العملقة (Acromegaly) أو مرض تضخم الاطراف مشكلة صحية تَحدث نتيجة ارتفاع غير طبيعي في مستوى هرمون النمو (GH) (Growth Hormone) وعامل النمو الشبيه بالإنسولين 1 (IGF-1) (Insulin-like Growth Factor 1)، وهذا الاضطراب يؤثِّر سلبًا في العديد من وظائف وأعضاء الجسم المختلفة،[1] ويُصيب الرجال والنساء على حدٍ سواء، إلّا أنّه قد يَظهر أحيانًا بمعدل أعلى قليلًا لدى النساء.[2]
تجدر الإشارة إلى أهمية التمييز بين العملقة التي تحدث قبل سن البلوغ، والتي تؤدي إلى نمو مفرط في الطول، وبين متلازمة تضخم الاطراف التي تظهر بعد البلوغ.[3]
ما هي العملقة؟
تُعَد العملقة من الأمراض المزمنة التي تَنشأ نتيجة زيادة مفرطة في إفراز هرمون النمو، والذي يُطلق عليه أيضًا هرمون العملقة، وغالبًا ما يكون السبب الأساسي لهذه الحالة وجود ورم حميد في الغدة النخامية، مما يؤدي إلى زيادة إنتاج هذا الهرمون، بالتالي ارتفاع مستوى عامل النمو الشبيه بالإنسولين، ويترتب على هذا الخلل الهرموني تحفيز النمو غير الطبيعي للأنسجة والعظام، مما يُسبب تغيّرات ملحوظة في ملامح الوجه، بالإضافة إلى تضخُّم اليدين والقدمين.[4][5]
ولا تقتصر تأثيرات العملقة في التغيُّرات الشكلية فقط، بل قد تؤدي إلى مضاعفات صحية تؤثِّر في القلب، والجهاز العصبي، وأجهزة أخرى في الجسم، كما تُقدَّر نسبة الإصابة بالعملقة بحوالي 70- 90 حالة لكل مليون شخص.[4][5]
ما سبب العملقة؟
السبب الأكثر شيوعًا للإصابة بالعملقة أو تضخم الأطراف هو وجود ورم في الغدة النخامية، ويُعرف بورم الخلايا المفرزة لهرمون النمو، والذي يؤدي بدوره إلى نمو مفرط في أنسجة وأعضاء الجسم،[6][3] وتُقسم أسباب العملقة عادةً إلى ثلاثة أنواع رئيسية:[6][3]
- الزيادة الأولية في هرمون النمو: تَحدث نتيجة وجود أورام في الغدة النخامية تُفرز هذا الهرمون، وفي بعض الحالات قد تُفرز هذه الأورام أكثر من نوع من الهرمونات، وقد تؤدي هذه الحالة إلى نمو غير طبيعي في أنسجة الجسم، بالإضافة إلى مشكلات أخرى في وظائف الأيض.
- الزيادة غير المباشرة في هرمون النمو: قد تَنتج عن استخدام هرمون النمو بكميات زائدة لأسباب طبية، أو نتيجة إفرازه من أورام تقع خارج الغدة النخامية، كأنواع معينة من أورام الغدد اللمفاوية، مما يؤدي إلى ارتفاع غير طبيعي في مستوياته داخل الجسم.
- الزيادة في إفراز الهرمون المطلق لهرمون النمو (Growth hormone-releasing hormone (GHRH)): قد تَحدث زيادة في إفراز الهرمون المُحفِّز لهرمون النمو (GHRH) نتيجة وجود أورام حميدة في منطقة تحت المهاد، أو بسبب أورام تقع خارج الجهاز العصبي المركزي، مثل بعض أنواع السرطانات في القصبات الهوائية، وسرطان الرئة صغير الخلايا، وأورام الغدة الكظرية، مما يؤدي إلى تحفيز مفرط لإفراز هرمون النمو من الغدة النخامية.
