يُعدّ سرطان الثدي ثاني أكثر أنواع السرطان المُسبّبة للوفاة عند النساء في العالم، غالبًا ما يتطوّر دون ظهور أعراض واضحة، إنّما يُكشف لدى غالبية الحالات خلال الفحص الروتيني، أو التصوير الإشعاعي للصدر (Mammogram)، إلا أن الأطباء يعتمدون في تشخيصهم لمرضى سرطان الثدي على الفحص السريري، والفحوصات الإشعاعية، وخزعة الثدي،[1] فما هي خزعة الثدي؟ وكيف تُجرى؟
ما هي خزعة الثدي؟
تُعدّ خزعة الثدي (Breast biopsy) أحد الإجراءات الطبية التي يَستأصل الطبيب فيها عينة من أنسجة الثدي بهدف البحث عن أيّ علامة تُثبت وجود خلايا غير طبيعية، يُجرى من خلال فحص عينة الأنسجة تحت المجهر بواسطة اختصاصي علم الأنسجة،[2] وتتضمن خزعة الثدي عدة طرق يختارها الطبيب بناءً على حالة المريض الصحية، وموقع الورم، وشكله، وهل هو محسوس وظاهر أم لا،[3] أبرز طرق الحصول على خزعة الثدي:
شفط الخزعة بالإبرة الرفيعة (Fine-needle aspiration (FNA))
هو إجراء فعّال في تقييم كتل الثدي المحسوسة، والتي يظن الطبيب أن احتمالية إصابتها بالسرطان ضئيلة، يُجرَى في عيادة الطبيب بإدخال إبرة رفيعة لإزالة جزء من أنسجة الثدي أو السوائل الموجودة فيه، كما تُتيح هذه الطريقة معرفة النتيجة بسرعة وبتكلفة منخفضة، وتُسهم في تحديد خيارات الجراحة في حال الحاجة للجوء لها،[3][4] ويُجرى عادةً إلى جانبه تصوير الثدي بالرنين المغناطيسي، أو التصوير بالموجات فوق الصوتية للثدي، أو التصوير الإشعاعي للثدي (الماموغرام).[5]
خزعة الإبرة الأساسية (Core needle biopsy (CNB))
هو إجراء لأخذ العينات النسيجيّة وليس استئصال الكتل أو الأورام، يُنصح بهذا النوع من الخزعات في حال كانت الكتلة غير محسوسة وسبق الكشف عنها أثناء الماموغرام، يمكن أخذ الخزعة بالاستعانة بالتصوير الإشعاعي للثدي، أو الموجات فوق الصوتية، وهو بديلٌ آمن وفعّال وأقل ألمًا وكلفة مُقارنةً بالإجراء الجراحي، إذ يستطيع الطبيب من خلاله التمييز بين السرطانات المحدودة في مكانها أو المنتشرة، كما أنه يُسهم في توجيه الطبيب نحو الخيار الأنسب للعلاج بالجراحة أو غيرها، قد يتسبّب فحص (CNB) الألم والكدمات أكثر مقارنةً مع طريقة (FNA)، ويحتاج المريض بعد إجراء (CNB) إلى 24 ساعة تقريبًا حتى يتمكّن من العودة لممارسة الأنشطة اليومية الطبيعية.[3]
الخزعة الجراحية (Incisional or Excisional biopsy)
هي من الطرق التي غالبًا ما يُفضّلها المرضى، وتُجرى من خلال خضوع المريضة لإجراءٍ جراحي تحت تأثير التخدير الكُلي لإزالة الكتل المحسوسة وغير المحسوسة، إلا أنها عالية التكلفة وتحتاج لتكرار الجراحة في بعض الحالات، ومع ذلك يلجأ الأطباء لها لإزالة الكتل المشتَبه بأن تكون سرطانية، وأيضًا في حالات الكتل غير المحسوسة التي تظهر في التصوير الإشعاعي للثدي مع عدم توفر خزعة الإبرة الأساسية، أو في حال عدم توافق نتائج خزعة الإبرة الأساسية مع الأشعة، ومن خلالها تُستأصل الكتلة بالكامل.[3]
خزعة الثدي المجسّمة (Stereotactic biopsy)
هي تقنية تُجرى باستخدام جهاز مُعين تُعطي الطبيب تقييمًا ثلاثي الأبعاد باستخدام التصوير الإشعاعي للثدي،[5] أو التصوير باستخدام الموجات فوق الصوتية، أو الرنين المغناطيسي، من خلال تحديد إحداثيات الكتلة غير المحسوسة المُشتبَه بها داخل الثدي، حتى لو كان حجمها صغيرًا جدًا، ويلجأ لها الأطباء في حال كانت نتيجة الخزعة السابقة غير حاسمة للتشخيص، كما أنّ المريضة يخضع للتخدير الموضعي خلالها.[6]
دواعي إجراء خزعة الثدي
يلجأ الطبيب لإجراء خزعة الثدي بغرض الكشف عن أي نموٍ غير طبيعي في أنسجة الثدي، وللتحقق من الكتل الصلبة وغير الصلبة فيه،[2] أو في حال ظهور بعض الأعراض:[1][7]
- زيادة واضحة في حجم الثدي.
