يعد تسمم الدم حالة حرجة، تترافق بالتهاب جهازي يؤثر في كل من المناعة الذاتية و المكتسبة في الجسم، ويؤدي تسمم الدم غالبًا إلى انخفاض مستوى الخلايا الليمفاوية بما يُعرف طبيًا باسم قلة الليمفاويات (Lymphopenia)، وفي اليوم العالمي للتوعية بتسمم الدم يُسلّط الضوء على الضرورة الملحة لتشخيص هذه المشكلة الخطيرة والتعريف بطرق علاجه المتاحة، إذ إنّ منظمة الصحة العالمية اعترفت بتسمم الدم كأولوية صحية عالمية. [1]
حقائق عن تسمم الدم
يعرّف تسمم الدم (Sepsis) أو الإنتان -مشتق من كلمة يونانية تعني التعفن وكان متعارفًا عليه حينها على أنه أحد المضاعفات المتكررة للجروح- بحسب إرشادات 2023 بأنه خلل عضوي يهدد حياة المصاب، وهو ناتج عن اختلال في استجابة جسم المصاب للعدوى، فتسمم الدم سببه معقد وغير مفهوم تمامًا، والآلية التي كُشف عنها حتى الآن تشير إلى أنّ مسببات الأمراض تحفّز إنتاج عامل نخر الورم (TNF)، ليفرز الجسم السيتوكينات (Cytokines) المسببة لآثار تسمم الدم السلبية على الجسم، وتقدّر إصابة الأشخاص بتسمم الدم حول العالم بأكثر من 30 مليون شخص سنويًا.[1] [2] [3]
أما عن تشخيص تسمم الدم، فيمكن التعرُّف عليه من خلال الأعراض الظاهرة على المريض،[4] وتتلخص باسم المرض (Sepsis) الذي يعبّر في أحرفه عن أبرز الأعراض المصاحبة له:[4]
- الكلام غير الواضح أو غير المفهوم (Slurred speech).
- الارتعاش الشديد وآلام العضلات والحمى (Extreme shivering or muscle pain, fever)
- عدم التبول طوال اليوم (Passing no urine all day).
- ضيق شديد في التنفس (Severe breathlessness).
- الشعور بالاقتراب من حافّة الموت (It feels like you are going to die).
- تغير لون الجلد (Skin discolored).
ولكن هذه الأعراض غير نمطية ومتباينة، فليس شرطًا أن تنطبق على جميع المرضى، وخاصةً كبار السن والمرضى المصابين بضعف المناعة، لذا فهي غير قاطعة في تشخيص تسمم الدم.[4]
طوّر الباحثون أداة فحص سريرية لتشخيص الإصابة بالعدوى (Sequential Organ Failure Assessment (SOFA))،[3] وأكّد الباحثون على ضرورة أن ينطبق معيارين من هذه الثلاثة معايير على المريض لتوكيد تشخيصه ثم اعتماد طرق علاجه من تسمم الدم.[3] تضم (SOFA) ثلاثة معايير سريرية:[3]
- معدل التنفس ≥ 22/ دقيقة.
- مقياس غلاسكو للغيبوبة < 15.
- ضغط الدم الانقباضي ≤ 100 مم زئبق.
تتضمن معايير تشخيص الصدمة التسممية (Septic shock) انخفاض في ضغط الدم بالإضافة إلى زيادة مستويات حمض اللاكتيت (Lactate) في الدم > 2 ملي مول.[3]
مدى خطورة تسمم الدم وأهمية التشخيص المبكر
يُصنّف تسمم الدم على أنه مشكلة مهددة للحياة، إذ يؤدي إلى تنشيط تخثر الدم، واستنزاف الخلايا التائية ونقصان كبير في الخلايا المناعية -شلل المناعة-، كما يجعل المرضى المصابين بتسمم الدم عرضة للممرضات (الكائنات الحية الدقيقة) الانتهازية، والإصابة بعدوى المستشفيات، وتنشيط بعض الفيروسات الكامنة في الجسم، وهنا تكمن أهمية تشخيص مشكلة تسمم الدم مبكرًا للسيطرة على المضاعفات التي قد تنشأ.[5] [6]
في ذات السياق وفي إشارة إلى مدى خطورة تسمم الدم، سُجّلت قرابة 48.9 مليون حالة بتسمم الدم وفقًا لإحصائيات عام 2020، بينما بلغت وفيات تسمم الدم 11 مليون في إحصائيات ذات العام، وهذا يُشكّل ما يقارب 20% من الوفيات العالمية.[7]
أحدث الوسائل العلاجية المتاحة لتسمم الدم
يجب علاج سبب العدوى كخطوة علاجية أولى حتى ينجح أي علاج تالي، فإذا فشل علاج العدوى ستقل احتمالية بقاء المريض على قيد الحياة، إذ من الممكن علاج المريض إذا استطاع الأطباء التعرُّف على مشكلة تسمم الدم لدى المريض وشخصوه بدقة بطريقة صحيحة وفي الوقت المناسب، وذلك من خلال علاج بسيط ومنقذ للحياة، إذ وُجد أنّ كل ساعة تأخير في بدء إعطاء المضاد الحيوي تؤدي إلى زيادة احتمالية الوفاة بنسبة 7.6% لدى مرضى تسمم الدم،[8] [6] ومن أبرز الوسائل العلاجية المتاحة لتسمم الدم:[8] [6]
- المضادات الحيوية: يفضل إعطاء المريض المضاد الحيوي وريديًا وبسرعة بعد التحقق من إصابته بتسمم الدم.
- علاج انخفاض ضغط الدم: إذ إنّ مريض تسمم الدم يعاني من انخفاض التروية ونقص كمية الأكسجين الواصلة للأعضاء، فيُعطى أدوية لتوسيع الأوعية الدموية (Vasopressors)، وتعويض نقص حجم سوائل الدم؛ ويكون ذلك بإعطاء المريض الذي يعاني من انخفاض ضغط الدم جرعات سوائل مناسبة لحالته الصحية، وموسعات الأوعية الدموية.
- الستيرويدات القشرية (Corticosteroid): يؤدي إعطاء الستيرويدات القشرية إلى زيادة ضغط الدم وتحسين حالة الأوعية الدموية، وتخفيف الحاجة لكميات كبيرة من الأدوية الموسعة للأوعية الدموية.
- جرعات عالية من فيتامين C: يفيد فيتامين سي مرضى تسمم الدم في تخفيف الالتهاب وتقليل التخثر والتخفيف من إصابة الأوعية الدموية، ومع هذا لا زال هناك حاجة لمزيد من الدراسات السريرية لتأكيد فوائد فيتامين سي في هذه الحالة.