قصر النظر والتحديق في الشاشات، ما العلاقة بينهما؟

في الأسبوع العالمي للتوعية بقصر النظر نسلط الضوء على تأثير التحديق في الشاشات الإلكترونية في زيادة انتشار قصر النظر بين الأطفال والشباب، وأسباب تطوره وطرق الوقاية منه، مع التركيز على أهمية تقليل وقت استخدام الأجهزة الرقمية للحفاظ على صحة العين.

ارتفعت في الآونة الأخيرة أعداد المصابين بقصر النظر، خصوصًا بين أوساط الأطفال والشبَّان، وخصوصًا في ظل تزايد استخدام الأجهزة الذكية، إذ يُعد قصر النظر من أكثر المشكلات التي تُشخَّص في العيادات يوميًا، ويرتبط هذا الاضطراب البصري بعدد من المشكلات الأخرى في العين، مما يستدعي تقييمًا دقيقًا في كل زيارة للطبيب المختص.[1][2]

شهدت طرق علاج قصر النظر تطورًا كبيرًا خلال العقدين الماضيين، إذ أسهمت تقنية تصوير القرنية (Corneal Topography) في توضيح خصائصها، وفهم دورها في تطور قصر النظر، كما مكَّن التقدّم في الجراحة بالليزر، وزراعة العدسات داخل العين العديد من المرضى من الاستغناء عن النظارات، حتى في حالات قصر النظر الشديدة.[1]

ما هو قصر النظر؟

قصر النظر هو خلل في انكسار الضوء داخل العين، ويَحدث عادةً عندما لا تتناسب القوة البصرية للعين (أي القرنية والعدسة البلورية) والطول المحوري للعين– المسافة بين السطح الأمامي والخلفي للعين–، مما يؤدي إلى تركُّز الضوء الداخل إلى العين أمام الشبكية بدلًا من التركز عليها، وهذا ما يجعل رؤية الأشياء البعيدة غير واضحة.[2]

وقد أظهرت إحدى الدراسات أنّ "نسبة انتشار قصر النظر بين الأطفال في منطقة الشرق الأوسط تحديدًا تتراوح حول 5.74%، وكانت النسبة أعلى قليلًا لدى الإناث (7.25%) مقارنةً بالذكور (6.09%).[3]

لماذا تتدهور رؤية الأطفال؟ وما العوامل المؤثرة في قصر النظر؟

يَحدث قصر النظر نتيجة عدة عوامل تؤثِّر في العين، مثل زيادة طول المحور المحوري، وترقق الأنسجة المسؤولة عن الانكسار الضوئي، مثل القرنية وعدسة العين، مما يؤثِّر في تركيز الصورة داخل العين،[2] ومن أبرز اسباب قصر النظر عند الاطفال:[2]

  • خلل في التكيف البصري (Emmetropization)، يَحدث عندما تفشل العين في المحافظة على تركيز الصورة على الشبكية، مما يؤدي إلى قصر النظر.
  • زيادة طول العين المحوري، أي المسافة بين القرنية والشبكية، وهي عامل مهم مرتبط بالتسبب في قصر النظر.
  • الانحراف البؤري (Defocus)، يَحدث عندما لا تتركز الصورة بدقة على شبكية العين، فإذا تركزت الصورة خلف الشبكية، كما يَحدث عند استخدام عدسات مقعرة، قد يؤدي هذا إلى زيادة طول محور العين مع الوقت، مما يُسهم في تطور قصر النظر، أمّا إذا تركَّزت الصورة أمام الشبكية، كما في حالة العدسات المحدبة، فإنّ هذا قد يُسهم في منع زيادة طول العين المحوري، بالتالي يُقلل من احتمال الإصابة بقصر النظر أو تطوره.

هنالك أيضًا عوامل قد تزيد من احتمالية الإصابة بقصر النظر في بعض الحالات:[2][4]

  • العوامل الوراثية: معاناة الوالدين من قصر النظر قد يجعل الأطفال أكثر عرضةً للإصابة.
  • العوامل البيئية، تتضمن:
    • قلة الخروج إلى الأماكن المفتوحة، إذ يرتبط قضاء وقت أقل تحت ضوء الشمس بزيادة الطول المحوري للعين.
    • الاستخدام الطويل للأجهزة الإلكترونية، والشاشات.
    • التدخين السلبي
    • التلوث الهوائي.
    • التوتر النفسي.

