من الأمراض التي قد تصيب الإنسان:
تأثير إكليل الجبل في ارتفاع مستوى الدهنيات في الدم
أكدت العديد من الدراسات دور إكليل الجبل في خفض مستوى الدهنيات في الدم، وقد سبق أن نُشرت دراسة في مجلة (International Journal of Clinical Medicine) في عام 2014 ميلادي بهدف بحث تأثير مسحوق أوراق إكليل الجبل على دهنيات الدم وسكر الدم لدى 48 مشاركًا، أظهرت نتائج الدراسة أنّ استهلاك المشاركين لمسحوق أوراق إكليل الجبل بتراكيز بلغت 2، 5، 10 غرام يوميًا على مدى ثمانية أسابيع قد خفض مستوى السكر (الجلوكوز) في الدم، وخفض مستوى الكوليسترول الكلي (Total Cholesterol)، والكوليسترول الضار (Low-density Lipoprotein)، ورفع مستوى الكوليسترول الجيد (High-density Lipoprtoein).[6]
تأثير إكليل الجبل في القلق ومشاكل الذاكرة
أشارت العديد من الدراسات إلى دور إكليل الجبل في تخفيف القلق والأرق وتنشيط الذاكرة، وقد نُشرت دراسة في مجلة (Complementary Therapies in Clinical Practice) في عام 2017 ميلادي لبحث آثار استهلاك إكليل الجبل على اضطرابات النوم والقلق لدى فئة من طلاب الجامعات، وقد أوضحت نتائج الدراسة أنّ استهلاك كبسولة تحتوي على 500 ملغرام من مسحوق إكليل الجبل مرتين يوميًا لمدة شهر قد حسّن من أداء الذاكرة، وخفف من القلق والاكتئاب، وخفف من الأرق، وبالتالي حسّن جودة النوم.[7]
تأثير إكليل الجبل في عُسر الطمث
تعاني العديد من النساء من عسر الطمث الذي يصاحبه عدد من الأعراض، كتقلبات المزاج والتعب والصداع والغثيان واحتباس السوائل، إذ من الممكن ان تؤثر في قدرة الشخص على أداء الأنشطة اليومية، وقد أُجريت دراسة نُشرت في مجلة (Iranian Journal of Nursing and Midwifery Research) عام 2019 ميلادي لمعرفة مدى فعالية مستخلص إكليل الجبل في تخفيف هذه الأعراض، وقد أظهرت النتائج أنّ تناول كبسولات تحتوي على 250 ملغ من مسحوق إكليل الجبل في بداية الدورة الشهرية كل 8 ساعات ولدورتين متتاليتين قد خفف من نزيف الدورة، وشدة الألم، وأعراض عسر الطمث.[8]
تأثير إكليل الجبل في مرض السكري
يفرض داء السكري من النوع الثاني عبئًا ماليًا هائلاً على أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم، إذ ينجم عن حدوث مشكلة في وظائف الإنسولين (مقاومة الإنسولين) إلى جانب انخفاض إنتاجه، وقد تؤدي مضاعفاته إلى العديد من الأمراض الأُخرى، لذا أكدت إحدى الدراسات أن منقوع إكليل الجبل قد يساعد في علاج مرض السكري من النوع الثاني، وقد سبق أن نُشرت دراسة مخبرية عام 2017 ميلادي في مجلة (Nutrients)، لبحث مستخلص إكليل الجبل ودوره في مرض السكري، وقد أظهرت النتائج أنّ لمُستخلص إكليل الجبل والمستخلص الفينولي لإكليل الجبل تأثيراتٍ مضادة لمرض السكري، وتأثيرات مشابهة لعمل الإنسولين.[9]
زيت إكليل الجبل
يتمتع الزيت العطري لنبات إكليل الجبل بقيمة تجارية كبيرة في قطاعي الأدوية والأغذية، وهو سائل عديم اللون أو أصفر باهت ذو رائحة حادة وفواحة، يمثل زيت إكليل الجبل ما يقارب 1% إلى 2.5% من الوزن الإجمالي للنبات وتركيبه الكيميائي، وله فوائد عديدة،[1] أبرزها:
مضاد للبكتيريا
أثبتت الدراسات أنّ لزيت إكليل الجبل خواصًا مضادة للبكتيريا، وقد أفادت إحدى الدراسات التي نُشرت في مجلة (Industrial Crops & Products) عام 2017 ميلادي لقياس مدى فعالية النشاط المضاد للبكتيريا لـزيت إكليل الجبل المستخلص من عدة أنواع تُزرع في غرب إيران ضد سلالتين من البكتيريا موجبة الجرام واثنتين من سلالات البكتيريا سالبة الجرام، أنّ لزيت إكليل الجبل فعالية عالية في تثبيط نشاطها.[10]
التهاب المفاصل
يُعد الفصال العظمي (Osteoarthritis) أحد أكثر الأمراض العضلية الهيكلية انتشارًا، إذ يتميز بالتآكل التدريجي للغضروف المفصلي، وتهيجه، إلى جانب ألم المفاصل، مما يؤثر سلبًا في جودة حياة المرضى، وتدريجيًا يصبح هذا الألم مقاومًا للعلاج، وقد سبق أن نُشرت دراسة في مجلة (BMC Complementary Medicine and Therapies) عام 2021 ميلادي أُجريت على حيوانات مخبرية لمعرفة تأثير زيت النعناع وزيت إكليل الجبل على آلام المفاصل، وقد أظهرت النتائج أنّ استعمال مستحلب زيت إكليل الجبل بتركيز بلغ 1مل يوميًا لمدة 14 يومًا قد قلل من معدل الاحتكاك والألم في المفصل المصاب.[11]
تعزيز نمو الشعر
يمكن لزيت إكليل الجبل أن يحسّن تروية الشعيرات الدموية الدقيقة في فروة الرأس، وهو ما قد يفسر دوره في منع تساقط الشعر، وتعزيز نمو الشعر بطريقة مشابهة لدواء مينوكسيديل (Minoxidil)، وذلك بسبب خواصه المضادة للبكتيريا والمضادة للأكسدة، وقد خضع زيت إكليل الجبل لدراساتٍ عشوائية لتحديد مدى فائدته في علاج تساقط الشعر، ووُجد أنّ العلاج باستخدام زيت إكليل الجبل لمدة 6 أشهر من الاستخدام، زاد من نمو الشعر،[12] أمّا عن طريقة إكليل الجبل للشعر، فيمكن خلط 4 إلى 5 نقاط من زيت إكليل الجبل مع ملعقة صغيرة من زيت جوز الهند ويوضع الخليط موضعيًا على فروة الرأس.[13]
محاذير استخدام زيت إكليل الجبل
على النساء الحوامل والأطفال دون سن السادسة وأي شخص يعاني من الصرع أو ارتفاع ضغط الدم الشرياني تجنب استخدام إكليل الجبل، وكذلك لا ينبغي استخدم زيت إكليل الجبل غير المُخفف، أو تناوله، أو وضعه على تقرحات الجلد الحديثة، أو الجروح المفتوحة أو النازفة، كما يجب توخي الحذر عند استخدامه عند محيط منطقة العين.[14]