تُعرّف الشّعب (القصبات) الهوائية (Bronchi) على أنها ممرات هوائية صغيرة تتشعّب من القصبة الهوائية لِتسمح للأكسجين بالمرور من خلالها حتى تصل إلى الحويصلات الهوائية في الرئتين لإتمام عملية تبادل الغازات، تُبَطّن الشّعب الهوائية بأغشية مُخاطية تُشكّل حاجزًا مناعيًا لِمُسببات الأمراض الخارجية، إلا أنّها مُعرّضة للإصابة بالعدوى بما يُعرَف بالتهاب الشعب الهوائية.[1]
ما هو التهاب الشعب الهوائية؟
يُعدّ التهاب الشّعب الهوائية (Bronchitis) أحد المشاكل الصحيّة التي تتمثّل في تهيّج وانتفاخ الأغشية المُخاطية المُبطِّنة للمجاري الهوائية في الرئتين، ممّا يُحفّز إفراز المُخاط بكثرة، بالتالي صعوبة دخول الهواء إلى الرئتين وخروجه منهما، ومن الجدير بالذكر بأنّ التهابات الشعب الهوائية يتفرّع إلى نوعين، التهاب الشعب الهوائية الحاد والتهاب الشعب الهوائية المُزمن.[2][3]
أنواع التهاب الشعب الهوائية
ينقسِم التهاب الشعب الهوائية إلى نوعين رئيسين:[3][4]
- التهاب الشعب الهوائية الحاد (Acute Bronchitis)، إذ يتميّز بأعراضهِ الشديدة التي تتشابه إلى حدٍ ما مع أعراض نزلات البرد، وغالبًا قد لا يستمر لأكثر من 3 أسابيع، كما أنه أكثر شيوعًا لدى كِبار السن والأطفال والرُضع، ويحدُث التهاب الشّعب الهوائية الحاد نتيجة عدوى فيروسية أو بكتيريّة، والجدير بالذكر أن العدوى الفيروسية هي الأكثر انتشارًا في فصل الشتاء.
- التهاب الشّعب الهوائية المُزمن (Chronic Bronchitis)، يُعدّ المُدخنين هم الفئة الأكثر عُرضة للإصابة بهذا النوع، إذ قد تستمر أعراض التهاب الشّعب الهوائية المُزمن لفتراتٍ طويلة تتراوح بين عدّة أشهر إلى عدّة سنوات، ويُصنّف كأحد أنواع مرض الانسداد الرئوي المُزمن (COPD)، ونادرًا ما يُصيب الأطفال.
أسباب التهاب الشعب الهوائية
يمكن بيان أسباب التهاب الشّعب الهوائية:
- أسباب التهاب الشّعب الهوائية الحادّ
تُعدّ العدوى الفيروسيّة السبب الأكثر شيوعًا للإصابة بالتهاب الشُعب الهوائية الحادّ، مثل الفيروس المخلوي التنفسي (RVS)، أو الفيروسات الغدانية (ADV)، أو الفيروس الأنفي (Rhinovirus)، أو الفيروس التاجي (Coronavirus)، بالإضافة إلى العدوى البكتيريّة التي تسببها بكتيريا البردوتيلا الشاهوقية (Bordetella pertussis)، أو المفطورة الرئوية (Mycoplasma pneumonia)، أو الكلاميديا الرئوية (Chlamydia pneumonia)، وغالبًا ما يحدث الالتهاب الحادّ بعد الإصابة بنزلات البرد أو الإنفلونزا، لِتنتقل البكتيريا أو الفيروسات من الأنف أو الحلق إلى الشعب الهوائية حيث تحدث العدوى،[5][6] كما أن هناك بعض العوامل التي قد تُساهم في الإصابة بالتهاب الشعب الهوائية الحاد:[5]
- العوامل البيئية، مثل التعرّض لبعض المواد الكيميائية المُهيّجة وغيرها، مثل الغبار والأتربة والدخان ومُنتجات التنظيف الكيميائية.
- بعض العوامل الوراثية، بأن يحمل الشخص بعض المُتغيّرات الجينية الوراثيّة التي تجعلهُ أكثر عُرضة للإصابة بالتهاب الشعب الهوائية دونًا عن غيره.