ما تأثير استخدام الشاشات في تطور قصر النظر لدى الأطفال؟

يسبب التحديق لفترات طويلة في الشاشات الإلكترونية، كالهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية، وأجهزة الحاسوب، إلى إرهاق العين نتيجة التركيز على مسافات قريبة لفترة طويلة، وهذا قد يؤثِّر مباشرةً في عضلة العين المسؤولة عن التكيف البصري أو الاستجابة البصرية (Accommodation)، إذ تتحكم هذه العضلة في شكل العدسة وقدرة العين على مشاهدة الصور القريبة والبعيدة.[4]

من أبرز المشكلات الصحية الناتجة عن التحديق الطويل في الشاشات:[4]

  • الضغط المستمر على العضلات المسؤولة عن التكيف البصري، مما يؤدي إلى شعور بالإجهاد البصري.
  • جفاف العين، نتيجة انخفاض معدل رمش العين أثناء النظر المستمر إلى الشاشات.

أوصت منظمة الصحة العالمية (The World Health Organization) (WHO) بتقليل وقت استخدام الشاشات لدى الأطفال إلى أقل من ساعتين يوميًا، كما أشارت بعض الدراسات الحديثة إلى وجود علاقة بين زيادة وقت الشاشة وارتفاع معدلات الإصابة بقصر النظر عند الأطفال، بالإضافة إلى هذا فقد يختلف تأثير استخدام الأجهزة الإلكترونية تبعًا لنوع الجهاز، إذ بيّنت إحدى الدراسات أنّ "الأجهزة الكبيرة مثل الحواسيب مرتبطة أكثر بقصر النظر مقارنة بالهواتف الذكية".[5]

كيف يمكننا الوقاية من قصر النظر؟

تتعدد الطرق التي قد تُسهم في الوقاية من خطر الإصابة بقصر النظر، أو الحد من تطورها،[4] ومن أبرز الطرق التي قد تقلل من احتمالية الإصابة بقصر النظر وفقًا لبعض الدراسات العلمية:[4][6]

  • التغذية السليمة تُعد من العوامل المهمة لصحة العين، إذ يُنصح بتناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات، مثل فيتامين أ (Vitamin A)، وفيتامين ج (Vitamin C)، والمعادن، مثل الزنك والسيلينيوم، إلى جانب البروتينات، كما يُفضَّل تقليل الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات لدعم النمو السليم للعين.
  • قضاء وقت كافٍ في الهواء الطلق خلال النهار، إذ يُعتقد أنّ التعرض للضوء الطبيعي قد يُسهم في تنظيم نمو العين الصحي.
  • تقليل استخدام الأجهزة الرقمية، خصوصًا الشاشات الصغيرة ، وألعاب الفيديو، وتجنب استخدامها من مسافات قريبة أو لساعات طويلة.
  • الحصول على عدد ساعات نوم مناسب يوميًا.
  • استخدام قطرات عينية تحتوي على دواء أتروبين (Atropine) بتركيز منخفض، فقد أشارت بعض الدراسات إلى أنّ هذه القطرات قد تُبطئ من تطور قصر النظر لدى الأطفال.
  • العدسات اللاصقة، مثل العدسات ثنائية البؤرة (Bifocal lenses)، والتي تُستخدم للحد من تفاقم قصر النظر.
  • زيارة الطبيب بانتظام، إذ يُسهم الفحص المنتظم في الكشف المبكر عن أي تغيّر في النظر، ويُتيح التعامل مع المشكلة في وقت مبكر.
كتابة: . ثراء عبد الله - الأربعاء ، 28 أيار 2025
تدقيق طبي: الصيدلانية أسيل الخطيب

المراجع

1.
Subudhi P, Agarwal P. (2023). Myopia. [Updated 2023 Mar 31]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2025 Jan-. Retrieved March 31, 2023, from https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK580529/
2.
Biswas, S., El Kareh, A., Qureshi, M., Lee, D. M. X., Sun, C.-H., Lam, J. S. H., Saw, S.-M., & Najjar, R. P. (2024). The influence of the environment and lifestyle on myopia. Journal of Physiological Anthropology, 43(1). Retrieved 31 January 2024, from https://doi.org/10.1186/s40101-024-00354-7
3.
Mohamed, Z. D., Ismail, G. M., Alrasheed, S. H., Vankudre, G. S., Noushad, B., & Ayyappan, J. P. (2024). Refractive errors among schoolchildren in the Middle East: A systematic review and meta-analysis. African Vision and Eye Health, 83(1). Retrieved from https://doi.org/10.4102/aveh.v83i1.940

الأكثر قراءة

مواضيع متعلقة

آخر المواضيع المتعلقة

أسئلة و أجوبة

آخر الأخبار

فحوصات

أمراض

علاجات

أدوية

تكلم مع استشاري قصر النظر أونلاين عبر طبكان
احجز