في السنوات الأخيرة، ارتفع معدل الإصابة بأورام المعدة الحميدة نتيجةً لزيادة اهتمام الطاقم الطبي بتشخيصها، وتوفر أدوات تشخيصية حديثة كالمنظار الهضمي، وعلى الرغم من ذلك إلا أنها لا تُعد شائعة الحدوث، إذ تُمثل نسبة الإصابة بأورام المعدة الحميدة 5-10 بالمئة من مُجمل أورام المعدة، ونظرًا لاحتمالية تطورها بمرور الوقت لتُصبح أورامًا خبيثة، فإنّ اكتشاف المرض في مراحله المُبكرة، وعلاجه بالطرق المُناسبة، ومتابعته دوريًا تُعد أُمورًا بالغة الأهمية لدى المصُابين بهذه الأورام.[1]
أورام المعدة الحميدة
قد تنمو الأورام في أي طبقة من طبقات المعدة، بما في ذلك الطبقة المُخاطية وغير المُخاطية، لذا يمكن تقسيم أورام المعدة الحميدة بحسب موقعها إلى أورام المعدة الحميدة التي تنمو من الغشاء المخاطي (Benign gastric mucosal tumors)، وأورام المعدة الحميدة غير المرتبطة بغشاء المعدة المخاطي (Benign gastric non-mucosal tumors).[2]
أورام المعدة الحميدة التي تنمو من الغشاء المخاطي
تُمثل أورام المعدة التي تنمو من الغشاء المخاطي ما نسبته 40 بالمئة من مُجمل أورام المعدة الحميدة، وتسمى هذه الأورام بسلائل المعدة (Gastric polyps)،[2] وتُعرّف سلائل المعدة على أنها بُروز أو نتوءات لأنسجة المعدة المخاطية أو ما تحت المخاطية داخل المعدة، وتحدث هذه الآفات نتيجةً للنمو غير الطبيعي لأنسجة المعدة، والذي قد يتحول لأورامٍ خبيثة.[3] ولسلائل المعدة أنواعٌ عديدة، أبرزها:[3][4]
- سلائل فرط التنسج المعدية (Hyperplastic polyps)؛ وهو النوع الأكثر شيوعًا من سلائل المعدة.
- سلائل غدد قاع المعدة (Fundic gland polyposis).
- داء السلائل الغديَّة الورمية (Adenomatous polyposis).
- الأورام الليفية (Fibroid polyps).
- سلائل المعدة اليفعية (Juvenile polyposis syndrome).
- متلازمة بوتز جيغرز (Peutz-Jeghers Syndrome).
- الورم الأصفر أو الصفرومات (Xanthomas).
- متلازمة كاودن (Cowden Syndrome).
أورام المعدة الحميدة غير المرتبطة بغشاء المعدة المخاطي
تُمثّل هذه الأورام ما نسبته 60 بالمئة من أورام المعدة الحميدة،[2] ويمكن تصنيفها إلى:
- الأورام الوعائية (Vascular Tumors): تضم نوعين؛ الأورام الوعائية الدموية (Hemangioma)، والأورام الوعائية اللمفية (Lymphangioma).[2]
- أَورام اللُّحمة المتوسطة (Mesenchymal tumors)،[2] وتشمل عدة أنواع منها:[5]
- أورام اللحمة المعدية المعويّة (Gastrointestinal stromal tumor (GIST)).
- الورم الكُبي (Glomus tumors).
- الأورام الشحمية (Lipomas).
- الورم العضلي الأملس (Leiomyoma).
أعراض أورام المعدة الحميدة
تُكتَشف معظم حالات ورم المعدة الحميدة بمحض الصُدفة أثناء إجراء تنظير المعدة،[2] إذ لا تترافق الأورام الحميدة في المعدة مع أي أعراض أو مشاكل صحية لدى معظم المرضى، وبالتالي يمكن أن يمر المريض بفترةٍ طويلة دون تشخيص الأورام أو علاجها،[6] ولكن أحيانًا قد تُظهِر أورام المعدة الحميدة أعراضًا تختلف باختلاف حجم الورم، وموقعه، والمضاعفات الناجمة عنه،[1] لعل أبرزها:[1][3]
- النزيف الحاد أو المُزمن.