- أسباب التهاب الشعب الهوائية المُزمن
يُعدّ التدخين أحد أهم الأسباب الشائعة للإصابة بالتهاب الشعب الهوائية المُزمن، بالإضافة إلى التدخين السلبي، وبعض العوامل البيئية، مثل استنشاق الأبخرة الكيميائية والمُلوّثات، كما تُسهم الإصابة المتكررة بالتهاب الشعب الهوائية الحاد في حصول تهيّجٍ شديد ينتهي بالتهابٍ مزمن.[3][7]
عوامل خطر الإصابة بالتهاب الشعب الهوائية
لا بُدّ من الإشارة إلى بعض العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بالتهاب الشعب الهوائية:[8][9]
- تكرار التعرّض لبعض المواد الكيميائية والمُلوّثات، مثل الأمونيا وثاني أكسيد الكبريت.
- التعرّض للغبار والأتربة.
- الإصابة بارتجاع المعدة، ممّا قد يؤدي لوصول حمض المعدة إلى الشعب الهوائية.
- التعرّض للرذاذ المُصاحب لسُعال وعُطاس الآخرين.
- عدم اتخاذ تدابير الوقاية اللازمة بغسل الأيدي باستمرار مثلًا.
أعراض التهاب الشعب الهوائية
تبدأ أعراض التهاب الشعب الهوائية بالتهابٍ في الحلق يصاحبه سيلانٌ في الأنف، ثم تبدأ أعراضٌ أخرى بالظهور:[10][3]
- السّعال، الذي غالبًا ما يكون جافًا في بداية الالتهاب، ليُصبح بعدها مصحوبًا بالبلغم الذي قد يتغيّر لونه ما بين الأصفر والأخضر والأبيض.
- انسداد الأنف.
- التعب العام.
- الحمّى.
- القشعريرة.
- الشعور بآلامٍ في الجسم.
- ضيق في التنفس.
- الصداع.
- الشعور بألم في الصدر.
تشخيص التهاب الشعب الهوائية
يُشخّص الطبيب مريضه من خلال الفحص السريري و بالاستناد إلى تاريخه الطبي والأعراض التي يشكو منها، بالإضافة إلى إجراء بعض الفحوصات حال الاشتباه بأحد الحالات المُشابهة لالتهاب الشعب الهوائية، مثل الربو أو الالتهاب الرئوي،[6][10] كما يمكن إجراء مجموعة أُخرى من الفحوصات:
- أخذ عينة من البلغم وتحليلها لتحديد نوع الفيروس أو البكتيريا المُسبّبة للالتهاب.
- مسحة الأنف، للكشف عن نوع الفيروس المُسبّب للالتهاب.
- فحوصات الدم، للكشف عن وجود أيّ عدوى في الجسم.
- التصوير الإشعاعي باستخدام الأشعة السينية للصدر (Chest X-Ray).
- فحوصات وظائف الرئة.
مضاعفات التهاب الشعب الهوائية
قد يعاني مرضى التهاب الشعب الهوائية وخصوصًا المزمن من المضاعفات لدى عدم تلقّي العلاج المناسب، وذلك بسبب تطور الأعراض لديهم، إذ من الممكن أن تشمل مضاعفات التهاب الشعب الهوائية:[11][12]
- الإصابة بالالتهابات الصدرية بمختلف أنواعها بسهولة، مثل الالتهاب الرئوي (Pneumonia).
- الإصابة بأمراض القلب، أو تفاقم أعراض قصور عضلة القلب.
- السيلان القصبي (ثر قصبي)، وهو زيادة إفراز المُخاط المائي من الرئتين مُسبّبًا ضيقًا في التنفس وسُعالًا مستمرًا.
- القيء الدموي (Hemoptysis).
علاج التهاب الشعب الهوائية
عادةً تتعافى بعض حالات التهاب الشعب الهوائية الناتجة عن العدوى الفيروسية من تلقاء نفسها دون علاج، إلا أنه في بعض الحالات التي تُصاحبها أعراض شديدة يلجأ الطبيب لأحد العلاجات الدوائية:[10][6]
- المُسكنات التي تُصرف بدون وصفة طبية، مثل باراسيتامول (Paracetamol)، أو الإيبوبروفين (Ibuprofen)، وتُستخدم لتخفيف الآلام الناتجة عن الالتهاب وتخفيض حرارة الجسم.