الجدير بالذكر أنّ بعض حالات العملقة قد تنجم عن طفرة جينية تؤثِّر في بروتينات مسؤولة عن نقل الإشارات داخل الخلية، مما يؤدي إلى خلل في تنظيم إفراز هرمون النمو.[6]
ما هي أعراض العملقة؟
تتطور العملقة غالبًا تدريجيًا، إذ تبدأ أعراضها بالظهور عادةً بين سن 20 و40 عامًا،[6] وتتسم هذه الحالة بتغيرات واضحة في ملامح الوجه:[6][2]
- الفك السفلي الكبير.
- الجبهة البارزة.
- حاجبان بارزان.
- زيادة حجم اللسان، وتباعد الأسنان.
- جفون سميكة، وأنف كبير، وشفة سفلية كبيرة.
- طيات عميقة في الجلد حول الأنف والفم.
كما تتضمن أعراض الأكروميجالي أو العملقة:[6][2]
- اليدين والقدمين الكبيرتين.
- ألم في المفاصل نتيجة تضخمها.
- ألم وتنميل في الرسغ نتيجة الإصابة بمتلازمة النفق الرسغي (Carpal tunnel syndrome).
- الشخير واضطرابات النوم، بسبب انقطاع النفس أثناء النوم.
- الصداع ومشكلات في الرؤية، مثل فقدان الرؤية الجانبية في كلتا العينين، نتيجة الضغط الناجم عن الورم في الغدة النخامية.
- ضعف الانتصاب أو انخفاض الرغبة الجنسية.
- اضطرابات في الدورة الشهرية لدى النساء.
- التعرق المفرط خصوصًا في راحة اليدين وباطن القدمين.
- خشونة أو تغلّظ في الصوت.
- ظهور الزوائد الجلدية، مع تغير لون الجلد، ونمو شعر مفرط أو غير طبيعي.
- إفراز الحليب من الثدي.
- ارتفاع ضغط الدم.
- انحناء أو تقوس في الظهر في بعض الحالات.
- مشية غير طبيعية، وتُسمى أحيانًا "المشية المترنحة -بتمايل- (Rolling gait)".
كيفية تشخيص العملقة
عادةً ما يتأخر تشخيص مرض العملقة لعدة سنوات، لأنّ أعراضه تَظهر تدريجيًا، مما يؤدي أحيانًا إلى تفاقم المشكلة وظهور مضاعفات صحية خطيرة.[1]
من أبرز الفحوصات والاختبارات التشخيصية التي تُسهم في تشخيص مرض العملقة:[6][2]
- قياس مستوى عامل النمو الشبيه بالإنسولين 1 (IGF-1): يُستخدم للكشف عن ارتفاع مستويات هرمون النمو في الجسم.
- اختبار تثبيط هرمون النمو.
- اختبار هرمون إفراز الثيروتروبين (TRH) (Thyrotropin-Releasing Hormone): يُستخدم لتقييم الاستجابة الهرمونية في الجسم، إذ يُحقن هذا الهرمون في الوريد، فإذا تسبب ذلك بارتفاع مستوى هرمون النمو (GH) بنسبة 50% خلال 30 دقيقة من الحقن، فقد يكون هذا مؤشرًا على الإصابة بمرض العملقة.
- التصوير بالرنين المغناطيسي للغدة النخامية: يُستخدم للكشف عن الورم الغدي المُفرِز لهرمون النمو.
- تصوير الأشعة المقطعية للصدر أو البطن في بعض الحالات.
- قياس مستوى الهرمون المحفِّز لإفراز هرمون النمو (GHRH): يُجرى عادةً عند الاشتباه في وجود مصدر خارجي (خارج الغدة النخامية) لزيادة هرمون النمو.
- اختبار تخطيط النوم: يُجرى إذا ظهرت أعراض لانقطاع النفس أثناء النوم.
