على الرغم من أنّ التحذيرات بشأن انتقال فيروس كورونا بدأت عبر التشديد على إبقاء مسافة ما يُقارب 1 إلى 2 متر من الشخص الذي تظهر عليه أعراض الإنفلونزا (التي تُقارب إلى حدٍ ما أعراض COVID-19)؛ للوقاية قدر المُستطاع من الإصابة بالفيروس والحدّ من انتشاره، إلّا أنّ بعض الدراسات المبنيّة على المُشاهدات الحيّة للحالات التي اجتاحت العالم جاءت مُخالفة للتوقعات، فقد توّصلت دراسة أُجريت في سنغافورة إلى الافتراض الرامي بأنّ المُصابين بفيروس كورونا دون أن تظهر عليهم أيّة علامات أو أعراض قد يُشكّلون الحلقة الأساسيّة في دائرة انتشار الفيروس بين الناس، ممّا يعني انتقاله على نطاقٍ واسع دون الوعي لذلك، فقد كشفت ذات الدراسة التي أُجريت على كُل من سنغافورة ومدينة تيانجين في الصين بأنّ معدل انتقال الفيروس أثناء الفترة السابقة لظهور الأعراض كانت 48% في سنغافورة و62% في مدينة تيانجين الصينيّة.
وفي ظل التكهنات التي تجتاح العالم حول فيروس كورونا المُستّجد فإنّ العديد من الخبراء أدلوا بملاحظاتهم الأوليّة المبنيّة على النتائج والمشاهدات الحيّة من حولهم، فقد تساءلت الدكتورة ديبورا بيركس منسقّة الاستجابة لفيروس كورونا في البيت الأبيض عن احتماليّة انتقال الفيروس عبر الأشخاص الذين تقِل أعمارهم عن 20 عامًا، والذين لا تظهر عليهم أعراض واضحة -في الغالبية العُظمى- وهو ما يُحتّم أخذ تدابير احترازيّة بعدم الاقتراب والإبقاء على مسافة محدّدة تُقارب 2م (لمزيدٍ من الأمان) من جميع الأشخاص سواءً ظهرت عليهم الأعراض أم لا.
بعد تباين الآراء والاستنتاجات حول دور الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أي أعراض في نقل فيروس كورونا وخضوعها للنفي تارة والتوكيد تارةً أُخرى، تؤكّد عالمة الفيروسات الألمانية الدكتورة ساندرا سيزك بأنّ هذه الفئة تلعب دورًا مهمًّا في ذلك؛ وقد جاءت استنتاجاتها بعدما قامت بإجراء الفحوصات اللازمة على مجموعة من المُسافرين الذين وصلوا الأراضي الألمانيّة قادمين من فلسطين المحتلّة، وقد تبيّن بأنّ 4 من أصل 7 ممّن شُخّصوا بالإصابة بفيروس كورونا لم تظهر عليهم أي أعراض، بل ممّا زاد النتائج عجبًا بأنّ الحِمل الفيروسي (تركيز فيروس كورونا في إفرازات الجهاز التنفسي) في العيّنات التي أُخذت من ذات المُصابين كان أعلى بكثير ممّا هي عليه في عينات المُصابين الآخرين، ممّا يعني قدرتهم على نقل الفيروس بنسبة أعلى.