- ألم في البطن.
- الشعور بعدم الراحة.
- الغثيان.
- فُقدان الوزن.
- فقر الدم.
- عُسر الهضم (Dyspepsia).
- الارتجاع الحمضي.
- حرقة المعدة.
- الشبع المُبكِّر.
- انسداد مخرج المعدة أو انسداد في الأمعاء.
- الشعور بالتعب والإرهاق.
- نقص الحديد.
تشخيص أورام المعدة الحميدة
يُعد التصوير المقطعي المُحوسب (Computed tomography scan (CT scan)) أداةً مهمة في تشخيص أورام المعدة الحميدة على اختلاف أنواعها، فعلى سبيل المثال يُعد التصوير المقطعي أكثر فائدةً من تنظير المعدة في تشخيص أورام اللحمة المعدية المعويّة وتقييم حجمها ومدى انتشارها، أما الأورام الوعائية فتظهر بالتصوير الطبقي ككتلة مُنفردة دائرية أو بيضاوية الشكل وذات حدودٍ واضحة.[7]
يُعد تنظير الجهاز الهضمي العلوي (Esophagogastroduodenoscopy) -والذي يشمل المعدة والمريء والإثني عشر- الأداة الأهم في تشخيص سلائل المعدة، أمّا في حال كانت أحجامها كبيرة فيُكشف عن وجودها بالتصوير المقطعي المحوسب أو الرنين المغناطيسي.[3]
يُذكر بأنّ التشخيص الدقيق لأورام المعدة الحميدة لا يكتمل دون أخذ خزعة من المعدة أثناء تنظيرها، بعدها تُفحص الأنسجة مخبريًا، وبناءً على نتائجها يُشخّص الطبيب بدقّة ماهيّة الورم.[1]
أسباب أورام المعدة الحميدة
تعتمد أسباب وجود كتلة في البطن على نوع الورم الذي شخّصه الطبيب، فعند الحديث عن سلائل المعدة وبالأخص النوع الأكثر شيوعًا، سلائل فرط التنسج المعدية، فتُشير الدراسات إلى أنّ الإصابة بالتهاباتٍ مُزمنة جرّاء عدوى بكتيريا الملوية البوابية (Helicobacter pylori)-والتي تُعرف بجرثومة المعدة- أو التهاب المعدة الضموري أحد أهم مُسببات الإصابة بهذا النوع من السلائل، كما أشارت دراساتٌ أُخرى إلى أنّ استخدام أدوية مُثبطات مضخات البروتون (Proton Pump Inhibitors) لفترةٍ طويلة قد يكون أحد العوامل المُسبّبة لهذه الأورام.[3]
أيضًا، قد تكون الطفرات الجينية هي المسؤولة عن حدوث بعض أنواع أورام المعدة الحميدة، كما في أورام اللحمة المعدية المعويّة، إذ تُعد الطفرات الجينية في بروتينات مُستقبلات تيروسين كيناز (Tyrosine Kinase)؛ المُشفر بالمورثة (KIT)، وعامل النمو المُشتق من الصفيحات (Platelet derived growth factor receptor)، من أهم عوامل ظهور المرض.[8]
علاج ورم المعدة الحميد
على الرغم من اختلاف أنواع أورام المعدة الحميدة، إلا أنّ أورام اللحمة المعدية المعويّة هي النوع الوحيد الذي يتطلب التدخل الدوائي، أما باقي الأنواع فغالبًا ما يلجأ الأطباء لاستئصال الورم باستخدام المنظار الجراحي.[2]
- استئصال الورم بالمنظار