- تخطيط القلب الكهربائي وتصوير القلب بالموجات فوق الصوتية: تُستخدم في حال وجود أعراض تشير إلى مشكلات في القلب، مثل فشل القلب.
- فحص مجال الرؤية: يُستخدم إذا كان الورم قريبًا من منطقة تقاطع الأعصاب البصرية (Optic chiasm) أو يضغط عليه.
- اختبارات وظائف الغدة النخامية: تَهدف إلى تقييم أدائها، وتشمل قياس مستويات بعض المواد في الدم، مثل الجلوكوز، والكالسيوم، والفسفور، بالإضافة إلى عدد من الهرمونات، مثل الكورتيزول (Cortisol)، والبرولاكتين (Prolactin)، والتستوستيرون (Testosterone)، وهذا للكشف عن أي خلل في وظيفة الغدة.
ما علاج تضخم الاطراف؟
شهدت السنوات الأخيرة تقدمًا ملحوظًا في علاج مرض العملقة، مما أدى إلى انخفاض في معدلات الوفاة الناجمة عنه، وهذا بفضل توفر مجموعة متنوعة من الخيارات العلاجية التي تَهدف إلى تنظيم مستويات هرمون النمو، وعامل النمو الشبيه بالإنسولين 1 (IGF-1)، وتخفيف الأعراض والعلامات المصاحبة للمرض، بالإضافة إلى الحد من تأثير الورم المسبب للمشكلة.[1][6]
من أبرز الطرق العلاجية المتبعة لعلاج اضطراب تضخم الاطراف أو العملقة:[6][3]
- العلاج الجراحي، يُعد الخيار المفضل في حال وجود أورام غدية في الغدة النخامية سَواء أكانت صغيرة أو كبيرة خصوصًا إذا بدأت تؤثِّر في الأنسجة المحيطة، ومن أبرز التقنيات الجراحية المتبعة لعلاج العملقة:
- جراحة الغدة النخامية عبر الوتدي بالمنظار (Endoscopic Transsphenoidal Surgery): تُسهم في تخفيف الأعراض وتقليل مستويات هرمون النمو.
- جراحة الغدة النخامية المجهرية عبر الوتدي (Transsphenoidal Microscopic Surgery): تُجرى باستخدام المجهر لرؤية الورم بدقة.
- فتح الجمجمة (Craniotomy): يُلجأ إلى هذه الطريقة عندما يكون الورم كبيرًا جدًا أو يمتد إلى مناطق يَصعب الوصول إليها، كأن يكون فوق الغدة النخامية أو قريبًا من أوعية دموية مهمة.
- العلاج الدوائي، يُعد مناسبًا في حال عدم رغبة المريض في إجراء جراحة، أو وجود خطر كبير عند إجراء الجراحة، أو صعوبة إزالة الورم بالكامل، أو تكرار المرض بعد الجراحة الأولى وعدم إمكانية إجراء جراحة ثانية، ومن أبرز العلاجات الدوائية المستخدمة لعلاج العملقة:
- نظائر السوماتوستاتين (Somatostatin Receptor Ligands) (SRLs)، مثل أوكتريوتيد (Octreotide) ولانريوتيد (Lanreotide)، وتُستخدم كعلاجات أولية، بالإضافة إلى باسيوريتييد (Pasireotide)، الذي يُستخدم كعلاج ثانوي في الحالات التي لا تستجيب للعلاج الأولي.
- محفزات الدوبامين (Dopamine Agonists) (DAs)، مثل بروموكريبتين (Bromocriptine).
- مثبطات مستقبلات هرمون النمو (Growth Hormone Receptor Antagonists) (GHRAs)، مثل بيغفيسومانت (Pegvisomant).
