تُعدّ متلازمة غيلان باريه من الأمراض المناعية النادرة التي يُهاجم بها الجسم الأعصاب، وتتضمن أعراضه الأُولى ضعف ووخز في اليدين والقدمين.[1] ما هي متلازمة غيلان باريه؟ وما هي أعراضه؟ وما أسبابه؟ وما هي طرق العلاج؟
ما هي متلازمة غيلان باريه؟
متلازمة غيلان باريه (بالإنجليزية: Guillain-Barre syndrome) هي متلازمة عصبية نادرة يُهاجم فيها جهاز المناعة الجهاز العصبي المحيطي؛ أحد مكونات الجهاز العصبي الذي يتألف من شبكة من الأعصاب خارج الدماغ والحبل الشوكي، تتراوح شدة أعراض مرض غيلان باريه من أعراضٍ طفيفة تبدأ بضعف ووخز في اليدين والقدمين إلى أعراضٍ شديدة قد تؤدي إلى الشلل وصعوبة التنفس؛ كما تُعدّ متلازمة غيلان باريه حالة طبية طارئة تتطلب دخول المستشفى والرعاية الطبية العاجلة في الحالات الشديدة منها، وعلى الرغم من قدرة العديد من المرضى على تخطّي الأعراض الشديدة المرافقة لمتلازمة غيلان باريه، إلّا أنّ البعض قد تستمر معاناته من الضعف العام والخدَر في الجسم حتى بعد التعافي.[1][2]
قد تُصيب متلازمة غيلان باريه جميع الفئات، لكنّها أكثر انتشارًا لدى البالغين وكبار السن، كما أنّ نسبة الإصابة متساوية لدى كلا الجنسين،[2] تجد الإشارة إلى أنّه لا يوجد علاج شافٍ لمتلازمة غيلان باريه، إنما تُصرف الأدوية للتخفيف من حِدة الأعراض الظاهرة، وعلى الرغم من أنّ معظم المرضى يتعافَون تمامًا من متلازمة غيلان باريه خلال فترة قد تمتدّ لسنوات، إلّا أنّها قد تُسبب الوفاة في حالات الأعراض الشديدة.[1]
ما هي أسباب متلازمة غيلان باريه؟
لا يُعرَف السبب الرئيسي لمتلازمة غيلان باريه، إلّا أنّ ثُلثي المرضى سبقت إصابتهم بأعراض الالتهاب (التهاب الجهاز التنفسي، وكوفيد-19 والالتهاب المعوي) قبل الإصابة بالمتلازمة بغضون ستة أسابيع، وفي حالاتٍ نادرة قد يسبق الإصابة بمتلازمة غيلان باريه إجراء العمليات الجراحية أو تلقّي بعض المطاعيم، مثل: المطاعيم المُستخدمة للوقاية من الفيروس المُسبّب لكوفيد-19؛ مثلًا سُجّلَت تفاعلات تحسسية لدى البعض ممّن تلَقَّوا مطعوم جونسون آند جونسون أو أسترازينيكا أدت للإصابة بمتلازمة غيلان باريه لاحقًا، إلّا أنها كانت نادرة.[1]
يُهاجم الجهاز المناعي لدى مرضى متلازمة غيلان باريه الجهاز العصبي المُحيطي، وهو المسؤول عن نقل الإشارات العصبية من الدماغ إلى أجهزة الجسم الأُخرى من خلال الأعصاب، وعند حدوث خللٍ في الأعصاب المحيطية لا تستجيب العضلات للإشارات القادمة من الدماغ،[3] من أهم أسباب متلازمة غيلان باريه:[1][4]
- الإسهال، وخاصةً الذي تُسببه بكتيريا الكامبيلوباكتر أو العطيفة (Campylobacter jejuni) وهي أكثر أسباب متلازمة غيلان باريه شيوعًا، أو نتيجة الإصابة بأحد أمراض الجهاز التنفسي، إذ تشير الإحصائيات إلى أنّ حوالي 2 إلى 3 من مرضى متلازمة غيلان باريه أُصيبوا بالإسهال أو أعراض الجهاز التنفسي قبل عدة أسابيع من ظهور أعراض مرض غيلان باريه.
- العدوى الفيروسية، مثل: فيروس الإنفلونزا، والفيروس المُضخم للخلايا (بالإنجليزية: Cytomegalovirus)، وفيروس إبشتاين-بار (بالإنجليزية: Epstein Barr virus)، وحمى زيكا (بالإنجليزية: Zika virus)، وفيروس التهاب الكبد A وB وC وE، وفيروس نقص المناعة البشري HIV، والمفطورة الرئوية (Mycoplasma pneumoniae)، والفيروس المُسبّب لكوفيد 19.
- المطاعيم، نادرًا ما يُصاب الذين يتلقَون اللقاح بمتلازمة غيلان باريه بعد أيام، ومن المطاعيم: لقاح جونسون آند جونسون وأسترازينيكا المضادات لكوفيد-19، أو لقاح الإنفلونزا، أو لقاحات الأطفال.