يُوفر التنظير العلوي للجهاز الهضمي وسيلةً تشخيصية وعلاجية في آنٍ واحد،[2] ويُجرى استئصال الورم الحميد في المعدة باستخدام المنظار الجراحي بتقنياتٍ عدة، منها الاستئصال بالمنظار الجراحي بتقنية سنير (Endoscopic snare resection)، وباستخدام أشعة الليزر (Laser ablation)، أو استئصال الغشاء المخاطي بالمنظار (Endoscopic mucosal resection).[1]
- علاج سلائل المعدة
تُعالَج سلائل المعدة باستئصالها بالمنظار الجراحي (Endoscopy)، وقبل الإجراء الجراحي يُعطى المرضى جُرعةً من مُثبطات مضخات البروتون وريديًا، لتقليل حموضة المعدة والإسهام في عمليات تخثر الدم لتعزيز فرص إيقاف النزيف، كما يُوصى باستخدامها لمدة 4-8 أسابيع لتحسين التئام الجروح في المعدة.[3]
لكن، إذا كشف التشخيص عن وجود عدوى بكتيرية بواسطة البكتيريا الملوية البوابية، حينها لا بُدّ من القضاء عليها،[9] باستخدام العلاج الثلاثي؛ ويتضمن أحد مُثبطات مضخات البروتون بالإضافة إلى نوعين من المُضادات الحيوية، وهما كلاريثرومايسين (Clarithromycin)، وأموكسيسيلين (Amoxicillin)، أو العلاج الرباعي، ويتضمّن البسموث سبساليسيلات (Bismuth subsalicylate)، وأحد مُثبطات مضخات البروتون، والمُضاد الحيوي إمّا تيتراسايكلن (Tetracycline) أو أموكسيسيلين، وميترونيدازول (Metronidazole).[10]
بالإضافة إلى ذلك توصي الجمعية البريطانية لأمراض الجهاز الهضمي (British Society of Gastroenterology) بإجراء تنظير للمعدة دوريًا مرة كل عام بعد استئصال سلائل المعدة.[9]
- العلاج الدوائي
كما أُشير سابقًا، بأنّ الأورام اللحمة المعدية المعويّة تتطلب علاجًا دوائيًا للتخلص منها،[2] فيُعد عقار الإيماتينب (Imatinib)، المثبط لإنزيم تايروسين كاينيز-الإنزيم الذي حدثت به طفرة جينية أدت إلى ورم المعدة- الخيار العلاجي الأمثل في مثل هذه الحالات، وقد يُستخدم كعلاجٍ أوّلي لتقليل حجم الورم قبل استئصاله جراحيًا، أو كعلاجٍ مُساعد بعد الاستئصال الجراحي، وفي بعض الحالات قد تُستخدم أدويةٌ أُخرى في حال لم يستجب المريض للعلاج أو لعدم قدرته تحمّل أعراضه الجانبية، ومن أمثلة ذلك عقار سونيتينيب (Sunitinib)، أو عقار ريجورافينيب (Regorafenib)، كما يُستخدم عقار الأفابريتينيب (Avapritinib) لدى المرضى ممّن قد يُشكّل الإجراء الجراحيّ خطورة عليهم.[11]
هل من الممكن أن تصبح أورام المعدة الحميدة أورامًا خبيثة؟
تعتمد الإجابة على هذا السؤال على نوع الورم الحميد، فمثلًا تُشكل نسبة تحول سلائل المعدة إلى أورام خبيثة 5.1 بالمئة فقط، وتزداد هذه الاحتمالية في حال كان حجم الورم أكبر من 20 مليميترًا، وكلما ازداد عمر المرضى، ووجود أورام مُتعددة في المعدة،[2] أما أورام اللحمة المعدية المعويّة فإذا كانت أحجامها صغيرة، وسرعة انقسامها طفيفة، ونشأت في المعدة ولم تنتقل لتغزو عضوًا آخر فغالبًا ما تكون توقعات سير المرض جيدة واحتمالية الشفاء عالية.[12]