- ألم الثدي.
- تورُّم الحلمة، واحمرارها، وظهور الخرّاج.
- تغيّرات على جلد الثدي، مثل أن يُصبح مُتجعّدًا وسميكًا.
- انكماش الحلمة.
- بروز الأوردة المُغذية للثدي.
مخاطر إجراء خزعة الثدي
يُحتمَل أن يُرافق إجراء خزعة الثدي بعض المخاطر:[5][2]
- كدمات على الجلد موضع الخزعة.
- النزيف وتكوّن الأورام الدموية.
- العدوى.
طريقة إجراء خزعة الثدي
يمكن أن تُجرَى خزعة الثدي لكل طريقة عبر مجموعة من الخطوات:
شفط الخزعة بالإبرة الرفيعة (FNA)
بدايةً تعقيم منطقة الثدي المُراد شفط العينة النسيجية عبرها، بعدها حقن المريضة بالتخدير الموضعي، ثم تُوجَّه المريضة للاستلقاء بالوضعية المناسبة، ففي حالة كانت الكتلة سطحية ومحسوسة يُثبتها الطبيب بيده ثمّ يُمرّر الإبرة الرفيعة عرضيًا داخل نسيج الثدي ويبدأ بشفط عينة من الكتلة برفق، يُستعان بالتصوير بواسطة الموجات فوق الصوتية لتحديد مكان الكتلة في حال لم تكن ظاهرة،[4][8] وغالبًا ما يستغرق إجراء (FNA) 15 دقيقة.[2]
خزعة الإبرة الأساسية (CNB)
يُستخدم في هذا النوع من الإجراءات إبرة أكبر حجمًا من المُستخدمَة بطريقة (FNA)، كما أنّها تتطلب التخدير الموضعي للمريضة، بعدها تتخّذ وضعية الاستلقاء المناسبة، ثمّ تعقّم المنطقة بالكحول، ليضع الطبيب الإبرة يدويًا أو باستخدام أداة مُعينة مُثبتة بنابض يسمح بإزالة قطع صغيرة من أنسجة الثدي واستئصالها ثمّ شفطها،[9][6] قد تشعر المريضة بالانزعاج أثناء هذا الإجراء، عند الانتهاء يُغطّى الجرح بواسطة ضماد مُعقم، عادةً يستغرق إجراء (CNB) ما بين 15 إلى 60 دقيقة.[2]
الخزعة الجراحية
تُسمى أيضًا بالخزعة المفتوحة، يُزيل الطبيب من خلالها الكتلة بأكملها أو جزءًا منها، تكون المريضة خلاله إمّا تحت تأثير التخدير الموضعي أو الكُلي، إذ تُستأصل الكتلة بإجراء شقٍ في المكان المُراد أخذ الخزعة منه من الثدي، ثم يُغلق الجرح عند الإنتهاء، وغالبًا ما يستغرق هذا الإجراء قرابة الساعة،.[2][9]
خزعة الثدي المجسّمة
يُطلب من المريضة عدم استخدام مزيلات العرق وخلع جميع المجوهرات وخلع الملابس العلوية، والاستلقاء على البطن فوق الطاولة المُخصصة للفحص بما يسمح للثدي بأن يتدلّى بين لوحين ضاغطين موصولات مع مُستقبلات للتصوير بالأشعة السينية، لتحديد مكان الكتلة المُشتبّه بها، إذ تُحدّد الإحداثيات للكتلة داخل الثدي باستخدام نظام برمجي خاص، ما يُسهّل تحديد المنطقة من الجلد