- الخضوع لإجراء جراحي مؤخرًا قبل الإصابة.
- لمفومة هودجكن (بالإنجليزية: Hodgkin's lymphoma).
ما هي أعراض متلازمة غيلان باريه؟
غالبًا ما تبدأ أعراض متلازمة غيلان باريه بتنميلٍ وضعفٍ في القدمين وأصابعهما والساقين، لتنتشر بعدها إلى باقي أجزاء الجسم العلوية بما فيها اليدين والذراعين أو الوجه، قد تتطور أعراض متلازمة غيلان باريه سريعًا، ومع تقدُّم مراحل المرض قد تتفاقم الأعراض لتتسبّب بالشلل.[1]
أمّا بالنسبة لأعراض متلازمة غيلان باريه لدى الأطفال، فبالإضافة للتنميل والضعف العام، قد يرافقها ألم يمتد لمنطقة الظهر، كما قد يُعاني الطفل من صعوبة في المشي أو حتى رفض المشي، وقد تختفي هذه الأعراض قبل ظهور الأعراض الرئيسية طويلة المدى، المُتمثلة بضعف جانبي الجسم فيشعر المريض بدايةً بصعوبة المشي أو صعود السلالم، وتتطلب مثل هذه الأعراض العناية الطبية خِشية انتقال الضعف للعضلات المسؤولة عن التنفس والوجه لاحقًا،[2] من أعراض متلازمة غيلان باريه:
- وخز كالدبابيس والإبر في أصابع اليدين، وأصابع القدمين، والكاحلين، والمعصمين.[1]
- ضعف عضلات الساقين وانتشارها نحو الأجزاء العلوية من الجسم، ليزداد سُوءًا مع مرور الوقت.[3]
- ضعف عضلات العين وصعوبة الرؤية.[2]
- صعوبة التحكم بحركات الوجه قد يرافقها صعوبة المضغ أو البلع أو التحدُّث.[1][2]
- ألم شديد يزداد سُوءًا في الليل.[2]
- عدم انتظام نبضات القلب أو ضغط الدم.[2]
- عدم اتزان المشي وصعوبة في تنسيق الحركات وعدم الثبات.[1][2]
- الاضطرابات الهضمية.[2]
- صعوبة التحكم في المثانة.[2]
- ألم شديد أسفل الظهر.[3]
- الشلل.[3]
كيفية تشخيص متلازمة غيلان باريه
يصعُب تشخيص متلازمة غيلان باريه في بداية ظهور الأعراض لتشابهها بأعراض الأمراض العصبية الأُخرى مثل: التسمم السجقي، والتهاب السحايا، والتسمم بالمعادن الثقيلة مثل الرصاص والزئبق.[3] يُشخص طبيب الدماغ والأعصاب متلازمة غيلان باريه:[2][3]
- الكشف عن الأعراض والعلامات الظاهرة والمميزة، وأبرزها التحقق ممّا إذا كانت الأعراض ظاهرة في كِلا جانبي الجسم مع تماثلها، إضافة إلى التحقق من سرعة تفاقم الأعراض التي تبدأ من الساقين خلال أيام حتى أربعة أسابيع.
- فحص البزل القطني (بالإنجليزية: Lumbar puncture) من خلال أخذ عينة من السائل الدماغي الشوكي من أسفل الظهر، إذ يُعاني مرضى متلازمة غيلان باريه من ارتفاع مستوى البروتين في السائل الدماغي الشوكي، وغالبًا يستغرق ارتفاع مستواه 10 أيام من ظهور الأعراض.
- تخطيط كهربائية العضل (بالإنجليزية: Electromyography EMG)، يُحدَّد من خلاله فيما إذا كان ضعف العضلات ناجمًا عن ضعف الأعصاب أم تلف العضلات.
- اختبار سرعة التوصيل العصبي (بالإنجليزية: Nerve conduction velocity tests) للتحقق من استجابة العضلات والأعصاب للنبضات الكهربائية الطفيفة.
ما هو علاج متلازمة غيلان باريه؟
لا يوجد علاج مُحدّد للتخلص من متلازمة غيلان باريه، إنما قد تُوصَف بعض الأدوية لعلاج الأعراض وتقليل الفترة اللازمة للتعافي من المرض،[2] عند تشخيص متلازمة غيلان باريه قد يُوصي الطبيب بتناول الجلوبين المناعي أو الأجسام المضادة بجرعاتٍ عالية عبر الوريد، أو باستبدال البلازما من خلال سحب الدم من الجسم وإجراء اللازم باستبدال الجزء السائل منه ثمّ إعادته للجسم، وقد يتطلّب العلاج دخول المرضى للمستشفى لبضعة أيام، يمكن أن تمتد لعدة أسابيع لدى البعض الآخر منهم.[4][5]