- الأدوية المُضادة للسعال، إلا أنه لا يُنصح باستخدامها على المدى البعيد، كون السعال هو الطريقة الوحيدة التي يتخلص فيها الجسم من البلغم المتراكم، لكن قد تُخفف من الأعراض وتوفر الراحة للمريض أثناء النوم، ومن الأمثلة عليها الديكستروميثورفان (Dextromethorphan)، والبنزوناتات (Benzonatate).
- المُضادات الحيوية، غالبًا ما تُستخدم في حالات التهاب الشعب الهوائية الناتجة عن عدوى بكتيرية.
- الأدوية المُضادة للفيروسات: تُستخدم في حال كان الالتهاب ناتجًا عن عدوى فيروسية، إذ تُساهم في تخفيف الأعراض.
- الأدوية المُوسّعة للقصبات الهوائية: تُساهم في فتح مجرى التنفس ممّا يُخفّف من الأعراض التنفسية.
- مشتقات الكورتيزون، قد يصفها الطبيب في بعض الحالات للتخفيف من حدّة الالتهاب.
علاجات منزلية للتخفيف من التهاب الشعب الهوائية
تُسهم بعض العلاجات المنزلية في تخفيف أعراض التهاب الشعب الهوائية وتوفير الراحة للمريض، ومن أبرزها:[13][14]
- الزنجبيل، يتمتع بخصائص مُضادة للالتهاب ممّا يُخفّف من أعراض السّعال ويوفر الراحة للمريض، من خلال تناول بعض قطع الزنجبيل الطازجة، أو صنع مغلي الزنجبيل، يُنصح بعدم استخدامه للحوامل، أو المُرضِعات، أو مرضى السكري والقلب.
- الثوم، أثبت الباحثون أثناء دراسة أُجريت عام 2016 أنّ تناول الثوم بانتظام يقي من الإصابة بالتهاب الشعب الهوائية، وذلك لاحتوائه على مُضادات فيروسيّة، ويُنصح بتناوله طازجًا، لكن يُفضّل استشارة الطبيب قبل تناول الثوم لمن يعاني من اضطرابات في النزيف.
- الكركم، يتمتّع الكركم بخصائص مضادة للفيروسات والبكتيريا والالتهاب، بالإضافة إلى تعزيزه للمناعة، ممّا يُخفف من أعراض التهاب القصبات الهوائية ويُسرّع عملية الشِفاء، وذلك من خلال إضافة مسحوق الكركم إلى الأطعمة، أو بتحضير مغلي الكركم.
- استنشاق البُخار، إذ يُسهم البُخار في إذابة وتفكيك المخاط المتراكم في الشعب الهوائية، ليَسهُل التخلص منه أسرع عن طريق الأنف أو السعال، ويمكن استنشاق البخار من خلال أخذ حمامٍ ساخن، أو وضع ماءٍ ساخن في وعاء وتغطية الرأس بمِنشفة، ثمّ محاولة استنشاق البخار لمدة لا تزيد عن دقيقتين.
- شرب حساء الدجاج، إذ إنّه يزيد من رطوبة الجسم الداخلية ويُخفّف من أعراض السعال، كما أنّه يمُد الجسم بالطاقة، كما يُنصح أيضًا بالإكثار من شرب الماء للحِفاظ على رطوبة الجسم.
- تناول العسل، أثبتت الدراسات أن العسل فعّال في تحسين أعراض التهاب الشعب الهوائية، كما أنّه يخفّف من التهاب الحلق والسعال، لكن لا يُعطى للأطفال الذين تقِل أعمارهم عن سنة.
- الحصول على قسط كافٍ من الراحة.
- تجنب التدخين، أو التعرّض للتدخين السلبي.
- غسل اليدين لمنع انتشار العدوى.
- اتباع نظام غذائي صحي لرفع المناعة.
دواعي مراجعة طبيب الصدرية والجهاز التنفسي
تتحسن مُعظم حالات التهاب الشعب الهوائية في المنزل، لكن يُنصَح بزيارة طبيب الصدرية والجهاز التنفسي حال ظهور بعض الأعراض:[15][16]
- استمرار السعال لأكثر من 3 أسابيع.
- عدم القدرة على النوم ليلًا بسبب السعال.
- أزيز، أو ضيق في التنفس.
- السعال المصحوب بالدم أو بمخاط ذي لون.
- الحمّى التي تزيد عن 38 درجة مئوية.
- الإصابة بنوبات مُتكررة من التهاب الشعب الهوائية الحاد.