التي ستُدخَل عبرها الإبرة باتجاه الكتلة لأخذ الخزعة النسيجية، تُعقم المنطقة المُرادة ويحقن الطبيب المريضة بالتخدير الموضعي ثم تُرفع الطاولة، بعدها يُجري الطبيب شقوقًا على الثدي يُحدد بها المنطقة المنشودة لجمع العينات منها باستخدام أداة مُعينة لاستخلاص الخزعات النسيجيّة، وعند الإنتهاء تُوضَع مشابك معدنية صغيرة موضع الخزعة لتحديد مكانها حال الحاجة للرجوع إليها ثمّ يُضمَّد الجرح، وغالبًا ما يستغرق هذا الإجراء ساعة تقريبًا.[10][5]
تفسير نتائج خزعة الثدي
تحتاج النتائج إلى ما يُقارب الأسبوع أو أقل حتى تصدُر على شكل تقرير بمُسبّبات المرض أو تقرير نتائج فحوصات الأورام (Pathology)، وتُفسّر النتائج كما هو موضّح:[2][10]
- نتائج طبيعية، ويُشار لها بالسلبية وتعني عدم العثور على أي خلايا أو أنسجة غير طبيعية أو سرطانية.
- نتائج غير طبيعية، تتمثل بثلاثة احتمالات:
- تغيّرات غير طبيعية في الثدي لكنّها غير سرطانية، ولا تزيد من خطر الإصابة بالسرطان، وقد تحتاج إلى العلاج أو ربمّا تتحسن من تلقاء نفسها.
- تغيّرات غير طبيعية في أنسجة الثدي، ليست سرطانية إنمّا تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي.
- سرطان الثدي (Breast cancer).
يجدر الذكر أن النتائج غير الطبيعية قد تُشير للإصابة بأحد المشكلات المرَضية الأُُخرى، وليس فقط لسرطان الثدي:
- ورم حميد، مثل الورم الغدي الليفي (Fibroadenoma).[10]
- تكيسات الثدي (Breast cyst).[10]
- تغيّرات الثدي الكيسي الليفي.[10]
- خرّاج الثدي (Breast abscess).[10]
- تقيّحات التهاب الضرع (Mastitis).[10]
- ترسبات كلسية.[9]
- نخر الدهون (Fat necrosis).[1]
يُشير ظهور أي خلايا غير طبيعية في نتائج خزعة الإبرة الرفيعة إلى الحاجة لإجراء خزعة جراحية لإزالة جميع هذه الأنسجة غير الطبيعية (المشكوك بها)، وكذلك الأمر عند إجراء خزعة الإبرة الأساسية التي يلجأ الأطباء عندها لإجراء الخزعة المفتوحة عند تعارض النتائج مع التصوير الإشعاعي والفحص السريري،[9] وعند إجراء الخزعة المفتوحة والعثور على خلايا سرطانية إمّا يُستأصل الورم بالكامل أو يُستأصَل الثدي.[3]
موانع إجراء خزعة الثدي
تُستثنى بعض الحالات والفئات المُعرّضة للخطر من إجراء خزعة الثدي:[5][10]
- الالتهابات الجلدية السطحية.
- اضطرابات تميُّع الدم.
- السمنة المفرطة.
- الحمل.
- النساء اللاتي تقل أعمارهن عن 25 عامًا.