- العلاج الإشعاعي، يُستخدم في الحالات التي لا تنجح فيها العلاجات الدوائية، أو في حالة تكرار المرض بعد الجراحة، ويشمل:
- العلاج الإشعاعي التقليدي المُجزأ: الذي يُعطى 5 أيام بالأسبوع لمدة 5 إلى 6 أسابيع، وقد يحتاج المريض إلى عدة سنوات حتى تبدأ حالته بالتحسن، أحيانًا قد تصل إلى 10 سنوات.
- العلاج الإشعاعي الموجه بدقة: الذي يُركِّز الإشعاع بدقة على الورم، مما يقلل الضرر على الأنسجة المحيطة.
على الرغم من تحسّن الأعراض بعد العلاج، فإنّ ضبط الهرمونات لا يعني بالضرورة زوال جميع المشكلات الصحية أو النفسية، لهذا من المهم أن يتضمن العلاج تقييمًا شاملاً لحالة المريض، بما فيها التحاليل، والمضاعفات، وتأثيرات العلاج.[1]
أمّا في حالات الحمل فقد يَحدث تغير غير طبيعي لمستويات هرمون النمو، ولكن في معظم الحالات لا يتأثَّر حجم الورم إلى حدٍ كبير، فإذا كان الورم صغيرًا ولا يَنتج عنه أعراضٌ مقلقة، يمكن التوقف عن العلاج ومتابعة الحالة دوريًا، أمّا إذا زادت الأعراض أو لُوحظ نمو في حجم الورم، فيمكن استئناف العلاج، وغالبًا ما يُستخدم دواء بروموكريبتين، ويُعد خيارًا آمنًا نسبيًا أثناء الحمل، ولا يُسبب عادةً تأثيرات سلبية في الجنين.[6]
ما مضاعفات العملقة؟
أضرار زيادة هرمون النمو قد تكون شديدة، وقد يتفاقم اضطراب تضخم الاطراف مما يؤدي إلى مجموعة من المضاعفات الخطيرة التي قد تؤثِّر في حياة المريض، وصحته النفسية، والجسدية،[1] ومن أبرز المضاعفات المترتبة على مرض العملقة:[1][6]
- السرطان، خصوصًا سرطان القولون وسرطانات الغدة الدرقية.
- أمراض القلب والأوعية الدموية، كاعتلال عضلة القلب الذي قد يتطور إلى فشل في القلب.
- السكري من النوع الثاني، نتيجة مقاومة الجسم للإنسولين.
- قصور الغدة النخامية، أي ضعف في إفراز هرمونات الغدة النخامية.
- التهاب المفاصل.
- كسور في العمود الفقري.
- اضطرابات نفسية.
أسئلة شائعة
- ما معنى عملقة؟
العملقة هي مشكلة صحية ناتجة عن زيادة مفرطة في إفراز هرمون النمو (GH)، مما يؤدي إلى تضخم غير طبيعي في الأنسجة والأعضاء.[1]
- هل يوجد علاج لمرض العملقة؟
نعم، توجد عدة خيارات علاجية لمرض العملقة، تشمل الجراحة، والأدوية. والعلاج الإشعاعي.[3]
- هل مرض العملقة مرض وراثي؟
نعم، يمكن أن يكون مرض العملقة وراثيًا في بعض الحالات، إذ لُوحظ في بعض العائلات وجود أكثر من شخص مصاب بالمرض نتيجة تغيّرات جينية معينة، كما قد يظهر المرض كجزء من متلازمات وراثية نادرة، مثل متلازمة التعدد الغدي الصماء النوع 1 (Multiple endocrine neoplasia type 1 (MEN1))، أو متلازمة كارني (Carney complex)، أو متلازمة مكّيون-ألبرايت (McCune-Albright syndrome).[6][2]
لكن في أغلب الحالات لا يرتبط مرض العملقة بأسباب وراثية، ويُصيب الأشخاص دون وجود تاريخ عائلي أو جيني، لذا فإنّ معظم الحالات تكون غير وراثية ولا تنتقل من جيل إلى جيل.[6][2]